العدد 4148 - الثلثاء 14 يناير 2014م الموافق 13 ربيع الاول 1435هـ

«داعش» ومعارك مكافحة الإرهاب

منى عباس فضل comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

فجأة تربعت «داعش» على منصات الإعلام التقليدية ووسائل التواصل الاجتماعي مقرونةً بأخبار المذابح وجز الرؤوس والتمثيل بالجثث وتنفيذ الهجمات الانتحارية والاغتيالات واختطاف الضحايا واحتجازهم واحتلال مناطق وغيرها الكثير الكثير، مما يعد خارج المنطق والإنسانية. ترى ما حكاية «داعش» ولم الاستنفار بشأنها؟

استناداً إلى تقارير صحافية، «داعش» هو تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» الذي يتزعمه أبوبكر البغدادي، المعروف بإبراهيم عواد البدري، الذي ترأس التنظيم حتى مغادرته إلى سورية في العام 2011 مؤسساً «جبهة النصرة في الشام»، ومعلناً في 2013 عن إدماج «داعش والنصرة» برغم رفض الأخيرة لذلك.

ثمة أهداف معلنة للتنظيم الجديد تمحورت حول إقامة إمارة إسلامية عبر الحدود العراقية السورية في محافظة الحسكة ودير الزور السوريتين، ونينوى والأنبار العراقيتين، ثم التمدّد إلى لبنان والأردن لتشكّل منطلقاً لحركة جهادية عالمية تؤسس لدولة الخلافة. إذن «داعش» واجهة من واجهات تنظيمات الإسلام المتطرف التي برزت على الساحة، لاسيما بعد تصريحات لزعيم القاعدة أيمن الظواهري يرجح فيها كفة «جبهة النصرة» مقابل «داعش»، ما أثار الشكوك حول أهداف الأخيرة ومقاصدها كتنظيم.

ثمة تقارير أخرى أجمعت على أن «أيديولوجية داعش إسلامية متطرفة تكفيرية رافضة لأي تسويات أو حلول دولية وإقليمية في المناطق السورية، فهي لا تقبل التعددية الدينية والثقافية والسياسية وترفض التعاون حتى مع مثيلاتها من المجموعات التكفيرية، فضلاً عن أن أولويتها التأسيس للدولة الإسلامية على مساحات جغرافية واسعة تسيطر عليها وتفرض فيها صيغة متطرفة ومتشددة من الإسلام، كمنع مظاهر الحياة العامة الثقافية والاجتماعية الاعتيادية في المجتمع مثل الغناء والرقص والموسيقى وارتياد المسارح ودور السينما والتدخين بل وحتى تعلم لغات أجنبية وسفور النساء.

أمّا تربع «داعش» في فضاء الإعلام الإقليمي والدولي هذه الأيام، فيرجع -حسب المراقبين- إلى قرار اتخذ بتصفيتها له علاقة بالتحضير للمؤتمر الدولي «جنيف 2» المزمع عقده في 22 من الشهر الحالي. في هذا الصدد نشر موقع «المدى برس» ببيروت تقريراً بعنوان «نحو تحالف دولي- إقليمي ضد جهاديي سورية والعراق»، أشار فيه إلى «أنه وبعد تراجع الضربة العسكرية الأميركية للنظام السوري، وتحول أجزاء واسعة من سورية إلى ملاذات آمنة لتنظيمات القاعدة أو تلك المشتقة منها، بدأ الحديث عن تفاهمات جديدة حول الحرب المشتركة ضد الإرهاب الأصولي، لاسيما أن رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي أعلن أثناء زيارته إلى كوريا الجنوبية سبتمبر/ أيلول الماضي «أن البنتاغون تدرس العمل مع حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وأوروبا للمساعدة في بناء قوات وتطوير (معارضة معتدلة) في سورية، وإن فعالية الفكرة ستتحقق في حال غياب الأسد عن المشهد السياسي»، مضيفاً «أن الدول ذات الآراء المتشابهة معنا يمكن أن تتاح لها الفرصة لتقديم مساهمات بطرق أخرى إذا ما طلب منها ذلك، وإننا نبحث في كيفية مساعدة القوات المسلحة اللبنانية والأردنية وحلفاء أميركا من حلف شمال الأطلسي في تركيا وحتى العراقيين من خلال تطبيق عوامل اقتصادية وأشكال أخرى من المساعدات للعمل على تطوير فكرة (المعارضة المعتدلة)».

وعليه التقط محللون استراتيجيون تصريحه الذي وجدوا فيه تحولاً نوعياً للنواحي العسكرية والأيديولوجية والسياسية للصراع الذي تشهده الساحة السورية والعراقية. كيف؟

واضح أن جميع الأطراف المتنازعة في سورية تسعى إلى تعديل موازين القوى لصالحها عند حضور «جنيف 2»، فهناك سعي حثيث من بعض أطراف النزاع الإقليمية بأن لا يشارك النظام وحلفاؤه في المؤتمر وهم في حال قوي، وأن تفرض تلك الأطراف شرطها بالحصول على ضمانات دولية خصوصاً من روسيا والولايات المتحدة بتنحية الرئيس بشار الأسد، وأن لا يكون له أي دور في العملية السياسية أو في مستقبل سورية قبل الموافقة على المشاركة في حوار «جنيف 2» لتسوية الأزمة السورية سلمياً، لاسيما بعد أن حقق الجيش السوري وحلفاؤه إنجازات ميدانية على عدة جبهات، بل ويقال عقد صفقات استسلام.

ليس خافياً أيضاً أن أطرافاً إقليمية ودولية عملت على إعادة تقوية «الجيش الحر» ومدّه بالسلاح والمال، وتقديمه في إطار تحالف بهذا الشكل أو ذاك مع «جبهة النصرة» و»الجبهة الإسلامية» التي برزت هي الأخرى إعلامياً كطرف معارض للنظام السوري ويحارب في الوقت ذاته «تنظيم القاعدة ومشتقاتها» و»داعش» في معارك مكافحة الإرهاب التي تتصدر أجندة روسيا والولايات المتحدة في «جنيف 2»، لاسيما بعد تفجيرات «فولغوغراد» الروسية التي قرر إثرها الرئيس الروسي بوتين الانتقام قائلاً: «من فجّر فولغرغراد سيندم كثيراً».

وهناك تفجير الضاحية الجنوبية معقل حزب الله ببيروت، الذي أعلنت «داعش» مسئوليتها عنه، والاعتقال والموت الغامض لماجد الماجد زعيم «كتائب عبدالله عزام» وما أثير من لغط حول علاقته بتفجير السفارة الإيرانية ببيروت، فضلاً عن اغتيال الوزير السابق محمد شطح، ما يعني أن الحرب المعلنة بين الجيش الحر والنصرة والجبهة الإسلامية وغيرها من جهة، وبين «داعش» منه جهة أخرى، إنما جاءت لهدفين مزدوجين:

الأول: لتحقيق أولوية الأجندة الروسية الأميركية في مكافحة الإرهاب، لما لا وكلما تعاظم الإرهاب كلما حاول الجميع بمن فيهم دول إقليمية والنظام السوري إظهار أنفسهم كمحاربين لتنظيماته وبالتالي كسب رضى القوتين الدوليتين في لعب دور إقليمي يحفظ مصالحهم واستمرارية وجودهم كأنظمة، هنا ثمة ما يتداول حول تنسيق أمني بين أوروبا والنظام السوري أُنعش مجدداً بقوائم وأسماء وتحركات جديدة في إطار مكافحة الإرهاب.

الثاني: بهدف فرض حضور «الجيش الحر» وتبييض صورة «الجبهة الإسلامية» كقوى معارضة سياسية عسكرية فاعلة في «جنيف 2»، وتقديمها كشريك في مكافحة الإرهاب، ما يؤهلها لفرض شرطها بتنحية الأسد خصوصاً وقد أكدت تقارير صحافية أن الولايات المتحدة والسعودية تدعمان الهجوم على «داعش».

إذاً هي معركة الإرهاب المزدوجة التي تصدرها نوري المالكي ضد مواقع «داعش» في الأنبار، وبتغطية دولية دبلوماسية ودعم عسكري روسي-أميركي، مكّنه من استعادة مدينة الفلوجة والرمادي غرب العراق، فيما تتشدّد الأردن حالياً عند الحدود بعد أن انطلق منها سابقاً حسب الإعلام حوالي 5000 آلاف إرهابي شنوا هجوماً على الجيش السوري وحلفائه، وقيل أنهم تدربوا وتم إدارتهم عبر غرفة عمليات أميركية-عربية-خليجية بالتعاون مع «إسرائيل»، فضلاً عن أنباء بشأن اعتقال المغرب لخلايا سلفية تخطط للذهاب إلى سورية مؤخراً، فيما أعلنت تركيا عن اعتقال إرهابيين وغلق معبر «باب الهوا» على الحدود السورية الذي طالما كان معبراً لآلاف ممن شاركوا في استنزاف الدولة السورية ومحاربة نظامها.

والنتيجة... فوضى خلاقة كما خُطّط لها؛ تراجعٌ لمشاريع الإصلاح وركنٌ للحريات والديمقراطيات إلى أجل غير مسمى، فأولوية الأولويات لمعارك الإرهاب ولا غير.

إقرأ أيضا لـ "منى عباس فضل"

العدد 4148 - الثلثاء 14 يناير 2014م الموافق 13 ربيع الاول 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 6:01 ص

      ابو حسين

      االاخت الاستاذة الفاضلة لكي التحية والتقدير,, مع كل الاسف والاسى الى الشعب لبسوري الشقيق المظلوم اذا كان قدره ان البديل النظام هولاء
      الفصائل والجماعات الجهادية الارهابية التكفيرية التى لا تعترف ولا تقر
      بالديمقراطية والتعددي السياسية او الفكرية او حقوق الانسان والمساواة بين
      افراد الشعب اعتقد البقاء على الموجود افضل واصلخ قد جعله من سورية ذمار وخراب كما يقول المثل اذا كان دليل القوم غراب فماذا تتوقعين الخير والعدل
      والحرية او الكرامة لا والف لا

    • زائر 4 | 1:03 ص

      مهما تعددت صفاتها

      ما يسمى بالدولة الداعشية مهما تعددت مميزاتها التي تعتبرها أسس للدين الذي ترغب في إقامته بما فيه من خيالات ستبقى ميزة السرقة والإستئثار بالمال العام من قبل قيادتها هي ديدنها دوما وأبدا وهذه الميزة هي صفة كل من يدعي القيادة فالمال عديل الروح وبلا ضحك على الذقون

    • زائر 2 | 11:06 م

      ويبقى السئؤال ؟؟؟؟؟؟؟،

      بات لا يخفى على احد ولم يعد الامر سرا متى تكف دول الخليج وتركيا من دعم هادة المنظمات الارهابيه سواء من التسلح او ضخها بل الاموال والدعم اللوجستى

    • زائر 1 | 10:37 م

      وليش يضحكون على روحهم يستوجب البدء بالمفرخة

      مفرخة الإرهاب معروف مكانه ممولي الإرهاب معروفين العناوين مدربي وأماكن تدريب الإرهابين معلومة تبقى التوضيح ونشر الاسماء وسترون العجب

اقرأ ايضاً