العدد 4197 - الثلثاء 04 مارس 2014م الموافق 03 جمادى الأولى 1435هـ

تقسيمات المكونات الشعبية

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

في أي مجتمع، ترى الناس في عِدادٍ متفاوت، ما بين «قلة مأمومة»، بالأوامر من قبل السلطات، و«كثرةٍ مألومَة»، هم غالبية أفراد الشعب، والذين هم بدورهم ينقسمون إلى فئات أربع، الأولى «الفئة الخاملة»، هذه الفئة لا تُُحتسب في آليات التغيير والتطوير، وهي فئة تقتسم مع الآخرين، ما جهدوا في تحقيقه، أيا كان ذلك، فهي بذلك فئة تنام وتصحو على ما هو سائد، دون اعتبار منها للصحيح والخطأ، الحق والباطل، وهي صاحبة القرار بعدم المساهمة في التغيير والتطوير، وهي المتلقية للنتائج دون أي جهد لها، عدا أداء عملها الوظيفي واليومي المعتاد، وهي فئة يشكر لها الآخرون عدم نفعها وضرها، عبر موقف الحياد السلبي تجاه جميع الأطراف.

وثانيها «فئة الموالاة الذيلية»، وهي تلك الموهومة بأنها من المقربين الى السلطات، ووَهْم أنهم سينالون منها العطايا والمكارم، فهم ضعاف النفوس، يرضيهم الدينار والعَشرة والمئة، طالما لم ينلها «الرفيج» من جماعتهم، وهم بذلك يتباهون فيما بينهم، عقولهم غائبة، وفي حال حضورها مُغـَيَّبة، هذه الفئة الذيلية هي الصيد في شباك السلطات، ركضاً وراء الرضى والفتات، ثم تعمل فيهم السلطات على التصنيف وتوزيع الأدوار، ولكل دور ووظيفة ثمن، لتصطفي من بينهم نفراً، وتلهي باقيه في تفاهات متع الحياة العابثة، مع إبقاء التواصل وإياه، عبر الوكلاء والبذل له ما يسره دون الإشباع، لضمان الاستعباد. وتستخدم السلطات في ذلك، وسيلة الإيهام بكيس المال، يراه الذيلي في يد الموالاة الريموت، فيسيل لعابه لهثاً وهرولة للخنوع والاستعباد، لعله يلحق بركبهم وينال كيساً.

ترى هؤلاء، تحتويهم السلطات، في المدارس والجامعات والمؤسسات الشبابية والرياضية، من الأندية ومؤسسات المجتمع المدني الدائرة في فلك السلطات، عبر ازدواج الخدمات المعلنة والمستورة، وتوظف كبيراً لهم، ممن يتبدى عطوفاً مُعِيناً، وفي الوقت ذاته هو سامي المقام، «يُخَرِّع»، هذه المعادلة تنجح في خلق ذاك الجيل الخنوع، إلا أن هناك من يخرج على محاولات إخضاعه، الى الحرية والكرامة، لتقوده خبرته الحياتية الى مناصرة الحق والعدل.

وثالثها «فئة الموالاة المختارة»، تلك التي تُخضعها السلطات لعمليات غسل الدماغ، ليسهل عليها تشويه الحقائق، وممارسة كل الأعمال الأنانية، فتغدق عليها السلطات المال، لتُسَيِّرَها فيما أرادت، وهذه هي «فئة الريموت» التي تراها في مؤسسات الدولة بما هي جاهزة لاستخدامها.

ولهذه الحال رافعة، تتمثل في أن فئة أو طرفا رابعا، يبني ويُرمِّم ويُشيِّد الصروح للقيم الإنسانية، فهو يَألـَم ويَجهد في العطاء، دون مقابل مادي، بل المقابل أن يرى اخضرار ويَـنـَعان ما يبذر ويسقي ويرعى، من علاقات مجتمعية أساسها المواطنة، ومن تحقق المطالب التي تحفظ للشعب حقوقه المدنية ووضعه السياسي في كونه مصدر السلطات جميعاً، ذلك في الدول الدستورية الديمقراطية، أما لدى الأنظمة المستبدة، فتلك ليست إلا عبارة، وليس مبدأ وقيمة وحقاً إنسانياً، احتواه الدستور، وذلك لِكَوْن السلطات عادة لا تكون أمينة في تبنيه، وفي تطبيقه وفي جعله ميزاناً للعلاقة ما بين السلطات والشعب، لتكتسب عَبْرَهُ السلطات قبولها الشعبي، لذا تجد هذه الفئة تعاني الأمَرّين في الدول التي تحكمها هذه الأنظمة.

هذه هي أدوات السلطات العازمة على الاستفراد بالقرار والثروة، لذا كان استتباعاً، ولزاماً على هذه السلطات، إتيان الخطط والآليات والسياسات والقرارات، فيما خَصَّ البناء الأمني، وخاصة استمالة القيادات العليا الى جانب متنفذي السلطات، مع إبقاء أفراد من ذوي الوظائف المتدنية في ظاهرها، مهماتها رفع التقارير الى المتنفذين عن حال وتحركات تلك القيادات، والوسيلة الأخرى هي الاعتماد على الأجانب بالكثرة وقلة من المواطنين، مع الحرص على الخلط فيما بينهم ليتجسس الواحد منهم على الآخر، لضمان السير وفق الخطط الآنية والمستقبلية.

وفي خضم هذه المتقابلات، تخرج على المجتمع فئة خامسة، تحاول أن تتبوأ مكان الصدارة، عبر تسويق نفسها على أنها تتوسط المسافة ما بين الشمال والجنوب، وما بين الشرق والغرب، لذلك هي تعمل على إيهام جميع الأطراف، بأنها تنأى بنفسها عن العمل السياسي والحزبي، المعارض والموالي، وتتبنى الاستقلالية، بمعيار عدم الانتماء لأي طرف مجتمعي، بالوقوف على مسافة واحدة من الجميع، إلا أن حقيقة وضعها، «الذي لا تتبينه عن نفسها»، أنها تقوم بدور الطابور الخامس، إسناداً لأسوأ مكونات المجتمع، وتكريس أسوأ الممارسات، عبر تقمصها لدور المعارضة المخملية، من حيث ترى أفرادها خليطا متناقض الانتماء السياسي، والأيديولوجيا الفكرية، والتفاوت الخبراتي والعمري، وترى عاقلهم يربت على كتف أسوأهم خلقاً وأداء.

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 4197 - الثلثاء 04 مارس 2014م الموافق 03 جمادى الأولى 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 16 | 11:54 م

      I was really confuse

      I was really confused, and this answered all my quisetons.

    • زائر 14 | 5:22 ص

      تعليق على زائر 12 من المحرق

      ليش ماتعاتب الحكومة الي فعلته فى الشعب من هدم مساجد وقتل 150 شهيد وقمع القرى اليومى والمداهمات بث اثر فيك قتل الشرطة الاجانب قول كلمة حق اواسكت ونظف نفسك من الاحقاد والله ياخد الحق المسلوب

    • زائر 12 | 4:46 ص

      من المحرق

      يا استاذ هذه المواضيع الانشائية لا تسمن ولا تغني من جوع نحن نعيش فى وضع متازم ومشكلتكم لا تريدون ان تنتقدوا افعال من يقوم بهذه الاعمال ومن تسبب بهذه المشكلة و اغلبها مخالفة للقانون واخرها التفجير الارهابي ارجو ان تكونوا مع الحدث وعدم كتابة مواضيع مملة سمجة فكيف تتقاضون عن هذه الاعمال ولا تلتفتون وكأن الاذت صمخه.

    • زائر 13 زائر 12 | 5:14 ص

      اذا سمعت انت للطرف الآخر

      بيسمعك هو أيضا ، وأسألك الم تسمع عن من قتلوا في السجون الم تسمع عن من قتلوا غدرا من الطرف الأخر ؟؟؟؟ الم تسمع ان بيوتا انتهكت ؟؟؟ الم تسمع ان الهجوم انصاف الليالي لا زال ؟؟؟ لا تبوق لا تخاف ليش اتجي في اليل وتكسر البيوت الم تسمع بذلك ؟؟؟ اذا سمعت لمن يأن سيسمع لك هو أيضا واعيد سوألك لماذا تتغاضون عن كل ذلك والأذن صمخة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

    • زائر 11 | 4:40 ص

      احلى مقال لهذا اليوم

      الله يحفظك يا ابن بلدي الاصيل

    • زائر 10 | 4:01 ص

      بصراحة روعة

      استاذي الفاضل، أستاذ يعقوب
      نحن محظوظين لوجود اشخاص مثلك يستطيعوا ان يروا الأمور على حقيقتها.
      تصيب قلب الحقيقة دون التصنع والتملق.
      لا اريد ان اطيل، ولذلك سأقول فقط
      شكرا على صدقك، شكرا على تصديقك، شكرا على كونك ما تدعي وتدعو اليه.
      انت واحد من القلائل الذين يزرعون الامل ويقتلعون الشوك من خاصرة هذا الوطن.
      كما قال أبو امل "وطن لا يرجف فيه الامل" هو ما تدعو اليه
      أخوك د. شاكر العرادي

    • زائر 9 | 3:22 ص

      الله

      الله ينتقم من كل ظالم ظلم شعب البحرين الطيب وشكرا لك يا استادى والله اصبر شعب البحرين على الظلم والله كريم

    • زائر 8 | 2:55 ص

      يا بن سيادي الكريم

      اعتقد انك من سكنة المحرق وان لم تكن من سكنتها فانت تعرفها تماما الفيدوات وكل ما يأتينا من هناك ليس به سوى لغة واحدة فقط ( هي لغة الأنتقام والقتل ) للمكون الآخر ، واخر الصرعات تمسك احداهن واظن انها ممثلة في المجلس البلدي ( ميكرفون ) في وسط الشارع وتدعوا للقتل لرموز تحترمها الناس علنا ولا من محاسب ، ماذا لو كان احد افراد الفئة الآخرة هي من تكلمت كيف سيكون الرد ؟؟؟ يأسنا من اولئك القوم ، هؤلاء يا استاذ ليس لديهم غير الضرب والأنتقام . وهذا الكلام ليس لعموم اهل المحرق الطيبين )

    • زائر 7 | 2:55 ص

      سنابسيون

      وصفك غاية في الدقة لكنك نسيت ذكر الفئه المتشدده وهي الفئه اللي تحرض على التدمير والقتل والمقاطعه و تشويه العلاقات الطيبه بين الفئات المختلفه فما أن تراك منسجما مع طرف يخالفك حتى يبدأ الحقد في نفوسها وتعمل على اشعال التحريض وتخريب العلاقه ولا يهدأ بالها الا اذا نالت ما تريد استاذي هذه الفئه موجوده في المولاة والمعارضه فئة لا يهمها دينار او اخلاق كل همها اشعال المنطقه وهي اخطر الناس فأنت لا تقدر ان تكسبها ابد لا الحكومه ولا المعارضه انها تنفذ اللي في راسها بس دون التفكير بالعواقب

    • زائر 6 | 1:05 ص

      هناك اكثر من ريموت كنترول

      قرأت اغلب مقالات ودائما ما تتصدرها عبارة الشعب مصدر السلطات. التجربة علمتنا خلال السنوات الماضية اننا بحاجة لوقت طويل حتى نستطيع ترك عبارة الشعب مصدر السلطات تسير حياتنا السياسية وبالتالي الاقتصادية والاجتماعية لان هناك أكثر من ريموت كنترول يحرك هذا الشعب واعتقد انك تعرف المعنى تماما. ولا انسى شكرك على مقالاتك التي تتعلق يالقوانين والتشريعات فهي مقالات رصينة استفدت منها كما استفاد الكثيرون غيري..

    • زائر 5 | 11:58 م

      قناص

      شكرا استاذنا العزيز وبما ان العدل اساس الملك فهناك قاعدة اساسها العدل فاذا كانت تلك القاعدة غير سليمة فمن المؤكد ان البناء يصبح هشا ومعرض للتشققات ويكون آيلا للسقوط فيجب على القائد مراعاة ظروف رعيته ويكسب ثقتهم وودهم ليحموه من جور الزمان ويدعون له بالخير ويبعد عنه مستشارين الفتن ومستشارين السوء الذين لا يريدون لهذا الوطن الا الدمار والاعتماد على المخلصين للوطن فقط .

    • زائر 4 | 10:52 م

      صبااح الخير

      وأنت أخي الكريم من أي الفئة أنت لم تحدد مسلكك

    • زائر 3 | 10:31 م

      التجاهل يولد التجهيل !!

      انا لا أعرف يا أخ يعقوب لماذا تتجاهل الواقع المرير الذي نعيشه!! ولماذا نقدك للواقع إنتقائي لدرجة انك قد تتناسى أنك تخاطب مجتمع وإن تفاوت إلا إنه عاقل في النهاية ويمكنه الإدراك!! للريموت كنترول لا أحد ينكره فهو واضح والسلطة تلعب على ما يحقق مصالحها، وأكن فئة يحركها ويموت كنترول في غير أيدي السلطة!!هذا للريموت كنترول ليس أقل ضررا ،بل قد يكون أكثر وهو ما خلق انقسام في المجتمع وخلق نوعا من الهلع والخوف أحال الحالة الى ماهي عليه ،فلما تجاهله!!أسف على سنوات طويلة من النضال!!

    • زائر 1 | 9:39 م

      نعم التوصيف فهي الحقيقة الواضحة

      عندما اجلس مع نفسي وانظر أمامي وخلفي وأقول الا يستطيع من يملك القرار في اي مكان ان يكون اكثر عدلا لكن ارجع وأقول هي ترانيم الحياة وسلوكها لذلك خلقت الجنة والنار التي لن تتركهم حتى يكونوا اسفل سقر

اقرأ ايضاً