العدد 4168 - الإثنين 03 فبراير 2014م الموافق 03 ربيع الثاني 1435هـ

غياب حقوقهم وإنسانيتكم

مريم أبو إدريس comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

منذ أن بنيت السجون بعد تأسيس أركان الدولة الحديثة وتشريع القوانين، ونحن نرى أن الإفراج عن السجناء على اختلاف تصنيفاتهم لحضور مراسم دفن ذويهم وأقاربهم أمراً اعتيادياً، تتعاون جميع الجهات من أجل تسهيله وتمكين السجين من القيام بهذا الأمر الذي هو جزءٌ من الدين والواجب، وما جرت عليه الأعراف والتقاليد.

الغريب في الأمر هو ما دأبت عليه إدارة سجن جو مؤخراً من تعنّت في تنفيذ القانون الذي يعطي الحق للسجين في حضور مراسم العزاء لثلاثة أيام من الصباح وحتى المساء، حيث تقلصت الأيام من ثلاثة أيام إلى يوم واحد فقط، ولكن أن يحرم سجين من حضور جنازة والده كما حدث مؤخراً هو ما يخرج عن إطار القانون والإنسانية، فالقانون يعطيه الحق بالحضور والوداع الأخير ومواراة الفقيد الثرى، واستقبال المعزين. والقانون يلزم الجهات المختصة تسهيل ذلك وتنفيذه، وعليه يجب أن يكون الأمر غير معقّد كما هو عليه الآن، حيث يصدر القرار قاضي تنفيذ العقاب، ثم يرسل إلى السجن حيث يوقّع عليه المدير، وربما تعثر الأمر لعدم وجود المدير كما حدث مع هذا السجين الأخير، حيث تكالبت عليه الأمور حتى حرمته من إلقاء نظرة أخيرة على وجه أبيه قبل أن يغيب وجهه إلى الأبد.

تلك الإنسانية لا تُدَرّس ولا تُلقّن إن هي وجدت فذاك لأن الله أوجدها في قلب رحيم، وإن غابت فقد غاب ما يميزنا عن باقي الخلق أجمعين.

القانون لا يكون دائماً منصفاً للإنسان حين يُصاغ بطريقة تسمح لكل طرف بتفسيره وفق ما يريد، وقرار قاضي تنفيذ العقاب سمح لإدارة السجن بتفسير القرار كما ترى حين أصبحت جملة (اتخاذ اللازم) مفتوحة الخيارات وغير ملزمة بالإفراج عن السجين لحضور مراسم الدفن. إنه لأمرٌ عجبٌ أن يكون اللازم في حالة موت والد السجين لا تتضمن الإفراج المؤقت فعلام تنطوي إذاً؟

لابد من مراجعة شاملة لهذه الإجراءات والقوانين كي لا تضيع حقوق الناس أثناء تنفيذ جهات ومؤسسات الدولة للقانون الذي وضع لتسهيل حياة المواطنين لا تعقيدها، لصون الحقوق لا استنزافها، ويجب ألا ينسينا تنفيذ القانون إنسانية المواقف وفرديتها، وأن العقاب يجب أن لا يكون جماعياً كما هو الآن، فالسجين يتألم للفقد، وذووه يتوجّعون لفقدين، فقد ميّتهم وفقد مشاركة ابنهم الغائب في هذه المحنة.

بعضاً من الإنسانية لن تكسر القانون، لكن التعنت في تجيير القانون حتماً ينهي أي احترام له عند الأشخاص الذين تضرّروا منه.

لسنوات طويلة بقينا نسمع من الأستاذ مجيد مرهون رحمه الله أثناء دروس الموسيقى التي كنا نحضرها معه عن وجعه لفقد أمه أثناء قضاء محكوميته في سجن جزيرة جِدَة. لسنوات طويلة لم يستطع تخطي الأمر، ولم يغفر لسجّانيه، ولم تعوّضه كل الحياة بعدها نظرة الوداع لجسدها المسجّى. إنه الوداع الأخير الذي لا يضاهي حضوره شيء آخر... فهل من مستمعٍ لصوت الضمير؟

إقرأ أيضا لـ "مريم أبو إدريس"

العدد 4168 - الإثنين 03 فبراير 2014م الموافق 03 ربيع الثاني 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 5:06 ص

      يا

      يا اخت مريم هؤلاء القوم استحود الشيطان على قلوبهم لايرون الى الشر الانسانيه ان عدمت من قاموسهم تربو على البطش والتنكيل للعباد ولايخافون رب العالمين ويدعون انهم مسلمون هاكدا امرنه رسول الله ان نتعامل مع البشر ادا فعلا يحبون رسول الله المشتكى لله والله يرحم مواتانا ويرحم شهدائنا

    • زائر 2 | 11:04 م

      اغلب من يعمل في هكذا وظائف إنسانيتهم معدومة

      القائمين على هكذا مراكز إنسانيتهم لأغلبهم تلغى من القاموس فهم شداد غلطا القلب ويوم امس حضرت احدى الفواتح وكان هناك مسجونان سمح لهم بحضور فاتحة جدتهم ومرافقيهم تراهم من سيماهم وجوه شديدة الغلاطة لا تضحك وصارمة التقاطيع

    • زائر 1 | 10:57 م

      ماهي

      ماهي المبررات الذي تمنع السجين من وداع ونظره اخيره. غير الحقد الدفين.

اقرأ ايضاً