العدد 4332 - الخميس 17 يوليو 2014م الموافق 19 رمضان 1435هـ

رمضان والبيئة... تجربة الشارقة نموذجاً

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

البيئة من القضايا المهمة في المناشط الرمضانية وتشكل محوراً رئيساً في الأنشطة المجتمعية والمؤسسية، وتكون في مقدمة أولويات الحوار الاجتماعي في المجالس الرمضانية والندوات الفكرية التي يجري تنظيمها ضمن الأنشطة في شهر رمضان، ويجسد ذلك التوجه الفهم المؤسس في تشخيص البعد الاستراتيجي للقضايا البيئية في واقع الحياة المعيشية وفي منظومة الخطط الاقتصادية والتنموية، وتؤكد موقعها المحوري في الاهتمام المجتمعي.

ويدلل الحوار الرمضاني البيئي أيضاً على مستوى الوعي المتصاعد بضرورة تفعيل جهود العمل الموجه لعملية التحديث المتواتر للاستراتيجيات البيئية التي تواكب المتطلبات العصرية في العلاقة مع النظم البيئية ومنهجيات العمل المؤسس لصون توازنها الطبيعي، والعمل أيضاً في تبني الخطط التنموية الرشيدة وغير الضارة بمكونات النظام البيئي، كما يشير ذلك التوجه إلى الوعي المجتمعي إلى ما يمكن أن تسببه الأنشطة والسلوك غير الرشيد في العلاقة مع النظام البيئي في إحداث المخاطر المخلة بالأمن البيئي لكوكب الأرض.

والمجالس الرمضانية تقليد حضاري وثقافة مجتمعية يحرص الناشطون والمهتمون بالشأن البيئي، على الاستفادة من فاعليتها في التأثير على صناعة القرار البيئي السديد والعمل في إطار أنشطتها على تنظيم حلقات الحوار الرمضانية النوعية في معالجة القضايا البيئية بمشاركة المختصين والمسئولين وصناع القرار أيضاً، إلى جانب نشطاء العمل التطوعي البيئي. ويجري في سياق منهجية الحوارات تبصر الحلول والمخارج المنهجية وتقديم المقترحات ذات الأهمية الاستراتيجية في بناء الخطط التنفيذية في الشأن البيئي، والتي تسهم في صناعة البرامج المؤسسة لتعديل السلوك البيئي وإحداث التحول النوعي في منظومة القانون والإدارة البيئية.

النشاط الرمضاني البيئي جهد مجتمعي ورسالة بيئية مهمة في مقوم تكوينها الاستراتيجي، يمكن أن تسهم في وضع أسس موجهة لصياغة ميثاق للعمل البيئي يرتكز على مقومات رصينة في العلاقة مع البيئة، من الطبيعي أن يشكل مرجعاً لمنهجية العمل البيئي، وإحداث التحول النوعي في القرار البيئي، وفي منظومة الخطط البيئية والتنموية، والارتقاء بآلية العمل الإداري والقانوني في الشأن البيئي.

ويمكن من خلال هذه الأنشطة أيضاً، إيصال المرئيات والمقترحات بشأن الطرق المنهجية في معالجة القضايا البيئية بطريقة ميسرة، إلى متخذي القرار البيئي الذين ندرك حرصهم ومتابعتهم لهكذا أنشطة لتبني القرار البيئي الذي يدعم النهج الايجابي للحد من التجاوزات والأنشطة غير الرشيدة، والحفاظ على معالم النظام البيئي وصون مقومات توازنها الطبيعي.

تجربة النشاط البيئي الرمضاني في الشارقة في الفترة من العام 2000 إلى العام 2011 من التجارب النوعية التي تزخر بها الدول الخليجية، ويحسن التوقف عندها وقراءة أسسها المنهجية في طرح ومعالجة القضايا البيئية وتبصر فوائدها في تحريك سواكن الفهم الاجتماعي البيئي، حيث أكّدت حضورها في الحراك البيئي منذ بدء نشاطها ضمن فعاليات القرية التراثية التي جرى تشييدها على بحيرة خالد العام 2000.

التجربة شهدت تطوراً ملموساً بإنشاء هيئة البيئة والمحميات الطبيعية في الشارقة قرية بيئية متداخلة الأنشطة والفعاليات الاجتماعية والثقافية والبيئية ضمن فعاليات مهرجان رمضان الشارقة، وكان للنهج الإداري المرن والممنهج الذي انتهجه رئيس الهيئة سابقاً (عبد العزيز عبدالله المدفع) أثره الفعلي في التفاعل المسئول لفريق عمل التوعية والتثقيف البيئي في بناء خطة نوعية متعددة المناشط الاجتماعية والبيئية. والقرية البيئية من الأنشطة الرمضانية المهمة التي حظيت باهتمام المجتمع وشمل برنامجها المعرض البيئي المتنوع في معارفه ورسائله البيئية والبرنامج الاجتماعي البيئي.

والبرنامج البيئي للمنتدى الفكري من المحاور المهمة والفعلية ضمن خطة مناشط القرية البيئية حيث جرى تنظيم حلقات حوار ناقشت قضايا المخدرات وأثرها على الأمن الاجتماعي، وترشيد الاستهلاك وحماية المستهلك مسئولية مشتركة، والإعلام وحماية المستهلك، والموارد الطبيعية وحقوق الأجيال، والتطوّع والبيئة، والتوعية والتثقيف الصحي، وتسجيل حلقة نموذجية حول الإعلام وقضايا حماية البيئة.

الندوات الفكرية البيئية التي جرى تنظيمها تشكل هي الأخرى أحد معالم تجربة الشارقة للنشاط البيئي الرمضاني، وتركت تلك المناشط أثرها الإيجابي في منظومة العمل البيئي والاهتمام باعتماد أبجديات الإدارة البيئية ومواصفات الجودة البيئية التي دخلت ضمن عدد من المؤسسات الصناعية والإنتاجية. كما ترك ذلك الجهد أثره في الارتقاء بالنشاط المدرسي والمؤسسي البيئي.

الشراكة محور رئيس في إنجاز حلقات النقاش الفكري حيث شاركت في فعالياتها مؤسسات القطاع الحكومي والخاص والمجتمع المدني، كما شاركت في حوارات المنتدى الفكري مجموعة متميزة من المختصين في المجال البيئي، وأكاديميون وممثلو القطاع التعليمي والتربوي وكتاب ومثقفون وإعلاميون، إلى جانب نشطاء العمل التطوعي البيئي. وكان لذلك التنوع أثره في إثراء مخرجات الحوار البيئي وتبنّي الرؤى والمقترحات المنهجية الموجهة لبناء الخطط وآليات النشاط الإداري والقانوني والبحثي، وبرامج التوعية وبناء القدرات البيئية، وذلك محصل مهم ينبغي الاستفادة منه وتعميم فوائده في المناشط الرمضانية.

إن ذلك المنجز يتجسد في الرسائل الموجّهة لإحداث التحوّل النوعي في المراجعة البيئية ووضع أسس ممنهجة لبناء استراتيجية بيئية ترتكز على ثوابت الأسس الحديثة للمشروع الدولي البيئي.

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 4332 - الخميس 17 يوليو 2014م الموافق 19 رمضان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً