العدد 4241 - الخميس 17 أبريل 2014م الموافق 17 جمادى الآخرة 1435هـ

مغاصات اللؤلؤ في استراتيجية صون التنوع الحيوي في البحرين

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

توجه استراتيجي للمجلس الأعلى للبيئة ضمن خطة العمل الموجهة لصون الموائل البحرية والحفاظ على المعالم البيئية والتراثية في المناطق البحرية، جرى الإعلان عن ثوابتها في ورشة العمل الوطنية الثالثة حول تطبيق نهج النظام الايكولوجي في المحافظة على مغاصات اللؤلؤ في مملكة البحرين، التي جرى تنظيمها بالتعاون مع وزارة الثقافة وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة - المكتب الإقليمي لغرب آسيا والمركز الإقليمي العربي للتراث العالمي.

مغاصات اللؤلؤ معلم يجسد في جوهره معادلة متشعبة الأبعاد، البيئية والمعيشية والاجتماعية والتاريخية والحضارية. وعندما تتحدث عن مغاصات اللؤلؤ في البحرين تجد نفسك تعوم وسط محيط من مفردات ثقافة شعبٍ عميقة الجذور التاريخية والاجتماعية، ترتكز على قيم وعادات ترسخت في ثوابتها مع هذا المصدر الحيوي والمعيشي، والمقوم التاريخي والاقتصادي للتطور الحضاري لمجتمع البحرين. ويقود ذلك التوجه إلى قراءة متمعنة لتركيبة النظام البيئي للهيرات، كموئل طبيعي للؤلؤ، ودراسة واقع الظروف البيئية ومعالجة الاتجاهات المنهجية والبحث عن مخارج عملية لصون نظامها البيئي كثروة طبيعية وإنسانية، وكحق للأجيال القادمة.

اللؤلؤ كلمة تجسد بعداً تاريخياً وحضارياً، وقيمة ثقافية واجتماعية وحياتية لأهل البحرين، ودفعت القيمة الإنسانية لهذه الثروة عدداً من الباحثين في العلوم التاريخية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية إلى اعتمادها كمحور رئيس في معالجاتهم البحثية. ويشكّل كتاب الباحث الكويتي المعروف محمد غانم الرميحي «البحرين... مشكلات التغيير السياسي والاجتماعي»، أحد المراجع البحثية المهمة التي عالجت بمنهجية القيمة الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية والحضارية للؤلؤ، وبينت أهميته الاستراتيجية في المسيرة التاريخية للتطور الاجتماعي والحضاري لشعب البحرين.

الرميحي يشير إلى حقائق مهمة حول الأهمية الاجتماعية والمعيشية للؤلؤ، ويدعم ذلك بثوابت الأرقام في شأن دخل البحرين من هذا المصدر الاقتصادي المهم، في مرحلة مهمة من تاريخ تطورها الاجتماعي والحضاري. ويورد في فصل خاص تحت عنوان «النشاطات الاقتصادية التقليدية»، ما رصده عددٌ من الرحالة، وجرى تسجيله في مذكراتهم عن البحرين حول مستوى الدخل من اللؤلؤ وعدد السفن والعاملين في مهنة الغوص.

لؤلؤ هيرات البحرين يعد من أجود أنواع اللؤلؤ في العالم، لذلك كان محط اهتمام الجماعات الناشطة في حقل العمل البيئي، ووفق ما جرى نشره في صحيفة «الوسط» البحرينية (العدد 59، 4 نوفمبر/ تشرين الثاني 2002) تحت عنوان «شباب البحرين يبحثون عن الهيرات»، تم الإشارة إلى أن «جمعية البحرين للتاريخ الطبيعي وجمعية الشباب والبيئة بالتعاون مع جوالة المالكية، نظمت مسحاً ميدانياً في المياه الإقليمية لمملكة البحرين بالتعاون مع إدارة الثروة السمكية ومركز البحرين للدراسات والبحوث وإدارة شؤون البيئة، وبدعم من الشيخ صلاح بن حمد آل خليفة لدراسة الهيرات أو مراقد المحار. وهدفت الدراسة إلى وضع تصور لمناطق الهيرات ووضعها الحالي وكيفية الاستفادة منها بشكل واعٍ ضمن الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، ورسم خريطة جديدة للهيرات بعد الترسيم الحدودي للمياه الإقليمية الصادر بقرار محكمة العدل الدولية في لاهاي (مارس/آذار 2001). كما هدفت الدراسة إلى تصنيف أنواع المحار وأماكن وجوده في سعي للحفاظ على الثروات الطبيعية وخصوصاً البيئة البحرية».

القيمة الحضارية والتاريخية والبيئية للهيرات كمواقع تراث مهمة لمهنة الغوص والبحث عن اللؤلؤ، تشكل الموجه الاستراتيجي لمبادرة وزارة الثقافة في تبني مشروع طريق اللؤلؤ، والعمل على إدراجه ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو العام 2012، وطريق اللؤلؤ «موقع تراثي جرى العمل على تأسيسه لتوثيق تاريخ حقبة من الحقب الزمنية في مملكة البحرين كان اقتصادها يعتمد على اللؤلؤ، ويبدأ الطريق من هيرات اللؤلؤ بالقرب من قلعة بوماهر ويمتد لثلاثة كيلومترات تقريباً وصولاً إلى بيت سيادي، ويضم الطريق على طوله عدداً من البيوت التراثية التي توثق لحياة العاملين على هذه المهنة من الطواش والغواص والنوخذة والسيب وغيرهم».

صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء في سياق تقييمه لهذا الحدث التاريخ، أشار إلى «أن الاحتفاء بالقيمة الحضارية التي يمثلها اللؤلؤ في الوعي البحريني يحمل دلالات عديدة على القيم التاريخية والاقتصادية والاجتماعية وكذلك ما يرمز إليه من تواصل البحرين منذ القدم مع مختلف الدول والشعوب، امتد عبر مختلف الحضارات التي تعاقبت على هذه الأرض».

إن ذلك يشكل قوة دفع فعلية للعمل على تبني خطط العمل التنفيذية المؤسسة في أهدافها المنهجية والعلمية، وتحفز للبحث الجاد عن المخارج العملية لبناء توجّه ممنهج يرتكز على مؤشرات قويمة لدراسة إمكانية وضع استراتيجية مؤسسة في أهدافها لصون النظام البيئي للهيرات، هذه الثروة البيئية والإنسانية والحق الطبيعي للأجيال القادمة.

مشروع تطبيق نهج النظام الايكولوجي في المحافظة على مغاصات اللؤلؤ في مملكة البحرين، خطوة مهمة من الطبيعي أن يؤسس لبناء خطوات لاحقة أكثر جذرية في تنفيذ المشاريع العلمية التي تسهم في تحقيق جودة المنجز لتعميم أهداف هذا المشروع الحضاري.

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 4241 - الخميس 17 أبريل 2014م الموافق 17 جمادى الآخرة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 3:16 ص

      عابر سبيل

      أنا قرأت المقال ما لمحت الأرقام التي تتكلم عنها يا زائر رقم واحد ربما التعليق منصب على مقال آخر

    • زائر 1 | 1:38 ص

      تعليق على الارقام التي ذكرت

      400 مليار ستحصل عليها البحرين .. ارقام مهولة ما رأي الكاتب فيها ؟؟

اقرأ ايضاً