العدد 4339 - الخميس 24 يوليو 2014م الموافق 26 رمضان 1435هـ

الحوار الرمضاني والبيئة

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

تنشط في رمضان الحوارات في الشأن الثقافي والاجتماعي والبيئي أيضاً، وكان لهذه الموضوعات حضورها في الفعاليات المجتمعية في ليالي رمضان لهذا العام، وذلك تقليد درج الاهتمام به. وتتبنى المجالس الرمضانية تنظيم حلقات الحوار في الشأن البيئي ويدعى للمشاركة في أعمالها المختصون والمعنيون والمهتمون والناشطون في المجال البيئي، وفي الغالب ينظم هكذا حوارات إلى جانب الجمعيات البيئية، المؤسسات المختصة والمعنية بحماية البيئية، ويتوج ذلك الجهد بحرص هذه الجهات والجماعات في تعميم الرسالة البيئية وتعضيد مقومات استراتيجية العمل الوطني البيئي.

المعالجات التي يتبناها البعض في كتاباتهم الموسمية للقضايا البيئية والتي يجري تدبيسها بهذا الشكل أو ذاك بمنظومة القيم والثقافة الرمضانية، وكذلك البعض من الفعاليات الرمضانية في الشأن البيئي تحجز لها مساحة في المناشط الرمضانية ويكون لها حضورها الاجتماعي والاعلامي، غير أنه لا يتعدى وجودها في غالب نشاطها الدعاية والاعلام. ويجري تنظيم هكذا نشاطات ليس بهدف معالجة وتبصر حقائق المعضلات المحيطة بواقع القضايا البيئية والتبحر في استنباط الحلول والمخرجات التي يمكن أن تسهم في الارتقاء بمنظومة العمل البيئي، بل بقصد البهرجة وحجز مساحة وهمية لإظهار الذات والشخصنة وتأكيد الوجود لا غير في خارطة النشاط البيئي. بيد أن ذلك لا يلغي فوائد هكذا نشاط حتى وإن تميّز بطابع القصد غير النزيه، حيث يسهم في تفعيل مقاصد الجهد الاجتماعي البيئي، كما يؤكد ويدلل أيضاً على الأهمية الاستراتيجية للقضايا البيئية في منظومة العمل الوطني.

القصد المسئول في معالجة القضايا البيئية في المجالس الرمضانية الذي يجسد البعد الاستراتيجي للهدف الاجتماعي في دعم الجهد البيئي الملتزم بثوابت الحرص المسئول في العمل الموجه والمؤسس لحماية معالم النظم البيئية وصون الحقوق البيئية للأجيال القادمة هي الظاهرة الأكثر حضوراً في نشاطات المجالس الرمضانية. ويحرص العديد من القائمين والمسئولين على إدارة برامجها، على اغتنام فرصة وجود المختصين أو الناشطين في الشأن البيئي في المجلس الرمضاني الطلب منهم بالتحدث وتسليط الضوء على القضايا البيئية لتبصير مرتادي المجلس بما يحيط بالبيئة من معضلات، وتبيان ضرورة وجود الموقف الاجتماعي الايجابي للمساهمة في دعم جهود العمل البيئي. وكانت لنا تجربة في هذا السياق حيث تحدثنا في مجلس أحد أعيان دبي في العام 2011 وكان لذلك الحديث الأثر الإيجابي في إثارة الحوار المسئول في الشأن البيئي.

النشاط البيئي الموجه في الحوار الرمضاني المؤسس في بعده ومقاصده والمرتكز على أهداف واضحة الاتجاهات المنهجية، يسهم بشكل ايجابي في تعميم الرسالة البيئية ونشر المعارف والثقافة البيئية وتنمية الوعي الاجتماعي البيئي، ويسلط الضوء على المشكلات البيئية التي هي في حاجة إلى تدخل متخذي القرار لاتخاذ ما يلزم من إجراء لحل المشكلات البيئية والخدمية القائمة، وذلك ما يحرص على الأخذ به عدد من الناشطين في حقل العمل الاجتماعي والبيئي بوضع خطط العمل الموجهة لغرض تبيان ضرورات معالجة مشكلة بيئية ما تتميز بخصوصيتها المعيشية والحياتية للمجتمع المحلي. وذلك التوجه من الطبيعي أن يحظى بمباركة ودعم الجهات المسئولة والسلطات البيئية المختصة لتيسير مهمة البحث عن المشاكل البيئية والتمكن من حلها، وقد أخذت تلك الظاهرة تؤكد حضورها في ثقافة الحوار الرمضاني البيئي.

ملتقى الحوار الرمضاني الذي جرى تنظيمه في نادي باربار الثقافي والرياضي بمملكة البحرين تحت شعار «ابتكار. شراكة. إنجاز»، من المناشط الرمضانية الموجهة لاستهداف معالجة مشكلة بيئية في حاجة إلى اهتمام متخذي القرار، وحدّدت أهدافه في تبادل الرؤى والأفكار لبناء خطط مستقبلية للتنمية لصون المعالم البيئية والإرتقاء بالمتطلبات الخدمية في باربار، وتعزيز التعاون وتبادل الأفكار والمرئيات للارتقاء بالشراكة المجتمعية، وبحث القضايا الاجتماعية والثقافية والبيئية، وتبين المخرجات المفيدة في إنجاز المتطلبات الخدمية، وتنمية الوعي المجتمعي بأهمية صون المعالم البيئية والخدمية والحضارية، وتحفيز المبادرات المجتمعية في إنجاز أهداف مشاريع العمل الإجتماعي والثقافي والبيئي.

برنامج الملتقى ركز على قضايا البيئة الساحلية في باربار وتناول «دور المجتمع في الحفاظ على البيئية»، للباحث الاجتماعي يوسف أحمد مكي، إلى جانب عرض ورقة عمل حول «القيمة الحضارية والاجتماعية لساحل باربار ومتطلبات الارتقاء بوظائفه البيئية والخدمية»، قمنا بتقديمها وحدّدنا في سياقها توصيفاً دقيقاً للأهمية المعيشية والحياتية والاقتصادية والبيئية والحضارية، وتبيان حقائق التدهور البيئي والاتجاهات المنهجية لإعادة تأهيل هذا المعلم البيئي وضرورة تعديل السلوك الاجتماعي البيئي في العلاقة مع مكونات البيئة الساحلية للتمكن من الحفاظ على نظامه البيئي ومظهره الجمالي والحضاري.

الملتقى تبنى مخرجات مهمة تمثلت في العمل على تشكيل لجنة أهلية تضم جميع الأطياف في المجتمع المحلي، وصياغة وثيقة التوصيات والمخرجات التي جرى تبنيها لرفعها إلى متخذي القرار والسلطات المختصة والمعنية بالشأن البيئي والخدمي، وذلك منجز إيجابي يؤسس لبناء خارطة الطريق للعمل الاجتماعي البيئي والخدمي في باربار. ويمكن أن تسهم في بناء خطة منهجية وآلية مجتمعية لإدارة عملية إعادة وتأهيل بيئة الشريط الساحلي والارتقاء بمتطلباته الخدمية وتطويره ليكون واجهة سياحية وحضارية لمملكة البحرين.

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 4339 - الخميس 24 يوليو 2014م الموافق 26 رمضان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً