هذه المرة لا حجة لأهالي كرزكان في عدم تقبل أسباب تأخر تنفيذ مشروع ساحل كرزكان الشمالي، فالحجة دامغة، وقد أعلنت عنها وزارة شئون البلديات والتخطيط العمراني بكل شجاعة، وقالت «إن السبب في تأخر تنفيذ مشروع هذا الساحل وما يلحقه من استملاك أراض هو قيام الوزارة بدراسته «هيدروديناميكيا» و «فيزيائيا»!

هذه الهيدروديناميكية هي التي تقف حجر عثرة في وجه حلم أهالي كرزكان في ساحل يمكن لهم أن يسمعوا من خلاله خرير الأمواج، وأن يشموا من أمامه نسيم الماضي.

ولكن كيف يمكن لنا أن نشرح إلى حجي كاظم بن حجي جعفر أن سبب تأخر تنفيذ هذا الساحل هو عكوف وزارة البلديات على الدراسات الهيدروديناميكية والفيزيائية للمنطقة؟!

لا يجوز أن نسمح بتنفيذ هذا الساحل ولابد من شرح السبب جيدا إلى الأهالي، فهو خطير قد يكبد كرزكان والمناطق القريبة مخاطر على المدى القريب والبعيد، مخاطر قد تذكرنا بما لحق بهيروشيما وناجازاكي بعد إلقاء القنبلة الذرية.

إلى حجي كاظم وغيره ممن لا يعرفون خطورة السبب الذي تذرعت به وزارة شئون البلديات لتأخير تنفيذ الساحل، نقول: الهيدروديناميكية في الفيزياء هو فرع من فروع المغناطيسية، وقد أصبح بالغ الاهمية، وإنه عقب الحرب العالمية الثانية بدأ العلماء يدرسون معضلات فلكية وبخاصة دراسة جو الشمس الخارجي الذي يعتبر مثالا على الهيدروديناميكا المغناطيسية.

والأهمية العملية للهيدروديناميكا المغناطيسية حاليا أنها تلعب دورا رئيسيا في الجهود القائمة من أجل التوليف والتحكم في الطاقة الهيدروجينية بغرض إنتاج الطاقة الكهربائية في المستقبل. وهذه الطريقة تُغني عن استخدام المفاعلات النووية لإنتاج الطاقة.

هل عرفتم الآن السبب؟! هل اقتنعتم يا أهالي كرزكان الكرام؟! فوزارة البلديات لا يمكن أن تضع طوبة واحدة في ساحلكم من دون دراسة كتل الأجرام الكونية الضخمة، وظاهرة المستعرات العظمى والجاذبية، حتى يصبح هذا الساحل على أصول مو أي كلام! وإذا عُرف السبب بطل العجب! كل ذلك خوفا عليكم من أن يسقط على رؤوسكم في ليلة ظلماء زحل أو المشتري أو الزهرة وأنتم نائمون.

لا أحتاج ولا يحتاج غيري لعناء للتدليل على أننا في البحرين لا نرى البحر إلا من وراء حجاب، فقد بح صوت البرلمان، وصوت البيئيين، وصوت الناس من شح السواحل في أرخبيل يتكون من ثلاث وثلاثين جزيرة، إلا أن البحر الذي تسبح فيه هذه الجزر أصبح شبحا لا يمكن رؤيته بالعين المجردة.

توجد بعض المنافذ الصغيرة التي تطل على البحر ولكن غالبيتها تستعد للالتحاق بالمنافذ الأخرى التي سيّج بعضها، ودفن بعضها الآخر، فحتى القرى والمناطق الساحلية أصبحت لا تعرف للبحر طريقا، وكأنها في الصحراء الكبرى.

في الفصل التشريعي الثاني شكل النواب لجنة تحقيق في الدفان وخلصت إلى عدد من التوصيات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من سواحل، إلا هذه التوصيات وعلى رغم مضي نحو اربع سنوات لم ينفذ منها شيء، وكأن النواب كانوا يتسلون بهذا التحقيق فقط، والحكومة غير معنية بما أفرزته اللجنة من توصيات.

كل مشكلاتنا متعلقة بتوصيات، سياسيا، بيئيا، اجتماعيا، حتى صرنا محاطين بجيش جرار من التوصيات في كل شئوننا، ولكننا غير قادرين على تنفيذ شيء منها.