العدد 4358 - الثلثاء 12 أغسطس 2014م الموافق 16 شوال 1435هـ

«دولة القانون»... مصطلح للتشويش السياسي

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

الاضطراب الذي تشهده قائمة «ائتلاف دولة القانون» في العراق ليس سوى أنموذج للواقع المشوش في منطقتنا بصورة عامة. ومن مظاهر التشويش السياسي ترديد مصطلحات جميلة لوصف واقع أقل جمالاً. وبعيداً عن تفاصيل ما يجري حالياً هنا أو هناك، فنحن نسمع كثيراً ترديد مصطلحات رنانة في بلداننا العربية، مثل «دولة القانون»، أو «دولة القانون والمؤسسات»، ولكن واقع الحال قد يكون مختلفاً جداً عن الفحوى الجوهرية لهذه المصطلحات.

هذه المصطلحات نشأت في الفكر الغربي أساساً، وتطورت حالياً وأصبحت عناوين تدلل على مدى الارتباط بالعصر الحديث... «الدولة» بحسب الفهم الحديث لها طابع قانوني منفصل عن الحالة الشخصية لمن بيده السلطة، بمعنى أن هناك فرقاً بين الشخص أو الفئة الماسكة بزمام السلطة، وبين الدولة. وكان المفكر السياسي توماس هوبز (في القرن السابع عشر الميلادي) قد بلور فكرته عن أهمية «سيادة الدولة المطلقة» على من يعيش في كنفها، وشبهها بالوحش البحري الأسطوري Leviathan الذي تفرضه الضرورة الحياتية، وأن الخضوع للقوانين الصادرة عن هذا الكيان تعطي أمناً للإنسان وتحميه من العودة إلى حالة الهمجية.

غير أن هذه الفكرة تطورت في الغرب عبر فلاسفة آخرين، مثل «جون لوك»، الذين عارضوا مفهوم الخضوع المطلق للدولة، واشترطوه بحماية حقوق الإنسان الطبيعية غير الخاضعة للمساومة والنقاش، كما اعتبر فلاسفة الغرب أن للناس حق مقاومة السلطة الغاشمة التي تعتدي على الحقوق. هذا الفكر السياسي الحديث انعكس في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة في العام 1948، والذي يشير في ديباجته إلى أن «الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم»، وأن «تناسي حقوق الإنسان وازدراءها قد أفضيا إلى أعمال همجية آذت الضمير الإنساني»... وأنه «من الضروري أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان لكيلا يضطر المرء آخر الأمر إلى التمرد على الاستبداد والظلم».

أمّا في تاريخنا الموروث، فقد ارتبطت مؤسسة الحكم بالشخص الذي تحميه جماعته أو قبيلته أو طائفته، والدولة - بحسب هذا الفهم - أصبحت تعني سلطة مطلقة اليد. أمّا القانون فيصدر - متى ما صدر - ليعبر عن إرادة مَن بيده السلطة (وليس كتعبير عن إرادة المجتمع)، وأن بإمكان مثل هذا القانون أن يسحق - متى ما شاء - حقوق الناس الطبيعية والمدنية، وأن ما على هؤلاء الناس إلا التسليم بالأمر الواقع والخضوع والانصياع... وعليه، فإنه شتان ما بين الفهمين المتناقضين للمصطلحات المتداولة حالياً بصورة منهكة.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 4358 - الثلثاء 12 أغسطس 2014م الموافق 16 شوال 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 27 | 3:42 م

      القانون

      دولة القانون في العراق برئاسة نوري المالكي الدي ضيع نصف العراق ولازال متشبث بالسلطة رغم اعتراض المرجعية الشيعية في العراق علية ويقول انة سيقود حرب بلاهوادة من اجل استرداد حقة في رئاسة الوزراء ماادري ويش بعد بسوي هدا الدي يسمي وزير دفاع جيش ابودشداشة شوف السلطة والكراسي والتثبث بها مااقول الااللة يساعد العراقيين علي هاالبلوي

    • زائر 26 | 11:55 ص

      محرقي بحريني

      لنكن صريحين يادكتور كل الدول العربية ودول العالم الثالث حتى من تدعي أنها دولة ديمقراطية القضاء فيها مسيس وهذه حقيقة
      \nبس عنوان موضوعك يذكرني بالعراق رغم أن هناك قائمة أسمها دولة القانون ولكن العراق مثلها مثل بقية الدول القضاء مسيس وحزبي ولا علاقة بهذه القائمة بدولة القانون رغم أنها تتخذ الاسم دول القانون نجدها فقط في الدول الديقراطية الحقيقية مثل أمريكا وفرنسا التي يستطيع فيها القضاء جلب الرؤساء لقفص الاتهام لاتوجد دولة للقانون فهي مثل فطيرة في السماء لانستطيع أن نطالها فقط نشاهدها ونسمع عنها .

    • زائر 25 | 10:42 ص

      واقع الحال

      القوى الظالمة تدعمهم والمحيط بنا كله محيط طائفي ويمارس الطائفية ضد شعبه والشيطان الرجيم أيضا قد إستحوذ على عقولهم وقلوبهم فماذا تريدهم أن يفعلوا بنا ؟؟!

    • زائر 23 | 6:31 ص

      شكراً د منصور الجمري وجزاك الله ألف خير

      ارجو من المتوترين ، عدم الهجوم على الدكتور منصور ، فقلبه وعقله وضميره وصحته ونفسه ونفسيته على البحرين ، اخوي زائر 1 صج قولك ، القانون فت على المعارضة ، حسبي الله ونعم الوكيل ، لك يوم يا ظالم ، يا منتقم

    • زائر 22 | 5:42 ص

      لأول مرة يا دكتور اقرأ مقال لأحد مناوئيك ( يناقش الفكرة )

      نعم في احدى الصحف قرأت مقالا لكاتب ولأول مرة بعد مرور الثلاث سنوات او الأربع ان كاتبا يناقش الفكرة ويتعمق فيها ويرد على ما تكتب بالنقاش ، والا العادة كانت ولا زالت عند الأغلب الأعم بل الكل بأستثناء من بقي في نفسه ذرة احترام للطرف الآخر يكون ردهم سبا وقذفا وشتما وتقريعا وتحريضا ، هذا ما تعودناه منهم لهذا هجرنا صحفهم لكني اليوم ومن خلال مروري رأيت ما ذكرت ، ونحن سعداء كقراء بذلك ان تناقش الفكرة ويرد عليها بعلم وليس شتم وتحريض وفي المقابل لو لم يكن لكتاب الوسط ذاك التأثير لما اهتم احد بما يكتبون .

    • زائر 20 | 3:57 ص

      كلام سليم تماماً

      هل توجد ديموقراطية تسمح بثلاث ولايات متتالية على رئاسة السلطة التنفيذية ؟
      طبعاً لا بل هي الدكتاتورية بعينها
      و افضل رئيس للسلطة التنفيذية مر على العراق هو الدكتور إبراهيم الجعفري الذي ابتعد عن السلطة بكل هدوء و طيب خاطر

    • زائر 19 | 3:10 ص

      القانون شعار براق فقط

      اعتدى رجال الأمن على سيارتي من غير أي سبب فقط لأني اسكن في منطقة تحسب على المعارضة

    • زائر 18 | 2:19 ص

      زلزال

      ما زال الكثير من المواليين للسلطة يختزلون مفهوم الدولة في شخص ..... وهذا مفهوم بدائي يدل على مدى العبودية التي يعيشونها..
      القانون يجب ان يوضع بأرادة الشعب لا ان يجبروا عليه ..

    • زائر 17 | 1:59 ص

      الحقيقة

      لن ترضى عنك اليهود ولا النصارى ولا العرب ان جاء الجعفري او المالكي اوالعبادي او اي شخصية عراقية شيعية ما لم تكون تابعة لمنهج التأمر على الشعب العراقي

    • زائر 15 | 1:56 ص

      المشكلة

      المشكلة في العراق يا منصور و انت سيد العارفين هي نظام المحاصصة الطائفية الذي يدمر اي بلد يطبق فيه. فحتى لو كانت المحاصصة تعطي السنة منصب رئاسة الوزراء فسوف يبطرون افضل شيء هو ترويج روح المواطنة و الكفائه

    • زائر 13 | 1:49 ص

      بأي حق

      يعطى وزير الداخليه حق سحب الجنسية من البحريينين الاصلاء لتهم واهيه وهي تهديد الامن القومي في الوقت اللي يجنس اليمني والسوري والمصري واللي تسبب في دمار النسيج الاجتماعي و لاناس جنسوا لاسباب سياسية بحته ولهدف تغيير ديمغرافيه البلد وحتى المجنس على رغم ارتكابه جرائم يستحق علبها التسفير وسحب الجنسية لم يقدم على ذلك ل...

    • زائر 12 | 1:42 ص

      شكرا دكتور

      مقال جميل يختزل الكثير من واقع الدول العربية وشعوبها وكيف تحركها انتماءاتها
      في الغرب فعلا واقع مختلف مثلا في بريطانيا او امريكا ترى دائما تناوب بين الاحزاب في تشكيل الحكومة او الفوز بالانتخابات وذلك لان الناخب ينظر لبرنامج المرشح وحزبة ولاينظر انه ينتمي لهذا الحزب لذى عليه التصويت لصالحه طوال عمره سواءا اقتنع ببرنامجه او لا

    • زائر 11 | 1:35 ص

      6

      اسقاط جميل .. شعارات براقة يحسبها الضمآن ماء .. هكذا الحال ..

    • زائر 10 | 1:17 ص

      ابراهيم الدوسري

      دكتور مقالتك عن حزب الدعوة صحوة متاخرة بس افضل من الاستمرار في النهج الخاطئ

    • زائر 14 زائر 10 | 1:54 ص

      رقم 10 يعني طالع فيها وتسوي روحك ابو العريف ؟؟

      طالع البلد وشوف التمييز الفاقع وراونا شطارتك في انتقاد الوضع مو شاطر على الدول الأخرى بطائفية مقيتة ( متأخر يا دكتور ) ومن انت اللي تجاري ناس مثل الدكتور شوف الأوضاع عنك في البلد كما جا لنا واحنا ريوس ( اي وتالله نهج خاطيء ) يعني هدم المساجد وقتل الناس في السجون نهج جدا صحيح .

    • زائر 9 | 12:56 ص

      عبير

      وكذلك الادعاءات الفارغة بالاصلاح وبالديمقراطية (التي يحسدنا عليها العالم) هي للتهويش السياسي.

    • زائر 7 | 12:19 ص

      بحريني

      مقال في الصميم شكرًا دكتور على الآراء النيرة

    • زائر 6 | 12:14 ص

      الفقرة الاخيرة عمود المقال

      المذكور في الفقرة الاخيرة هو الواقع. اذن لا تعليق.

    • زائر 5 | 11:50 م

      «دولة القانون».. مصطلح للتشويش السياسي، ليعبر عن إرادة مَن بيده السلطة..

      أين دولة القانون والمؤسسات، وأن الجميع سواسية، عن عدم تنفيذ وزارة الداخلية تهديدها ووعيدها بإسقاط جنسيات البحرينيين المقاتلين في الخارج، فيما نرى تسارع وتيرة إسقاط جنسيات مواطنين من أبناء البلد، فقط كونهم محسوبين على المعارضين ؟؟؟

    • زائر 4 | 11:05 م

      لا يادكتور دولة القانون ليست كذلك!!

      ليس من الإنصاف يادكتور بخس الناس أشياءهم وكلامك يصب في هذا السياق ، فالسيد المالكي هو رجل القانون بامتياز ومن قام بالإنقلاب عليه هم من فقؤوا عين القانون بالفذلكات والألاعيب السياسية وإلا في أي خانة من خانات الديمقراطية تضع تشكيل الحكومة من الكتلة الأقل على حساب الكتلة الأكثر عددا لا لسبب سوى إرضاء أمريكا أو إيران أو السعودية ولن يرضوا أبداَ.. دكتور تذكر كلامي فقط بعد شهر من حكم العبادي لأن سيناريو الجعفري المالكي هو هو سيناريو المالكي العبادي!! أبوصادق الدرازي

    • زائر 24 زائر 4 | 6:52 ص

      مسمار في لوح

      كلامك مائة في المائة صح والأيام القادمة ستثبت ذلك... المشكلة في إلى من ينتمي الرئيس

    • زائر 3 | 10:47 م

      Thank you

      Thank you for for touching our souls with your articles. You are the only breathing space .

    • زائر 1 | 9:46 م

      القانون

      القانون فت على المعارضة

اقرأ ايضاً