العدد 4331 - الأربعاء 16 يوليو 2014م الموافق 18 رمضان 1435هـ

الوزير والمسئولية الوطنية

جعفر الشايب comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

استوقفني كثيراً بعض ما ورد في كلمة وزير الشئون الإسلامية المنشورة في صحيفة «الجزيرة» بتاريخ 10/7/ 2014 خلال لقائه رئيس وأعضاء لجنة الدعوة في إفريقيا، التي تعرض فيها لفرق إسلامية مخالفة في رأيه لأهل السنة والجماعة.

وعلى الرغم من أهمية ما ورد في حديث الوزير من توجيهات لآداب وأساليب الحوار في الدعوة الإسلامية في إفريقيا، والحث على التحلي بالمعرفة والعلم عند الحوار مع الأفارقة ودعوتهم للدين، إلا أن الحديث لم يخرج عن كونه ذات الخطاب الأحادي الذي يفرض على المجتمعات المستقبلة لمثل هذه اللجان.

بدا لي أمران عند قراءتي للكلمة. الأول أن الوزير يمثل سياسة الدولة ومسئوليته أن ينفذ خططها وتوجهاتها، وهو بالتالي أيضاً ينبغي أن يعبّر عن جميع مكونات الوطن، ولا يمثل شريحة معينة منهم فقط. فالمجتمع السعودي بمختلف مذاهبه كالمالكية والشافعية والحنفية والحنبلية والزيدية والإسماعيلية والإمامية ينبغي أن يكون حاضراً في ذهن المسئول، وأن تحترم خصوصيات أتباع كل مذهب، خصوصاً أن خطابه موجه للدعوة في إفريقيا.

قد يكون مثل هذا الكلام المنقول متوقعاً من خطيب منفلت أو داعية متحمس أو كاتب مؤدلج، لكن أن يصدر من مسئول معني برعاية الشئون الدينية لكل المواطنين فهو أمر مستغرب. وخصوصاً أن توجهات خادم الحرمين الشريفين تؤكد على التواصل والحوار بين المواطنين من أتباع مختلف المذاهب كما هو مشروع مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، وكذلك مبادرة خادم الحرمين الشريفين لرأب صدع الخلافات المذهبية في الأمة الإسلامية.

الأمر الثاني، إن مثل هذه التوجيهات لأعضاء لجنة الدعوة في إفريقيا قد تدفع بعضهم إلى الصدام مع المخالفين لهم في المذهب من أبناء تلك المجتمعات، كما هو حاصلٌ في عديد من الدول الإسلامية وغيرها، خصوصاً أن كثيراً منهم يتبعون مذاهب إسلامية وطرقاً صوفيةً متعددة. فالدعاة عليهم مسئولية إبقاء المجتمعات المستهدفة بالدعوة متماسكة ومتراصة، وليس العمل على تحريك القضايا الخلافية بينها، بحيث يؤدي ذلك إلى إيجاد حالة من التوتر الاجتماعي فيها تصل إلى حد النزاعات كما يحصل في الصومال وغيرها.

في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها مجتمعاتنا بمختلف أشكال التوترات والحروب التي تقوم على أساس مذهبي أو ديني، نحن بحاجةٍ إلى خطابٍ واع وناضج يساهم في تخفيف التوتر وعدم جعل الدين الذي أنزله الله رحمة للعالمين سبباً للشقاق والخلاف بينهم.

كنت أتمنى لو أن الوزير أيضاً دعا في هذا الشهر الفضيل ضمن برنامج «الحوار» الذي يقيمه سنوياً، شخصيات ورموز مختلف المذاهب في وطننا لمناقشة سبل تعزيز الوحدة الوطنية، ودورهم في حماية أمن وسلامة المجتمع الوطن من خلال القنوات الخاصة بهم، ومواجهة تحديات التشدد والتطرف في الخطاب الديني، إضافةً إلى ما يمكن أن تقوم به الوزارة في هذا الصدد.

إننا في أمس الحاجة في هذه المرحلة لتضييق الخناق على كل من يحاول أن يبث الخلاف بين أبناء الوطن ويستغل ذلك تحت مبررات دينية لخلخلة المجتمع وتماسكه، كما أن من مسئوليتنا أيضاً ضبط دور الدعاة في الخارج، ليكونوا خير سفراء لوطنهم. وفي اعتقادي أن وزارة الشئون الإسلامية قادرة على لجم جماح مثل هذه التوترات كما عودتنا في برامجها المختلفة.

إقرأ أيضا لـ "جعفر الشايب"

العدد 4331 - الأربعاء 16 يوليو 2014م الموافق 18 رمضان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 4:28 ص

      السواد العظيم للإسلام

      اهل السنة والجماعة هو النهر العظيم للإسلام

اقرأ ايضاً