العدد 4349 - الأحد 03 أغسطس 2014م الموافق 07 شوال 1435هـ

لغة الوزير غير السياسية أبعدته عن السياسة

هاني الفردان hani.alfardan [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في الخامس عشر من يناير الماضي، وفي تطور لافت ومفاجئ، التقى ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة بوفدٍ من المعارضة برئاسة الأمين العام لجمعية الوفاق الشيخ علي سلمان؛ ووفد من ائتلاف جمعيات الفاتح برئاسة الشيخ عبداللطيف المحمود؛ ووفد من مجلسي النواب والشورى برئاسة خليفة الظهراني وعلي الصالح، وذلك بهدف إعادة تحريك حوار التوافق الوطني بـ «نمط جديد»، كما أشيع وقتها.

ويعد ذلك الاجتماع هو الأول من نوعه منذ مارس/ آذار 2011، عندما قاد ولي العهد جلسات حوار مع جمعية الوفاق (والمعارضة)، ومع تجمع الوحدة، والذي نتج عنه آنذاك مبادرة ولي العهد ذات النقاط السبع. غير أن اللقاءات والمبادرة تم إلغاؤها بعد إعلان حالة السلامة الوطنية ما بين 15 مارس 2011 و1 يونيو/ حزيران 2011.

حضر ذلك اللقاء الذي مهد بعد ذلك لما عرف بمبادرة ولي العهد لحوار «2014» كل من ولي العهد ووفد جمعية الوفاق ترأسه الشيخ علي سلمان وحضره خليل المرزوق وعبدالجليل خليل وسيدجميل كاظم كممثلين للمعارضة، كما حضر هذه اللقاءات رئيسا مجلسي النواب والشورى، ووزير الديوان الملكي الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، ووزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة والوزير السابق مجيد العلوي.

كانت اللافت في تلك اللقاءات، غياب شخصية الوزير الذي كان يقود «حوار التوافق الوطني» في نسخته الثانية، والذي انتهى بتجميد المعارضة أولاً مشاركتها فيه، ومن ثم جمعيات الفاتح، لتعلق الحكومة بعد ذلك تلك النسخة من الحوار وتسدل الستار عليها، بعد الفشل الذي منيت به، بفضل طريقة قيادتها وأسلوب المحاورين فيها.

في 21 يناير/ كانون الثاني 2013، سلم وزير العدل رسمياً زمام أمور قيادة دفة الحوار، ووجّه رسمياً دعوته للأطراف السياسية للمشاركة فيه، وفي 15 يناير 2014 استُبعِدَ وزير العدل وبشكل «شبه رسمي» من طاولة الحوار التي أعلنها ولي العهد وسُلّم زمامها إلى الديوان الملكي.

منذ الخامس عشر من يناير 2014، تحوّل وزير العدل الشيخ خالد بن علي آل خليفة، من قائد لطاولة الحوار، ومفاوض ومتحدث دائم عنه، إلى مستَبْعَدٍ منها، فرض عليه الصمت، وعدم الحديث عن ذلك الشأن، إذ لم يكن مدعواً لطاولة الحوار الأخيرة التي قادها في مرحلتها الأولى ولي العهد وسلم زمامها للديوان الملكي.

مؤخراً، عاد وزير العدل لحوار المعارضة، لكن ليس عبر طاولة الحوار الرسمية التي استُبْعِدَ منها، بل عبر ساحة موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» المتنفس الوحيد لمعالي الوزير، للتعبير عن رأيه بلغة بعيدة كل البعد عن «الحنكة السياسية»، فتحدّث عن «تكفيخه» المعارضة سياسياً، ووصفه لخصومه سياسياً بـ «المنكوبين»، وغيرها.

لماذا استُبْعِدَ الوزير عن طاولة الحوار؟ كان لافتاً وواضحاً أن الوزير الذي كان يدير طاولة الحوار في 2013، لم يُجد فهم «اللعبة»، وكيف أن الحلول في مثل هذه الأمور عادةً ما تأتي من «تحت الطاولة» وليس من فوقها وبلغة سياسية مهذبة، ومتطورة تحترم الآخرين حتى وان كان خصماً عنيداً.

تجربة الوزير ليست جديدة، ففي مايو/ أيار 2013 تحدثنا عن أن الحل للأزمة البحرينية لن يكون عبر طاولة الحوار التي يقودها وزير العدل في ذلك الوقت، بل سيكون «من تحت الطاولة»، فانزعج الوزير وردّ سريعاً وبشكل «هستيري» ومنذ الصباح الباكر، وعبر «تويتر» أيضاً، وكان انزعاجه من مصطلح سياسي معروف ومتداول عالمياً، ويمارسه كل من يفقه في علم السياسة، ليقول «من يتحدّث عن حلّ من تحت الطاولة ما لم إلا ما هو موجود تحت تلك الطاولة (الأحذية والنعل)»!

هذه اللغة، لا تنتج حلولاً، ولن تنهي أزمات بلدان، بل تزيد من تعقيداتها، ولذلك كان من أبرز تلك التعقيدات وصف الوزير لطاولة الحوار التي قادها بـ»المهزلة» (مؤتمر صحافي للوزير في 9 مايو 2013).

على ذات الطاولة، حدثت ملاسنة بين وزير العدل والأمين العام لجمعية المنبر التقدمي عبدالنبي سلمان في 17 مارس/ آذار 2013، رفعت على إثرها جلسة الحوار، وقد أكّد سلمان قول الوزير له على طاولة الحوار «استح على ويهك»، ليردّ عليه سلمان: «إنت استح على ويهك»، (كما نقلته «الوسط»).

ربما الأسباب كثيرة، التي جعلت من وزير العدل بعيداً عن الحراك السياسي الحالي، وفي الكثير من الأحيان عدم معرفته بتفاصيل ما يُدار من «تحت الطاولة» أو عروض السلطة التي تتحدث عنها المعارضة، ولكن من أبرز الأسباب التي نراها حقيقية وواقعية، هي غياب الحنكة واللغة السياسية «المهذبة» التي تبقي على «شعرة» التواصل رغم شدة الخلافات قائمة.

فلغة السياسة، وانتقاء الألفاظ، والكلمات بحد ذاتها علم، لا يبلغه إلا قلة، ولا يجيده إلا محنكون يعرفون جيداً ما يقولون، وكيف يتصرفون، وإلى ماذا يرمون من ذلك ويهدفون، كما أن قلةً من يعون أن للكلمة وزناً وثقلاً، خصوصاً عندما تكون خارجة من فم مسئول كبير في الدولة.

لهذه الأسباب وغيرها، أصبح الوزير بعيداً عن «طاولة الحوار» حتى وإن كانت حالياً فقط لقاءات ثنائية أو غيرها، وكذلك بعيداً عن تداعياتها السياسية وأية صفقات أو عروض تحت الطاولة.

إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"

العدد 4349 - الأحد 03 أغسطس 2014م الموافق 07 شوال 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 35 | 7:00 ص

      الوزير بنفس طاافي

      خرج كثيرا عن المسار المحدد له وأصبح في الفتره الاخيره متشنجاوطائفيا

    • زائر 34 | 6:49 ص

      السلام عليكم

      المشكلة في الوزراء ان سلاحهم الوحيد الهروب من المناظرة و المناقشه و الحوار المنتج ...انت كل ما شردت عن المعارضة كل ما كسبت الوقت حققت ما تريده حتى لو كان على حساب الوطن و المواطن ....الوزير يعرف ان هناك الكثير من الملاحظات و الأخطاء التي اقرتها منظمات الدولية عليه بالتحديد لذلك افضل وسليه و حيله هو تخريب اللعب لاني انا مغلوب مغلوب... فأسلوب العبارات و الكلمات الغير لائقه من خلال تويتر يكشف ما يختزنه باطن العقل و فرصه الى فضفضه اقوى من الاسلوب الدبلوماسي و العملي

    • زائر 30 | 3:39 ص

      بوعبدالله

      خلو الناس تعيش و تجتهد و تسعى و تنجح و تفشل و تصبر هذة سنه الحياه

    • زائر 29 | 3:30 ص

      وزير التويتر

      مثل هؤلاء لا يستحقون اعطاءهم أي وزارة او منصب قيادي في أي منظومة وكيف وهو بمنصب وزير للعدل!! قمة التناقضات لا تجدها إلا عندنا... وعلى قولة خف علينا "بس عندنا"

    • زائر 28 | 3:22 ص

      افتقاد منطق الحكمة في البحرين منذ عقود

      شعب البحرين لم يجد منطق الحكمة من ناحية السلطة في التعامل معه ولم يجد سوى العصى الغليظة في حين انهم شعب اوعى من حكومته بكثير

    • زائر 26 | 2:37 ص

      ليس هذا الوزير فقط بل آخرون ايضا مثله

      كم من التصريحات كانت محط سخرية من المجتمع البحريني من هذا الوزير وغيره من الوزراء مما عدّ في عرف السياسة (تخبطا )

    • زائر 25 | 2:23 ص

      الفرق بين دبلوماسية السياسة والردح !!!!!!!

      ولكن من أبرز الأسباب التي نراها حقيقية وواقعية، هي غياب الحنكة واللغة السياسية «المهذبة» التي تبقي على «شعرة» التواصل رغم شدة الخلافات قائمة.

    • زائر 24 | 2:14 ص

      ويش سويت يالفردان

      بااااااااااااااااااااااااااااااااال عفسسسسسسسسسسسسسسس الدنيا ولد الفردااان ،، اليوم معالي الوزير بيشرب الكوفي وبحط فيه خمس قفشات شكر

    • زائر 23 | 2:07 ص

      احسنت مقال جميل

      احسنت مقال جميل
      ويش مخرب البلد غير هل الوزراء اللي رازينهم
      وهم خرطي وبعدينا كل البعد عن الدين والقيم والعداله

    • زائر 22 | 1:55 ص

      استغرب من هالوزراء ما عندكم شغل .. معقولة وزارة ومصالح بلد وزيرها بدل ما يعمل يقعد في التويتر بشكل حتى المواطن العادي ما يقدر يكتب بهذا الحجم ...

    • زائر 20 | 1:51 ص

      ياخي التصرفات اللي سووها في الشعب ليست قليله في ايام السلامه (....) حيث هنكت الاعراض وهدمت المساجد وقتلت الناس في الشوارع والسجون دون محاكمات حيث لم يحصل في بلدان الربيع العربي كما حصل عندنا شي جنوني وهذا الوزير العملاق كان يخرج ويصرح تصريحات ما انزل الله بها من سلطان وهو وزير عدل وقانون وقبل ان يتحرى ما ينطق به ....الله يعين البحرين

    • زائر 18 | 1:36 ص

      صدقت والله يابن الفردان

      هذه اللغة، لا تنتج حلولاً، ولن تنهي أزمات بلدان، بل تزيد من تعقيداتها، ولذلك كان من أبرز تلك التعقيدات وصف الوزير لطاولة الحوار التي قادها بـ»المهزلة» (مؤتمر صحافي للوزير في 9 مايو 2013).

    • زائر 17 | 1:27 ص

      لست معك استاذ هاني فالوزير احد جنود الحكومة متى ما رأت المصلحة فيه ستدفعه

      متى ما اقتضت مصلحتهم ابرازه للواجهة سيبرز ومتى ما اقتضت المصلحة ابعاده قليلا لأسباب سيبتعد ولن يتوانى او يتأخر فيما يطلب منه كما ان النظام ايضا ليس مستعدا للتفريط فيمن يخدمه بهذه الصورة.

    • زائر 14 | 12:56 ص

      نكرر ما قاله وزير العمل السابق: للأسف وصل للمراكز أناس لا يستحقون أن يكونوا بوّابين له..

      لغة السياسة، وانتقاء الألفاظ، والكلمات بحد ذاتها علم، لا يبلغه إلا قلة، ولا يجيده إلا محنكون يعرفون جيداً ما يقولون، وكيف يتصرفون، وإلى ماذا يرمون من ذلك ويهدفون، كما أن قلةً من يعون أن للكلمة وزناً وثقلاً، خصوصاً عندما تكون خارجة من فم مسئول كبير في الدولة ...

    • زائر 13 | 12:50 ص

      العهرق دساس

      فهلوه و دهن التويتر بويه

    • زائر 12 | 12:26 ص

      هلاشكال ما يعرفون يركبون كلمتين على بعض وخابينا خبه

      انت شفت واحد منهم ليه خطاب ارتجالي يزيد عن عشر دقائق

    • زائر 10 | 11:37 م

      لغة الحوار أبعدته عن السياسه

      اسمحي سعادة الوزير خبرتك قليله في التعامل مع المعارضة يفضل ان تأخذ قسط من الراحه اقصد كورس في السياسه ويفضل ان تأخذه في سرانكا خبرتك كوزير لا تصلح دع عنك السياسه خذ لك فره في الفورملا لتصبح سائق سريع لسياسه الا تعلم بأنك شماعه بدون ضوء الله اعينك

    • زائر 8 | 11:37 م

      هذا الوزير

      هذا الوزير ،يتبع استراتيجية فرعونية ' لا اريكم الا ما ارى ' و اسلوبه استعلائي يعبر عن نقص في الكريزما ، بعكس وزير الخارجية الأكثر حنكة و دهاء ، برغم ان الأثنين يلتقون في الهدف إلا ان هناك بونا شاسع بين الأثنين.

    • زائر 7 | 11:27 م

      الحنكة السياسية مطلوبة

      أمس يوم علقنا وقلنا هذا الكلام لم تنشر الوسط التعليق ربما لأنه جاء على لسان قارئ عادي والآن الأستاذ هاني الفردان يقول نفس ما قلناه بالأمس ، عموما الوزير يبدوا فعلا بعيدا عن موقع صنع القرار السياسي ، خاصة بعد لهجته العصبية والهستيريا التي بدا عليها من خلال تصريحاته حتى خيل للبعض أن ذلك مرده الخوف من عدم وجوده في التشكيلة الوزارية الجديدة لو وافقت عليها المعارضة وطبقت ، عرف عن سعادة الوزير نسيان تصريحاته لذلك تجد أقوله اليوم تناقض أقوال الأمس ، ليس كل خريج كلية الحقوق يستطيع إدارة دفة حوار سياسي.

    • زائر 6 | 10:37 م

      اصبت في مقتل

      لقد وصفت المشهد الطفولي ( كتابات خلف الكيبورد ) في توتر بتوصيف دقيق في تشخيصك واعتقد منعك ومنعتك أمور كثيرة في عدم الخوض في بقية المشهد الا أن لغة الوزير تدل على عدم اكتمال تجربته السياسية فهو حديث العهد بالسياسة

    • زائر 4 | 9:56 م

      ما قصرت

      أعتقد أستاذي الفاضل بأن مقالك سيشعل ساحة التويتر لمن ( متنفسه الوحيد هو التويتر ) وربما يزيد من تصديق النعوت التي تفضلت بها على نفسه أو يصمت ففي الصمت حكمة ، ولكن سؤالي عن المقطع الأخير من مقالك الجميل فهل لديك أسباب أخرى عن استبعاد سعادة الوزير عن الواجهة السياسية فوق ما تفضلت به؟

    • زائر 3 | 9:55 م

      الأخ هاني

      أنزلو الناس منازلهم لماذ أ لم تؤخه الكلام لعبد النبي سلمان هل كلامه عن الدرابه إلي تتكلم فيها

    • زائر 1 | 9:40 م

      السلطة و استخدام الةزراء

      ابعدوه عن الحوار اسياسي ليدخلوه في حوار اخر مع جمعيات المعارضة حين لا توافق على طلبات السلطة و هو رفع المحاكمات ضد الجمعيات

اقرأ ايضاً