العدد 4289 - الأربعاء 04 يونيو 2014م الموافق 06 شعبان 1435هـ

في نتائج الانتخابات المصرية

يوسف مكي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

انتهت الانتخابات المصرية، بفوز المشير عبدالفتاح السيسي، بنسبة تجاوزت 96 في المئة من الأصوات.

وهذه النتيجة، هي مفاجئة بكل المقاييس، حتى لأكثر المتفائلين من أنصار المشير، والذين اعتبروا فوزه في الانتخابات الرئاسية أمراً محسوماً .أما بالنسبة إلى منافسه صباحي، وأنصاره فإن هذه النتيجة هي كارثة سياسية بكل المقاييس، وقد تتسبب في إنهاء حياته السياسية.

نحاول في هذه القراءة استكشاف الأسباب التي أدت إلى الفوز الساحق للمشير، وانتكاسة منافسه، على رغم ما هو معروف عن أدواره في ثورتي 25 يناير/ كانون الأول، و30 يونيو/ حزيران، وحصده ما يقترب من الخمسة ملايين صوت، في الانتخابات الأولى، التي تنافس فيها ثلاثة عشر مرشحاً، جاء ترتيبه الثالث في قائمة الفائزين، بعد الرئيس السابق مرسي، واللواء شفي .

فعلى رغم إدراكنا، ومشاطرة أغلبية المصريين الرأي بأن المشير هو الرئيس القادم لمصر، لكن ذلك شيء، وأن تنتهي الأمور بالطريقة التي انتهت إليها شيء آخر.

لقد اكتسب المشير السيسي قوة حضوره الشعبي من عاملين رئيسيين: الأول، قيادته لعملية إزاحة الإخوان المسلمين عن السلطة، وإغلاق حقبة سوداء قصيرة في تاريخ مصر. لقد عمل الإخوان المسلمون على إبعاد معظم القوى السياسية، عن المشاركة في السلطة، وسطروا دستوراً على مقاسهم، وسعوا إلى أخونة الدولة والمجتمع، وإعادة الإرهاب إلى واجهة الأحداث. والعامل الثاني أن مصر تواجه الآن أحداثاً غير مسبوقة، من انفلات أمني، وارتفاع في معدلات الجريمة. ومن جهة أخرى تشهد شبه جزيرة سيناء تصاعد ظواهر الإرهاب، وقد صارت تلقي بلهيبها على معظم المدن والبلدات والريف المصري، بما يهدد وحدة البلاد وأمنها واستقرارها. إن المشير السيسي الذي أثبت شجاعة وبسالة في التصدي للإخوان المسلمين، ومحاربة الإرهاب في سيناء، منذ تسلم منصبه وزيراً للدفاع، هو الأقدر، من وجهة نظر أغلبية المصريين في هذه المرحلة العصيبة، على قيادة السفينة. ومن وجهة نظرهم أيضاً، فإن منافسه صباحي يفتقر في تجربته السياسية إلى الخبرات التي اكتسبها المشير في مواجهة الإرهاب.

لكن ذلك لم يكن يعني أن منافسه على المنصب، سيصل إلى الدرك الأسفل في هذه الانتخابات. فقد قدر صباحي، في أحاديثه الخاصة مع أصدقائه، أنه يتوقع الحصول على نسبة تصل من ثلاثين إلى الخمسة والثلاثين في المئة. أما الآخرون، من المراقبين والمتابعين للحملة الانتخابية للمرشحين، فتوقعوا أن يحصد صباحي نسبة تقع بين الخمسة عشر كحد أدنى، والعشرين في المئة كحد أعلى. لكن النتائج جاءت مخيبة لآماله ولآمال أنصاره.

بالتأكيد لم يتوقع صباحي نصراً على منافسه، لكنه توقع الحصول على نسبة تؤكد حضوره في الساحة السياسية، وتمكنه من البناء عليها مستقبلاً.

وإذا ما قرأنا خريطة الاصطفافات السياسية، وتبعات ذلك على المرشحين المتنافسين، فإن أول ما نواجهه هو أن المرشحين يقفان على أرضية واحدة، في موقفهما من الإخوان المسلمين، وبقية التنظيمات الإسلامية المتطرفة، بما يعني أن كليهما لن يحظى بدعم هذه التنظيمات. أما القوى الأخرى، فتصنف المشير، بأنه القادم من المؤسسة العسكرية المصرية، والذي تراه البيروقراطية المصرية، أنه رجل الدولة. أما صباحي، فكان طيلة حياته معارضاً، ويوصف بأنه مرشح الثورة. بمعنى أننا أمام مرشح دولة وآخر مرشح ثورة.

ولأن عماد الثورتين 25 يناير و30 يونيو هم الشباب، فإن الحسابات جرت على أساس أن المشير سيحظى بدعم المؤسسة العسكرية، ومؤسسات الدولة، وأنه سيتفوق على منافسه، بعمق الدولة وبوسائلها كافة، التي ستقف إلى جانبه في معركته الانتخابية. ورأى كثير من المصريين في علاقة السيسي بالمملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج العربي، فرصة لحل مشاكل مصر الاقتصادية. لكن حمدين سيحظى بدعم الشباب، بمختلف توجهاتهم الليبرالية واليسارية والقومية. لكن الذي حدث هو أن المناخات التي سبقت العملية الانتخابية، وبشكل خاص خروج القانون الذي ينظم التظاهرات والاحتجاجات، قد أصاب الشباب بخيبة أمل كبيرة، دفعت هؤلاء الشباب إلى الامتناع عن المشاركة في الانتخابات.

وهكذا فإن الشباب، من حيث أرادوا معاقبة مرشح الدولة المصرية، خذلوا منافسهم، صباحي. ومن جهة أخرى، فإن المصريين الذين وقفوا مؤيدين للسيسي، باعتباره البطل القومي الذي خلصهم من حكم الإخوان، رأوا في ترشح صباحى لموقع الرئاسة، نكراناً للجميل، وعدم اعتراف أو تقدير للدور الوطني الذي أداه المشير، في إنقاذ مصر من هيمنة الإخوان. وبعضهم رأى في هذا المرشح، موقفاً يرقى إلى الخيانة، وبلغت حملة التشويه بحق صباحي، حدَّ اتهامه بأنه يعمل لصالح الإخوان، مدللين على ذلك بأن شقيقته متزوجة من أحد أقطاب الجماعة الإخوانية.

هذه قراءة أولية لنتائج الانتخابات، وربما ستكشف الأيام المقبلة عن جوانب أخرى، ولكل حدث حديث.

إقرأ أيضا لـ "يوسف مكي "

العدد 4289 - الأربعاء 04 يونيو 2014م الموافق 06 شعبان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 3:50 ص

      سؤال حيرني...

      أدعو أي زائر الإجابة عليه أيضاً. إن كان محمد مرسي هارباً فعلاً من السجن فكيف وصل إلى الانتخابات الرئاسية وفاز بها أيضاً؟ كيف يصبح أحد الهاربين من العدالة أول رئيس مصري ديمقراطي منتخب؟؟ هل أنا الوحيد الذي يجد غرابة شديدة في الموضوع؟ هل أنا وحدي أجد حيرة في عدم المبالاة بأمر مرسي حتى ذهب إلى طهران وقال ما قاله عن سوريا؟ هل لأن مرسي لم يكن يقف في صف خامنئي أو الأسد؟ أرجوكم أجيبوني!

اقرأ ايضاً