العدد 4324 - الأربعاء 09 يوليو 2014م الموافق 11 رمضان 1435هـ

في هجاء الربيع العربي مجدداً

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

ما انفكت أعداد متزايدة من النخب السياسية والثقافية، تعرب عن خيبة أملها بالربيع العربي، ويصفونه بأقذع الصفات كالربيع الدموي والشتاء العربي وغير ذلك. ويستشهد هؤلاء بالمحصلة الدموية لتداعيات الربيع، والخراب الذي عم أكثر من بلد عربي، والحروب الدامية في أكثر من بلد عربي شهدت رياح الربيع العربي، واستشراء الطائفية، واستقواء القوى التكفيرية المتطرفة، حيث صحا المواطن العربي، على قيام الدولة الإسلامية في العراق والشام، ثم إعلانها الخلافة في الدولة الإسلامية التي لا تعترف بالكيانات السياسية أو الحدود أو السيادة أو المدنية وتعمّد بالدم دولة الاستبداد الكهنوتي.

كل ذلك أضحى مسوغا لهذه النخب، تسويغ التصالح مع الأنظمة الاستبدادية القائمة، باعتبار أنها أهون الشرين، كما لا يتورع هؤلاء عن وصف دولة الاستبداد بأنها الدولة المدنية فهل هذه حقيقة المشهد؟، وهل كان الربيع العربي غلطة العمر؟ وهل يتوجب على كل من خرج ملبيا نداء الثورة في تونس وطرابلس الغرب والقاهرة وصنعاء ودمشق والمنامة والرباط وغيرها وغيرها أن يندموا على ما قاموا به ويعتذروا لحكامهم بحسب مقولة «حاكم ظالم خير من فتنة قائمة»؟

الحقيقة أن تاريخ جميع الثورات القديمة والحديثة يظهر لنا أن الثورة ليس مأدبة أو حفلة ناعمة، بل سلسلة من الانفجارات البركانية في أغلبها، فكيف الأمر بالنسبة لسلسلة ثورات مترابطة في بلدان عربية مختلفة كثيرا في أوضاعها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتركيبتها السكانية والدينية والمذهبية. ولذا فإنه من غير المتوقع أن يكون مسار الثورة في مختلف البلدان العربية متباينا، ويعتمد مسارها على عدة عوامل محلية وإقليمية ودولية. من هنا فإن مسار ومآل الثورة في تونس مختلف عن مصر، وليبيا مختلف عن اليمن، والبحرين مختلف عن المغرب. من هنا فإن ثورة تونس في طريق النجاح. بينما الثورة في مصر في طريق التحول لنظام قسري، وفي اليمن متأرجحة، وفي ليبيا في حالة فوضى.

ولكن ماذا أنجز الربيع، وماذا أنجزت هذه الموجة الثورية بغض النظر عن مصائر الثورات في البلدان التي شهدت الربيع العربي، وبغض النظر عن انتكاسات البعض وإجهاض البعض الآخر ونجاح القليل منها؟ لقد كسرت ثورات الربيع العربي الطابع الرتيب للحياة العربية، والاستسلام لأنظمة الاستبداد، والتسليم بالقدر، ومغالبة البقاء والعيش وترهل الحياة العربية، وركود المجتمع العربي، والذي تتخلله نزاعات داخلية، مع التسليم بالطبع بإسرائيل وحماية حدودها.

لقد كسر حاجز الخوف، من النظام والمخابرات بشكل خاص. واجهت الجماهير الرصاص بصدور عارية، وانتصر الدم على السيف. حدث هذا في ميدان التحرير بمصر، وساحة القضاء في بنغازي، والقصبة في تونس وساحة التغيير في صنعاء ومساحة الإرادة في الكويت ودوار اللؤلؤة في المنامة وغيرها وغيرها من الساحات والميادين والشوارع، في المدن والقرى. لقد تجرأ المواطن العادي على قدسية الحاكم وقدسية النظام.

وهكذا احتلت الجماهير الميادين وسارت في الشوارع غير عابئة، رغم القمع والرصاص، وأقامت مجتمعات متحابة تسنم الحرية لأول مرة، وتحلم بعالم جميل ومجتمع حر، ودولة عادلة.

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 4324 - الأربعاء 09 يوليو 2014م الموافق 11 رمضان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 4:39 ص

      التكفريين هي الورقة

      إسلاماً مفىك كعنصر مشترك في مختلف البلدان العربية هو الرد الصهييويانكي علي المد الثوري

    • زائر 3 | 3:21 ص

      يكفي انه انتهى زمن الخوف

      أستاذنا الفاضل شكرا على مقالتك التي نورتنا بها والتي تدخل العقل والمنطق بها ، الذي رأيناه والحمد لله ثورة في البلدان العربية بمعنى الكلمة كلا حسب طاقة أبناءها ولكن الذي نراه اليوم هو وضوح الاخطبوط في الوطن العربي وهو اسرائيل وأعوانها من العرب والغرب ،، وهؤلاء التكفريين هي الورقة الاخيرة لدى اسرائيل استخدمتها لتقطيع الامة الاسلامية والعربية والجيش التكفيري هو نتاج غربي عربي لمصالح الانظمة المهيمنة على العالم. ولكن الله عز وجل وقوله الحق (وينزع الملك ممن يشاء) دلالة ع أن الملك ليس له قيمة عندالله

    • زائر 2 | 2:20 ص

      الخاتمة

      الفقرات الاخيرة استنتاجات اجتماعية صحيحة. يعني السيطرة علي الشعوب اصعب. في ظل هذه المعطيات، القادم اسوأ.

    • زائر 1 | 1:22 ص

      شكرا

      توضيح وتبسيط للمسألة كفى ووفى

اقرأ ايضاً