العدد 4401 - الأربعاء 24 سبتمبر 2014م الموافق 30 ذي القعدة 1435هـ

يعرفونهم صدقاً ويجهلونهم كذباً

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ما أكثر الأخبار العجيبة في هذه الأيام. لكن قد أدَّعي أن أكثرها عجباً وغرابة وغموضاً في آن، هو خبر يقول بأن هناك اقتراحاً فرنسياً - أميركياً مزدوجاً لفرض «عقوبات دولية على مقاتلين إسلاميين أجانب». وجه الغرابة ليس في العنوان بل في تفاصيل الخبر. كيف؟

الخبر يقول بأن هناك اثني عشر «مقاتلاً أجنبياً متشدداً وجامع أموال ومجنداً مرتبطين بالجماعات الإسلامية المتشددة في سورية والعراق وأفغانستان وتونس واليمن على القائمة السوداء»، وآخرون من «فرنسا والسعودية والنرويج والسنغال والكويت» حسب «رويترز» التي نقلت ذلك عن الوثيقة المقدمة من الولايات المتحدة وفرنسا.

وكي يتعمق العجب شيئاً فشيئاً مع تواتر هذا الخبر، يجب أن نقرأ بأن لجنة معاقبة تنظيم القاعدة التابعة لمجلس الأمن سوف تقوم بإدراج خمسة عشر اسماً من الإسلاميين المتشددين في التنظيمات الجهادية «إذا لم تكن هناك اعتراضات»! وزادت اللجنة بالقول «يمكن تأخير الإدارج لأسباب إدارية إذا أبدى عضوٌ الحاجة لمزيد من الوقت لدراسة الأمر»!

ثم، والأكثر من ذلك، هو ذكر أوصاف أعمال مَنْ ستُفرَض عليهم العقوبات. مثلاً السعودي أحمد عبدالله صالح الخزمري الزهراني حيث وُصِفَ بأنه «عضو كبير في القاعدة غادر أفغانستان وباكستان العام الماضي متوجهاً إلى سورية». دققوا في التوصيف جيداً.

أيضاً ذكروا رجلاً سعودياً آخر اسمه «عزام عبدالله زريق المولد الصبحي» قالوا عنه بأنه عضو في تنظيم «القاعدة» وهو «مسئول عن التدريب البدني للمتشددين وعن التنسيق الخاص بالمقاتلين الأجانب الذين يسافرون إلى أفغانستان»! لاحظوا دقة الوصف هنا!

أيضاً جاءوا على ذكر سعودي ثالث اسمه «إبراهيم سليمان حمد الحبلين» قالوا عنه بأنه «خبير متفجرات ويعمل ضمن كتائب عبدالله عزام التي تشكلت في العام 2009، وهي مرتبطة بجبهة النصرة في بلاد الشام وهو جناح القاعدة في سورية» حسب «رويترز» أيضاً.

ثم يذكرون رجلاً اسمه «عبد الرحمن بن عمير النعيمي» ووصفوه بأنه «وفَّر دعماً مالياً كبيراً للقاعدة في العراق، وعَمِلَ وسيطاً بين قيادات تنظيم القاعدة في العراق والمانحين في قطر». ثم ذكروا شخصاً من سورية اسمه أنس حسن خطاب قالوا عنه بأنه «ساعد في تشكيل جبهة النصرة وهو الزعيم الإداري فيها»، وعراقي آخر اسمه ميسر علي موسى عبدالله الجبوري، وهو بمثابة الزعيم الديني أو الشرعي لجبهة النصرة في سورية.

الأكثر غرابةً هو تقديمهم معلومات أكثر دقة بذكرهم «عبد الرحمن خلف عبيد جديع العنزي» باعتباره موجوداً في سورية منذ 2013، وكان «وسيطاً لدى جبهة النصرة ويوفد عملاء ويرسل إمدادات إلى سورية من منطقة الخليج». وخلال هذا العام قدَّم إمدادات متنوعة لـ «داعش» في سورية والعراق. ثم ذكروا شخصاً سنغالياً اسمه عمر ديابي قالوا عنه بأنه يترأس «جماعة مسلحة تضم 80 فرداً في سورية مرتبطة بجبهة النصرة». لاحظوا معرفتهم بعدة وعداد أفرادها!

ثم جاءوا على ذكر النرويجي أندرس كاميرون أوستينسفيج دالي واصفين إياه بـ «عضو في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب... قام بعدة زيارات لليمن حيث تلقى تدريباً على كيفية صنع الأحزمة الناسفة والعبوات الناسفة بدائية الصنع والسيارات الملغومة».

وأخيراً سردت باريس التي قدّمت أربعة أسماء لمجلس الأمن، اسم امرأة فرنسية تدعى إيميلي كونج قالت عنها بأنها «سافرت إلى سورية في العام 2012 للقتال في صفوف داعش». و»كيفين جويافارش وسلمى وصلاتي وهما زوجان فرنسيان توجّها إلى سورية العام 2012 حيث يقاتل جويافارش في صفوف جبهة النصرة». وهما «يساعدان الأفراد الذين يعتزمون السفر من فرنسا إلى سورية بغرض الانضمام إلى الجماعات الإرهابية».

الآن نأتي إلى علامة الاستفهام الكبيرة مع ما تم ذكره حول مَنْ ستُفرَض عليهم عقوبات أممية كونهم متشددين إسلاميين في العراق وسورية: كيف عَلِمَت واشنطن وباريس بكل هذه التفاصيل الدقيقة عن هؤلاء وبأسمائهم الثلاثية وجنسياتهم وأصولهم وأماكن مولدهم؟ متى ذهبوا إلى سورية مرة أو مرتين، ومتى وفي أي عام، وعن مراكزهم التنظيمية، ووصف أعمالهم بشكل تام، إن كان هذا صانعاً للمتفجرات، أو ذاك مُجنِّداً للمتطوعين، أو وسيطاً بين هذا التنظيم وذاك، أو جامعاً لأموال من دولة هنا ودولة هناك إلى آخره؟ ولماذا «قد» تعترض دولٌ على بعض الأسماء وتجيز أخرى؟

فالمعروف في مثل هذه الحركات الجهادية أن أعضاءها لا يتقلدون مناصب سياسية أو تنفيذية مُعَلَنة في الإعلام والصحافة كما هو في الدول والأنظمة، بل هم يتكتمون على أسمائهم وعلى أعمالهم وتنقلاتهم بتكتم شديد، إلى الحد الذي كان فيه أسامة بن لادن لا يلبس حتى ساعة يد كي لا يحتمل رصده من قبل أجهزة استشعار الكترونية.

نعم، أجهزة الاستخبارات القوية قادرة على تتبع الهدف، لكن ما يظهر الآن أن جميع هذه الأهداف المتناثرة في أرض هلامية كانت مرصودة وبشكل تام، ليأتي السؤال الأكبر: لماذا تُرِكَ هؤلاء ليذهبوا إلى سورية والعراق، ويجمعوا المال وينخرطوا في القتال، وبالتالي نتيقن أنهم على دراية بهم وبأماكنهم وماذا يصنعون، ثم تأتي إلينا بعض الدول الآن لتعلن أنها قررت تصفيتهم وعبر الطائرات كونهم خطراً على السلم العالمي، ضمن تحالف يضم أربعين دولة!

لا نعلم حقيقة ما يجري في هذا العالَم الخفي، وكأننا في قارب لا نستطيع أن نتلمس تربته المتحركة بسرعة متناهية، لكن الأكيد أن الشعوب باتت عبارة عن مجموعة مشاهدين لفيلم ليسوا هم مَنْ أنتجوه ولا أخرجوه، وليست لديهم فيه أية أعمال تمثيلية.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 4401 - الأربعاء 24 سبتمبر 2014م الموافق 30 ذي القعدة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 2:38 م

      قالها الأمام الخميني رحمه الله:امريكا هي الشيطان الأكبر

      وقوله تعالى: كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (16)سورة الحشر

    • زائر 7 | 9:59 ص

      أصبت أيها الكاتب المثقف

      هل تريد من العالم أن تصدق أمريكا وحلفاءها مستحيل ،، المثقف الواعي لا يمكنه تصديق هؤلاء فقط من مصالحه مرتبطه بالكذب والتلفيق أمثال كتاب كثيرين من هذا الزمن الذين لم يقدموا لنا ثقافة أو وعي ، بل قدموا لنا ثقافة حقد وغل وخبرة في الكذب وتبديل الحقائق ... كلنا يعرف بأن الرئيس معمر القذافي قد قتله رصاصة المخابرات الامريكية الصهيونية لأخفاء الحقيقة عن العالم الاسلامي والعربي .. وكذلك تم اغتيال زعيم القاعدة اسامه بن لاذن ، الذي قدم خدمات جليلة لامريكا .. بلا لعب ع الناس ، أمريكا انكشفت مخططاتها..

    • زائر 5 | 9:16 ص

      امريكا المحرك

      والباقي دمى.

    • زائر 4 | 12:33 ص

      شكرا زائر 3

      أصبح من يقول بنظرية المؤامرة متخلف والحال هو من لايقول بنظرية المؤامرة هو في أعلى درجات التخلف!! هناك شيئ في رؤوسنا إسمه عقل ولكن عند البعض هو شيئ يشبه القرنابيط ولكن القرنابيط يؤكل وذاك الشيئ الذي في رؤوسهم عديم الفائدة!! داعش وأخواتها هي صنيعة الغرب بامتياز ولكن تغولت حتى أصبحت تهدد من صنعها فوجب الإجهاز عليها وكفى!!
      أبو صادق الدرازي

    • زائر 3 | 11:34 م

      رجاء ثم رجاء

      كثير من الاحداث لا تجري هكذا بل هناك من يتحكم فيها . ارجو الا ننام ونصحوا ثم نقول بسكم نظرية مؤامرة!!! هم يتآمرون علينا والتاريخ خير شاهد

    • زائر 2 | 11:32 م

      تحية صباحية لك استاذ محمد

      مقال جميل وواقعي أخ محمد

    • زائر 1 | 11:16 م

      سؤال؟

      كيف يمكن الجهاد في بلدان الاسلامية؟ انا ضايع. الا اذا كان الممول و المجهز علي دين اخر. أرشدوني.

اقرأ ايضاً