العدد 4336 - الإثنين 21 يوليو 2014م الموافق 23 رمضان 1435هـ

الانتخابات التركية بين القضيتين السورية والفلسطينية!

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

في العاشر من أغسطس/ آب المقبل، ستبدأ أول انتخابات رئاسية تركية يقرّر فيها الشعب التركي من سيكون رئيساً للبلاد. وهذه الانتخابات تعد الأولى من نوعها في تركيا حيث كان نظام الترشيح الرئاسي السابق يخوّل البرلمان التركي ترشيح الرئيس، أما هذه المرة فإن الشعب هو من سيقوم بذلك.

المرشحون للرئاسة ثلاثة أشخاص، هم رئيس الوزراء الحالي رجب طيب أردوغان، وأكمل الدين إحسان أوغلو الذي كان يرأس منظمة المؤتمر الإسلامي، وصلاح الدين دمير طاش وهو كردي يرأس حزب السلام والديمقراطية الكردي. وأعتقد أن المنافسة الحقيقية ستكون بين أردوغان وأوغلو، أما صلاح الدين فلا أعتقد أنه سيكون منافساً قوياً للاثنين.

أوغلو معروف باتجاهه المعتدل، ومعروفٌ أيضاً أنه ترأس منظمة المؤتمر الإسلامي لمدة ثماني سنوات، ولكنه كان فاشلاً في عمله، إذ لم يعرف عنه أنه اتخذ مواقف قوية ضد الصهاينة، ولم يفعل الشيء نفسه مع معظم قضايا المسلمين الذين تعرضوا فيها للظلم والاضطهاد!

واللافت للنظر أن عتاة العلمانيين في تركيا هم الذين رشّحوه للرئاسة -حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومي- ويبدو أن الأحزاب غير الدينية أصبحت تقرّ بأهمية ودور الدين في الشارع التركي، ما جعلها ترشح أوغلو باعتبار عمله السابق في منظمة المؤتمر الإسلامي لعله يحقق لهم ما يطمعون في تحقيقه لو تمكّن من الفوز بالرئاسة بعد أن يئسوا من أردوغان، وبعد أن فشلوا أيضاً في كل الانتخابات السابقة وعلى كل المستويات!

وأيضا فإن إحسان أوغلو حصل على تأييد ودعم بعض دول الخليج التي حاربت أردوغان بسبب مواقفه المؤيدة لحماس والمناهضة لعبدالفتاح السيسي، فهي ترى أن أوغلو قد يحقق لها ما عجزت عن تحقيقه من خلال أردوغان!

الأحداث التي تجري على الساحة العربية كانت حاضرة في الدعاية الانتخابية لكلا المرشحين، وأهمها ما يجري في غزة وفي سورية. فأوغلو أعلن صراحةً أنه سيعيد العلاقات مع «إسرائيل» بصورة جيدة، كما أنه لن ينحاز إلى الغزاويين. أما في المسألة السورية فهو ضد الاستمرار في استقبال اللاجئين السوريين، كما أنه يرى إبعاد اللاجئين الذين دخلوا البلاد بطريقة غير مشروعة! ولكي يرضي من رشّحوه فقد زار قبر أتاتورك وأعلن أن الدين يجب أن يبتعد عن السياسة!

في الجانب الآخر نجد أن أردوغان لايزال مصراً على مواقفه السابقة من الصهاينة؛ فهو يتهمهم بالإجرام فيما يقومون به هذه الأيام من قتلٍ للفلسطينيين، كما وصفهم بأنهم أرهابيون، وقال عن «إسرائيل» إنها «دولة تهدد السلام في العالم والشرق الأوسط». كما اتهم الحكومة المصرية بأنها تعمل ضد حماس، وأنها غير شرعية أصلاً! وفي الوقت نفسه مازال على موقفه مما يجري في سورية.

وانتقد أردوغان تصريحات أوغلو بشدة حول قفل الأبواب أمام اللاجئين السوريين والحياد في موضوع فلسطين فقال: «إن الشعب التركي لا يمكن أن يغمض عينيه عمّا يجري في سورية وغزة ومصر».

ولم يتوقف أردوغان عند هذا الحد ممّا يجري في غزة، فهناك مبادرة كان يعمل عليها مع الحكومة القطرية، ومع أن الحكومة المصرية حاولت الالتفاف على هذه المبادرة حيث أعلنت عن مبادرة هزيلة لم تستشر فيها أحداً من الغزاويين، واكتفت بالتنسيق مع بعض المسئولين الصهاينة، إلا أنه لم يتوقف -ولعله لا يتوقف- فقد تلقى اتصالاً هاتفياً من وزير خارجية قطر خالد العطية بخصوص آخر المستجدات في غزة، وكذلك سبل إنهاء العدوان الصهيوني على الفلسطينيين. ولعل هذه الاتصالات تنجح في لجم الصهاينة وتحقيق العدالة للفلسطينيين.

شيء آخر يعمل عليه أعداء أردوغان وأعداء السوريين في الوقت نفسه، ولعلهم حسبوه دعماً لأوغلو الذي وضعوا عليه آمالهم! فهناك من يعمل حالياً على إيجاد أزمة كبيرة بين اللاجئين السوريين وبين الأتراك وبدعم خارجي كبير! والهدف من إيجاد هذه الأزمة إحداث حالة تصادم عنيف بين الطرفين ليتم بعد ذلك إحراج أردوغان وإظهار أن منافسه أوغلو على حق في مطالبته بالحد من هجرة السوريين!

هذا المخطط تشارك فيه مجموعةٌ من السوريين المندسين بين اللاجئين، ومن هنا وجب على عموم السوريين وعقلائهم ومشايخهم، أخذ الحذر من هذا المخطط والمبادرة إلى توعية اللاجئين بخطورة الانجرار وراء أية دعوة للعنف؛ فالأتراك لهم فضل كبير عليهم، ويجب أن يقابلوا الفضل بأفضل منه، وعلى الطرفين تجاوز الأخطاء، ومعرفة ما يُحاك لهم من دسائس ومؤامرات خبيثة والعمل على تجاوزها، وإلا فإن هناك أزمة كبيرة قد يتعرض لها السوريون في تركيا!

في زمن الذل والعبودية نفرح عندما نجد من يقاوم طغاة الصهاينة، ومن هنا فإننا نسعد بمواقف رجب طيب أردوغان، ونسعد أكثر كلما رأيناه يفعل أكثر وأكثر من أجل فلسطين والمقاومة الفلسطينية.

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 4336 - الإثنين 21 يوليو 2014م الموافق 23 رمضان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 12:47 م

      وماذا فعل غير الكلام لفلسطين؟

      ولماذا ساند العصابات الإجرامية في دخولها وتمويلها في سوريا للفتك بالشعب السوري؟ ولماذا لم يقطع علاقته بال صهاينة؟ اردوغان منافق زنديق همه هو النجاح في الانتخابات القادمة. يجب عليك ان تعرف هذا...

    • زائر 2 | 6:11 ص

      على غير العرب عدم التدخل في شؤوننا

      مثلما نرفض تدخل الفرس في شؤوننا العربية نرفض كذلك تدخل الأتراك فيها

اقرأ ايضاً