العدد 4234 - الخميس 10 أبريل 2014م الموافق 10 جمادى الآخرة 1435هـ

«خطبة جمعة»

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أنّ لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له جلّ عن الشبيه والمثيل والكفؤ والنظير.

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيّه وخليله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه، أرسله ربّه رحمة للعالمين، وحجة على العباد أجمعين، فهدى الله تعالى به من الضلالة وبصر به من الجهالة، وكثر به بعد القلة، ولمّ به بعد الشتات وأمّن به بعد الخوف. وصلوات الله وسلامه عليه وعلى أهله الطيبين وأصحابه الغر الميامين.

أما بعد أيّها الأخوة المؤمنون، قال تعالى: «وأن تعفو أقرب للتقوى، ولا تنسوا الفضل بينكم» (سورة البقرة، 237)، وان تحدّثنا اليوم عن العفو فإنّنا نتحدّث عن نبذ العنف ونبذ الكراهية، ونعلم بأنّ الله ينبذها من فوق سابع سماء.

في هذه الخطبة وفي هذا اليوم العظيم، نؤكّد ونشدّد عن العفو والتسامح وعدم الظلم، فعن أبي ذرٍّ الغفاري (رضيَ اللهُ عنه) عن النَّبي (صلَّى الله عليه وسلَّم) فيما يَرويه عن ربِّه (تبارك وتَعالى) أنه قال: «يا عبادي إِنِّي حَرَّمْتُ الظلمَ على نفسي، وجعلتُهُ بينكُمْ مُحَرَّمًا، فلا تَظالَمُوا، يا عبادي كُلُّكُمْ ضالٌّ إِلا منْ هَدَيْتُهُ، فاسْتَهدُوني أَهْدِكُمْ، يا عبادي كُلُّكُمْ جائعٌ، إِلا مَنْ أَطْعَمْتُهُ، فاستطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يا عبادي كُلُّكُمْ عَارٍ، إِلا مَنْ كَسَوْتُهُ، فاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ، يا عبادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بالليلِ والنهارِ، وأَنا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جميعًا، فَاستغفروني أَغْفِرْ لكم، يا عبادي إِنَّكُمْ لن تبلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي ولن تَبْلُغُوا نفعي، فتنفعونِي، يا عبادي لو أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ، مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وإِنْسَكُمْ وجِنَّكُمْ كانوا على أَفْجَرِ قَلبِ رَجُلٍ واحد، ما نقَص ذلك منْ مُلْكِي شيئًا، يا عبادي لو أَنَّ أولكم وآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَاموا في صعيدٍ واحدٍ فسأَلُونِي فأَعطَيْتُ كلَّ إِنسانٍ مسألَتَه، ما نقَص ذلك ممَّا عندي إِلا كما يَنْقُصُ المِخْيَطُ إِذا أُدْخِلَ البحرَ، يا عبادي إِنَّمَا هي أَعمالُكم أُحصيها لكم، ثُمَّ أُوَفِّيكم إِيَّاها، فمن وجد خيرًا، فلْيَحْمَدِ اللهَ ومنْ وجد غير ذلك، فلا يَلُومَنَّ إِلا نَفْسَه».

ومعنى الحديث أن الله لا يظلم أحداً، ويحذّر من ظلم الانسان لأخيه الانسان، وهذا مدعاة اليوم ونحن على منبر رسول الله لنقف صفّاً ضد خطاب الكراهية والتحريض والتأجيج، فهذه ضلالة، وليست من أخلاق نبينا المصطفى محمّد بن عبدالله (ص)، ومن يريد عكس ذلك ما هو إلاّ خارجٌ عن أمّة محمّد، فالدين يا إخوتي هو المعاملة الحسنة وأخلاقنا التي أخذناها من رسول الله وصحبه الطيبين الطاهرين والتابعين وأتباع التابعين الصالحين.

يا من تكرّر خطاب الكراهية تذكّر بأنّ الله محاسبك، ويا من تقذف الناس بكلمات بذيئة وتطعن في شرفهم وعقيدتهم، فاعلم أنّ الله مراقب ومشاهد ولا ينسى أنملة واحدة، فاسعَ في خيرٍ يكن بجانبك عند الحساب، ولا تسعى في شرّ يكن مآله الخزي والعار.

إنّ صفة الله العدل وهذا تأكيد وتشديد منه على ضرورة مراقبة الألسن والأفئدة والضمائر، حتى لا تتفوّه بشرّ يُحسب عند الله من الكبائر، كرمي المحصنات الغافلات، أو خدش أعراضهنّ بجميع الألقاب والكلمات، لأنّ هذه ليست من أخلاق أمّة محمد (ص)، ونعلم بأنّنا بشر نخطيء ونصيب، ونعلم بأنّ الله يعلم ما في القلوب.

يقول المولى عزّ وجل في كتابه: «ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسّكم النار، وما لكم من دون الله من أولياء، ثمّ لا تُنصرون « (هود، 113)، اللهم فوفّق ولي أمرنا لما تحب وترضى، اللهم خذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم وفقه لهداك واجعل عمله في رضاك، وسائر ولاة أمور المسلمين.

اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلامٌ على المرسلين والحمدلله رب العالمين. وجمعة مباركة.

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 4234 - الخميس 10 أبريل 2014م الموافق 10 جمادى الآخرة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 29 | 2:38 م

      وشالفايده

      اذا للحين ما نجوف احد تحاسب عل زرع الكراهية وسب الطائفة ول عل الاقل خلو الي زرع الكراهيه او الي سب طائفة يعتذر بالعلن مثل ما سب بالعلن!! ما يحتاجون الناس للاعتذار اقل شي؟؟ مورانسبو في العلن مو لازم عل الاقل بس اعتذار رسمي علني عشان نعرف ان فعلا في خطوات جاده لوقف خطاب الكراهيه؟؟

    • زائر 28 | 12:45 م

      الاخت مريم توجه اكثر مقالاتها للقراء السنة

      لكن معظم متابيعها من القرا ء الشيعة والقليل هم السنة وهذا واضح من التعليقات

    • زائر 24 | 10:08 ص

      لقد اقتربت من عرين الكهنوت (التكفير)؛ فاحذري 2

      الكلام عن الكراهية و التحذير منها متاح للجميع، لكن التحذير من التكفير الوارد من الكهنوت المستند إلى النصوص هو عرين الكهنوت؛ فاحذري!

    • زائر 22 | 9:22 ص

      لقد اقتربت من عرين الكهنوت (التكفير)؛ فاحذري 2

      الكلام عن الكراهية و التحذير منها متاح للجميع، لكن التحذير من التكفير الوارد من الكهنوت المستند إلى النصوص هو عرين الكهنوت؛ فاحذري!

    • زائر 21 | 9:22 ص

      لقد اقتربت من عرين الكهنوت (التكفير)؛ فاحذري 1

      أختي الفاضلة؛ الكراهية هي النتيجة الطبيعية لتمكن الكهنوت من الشعوب العربية، و استسلام الشعوب عن طواعية لهذه العبودية. فكل شيئ مباح قوله، و كل مطلب فيه دعوة لمزيد من الحرية، و نيلاً لحقوق للشعب، ففعله شجاعة و حق من حقوق الإنسان؛ إلا حوار الكهنوت!
      و ها أنت أيتها الحرة الأبية قد اقتحمت ما يُقتحم، و قلتي ما لا يمكن قوله، فابدأي بداية قوية متتالية، لتشمل جميع أنواع موزعي الكراهية، من كل الأطراف.

    • زائر 20 | 8:35 ص

      خطبة موفقة

      الحمدلله رب العالمين
      كم هو جميل ان تصبح وتمسي على تلك الكلمات التي تثلج الصدر وتحث على المحبة والآلفة
      وكم هو قبيح ان نرى جهلة هذه الأمة ان تحث ع الفرقة والتباغض والتناحر
      وكله من اجل ماذا؟
      من اجل الكراسي والمناصب

    • زائر 19 | 8:04 ص

      اقتراح اتمنى ان يصل للاستاذة

      اقترح ان تكتبي مقالا تدعين فيه جميع شعب البحرين بمختلف طوائفه للخروج في مسيرة موحدة يصل صوتهاللدول الغربية رفضا لتعرض المسلمين للابادة في افريقيا وبورما بتواطئ غربي وصمت الدول العربية والاسلامية...اعلم ان النفوس مشحونة لكن هذه المسيرة ستكون عمل جبار اخلاقيا وانسانيا واجتماعيا وحتى سياسيا،،، اعلم صعوبة تنفيذ المقترح لكن هدف المسيرة النبيل ربما يشفع لتنفيذها وشكرا

    • زائر 18 | 7:27 ص

      لقد اقتربت من عرين الكهنوت (التكفير)؛ فاحذري 2

      الكلام عن الكراهية و التحذير منها متاح للجميع، لكن التحذير من التكفير الوارد من الكهنوت المستند إلى النصوص هو عرين الكهنوت؛ فاحذري!

    • زائر 17 | 7:26 ص

      لقد اقتربت من عرين الكهنوت (التكفير)؛ فاحذري 1

      أختي الفاضلة؛ الكراهية هي النتيجة الطبيعية لتمكن الكهنوت من الشعوب العربية، و استسلام الشعوب عن طواعية لهذه العبودية. فكل شيئ مباح قوله، و كل مطلب فيه دعوة لمزيد من الحرية، و نيلاً لحقوق للشعب، ففعله شجاعة و حق من حقوق الإنسان؛ إلا حوار الكهنوت!
      و ها أنت أيتها الحرة الأبية قد اقتحمت ما يُقتحم، و قلتي ما لا يمكن قوله، فابدأي بداية قوية متتالية، لتشمل جميع أنواع موزعي الكراهية، من كل الأطراف.

    • زائر 16 | 7:06 ص

      والنعم الخطبة .. تسلم الأيادي :)

      والنعم الخطبة .. تسلم الأيادي :)

    • زائر 15 | 5:38 ص

      مريم مفخرة البحرين

      انا مواطن بحريني افتخر ان تتحدث مريم الشروقي باسمي ولها الفخر ان تدافع عن كل مايعززوحدتنا الوطنيه ولها الف شكروتحيه

    • زائر 14 | 4:26 ص

      شكرا

      كلام جميل جدا هذا هو الاسلام الصحيح بدون نبرة طاءفيه هوءلاء هم اخواننا السنه الذين نفتخر بهم ونحبهم وليس من يسب في مكون رءيسي بارك الله فيش وجعله في ميزان حسناتش.

    • زائر 13 | 3:42 ص

      عجيب امر السبابين

      بعد ان يسب ويشتم وينبز طائفة او فئة من هذا المجتمع.. يقف في المحراب يصلي كيف؟ لانعلم ؟ كيف تقابل الله ولتوك عصيته باكل لحوم الناس وخضت في شرفهم واعراضهم وحرضت عل قتلهم ومدحت الافعال الذميمة التي تحرض عل اعتقالهم وسحلهم. ؟

    • زائر 12 | 3:39 ص

      جزاك الله خير يا شيخ

      الله يرحم والديك يا شيخة مريم

    • زائر 11 | 2:42 ص

      شكرا يا استاده

      والله لو كانت خطب الجمعه مثل هدة الخطبة الجميله والمفيده التي تدخل العقل من خلال الجوارح لما سمحت لنفسي ان تفوتني حتي لو كانت بمسجد في اقاصي البحرين . للأسف معظم خطب الجمعه مكرره وممله بحيث انه اصبحت لكثير من الناس تحصيل حاصل . استغفر الله والصلات والسلام علي نبينا محمد وعلي اله وصحبه اجمعين .

    • زائر 10 | 2:00 ص

      لقلقة اللسان والادغام والغنّة هل هذا هو الاسلام فقط؟

      لم يحفظوا الا تحريك اللسان وقلقلته ولكن جوهر الاسلام وحقيقته غائبة

    • زائر 8 | 1:21 ص

      انها لقلقات لسان فقط لا تتجاوز تراقيهم كما هي قراءتهم للقرآن

      احاديث نبوية تحدثت عن مجموعات من المسلمين يقرأون القرآن ولكنه لا يتجاوز تراقيهم ولا يدخل لعقولهم لا يفقهون الا قلقلة اللسان والادغام والغنة ولكنهم منغمسون في الغمّة وفي الاحقاد والطمع ، بعيدين كل البعد عن جوهر الاسلام
      وتعاليم القرآن

    • زائر 6 | 12:40 ص

      قول علي قول

      قال الامام علي: القرإن حمال أوجهه. كل يقدر ان يجد فيه آيات ليثبت موقعه. المشكلة اذا عارضت، فتوقع كل المصائب و النعوت.

    • زائر 5 | 12:29 ص

      لو يخاف الله لما سكت على هدم مساجد الله وبالتالي المشاركة في ظلامة العباد ديدنه..

      يا من تكرّر خطاب الكراهية تذكّر بأنّ الله محاسبك، ويا من تقذف الناس بكلمات بذيئة وتطعن في شرفهم وعقيدتهم، فاعلم أنّ الله مراقب ومشاهد ولا ينسى أنملة واحدة، فاسعَ في خيرٍ يكن بجانبك عند الحساب، ولا تسعى في شرّ يكن مآله الخزي والعار.

    • زائر 4 | 12:26 ص

      حسبنا الله ونعم الوكيل

      نتمنا ترك العنف والارهاب والطا ئفيه شعب البحرين كانو متجاورين متحابين سنه وشيعة ولاكن الان الجمعيات السياسيه الطائفيه فرقتهم وهدمت كل شيئ
      هم يريدون الوصول للكراسي فقط ولا يهمهم امور الشعب هم يكذبون علينا باسم الحقوق

    • زائر 3 | 12:18 ص

      أفضحوهمً حتى يتأدبوا

      سيدتي هؤلاء الذين يشتمون الناس والطائفة في البلد لابد من ذكرهم بالإسم ففي الطائفة الشيعية لا يوجد من يشتم أبدا وفي الطائفة الأخرى رجال الدين اناس محترمة وقدوة حسنة لكل مسلم وخطبهم تشرح القلب اما من يسبون فهم يعدون على الأصابع وأولهم ........وهناك خطب موثقة لخطبه القبيحة موثقة بالفيديو فلماذا لا تذكرون أسماءهم كي يتأدبوا

    • زائر 2 | 10:45 م

      صدقت

      رائعة و الله ان هذه الكلمات يجب أن يخطب بها جميع خطباء البحرين و العالم العربي و الإسلامي. هذا هو العقل و هذا هو الإسلام. أصبحت لا أطيق صلاة الجمعة بسبب الخطب السخيفة التي نسمعها. أحييك يا أخت مريم و الله إنك رائعة..

اقرأ ايضاً