العدد 4234 - الخميس 10 أبريل 2014م الموافق 10 جمادى الآخرة 1435هـ

ساعة الأرض... البعد الإنساني

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

الحراك البيئي العالمي متصاعد النمو ويتجلى ذلك في المناشط البيئية المتواترة التي تشهدها البلدان في المناسبة البيئية العالمية المتداخلة في أهدافها الموجهة لصون الأمن البيئي لكوكبنا. و»ساعة الأرض» التي يتبناها الصندوق العالمي لصون الطبيعية من الفعاليات البيئية العالمية التي صارت حدثاً مهماً في الحراك البيئي العالمي. وتؤكد أهداف المناسبة على استراتيجية الشراكة العالمية لصون النظام البيئي للأرض، وتجسّد في محورية جوهرها نهج العمل المؤسس لضمان الحقوق البيئية للأجيال القادمة.

التفاعل العالمي مع هذا الحدث البيئي في تزايد مستمر، وتشير خارطة المناشط البيئية المختلفة التي شهدتها مختلف بلدان العالم، إلى تزايد مستوى الوعي بضرورة تبني قرارات استراتيجية ضمن منظومة القرار الدولي البيئي قابلة للتنفيذ، للحد من تصاعد وتيرة الأنشطة والممارسات غير الرشيدة المسببة لحالة التدهور البيئي والتي تشكل عاملاً رئيساً في الإخلال بالأمن البيئي العالمي.

المناشط المختلفة التي جرى تنظيمها للاحتفال بهذا الحدث البيئي نظمت تحت شعار «استخدم طاقتك... كوكب واحد مستقبل واحد»، وتمحورت أهدافها في الارتقاء بثقافة توفير استهلاك الطاقة ورفع الوعي بظاهرة الاحتباس الحراري والمشاركة الإيجابية للمجتمع في حماية البيئة من خلال إطفاء الأضواء والأجهزة الإلكترونية غير الضرورية لمدة ساعة. وتلك الأهداف مدخلٌ للتأكيد على جوهر رسالة أكثر بعداً وشموليةً في العمل الممنهج والمؤسس للحد من حالة التدهور البيئي المتصاعد مخاطرها الكونية.

البعد الإنساني لهذا الحدث البيئي يشكل المحور الجوهري لاستراتيجية أهدافه، وينبغي أن يؤكّد حضوره في مختلف المناشط والفعاليات التي يجري تنظيمها لإحياء المناسبة، وذلك نظراً لأهميته الاستراتيجية في بناء منظومة الأمن البيئي للبشرية، وتعضيد مقومات خطط العمل الموجهة لصون النظام البيئي لكوكب الأرض.

مشكلة الفقر إحدى القضايا الانسانية الرئيسة ضمن منظومة المعضلات البيئية المهمة في بعدها الكوني التي ينبغي إبرازها في مناشط ساعة الأرض، وتشكّل هذه المشكلة ركيزة محورية في معالجات مبادئ المشروع الدولي البيئي، ويتجلّى ذلك في منظومة مبادئ ومخرجات مؤتمرات قمم الأرض العالمية البيئية، التي تبنت منظومة من المبادئ الاستراتيجية للحد من ظاهرة الفقر المتصاعدة مخاطرها المجتمعية والانسانية.

وثيقة القمة العالمية للتنمية المستدامة المنعقدة في جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا العام 2002، من الوثائق المهمة في المشروع الدولي البيئين وهي تضع منظومة من الالتزامات الدولية في معالجة مشكلة الفقر، حيث يؤكد المبدأ (15) على «أن أشد تحديات عصرنا إلحاحاً لاتزال تتمثل في الفقر والتخلف وتدهور البيئة والتفاوتات الاجتماعية والاقتصادية ضمن البلدان وفيما بينها». وبالاتساق مع ذلك تشدّد مبادئ الوثيقة على قناعة المجتمع الدولي بمعالجة هذه المعضلة الإنسانية جذرياً، وذلك ما يمكن تبيّنه في المبدأ (38) من الوثيقة ذاتها التي تشير إلى أن عناصر المجتمع الدولي «متفقون على أن تحقيق الأمن الغذائي لجميع البشر يشكل جزءًا حيوياً من الكفاح من أجل القضاء على شأفة الفقر وصون كرامة الانسان».

ونظراً لما يشكله الفقر من معضلة إنسانية، جرى وضعه في صدارة اهتمامات مبادئ وثيقة مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة (ريو20) الذي عقد في ريو دي جانيرو بالبرازيل من 20- 22 يونيو/ حزيران 2012، وتأكيداً على حرص المجتمع الدولي على معالجة هذه المعضلة المتصاعدة مخاطرها على أمن البشرية، جرى النص بشأنها في منظومة من مبادئ ريو، وتشمل المبادئ (52،37،31،23،21،12،10،4) كما يجري تخصيص الفصل الثالث من الوثيقة تحت عنوان «الاقتصاد الأخضر في سياق التنمية المستدامة والقضاء على الفقر»، لتبيان المخرجات المنهجية لمعالجة هذه المعضلة الإنسانية.

ويعتبر المبدأ (2) من الفصل الأول تحت عنوان «رؤيتنا المشتركة» من المبادئ المهمة في وثيقة ريو 20، ويؤكد على أن «القضاء على الفقر هو أعظم التحديات التي يواجهها العالم في الوقت الراهن وأحد الشروط اللازمة للتنمية المستدامة. ونحن نلتزم في هذا الصدد بالعمل عاجلاً، على تخليص البشرية من ربقة الفقر والجوع».

قضايا التسلح وأسلحة الدمار الشامل والنزاعات المسلحة والصراعات الداخلية وتدهور البيئات الطبيعية وفقدان الموارد البيئية المهمة لحياة ومعيشة الإنسان، هي أيضاً من القضايا الاستراتيجية في المشروع الدولي البيئي، وهي كذلك من القضايا الإنسانية المقلقة للمجتمع الدولي التي ينبغي أن تكون في مقدمة أولويات مناشط برامج ساعة الأرض.

وتعتبر مشكلة أسلحة الدمار الشامل من المعضلات العالمية التي جرى الانتباه إلى مخاطرها بشكل مبكر، وفي سياق العمل الدولي لاستبعاد مخاطرها على الأمن الانساني، جرى في المبدأ (26) من وثيقة إعلان استكهولم لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة البشرية، التأكيد على أنه «يجب أن يكفي الإنسان وبيئته الآثار المترتبة على الأسلحة النووية وأسلحة التدمير الشامل الأخرى. ويجب أن تسعى الدول جاهدةً، في إطار الهيئات الدولية المختصة، إلى تحقيق اتفاق في أقرب الآجال، بشأن إزالة هذه الأسلحة وتدميرها بالكامل».

النزاعات المسلحة من القضايا الرئيسة في المشروع الدولي البيئي، لما لها من آثار بيئية عميقة والتسبب في إحداث المجاعة وزيادة معدل نسبة الفقر وعدد الجياع وجيش اللاجئين البيئيين في العالم.

تلك الحقائق تشير إلى ضرورة أن يتبنى برنامج ساعة الأرض القضايا البيئية والإنسانية شديدة الأثر في بناء منظومة الأمن البيئي لكوكب الأرض.

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 4234 - الخميس 10 أبريل 2014م الموافق 10 جمادى الآخرة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً