العدد 4199 - الخميس 06 مارس 2014م الموافق 05 جمادى الأولى 1435هـ

الخميس السابع والعشرون من فبراير فجر جديد وأجندة واعدة

محمد حسين أمان

طبيب ومدرس إكلينكي، باحث في طب الطوارئ

بعد أكثر من عقد من الزمن على افتتاح التوسعة الجديدة لمجمع السلمانية الطبي في 1997، وبعد افتتاح وحدة أمراض وغسيل الكلى، شهد هذا العام 2014 افتتاح مركز أمراض الدم الوراثية تحت رعاية رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، هذا المشروع الحيوي والذي إن صح التعبير جاز لنا أن نطلق عليه عرفاً أنه مركز مرضى الـ «سكلر» كون هذا المرض أصبح أيقونة شائعة تختزل اختصاراً مجمل أمراض الدم الوراثية، مع توضيح بسيط أن تلك المجموعة من الأمراض الوراثية تشمل أمراضاً أخرى عوضاً عن مرض فقر الدم المنجلي (السكلر)، وأن إيجاد هذا المركز لمعالجة كل تلك الأمراض والعمل على استقصاء العلم والمعرفة استهدافاً للاستطبابات المثلى وصولاً إلى جودة حياة أفضل للمصابين بتلك الاعتلالات.

إن ترجمة احتياجات هذه الفئة من المرضى في استحداث مرفق طبي مثل مركز أمراض الدم الوراثية خطوة جبارة للرقي في تقديم خدمات أفضل وأكثر تخصصية لمكون مهم من المرضى، ونخص بالذكر هنا مرضى فقر الدم المنجلي (السكلر)، الذين بقوا لفترة ليست بالقليلة يتوافدون على جميع مرافق خدماتنا الصحية من مستشفيات ومراكز صحية بحثاً عن رعاية تلبي اليسير في سبيل التخفيف من إهاتهم ومعاناتهم، وبقي مع ذلك القسم الأكبر منهم في زيارات يومية أو شبه يومية لقسم الحوادث والطوارئ علهم يجدون ضالتهم من رعاية شمولية تفي وتلم بكل مفردات مرضهم وتنتشلهم من كبواتهم البدنية والنفسية والاجتماعية لتعيدهم أفراداً فاعلين إلى مجتمعهم.

لذا الآن وقد انطلقت مسيرة العمل من بداياتها المأمولة وأصبح لدينا مركز لأمراض الدم الوراثية، خطواتنا تباعاً كثيرة، أولها وأهمها صقل كوادر طبية متخصصة تقوم على توفير الرعاية والعلاج في مهنية تامة تجعل من المريض محور اهتمامها، وهذا مما لا شك فيه في أوساط أطبائنا وكوادرنا الصحية الأخرى مع الالتفات هنا إلى محور جوهري يتمثل في انتقاء كوادر ذات مميزات معينة مثل تلك المتمكنة مهنياً على استقطاب مرضى «السكلر»، بانتهاج أمثل وأنسب مهارات الاتصال والتعامل مع المرضى وممن يحظون بحضور لافت في أوساطهم ولهم القدرة على التأثير وبذل الرعاية الشاملة، فكما هو معروف أن المريض أياً كان، يحتاج في المقام الأول لأن يكون فيمن يقوم على علاجه ذلك الإنسان الذي يستشعر حاجاته المرضية ويقوم بها في نهج يحفظ للمريض كيانه وخصوصيته.

مكون أساسي آخر في خطط علاج ورعاية هؤلاء المرضى، هو خلق برنامج تواصل اجتماعي يشرك المريض انطلاقاً من مجتمعه ويدمجه أولاً في رعاية نفسه ويوفر له السبيل ليكون ذا فاعلية وقيمة مضافة، حيث إننا هنا لا نتحدث عن تلك الفئة من الأفراد ممن لديهم احتياجات صحية خاصة، بل عن فئة لديها من الإمكانات ما قد يفوق التوقعات ومن الحماس ما قد لا نعي مداه.

فالمصابون بمرض فقر الدم المنجلي مثالاً منهم الطبيب الاستشاري ومنهم المهندس ومنهم المعلم والمربي الفاضل ومنهم الممرض ومنهم من كون أعمالاً خاصة تقدر أصولها بالملايين، وغيرهم ممن تجاوزوا معوقات مرضهم وفاقوا أقرانهم الأصحاء، بل هناك مرضى أعرفهم يقضون ما مجموعه ثلاث عشرة ساعة يومياً يعملون صباحاً ومساءً وعلى مدار الأسبوع بجد وانضباط، مع تحفظنا على مبدأ الإجهاد والقول بإلزامية مراعاة الراحة وتجنب ساعات العمل المطولة، ولكن نسوق هذا تبياناً لقدرات كامنة.

لقد دأبت مؤسساتنا التشريعية على المضي قدماً في سن القوانين الكفيلة بحفظ حقوق هؤلاء المرضى ونسوق هنا مثالاً صدور القانون رقم (11) في سنة 2004 بشأن الفحص الطبي للمقبلين على الزواج من الجنسين، والذي يلزم المصابين بالأمراض المزمنة أن يتم زواجهم أمام المحكمة المختصة وغيرها من التشريعات والتنظيمات، إلا أننا هنا مازلنا بحاجة إلى الكثير من أجل تحسين أداء هذه الفئة من المرضى وتوفير الرعاية التشريعية الكاملة.

تلك كانت وستبقى البداية، والأجندة في هذا المجال يجب أن تبقى مفتوحة على مصراعيها تتفاعل مع ما يستجد من متطلبات لمرضى اعتلالات الدم الوراثية وتتناغم مع كل ما هو متوقع من خدمة صحية حكومية نأمل، وهي قادرة، على التميز في رسم ابتسامة الصحة والراحة لمرضانا.

إقرأ أيضا لـ "محمد حسين أمان"

العدد 4199 - الخميس 06 مارس 2014م الموافق 05 جمادى الأولى 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 2:16 ص

      تمهيد الموضوع للأبعاد والحيثيات القادمة

      نعم هذا ما يتم الان في بث حيثيات مركز أمراض الدم الوراثية بين قوسين السكلر وكيفية العمل فية ولو تلاحظ أيها القارئ الكريم انه يمهد بشكل غير مباشر من الوسائل الاعلام انه لن يكون حصرا لفئة معينه ، إي انه يا مرضى السكلر مش بوزك هذا مركز شامل لكل أمراض الدم هذا باختصار لكم يا أحبائي لن تنعموا بمركز مخصص لكم أبدا

    • زائر 1 | 2:19 م

      محمد موسى

      شكراً دكتورنا العزيز على فاعليتك وامانتك في الحديث
      نعم اللقب الذي لقبت به يا إبن أمان
      ونحن بأمان إن كنت معنا
      شكراً لك

اقرأ ايضاً