العدد 4337 - الثلثاء 22 يوليو 2014م الموافق 24 رمضان 1435هـ

أحداث فرنسا تعكس أصداء النزاع الإسرائيلي الفلسطيني

يبرر الخبراء أعمال العنف التي جرت في فرنسا على هامش تظاهرات ضد الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة ولم تشهدها أية دولة أوروبية أخرى، بوجود مجموعات يهودية وعربية إسلامية قوية في هذا البلد على ارتباط بتاريخه الاستعماري، وكذلك بحظر بعض التجمعات.

واستيقظ سكان ميدنة سارسيل الملقبة أحياناً «القدس الصغيرة» بسبب المجموعة اليهودية الكبيرة المتحدرة من شمال إفريقيا المقيمة فيها، صباح يوم الإثنين الماضي (21 يوليو/ تموز 2014) لتجد الشرطيين منتشرين على جميع مفارقها والقمامة وشظايا الزجاج منثورة على طرقاتها، غداة مواجهات جرت إثر تظاهرة محظورة مؤيدة للفلسطينيين.

وقال رئيس بلدية المدينة الاشتراكي، فرانسوا بوبوني إن «مثل هذه الموجة من الحقد والعنف أمر غير مسبوق في سارسيل. السكان هذا الصباح مذهولون والمجموعة اليهودية خائفة».

وقامت فرنسا في عطلة نهاية الأسبوع الماضي وفي خطوة تفردت بها خلافاً للدول الأوروبية المجاورة لها، بحظر تظاهرتين في سارسيل وباريس بعد وقوع صدامات الأسبوع الماضي في باريس على مقربة من كنيس.

وجرت تظاهرات أخرى في مناطق متفرقة من فرنسا بشكل هادئ من دون أن يتم منعها.

وإن كان الهجوم الذي تشنه إسرائيل على قطاع غزة منذ 8 يوليو الجاري في النزاع الأكثر دموية منذ خمس سنوات، يلقى أصداء خاصة في فرنسا، فذلك لأن هذا البلد يضم أكبر مجموعتين يهودية (500 ألف نسمة) وإسلامية (ما بين 3,5 و5 ملايين) في أوروبا.

وليست هذه أول مرة يثير النزاع الإسرائيلي الفلسطيني أعمال عنف في فرنسا التي سبق أن شهدت موجة من الأعمال المعادية للسامية خلال الانتفاضة الثانية العام 2000.

وقال الباحث باسكال بونيفاس صاحب كتاب «فرنسا مريضة جراء النزاع الإسرائيلي الفلسطيني» إن «النزاع يثير المشاعر والتناقضات والجروح أكثر بكثير منه في أي مكان آخر».

وأوضح الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية مارك هيكر أن مسلمي فرنسا المتحدرين بمعظمهم من المغرب العربي، أكثر تعاطفاً مع القضية الفلسطينية من المجموعات الإسلامية في دول أوروبية أخرى حيث يتحدر المسلمون من خارج العالم العربي على غرار مسلمي بريطانيا المتحدرين بمعظمهم من جنوب آسيا.

وقال العالم الاجتماعي، ميشال فيفيوركا إن «بعض الفرنسيين المتحدرين من تاريخ الاستعمار وما بعد الاستعمار سيتماثلون (مع الفلسطينيين) من دون أن يكون ذلك يتطابق مع تاريخهم».

وتابع «سيجعلون من ما يجري هناك رمزاً لمآسيهم ونقمتهم وانتقاداتهم، وبالتالي سوف يطابقون عناصر من الوضع في الشرق الأوسط مع حياتهم الخاصة في فرنسا».

وأشار إلى أن «البعض يعتبر أن هناك صدام حضارات، إن الغرب في حرب ضد الإسلام، وأن إسرائيل هي المركز المتقدم للغرب في أرض الإسلام».

وقال باسكال بونيفاس إن ماضي فرنسا ما زال يغذي النقمة موضحاً «يتم إحياء ذكرى حملة الاعتقالات في مدرج سباق الدراجات الشتوي (أكبر حملة اعتقالات لليهود في فرنسا خلال الحرب العالمية الثانية) لكن عدم إعادة النظر بالقدر ذاته في التاريخ الاستعماري يعطي الشبان (المتحدرين من المهاجرين) الانطباع بأنهم ليسوا مقبولين بالقدر ذاته».

ويرى بونيفاس أن حظر التظاهرات في نهاية الأسبوع دفع قسماً من المتظاهرين إلى الراديكالية.

وقال إن «الذين يؤيدون الفلسطينيين لديهم انطباع بأنهم ضحايا ظلم مزدوج: يعتبرون أن الحكومة الفرنسية لا تنأى بنفسها بشكل كاف عن إسرائيل وأن حظر التظاهر هو إنكار لحقهم في التعبير».

كذلك رأى إريك فاسان الباحث في معهد الأبحاث حول الرهانات الاجتماعية أن «الاستثناء الفرنسي ليس التظاهرات دعماً للضحايا في غزة، بل حظر التظاهر».

وبررت الحكومة اليسارية حظر التظاهرتين في باريس وسارسيل بالخوف من وقوع «اضطرابات في النظام العام» بعدما تحولت تظاهرة سابقة في العاصمة إلى أعمال عنف معادية للسامية.

كذلك برر رئيس الوزراء مانويل فالس من جديد منع التظاهرتين قائلاً «إنه العنف، مع شعارات وأعمال معادية للسامية بشكل لا يقبل الشك، الذي برر الحظر، وليس الحظر هو الذي أثار العنف».

وقال في مقابلة نشرتها صحيفة «لوباريزيان» الإثنين الماضي «هناك أقلية من القوى الراديكالية تغتنم الوضع» مضيفاً أن ثمة «شبكات ومجموعات متطرفة تنتهز الفرصة لإثارة معاداة السامية والحقد».

وتابع أن هذه المجموعات التي لم يوضح طبيعتها «تستغل هذه التظاهرات لتغذي الفوضى» مؤكداً أن «الغالبية الكبرى من المتظاهرين تسير لأسباب مشروعة وهي التعبير عن الاستنكار حيال فظاعات الحرب».

العدد 4337 - الثلثاء 22 يوليو 2014م الموافق 24 رمضان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً