العدد 4377 - الأحد 31 أغسطس 2014م الموافق 06 ذي القعدة 1435هـ

المرونة في سلوكياتنا تجعلنا أكثر قبولاً

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

حين يلتقي عربيٌ بياباني، قد يتبادر إلى الذهن سؤالٌ حول طريقة سلامهما على بعضهما؛ فالياباني حين يلتقي بأحدهم ويريد تحيته ينحني قليلاً، وهي طريقة السلام التي اعتاد عليها في بلاده، فيما يعتبر العربي هذه الحركة نوعاً من إذلال النفس للآخر؛ إذ اعتاد على المصافحة في هذه الظروف، إضافةً إلى أن الانحناء لغير الله في عرفه التقليدي والديني قد يكون غير مقبول.

في هذه الحالة قد يختار كل منهما أن يعمل بما اعتاد عليه، وحينها قد يتولد نوعٌ من الصدود لمن لا يعرف طريقة الآخر في السلام مسبقاً، وربما لمن يعرفها أيضاً، وسيظن كل طرف أن الآخر يتكبر عليه لأنه لم يفعل ما يجب عليه فعله، فيما سيقدّر كلاهما الآخر حين يحييه بالطريقتين؛ إذ ما المانع من المصافحة والإنحناء معاً كي نبين للآخرين مدى تقبلنا لما يحملونه من أفكار وما يؤمنون به من معتقدات وعادات؟

تلك التحية ما هي إلا موقف بسيط جداً، قد يترتب عليه نفور من الآخر أو ارتياح له، فكيف لو أننا طبّقنا ذلك في حياتنا العامة وفي مواقفنا المختلفة مع الآخرين، حين لا يعد التنازل عما اعتدنا عليه نوعاً من التنازل عن الحق أو القبول بباطل؟

يوجد من يعتبر هذا نوعاً من الكذب على النفس وتناقضاً مع الدعوات التي يكتبها وينادي بها علماء التنمية البشرية واختصاصيو علم النفس وتطوير الذات، بأن على المرء أن يكون هو نفسه، وعلى الآخرين أن يحبوه كما هو لا كما يريدون. وهو إلى حدٍ ما صحيح؛ إذ لا يجب أن يغيّر أحدنا من قناعاته ومبادئه كي يرضي الآخرين ويكون نسخة منهم، لكن هذا لا يعني ألا يكون مرناً في تعامله مع غيره، وأن يغيّر ما يمكن تغييره في طريقة تعامله معهم بما لا يتنافى مع مبادئه ومعتقداته، وما لا يتنافى مع دينه ومجتمعه.

السلوك العام مع الآخرين قابلٌ للتغيير، وقابلٌ لأن يختلف باختلاف المكان والمجتمعات والجماعات التي يتعامل معها كل منا، وهو لا يعني بالضرورة نفاقاً أو كذباً على النفس أو على الآخرين، خصوصاً حين يكون تغييراً يهدف إلى التوافق مع الآخر واكتساب وده وثقته للوصول إلى الهدف المرجو من اللقاء أو الوجود برفقتهم، بل هو نوعٌ من الذكاء الاجتماعي. فعندما نفهم طريقة الآخرين في النظر إلى العالم والمتغيّرات من حولهم، نستطيع أن نتعامل معهم بشكل أفضل يتناسب مع نظرتهم ونظرتنا، وهو ما نقوم به في الواقع حين نتحدث بأسلوبٍ معيّن مع أولياء أمورنا، بينما يختلف أسلوبنا تماماً حين نكون برفقة أخواننا أو أصدقائنا.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 4377 - الأحد 31 أغسطس 2014م الموافق 06 ذي القعدة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً