العدد 4318 - الخميس 03 يوليو 2014م الموافق 05 رمضان 1435هـ

البيئة البحرية في الاستراتيجية التنموية لمملكة البحرين

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

البيئة البحرية العنوان الأهم في مسيرة التطور الحضاري للمجتمع البحريني ومقوم معيشي وعنصر مهم للاقتصاد الوطني، ويحظى بقيمة ثقافية واجتماعية وحضارية في المكون النفسي للمجتمع المحلي في البحرين. والحفاظ على البيئة البحرية هي ثقافة مجتمعية بالإضافة إلى كونها سياسة موجهة للالتزام بالمبادئ الدولية لصون التنوع الحيوي في البحار والمحيطات. وقد ترك ذلك أثره الفعلي في الخطط التنموية والاجتماعية والاقتصادية ومبادئ ميثاق العمل الوطني ودستور مملكة البحرين، والاستراتيجية الوطنية للبيئة وفي منظومة خطط مؤسسات المجتمع المدني.

وتشكل الإدارة البيئية ركناً رئيساً في آلية العمل البيئي لصون التنوع الحيوي، وقد جرى منذ سبعينيات القرن الماضي وضع الأسس المنهجية لبناء منظومة مؤسسة للإدارة البيئية، وتمثلت آليات عملها في إدارة الرقابة والتخطيط البيئي، وإدارة الثروة السمكية والمحميات الطبيعية والتوعية البيئية.

ويشكل التشريع البيئي ركيزة مهمة في تنظيم الأنشطة في البيئة البحرية وصون تنوعها الحيوي، وترتكز أنظمة التشريع في البحرين على ثوابت رئيسة، تتمثل في مبادئ ميثاق العمل الوطني الذي حدّد مفاصل مهمة في شأن البيئة والحياة الفطرية، أكد في سياقها على نهج العمل على الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية والمحافظة على الحياة الفطرية والبيئات الطبيعية التي تتميز بها البحرين، ووضع الخطط المناسبة لإدارة المناطق الساحلية وإنشاء منظومة من المحميات الطبيعية.

وترسيخاً لتلك الثوابت يجري التأكيد في مبادئ دستور البحرين على العمل على اتخاذ التدابير اللازمة لصيانة البيئة والحياة الفطرية. ويشكل القانون رقم (2) لسنة 1995 بشأن حماية الحياة الفطرية ركيزة مهمة في تنظيم إجراءات صون التنوع الحيوي في البيئة البحرية. ويتمثل ذلك في التدابير القانونية التي ينظم بموجبها منهجية العمل لصون الثروات البحرية. ويتوافق ذلك النهج القانوني وقواعد القانون رقم (5) لسنة 1981 بشأن تنظيم صيد الأسماك ورزمة القرارات لسنة 1986 بشأن إجراءات تنفيذ القانون سابق الذكر الصادرة عن وزير التجارة والزراعة السابق والمتمثلة في القرار رقم (4) بشأن منع صيد سمك بقر البحر، والقرار رقم (6) بشأن تحديد مقاسات الشباك المستخدم في الصيد، والقرار رقم (8) بشأن منع صيد صغار سمك الصافي، والقرار رقم (9) بشأن تحديد مقاسات الشباك المستخدم في الصيد، والقرار رقم (10) بشأن منع الصيد بشباك الجر في مناطق الهيرات، والقرار رقم (11) بشأن منع استيراد وصنع واستخدام شبك الصيد ذي الثلاثة طبقات من الغزل.

ويشكل التنوع الحيوي أحد الثوابت المهمة في استراتيجية عمل منظمات المجتمع المدني، وهي تساهم بفعالية في تنفيذ المشاريع الدولية والوطنية الخاصة بصون التنوع الحيوي، وتمثل المحيطات والبحار هدفاً لنشاطاتها العلمية والبحثية. وهناك عدد معروف من منظمات المجتمع المدني التي تتمركز نشاطاتها حصراً في القضايا البيئية، والتي منها جمعية الشباب والبيئة وجمعية أصدقاء البيئة وجمعية البحرين للغوص، إلى جانب مجموعة من الجمعيات التي أدخلت ضمن نشاطاتها القضايا البيئية.

جمعية البحرين للبيئة أحد روافد منظمات المجتمع المدني الناشطة في المجال البيئي، وقد تبنت منذ إنشائها نهج إعداد البرامج المرتكزة على المنهج العلمي في دراسة واقع التنوع الحيوي في البيئة البحرية.

وبالارتكاز على أهدافها الاستراتيجية عملت الكوادر العلمية وفريق الغواصين التابع للجمعية على تنفيذ البرامج المختلفة، وعلى الأخص في حالات التلوث البيئي وظواهر موت الأسماك في بعض المواقع البحرية، كما هو عليه الحال في ظاهرة موت الأسماك في خليج توبلي، وذلك للمساهمة في الجهود الهادفة لتبيان عوامل بروز هكذا ظواهر، والتمكن من تحديد المخاطر والعوامل التي يمكن أن تتسبب في تدهور البيئات البحرية والتي يمكن أن تؤدي إلى الإخلال بنظامها الطبيعي.

وفي إطار ذلك التوجه عملت الجمعية على وضع دراسة علمية ترتكز على أهداف موجهة للمساهمة في دعم الجهود الخاصة بصون التنوع الحيوي وتنمية الثروة السمكية في بيئتنا البحرية. ويتمثل ذلك في تبنيها تنفيذ مشروع المحميات الاصطناعية البحرية، وبالتوافق مع ذلك النهج جرى إعداد فيلم توثيقي توعوي جمع آراء قدماء البحارة حول الأهمية الاجتماعية والمعيشية للبحر تحت عنوان «هكذا قال أهل البحر». كما جرى تنظيم برنامج الأسبوع الثقافي البيئي تحت عنوان «للبحر إيقاع»، بمناسبة السنة الدولية لصون التنوع الحيوي (2010) إلى جانب المبادرة بإطلاق مهرجان باربار البيئي الذي ركّز في دورته الأولى والثانية على قضايا البيئة البحرية.

إن ما جرى الإحاطة بشأنه فيما يخص جهود العمل للحفاظ على مكونات نظم البيئة البحرية في البحرين، يحظى بأهميته الاستراتيجية، بيد أن ذلك في حاجة إلى إجراءات داعمة سياسية وقانونية وإدارية وتنفيذية، يمكن أن تساهم في إحداث تغيير نوعي في آليات التخطيط التنموي والرقابة البيئية، وتشديد العقوبات القانونية لتعضيد جهود العمل البيئي بما يساهم في تعزيز جودة المنجز لصون التنوع الحيوي والحد من الأنشطة غير الرشيدة، والارتقاء بمستوى مفاهيم التخطيط الاستراتيجي للتنمية في البيئة البحرية.

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 4318 - الخميس 03 يوليو 2014م الموافق 05 رمضان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً