العدد 4401 - الأربعاء 24 سبتمبر 2014م الموافق 30 ذي القعدة 1435هـ

طوارئ أم ورشة حدادة؟

عقيل ميرزا aqeel.mirza [at] alwasatnews.com

مدير التحرير

لا أعلم ما هو حجم الموازنة التي صُرفت خلال 10 سنوات فقط على صيانة قسم الطوارئ في مجمع السلمانية، ولكن ما أعلمه جيداً، ويعلمه الكثيرون أن هذا القسم شهد العديد من ملاحم التغيير في شكله وموقعه، ونظام العمل فيه أيضاً، وتكاد تفوق أيام الصيانة فيه أيام استخدامه من دون صيانة، حتى أن المُراجع لهذا القسم يظن أنه يزور ورشة حدادة، أو نجارة، وليس قسم طوارئ يزوره العديد ممن هم بين الحياة والموت.

قبل يومين فقط زرت هذا القسم، ولرزء ما شاهدت، فكرت أن أغادر المكان فوراً، لولا أنني كنت لا أستطيع ذلك بسبب وجودي لأمر طارئ مع مريض.

قبل شهرين أو أكثر أيضاً زرت قسم الطوارئ، وكان المراجعون من المرضى وأهاليهم يتكدسون على مقاعد لا يتجاوز عددها العشرين، وأمّا من لم يحالفه الحظ في الحصول على مقعد فيتعيّن عليه أن يجلس خارج مبنى المستشفى في مواقف السيارات الأمامية، ولست في حاجة لوصف سوء الجو قبل شهرين من الآن، وما كانت عليه درجة الحرارة من ارتفاع يقترب من الغليان، وأجزم أن المُراجع الذي كان ينتظر في المواقف سيعود مع مريضه إلى المنزل وهو أكثر مرضاً منه.

أمّا زيارتي للقسم قبل يومين، فالحال ليس أقل سوءاً عن ما كان عليه قبل شهرين؛ فقاعة الانتظار هذه المرة أصبحت إحدى غرف المعالجة، التي أزيل منها عدد من الأسرّة، واستُبدلت بعدد من المقاعد، وأمّا غرفة المعاينة الأولية فلا تتجاوز مساحتها مساحة سرير واحد، وحتى تعرف الخطوات التي يتعيّن عليك اتباعها فتحتاج إلى مرشد أو دليل أكثر خبرة من المرشد السياحي في أهرامات الجيزة!

على حد علمي قبل سنوات يستقبل هذا القسم المهم والحيوي نحو ألف مريض يومياً، ولو قلنا على أقل التقادير بأن كل مريض لديه مرافق واحد فقط، فسنجد أن ما لا يقل عن ألفي شخص يزورون الطوارئ يومياً، هذا فضلاً عن عدد الطواقم الطبية الموجودة، وفضلاً عن أن هؤلاء المرضى بينهم حالات حرجة تحتاج العناية الفائقة والسريعة والسلسة، ويحتاجون إلى الثانية، فهل يجوز أن يكون وضع القسم بهذه الصورة بحجة الصيانة التي لا تنتهي؟!

أصبح هذا القسم حقل تجارب لكل إدارة جديدة تتسلمه، فمرة مكتب التسجيل مفتوح، ومرة مغلق، ومرة على اليمين وأخرى على اليسار، ومرة يستقبلك الممرض، ومرة الطبيب، فقد جُرِّبت آلاف الطرق والوسائل، وحتى الآن لم نقف على طريقة سوية متطورة ثابتة تستمر لسنوات، وفي كل مرة تتغير فيها الوسيلة يتغير فيها شكل المكان؛ فالمطارق والمعاول لم تفارق هذا القسم، وفي كل مرة تبدأ فيه صيانة جديدة يكون الضحايا هم المرضى والمراجعون، وأعتقد أن الطواقم الطبية أيضاً من ضمن الضحايا، فمع هذه الضوضاء وهذه الفوضى لا يمكنهم أن يقدموا خدمات راقية في بيئة تفتقر إلى أسياسيات الاستقرار.

لا يمكننا أن نبخس العاملين في هذا القسم الحيوي حقهم من التقدير، فهم يقدمون خدمات جليلة، وكم أحيوا نفوساً كانت تقترب من الموت، بفضل الله وبفضل جهودهم؛ لذلك يتعيّن على المعنيين أن يضعوا حدّاً لهذا الأمر، وآن الأوان أن تكون هذه الصيانة هي الأخيرة، فما يحدث في الطوارئ يدل بوضوح على الافتقار لتخطيط استرتيجي بعيد المدى.

إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"

العدد 4401 - الأربعاء 24 سبتمبر 2014م الموافق 30 ذي القعدة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 6:50 ص

      دمار

      هذا القسم صار يمثل ورقة سياسية وأمنية وآخر أولوياته تقديم الخدمة الطبية .. شكرا.

    • زائر 7 | 3:05 ص

      سوق سمك

      يختلط فيه الحابل بالنابل حتى لو حصل سوء تفاهم لا توجد ادارة في ذلك الوقت خصوصا بعد الدوام الصباحي مالك الا الحلول الامنيه ورجال الامن البواسل عددهم اكثر من المرضى

    • زائر 6 | 2:39 ص

      jassim

      بالفعل هذا الواقع الذي انا شاهدته بنفسي ز واقترح بأن يبني قسم طواري جديد ويكون ذو سعه اكبر مع توفير المواقف السيارات بنظام المباني ز وشكرا.

    • زائر 5 | 2:07 ص

      فساد اداري

      بدون رقيب ولا حسيب يصرفون من فلوس الشعب المنهك الجائع

    • زائر 3 | 11:50 م

      زائر

      شكرا لك اخي العزيز لقد عملنا في هذا القسم لمدة 20 عاما تقريبا ومرت عليه اكثر من إدارة وكل واحد يقوم بتغيير كأن هو شهاده له في ان قدم شئ لتقدم ورقي هدا القسم المهم بينما العاملين يعانون من هذه الادارة المتعاقبه من سؤ الاداره

    • زائر 2 | 11:26 م

      حبيبي عين خير

      نحن تونا في بداية الصيانة . وبعدها الصباغة والأثاث وااااا اعلم كيف ستكون طريقة الخدمات مع ملاحظة ان رجال الأمن ما شاء اااا عددهم . تمنياتي بالصحة للجميع .

    • زائر 1 | 10:47 م

      ------

      التخبط و العشوائية في كل مكان مادام الشعار ما اريكم إلا ما أرى ... .. القادم اسوء

اقرأ ايضاً