العدد 4368 - الجمعة 22 أغسطس 2014م الموافق 26 شوال 1435هـ

ما هي استراتيجية «مجلس التعاون» لمواجهة التكفيريين؟

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

منذ قيام مجلس التعاون الخليجي في مايو/ أيار 1980، وهو عاجز أن يشكل قوة ردع إقليمية لمواجهة الأخطار والتحديات الإقليمية. وخلال الحروب الثلاثة التي شهدتها المنطقة (وهي الحرب العراقية الإيرانية، والغزو العراقي للكويت وتداعياته، وأخيراً الحرب الكونية بقيادة أميركا ضد العراق)، فإن مجلس التعاون لم يتصد لهذه الحروب، حتى بعد أن احتلت دولة عضو وهي الكويت في 1990 من قبل العراق في عهد صدام حسين. وفي جميع هذه الحروب، وفي الفترات الفاصلة بينها أو بعدها، اعتمد المجلس على الولايات المتحدة، إما منفردة أو متحالفة مع قوى غربية، لإجلاء العراق عن الكويت، أو لردع الأطراف المتحاربة كإيران والعراق عن توسيع رقعه عملياتها الحربية لكي لا تطال دول المجلس، أو للإطاحة بنظام صدام الذي يشكل تهديداً لها حينها.

وخلال أكثر من ثلاثة عقود من الحروب المتقطعة في الخليج، لم تلعب القوات الخليجية دوراً حاسماً في التصدي للمخاطر العسكرية التي تحيق بها، هذا رغم تريليونات الدولارات التي صرفت على التسلح والإنفاق العسكري في البلدان الست.

واليوم فإن دول مجلس التعاون تواجه خطراً من نوع جديد، يتمثل في الحركات التكفيرية المتطرفة ممثلة في «داعش» و«النصرة» و«القاعدة» وأخواتها، حيث أقامت «داعش» ولاية الخلافة بزعامة أبوبكر البغدادي على مساحات كبيرة من العراق وسورية، تشمل حقولاً غنية بالنفط والغاز، ومدناً كبرى مثل الموصل وتكريت والحسكة ودير الزور. كما أن الحركات التكفيرية الأخرى تسيطر على مساحات واسعة من سورية ومدن أو أجزاء من مدن. أما القاعدة فلها سيطرة على بعض المناطق اليمنية، ولها امتداداتها في مصر وليبيا والمغرب العربي. ولكل هذه التنظيمات التكفيرية خلاياها في دول مجلس التعاون الخليجي، متغلغلة في أجهزة الدولة والمجتمع، وخصوصاً في المؤسسات الدينية والتعليمية والإعلامية حيث ينتشر فكرها في أوساط الشباب. وهناك الآلاف من شباب دول مجلس التعاون الخليجي تطوّعوا للقتال حيث تدور المعارك، في أفغانستان أولاً، ثم اليمن، ثم سورية، ثم العراق... وهكذا يذهبون إلى الجبهات حيثما يفتي مشايخهم بذلك.

مجلس التعاون استشعر مؤخراً مخاطر هذه الظاهرة، وكما عاد هؤلاء الشباب من أفغانستان، ليقوموا بعمليات انتحارية وخصوصاً ضد أهداف أميركية، في بعض بلدان مجلس التعاون، فإنهم بالتأكيد سيقومون بالشيء ذاته بعد عودتهم من جبهات القتال في العراق وسورية وغيرهما، بل إنهم يعتبرون الوطن العربي ساحة واحدة مفتوحة لعملياتهم، ولذلك تسموا بأسماء عابرة للكيانات مثل «تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية»، أو «تنظيم القاعدة في المغرب العربي»، وأخيراً «دولة الخلافة الإسلامية»، من دون حدود.

الدول الخليجية سارعت إلى أميركا وأوروبا التي استشعرت أيضاً خطورة هذه الظاهرة بعد أن تطوع للقتال بعض مواطنيها سواء المنحدرين من أصول عربية وإسلامية، أو حتى من السكان الأصليين، وبالفعل حدثت عمليات إرهابية في الغرب، حيث يجري الكشف اليوم عن عملياتٍ في طور الإعداد.

قيل الكثير عن انتشار الفكر التكفيري ومسئولية دول مجلس التعاون عن ذلك، حيث جرت رعاية الجماعات الإسلامية المتشددة وغض النظر عن تنظيماتها، وقيل الكثير عن التمويل الخليجي للجماعات التكفيرية التي تقاتل خارج مجلس التعاون الخليجي، واليوم أضحى هؤلاء أعداءً وليسوا أصدقاء، ولهذا أعلنت دول المجلس وبدرجات متفاوتة، وبحسب متطلبات كل بلد، الحرب على هذه الجماعات، وحتى «الإخوان المسلمون» شركاء الأنظمة الخليجية، خوفاً من تكرار ما حدث في مصر.

لكنه من الواضح أن دول المجلس وهي تواجه هذا الفكر الذي يكفّر الأنظمة الخليجية ذاتها، تستند إلى شرعيتها الإسلامية والقبلية التقليدية، كما تطرح ما تعتبره بالفكر الإسلامي الوسطي والذي لا يغادر دائرة الطاعة التامة لأولي الأمر. وفي الوقت ذاته الذي تواجه فيه الأنظمة الخليجية، الفكر والمنظمات التكفيرية فإنها تقمع أيضاً التيارات والمنظمات والشخصيات الإصلاحية التحديثية التي تنادي وتطرح برامج إصلاحية عميقة وشاملة، للانتقال بهذه الأنظمة لتكون أنظمة دستورية ديمقراطية متطورة، على غرار ماليزيا مثلاً، ووضع حد للامتيازات الخاصة في احتكار السلطة والثروة.

وقد أثبتت تجارب التاريخ أنه لا يمكن الانتصار في خوض حرب مع طرفين في وقت واحد، كما أن الفكر التكفيري يجب أن يواجه بفكر تنويري وإسلام مستنير، لأنه لا يمكن هزيمة التنظيمات التكفيرية عسكرياً فقط.

إن أمام الأنظمة الخليجية فرصة ذهبية لمراجعة استراتيجيتها العسكرية والسياسية والعقائدية. فمن الواضح أن أميركا والغرب عموماً، عازفون عن التورط في حروب محلية أو إقليمية في الخليج أو غيره. كما أن استبعاد شعوب المنطقة عن المواجهة محكوم بالفشل. والفكر الإسلاموي المسوغ للاستئثار بالسلطة والثروة ليس بديلاً كافياً للفكر التكفيري.

إن على دول مجلس التعاون كما باقي الدول العربية الأخرى، إذا ما أرادت أن تواجه وتستأصل الفكر التكفيري وإفرازاته من دول وجيوش وتنظيمات، الرجوع إلى شعوبها أيضاً، وإشراكها في الحكم والقرار والثروة، لتشعر بأن عليها مسئولية الحفاظ على مكاسبها وسلطتها.

دول العالم وفي مقدمتها الاتحاد السوفياتي بعظمته، وهي تواجه الغزو النازي الذي اكتسح القارة الأوروبية، بل وفرّخ حركات نازية في البلدان التي سيطر عليها، إنما واجهته بتشكيل جبهات وطنية ضمت اليساريين والوطنيين والقوميين، وكذلك جبهة الحلفاء وقطباها، الاتحاد السوفياتي الاشتراكي والولايات المتحدة الرأسمالية... فهل تصحو أنظمتنا؟

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 4368 - الجمعة 22 أغسطس 2014م الموافق 26 شوال 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 6:17 ص

      بوعبدالله

      عموم السنه يرفض هذا الفكر الهادم ولاكن ياتوى هل عندك الشجاعه لكى تكتب عن حالش و الجرائم

    • زائر 8 | 4:42 ص

      شر البلية ما يضحك

      سوف يتغير المثل من شر البلية مايضحك الى مايبكي .. ورقة الاسلام اصبحة سوداااء بالكامل في نظر الاميين الجهلة في الغرب الذين يمثلون الكثرة لعدم ثقافتهم وام الباقي فيعرفون من الذي صنعه الانظمة الجبارة بمالهم فهم لا يمثلون الشعوب الا بالمظهر فقط ....

    • زائر 7 | 4:02 ص

      لا يوجد داعش

      فهؤلاء ناس سنة (مضطهدون ) يطالبون بحقوقهم اذا كانوا في العراق او ايران او سورية اما اذا كانوا في غير هذه الدول فهم ارهابيون وخصوا اذا كانوا شيعة يحملون اعلام بلادهم , بالامس حدث مجزرة لمسجد سني في ديالى فاقام الاعراب الدنيا ولم يقعدوها بعد ولكنهم يغضون الطرف عن المجازر التي تحصد ارواح العشرات من الشيعة كل يوم في بغداد والموصل و ديالى على ايدي عصابات البعث والقاعدة , بل و طالب عدد من النواب باطلاق سراح كل الارهابيين من السجون العراقية لانهم ابرياء !!
      علي جاسب . البصرة

    • زائر 6 | 2:39 ص

      الدولة الصفوية اخطر من داعش والقاعدة

      مشكلة دول الخليج العربي هي الدولة الصفوية التي تكيد با التحريض الموالين لها في الخليج وزرع الفتن والقلاقل لعدم استقرارها وحلم الصفوين ان يكون دول الخليج العربي خليج فارسي هؤلاء خطرهم اكثر من من داعش والقاعدة وهم لايتجرئون على دول الخليج العربي وان ارادوا فيكون سحقهم سريع دول الخليج العربي ليس با الهينه ولديه جيوش

    • زائر 4 | 2:04 ص

      التيارات السلفية المعتدلة لماذا سميت كذلك

      العثيمين و بن جبرين على سبيل المثال يعدان من المعتدلين ولكن حين تقرأ فتاويهما بخصوص الآخر لا تجد ثمة اختلاف عن فكر التكفير والشيء الوحيد الذي يميزهما عنهم موقفهما من الانظمة الحاكمة التي ترعاهم لذلك لا تجد حماسة عند ما يسمى بالمعتدلين بمجابهة افكار الجهاديين التكفيريين رغم ضغوط الحكومة السعودية لحملهم على بيان موقف صريح و قوي ولكن بدون جدوى حتى نعتهم العاهل السغودي بالكسالى في مواجهة التكفيريين فكريا

    • زائر 3 | 1:10 ص

      خبز خبزوه لا بد ان يأكلوا منه

      يقول المثل خبز خبزتيه يا الرفلة اكليه وداعش وابتاعها كلهم ابناء وتربية وانشاء ودعم دول ....هم من انشاءهم وهم من دعمهم واعانهم واليوم بعد ان فلتوا يحاولون التبرؤ منهم ! كلا بل سوف يطالهم وبالهم شاؤا ام ابوا

    • زائر 2 | 11:38 م

      ايضا ايران

      صَلِّ على النبي
      نريد استراتيجيته لمواجهة من يفرخ هذه التنظيمات
      كل الدلائل تشير الى ايران مصدر الشر في المنطقة والعالم

    • زائر 5 زائر 2 | 2:12 ص

      صحيح ايران من صنت و ترعى التكفير

      ايران صنعت القاعدة وطالبان بفرعها الافغاني و الباكستاني و فتحت مدارس دينية في اباكستان لتلقي افكار الارهاب و انشأت بكو حرام الذين يستقون افكارهم وعقائدهم من المؤسسة الدينية في ايران و كذلك الشباب الصومالي و قاعدة المغرب العربي و النصرة و اداعش وايران هي من تمولهم عبر افراد وجمعيات تحت غطاء تبرعات خيرية . تبا لامة اذا ارادت ان تفكر ينافسها الحمار و يتفوق عليها

    • زائر 1 | 10:48 م

      الإستراتيجية

      شيوخ يغررون بالشباب لذهاب لسوري والعراق لتفجير انفسهم في الاسواق والمساجد والكنائس وقطع رقاب من يخالفهم شيعي سني إيزيدي مسيحي وغرفة عمليات في الاردن تقودها مخابرات
      دولة خليجية ممولة من بيزات النفط وشكرا.

اقرأ ايضاً