العدد 4408 - الأربعاء 01 أكتوبر 2014م الموافق 07 ذي الحجة 1435هـ

الباحث البحريني محمد جمال: "الحية بية" عادة تراثية توارثناها من آبائنا

منذ قديم الزمان كانت التجارة بين الهند ودول الخليج نشطة ، وأدى هذا التقارب الثقافي والفكري الى تشابه بعض العادات والاطباع ، ويقول علماء التاريخ والاجتماع ان اهالي الخليج ابتكروا عادة " الحية بية " والتي تشابهت مع القصص والاساطير والخرافات، فوفق معتقدات الحضارة الهندية السائدة آنذاك فقد كانوا يخافون من آلهتهم التي تنزل عليهم العذاب والدمار كالرياح والبرق ، وفكروا في كيفية ارضائها والتقرب اليها ، فكانوا يقدمون القرابين والهدايا الى آلهتهم لينالوا رضاها ومحبتها حتى لا تغضب عليهم وتدمر قراهم ومساكنهم وتقتل أبناءهم ، فاعتادوا بأن يقوموا في كل عام بجلب أجمل فتاه شابه في القرية ويقوموا بتجميلها وتزينها ويلبسونها أحلى الملابس والحلى حتى تصبح كالعروس ليلة زفافها ثم يضعونها في قارب لوحدها ويرسلونها الى البحر او النهر لتذهب مع الامواج الى البعيد وتختفى حتى تصل الى الالهة وبذلك ينالوا رضاها.

وقد تأثر الخليجيون بهذه الاساطير فاستبدلوا قذف الفتاة في النهر أو بالحية "الحشائش الخضراء" وذلك إرضاء للبحر وتبقى العروس بملابسها الجميلة على الشاطيء ، وهكذا انتشرت هذه العادة التراثية بين دول مجلس التعاون ، ويقال بأن أصل كلمة الحية بية هي "الحجى بيجى" كما هو لدى القطريين والكويتيين والاماراتيين وتعنى بأن الحاج سوف يأتي بعد انتهاء موسم الحج .

وقد أشار الباحث البحريني محمد جمال الى أن " الحية بية " هي عادة تراثية شعبية توارثها الابناء من آبائهم وأجدادهم وقد حافظت هذه العادة على استمرارها حتى يومنا هذا بفضل تمسك أبناء البحرين بعاداتهم وتقاليدهم ، وإهتمام المؤسسات والجمعيات المعنية بالثقافة والتراث ، كونها إحدى فعاليات الاحتفال بعيد الاضحى المبارك ، فيعبّر الصغار والكبار عن فرحتهم بهذا التراث السنوي ، وهو اليوم التاسع من ذي الحجة يوم عرفة من كل عام وحلول عيد الاضحى المبارك .

واوضح الباحث محمد جمال بأنه في هذا اليوم يقضي الاطفال مع أهاليهم يوما اجتماعيا ممتعا على ساحل البحر ، وهم يرددون أنشودة "الحية البية" المشهورة حيث يتعلم الاطفال كيفية الاهتمام بحاجاتهم الشخصية والتضحية بأعز ما لديهم من أجل أهاليهم ، ففي هذا اليوم الشعبي يتزين الاطفال باللباس الشعبي فتلبس الفتاة ثوب "البخنق" المطرز بخيط الزري الذهبي ، أما الولد أو الصبى فأنه يلبس " الثوب والصديري والقحفية" وهو غطاء الرأس ويكون الاطفال في أجمل حلة فيتوجهوا مع أهاليهم قبل غروب الشمس الى أقرب ساحل ، ثم يبدأوا إحتفالهم الشعبي بالافتخار بملابسهم وبجمال "الحية المعلقة على رقابهم ، ويردد الاطفال " حية بيه ويات حية على درب الحنينية " حتى آخر الانشودة ، وفى بعض القرى يردد الاطفال " ضحيتي ضحيتي حجي بي حجي بي الى مكة الى مكة زوري بي زوري بي واشربي من حوض زمزم زمزم " حتى آخر الانشودة.

وحول كيفية الحصول على الحية بية فقد أشار الباحث جمال الى أنه إما أن يشتريها الاطفال من السوق جاهزة على هيئة سلة من الخوص تسمى " قفه " وهى السلة التي يضع فيها المزارع التمر ليأكله ثم يضع الاطفال حب الشعير لينبت ، وكنا في السابق نقوم بصنعها في المنزل وهو ما نحبذه فيأخذ الاطفال علبة حديدية ونقطعها من الاعلى ونثقب اسفلها بثقوب كثيرة حتى يسمح بخروج الماء عند سقيها.

وغالبا ما تكون تلك العلبة هي علبة الاناناس الحمراء المعروفة والمتداولة بين الناس حيث يتم ملؤها بالتراب ثم يوضع بها بذر الحشيش او الشعير وتسقى بالماء حتى تنبت وتكبر ويتم ربطها بحبل رفيع حتى تعلق بسهوله فنستيقظ من صباح كل يوم لنرويها وهى تكبر يوما بعد يوم ، حيث تستغرق هذه العملية قرابة الاسبوع حتى تنبت البذور وتكبر ، ويذكّر الطفل الحية بأنه قد قام باطعامها وسقيها بالماء واهتم بها فيطلب منها ان لا تدعى عليه وان تجعله مسرورا بيوم العيد وبعودة حجاج بيت الله الحرام ، وبعد قضاء يوم ممتع يعود الاطفال مع أهاليهم الى منازلهم فرحين بعد قضاء هذا اليوم الشعبي الجميل ليستعدوا لعيد الاضحى المبارك.

وأشاد الباحث محمد جمال بجهود الجمعيات والمؤسسات المعنية بالتراث الشعبي في حفاظها على هذا الموروث من الاندثار واحياء عادة " الحية بية " لتستمر وتصل الى الاجيال القادمة ، حيث تستعد الجمعيات والهيئات الاجتماعية للاحتفال بهذه المناسبة قبل حلولها فيتم الاعلان في مختلف وسائل الاعلام عن تنظيمها لفعالية الحية بية وعادة ما يكون موقع الاحتفال على أحد السواحل الجميلة التي تشتهر بها الدولة فيقومون بتوزيع الحية بية على الاطفال ، كما تشارك في هذه الاحتفالية مختلف الفرق الشعبية التي تضفى مزيدا من الفرح والترفيه في قلوب الاطفال والاهالي ، ويستاءل الباحث ، هل يشرح الاب لابنائه كيف اصحبت الحية بية وهل تستمر هذه العادة التراثية التي لازالت تجاهد من أجل البقاء رغم اختفائها من بعض البلدان الخليجية.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 5:20 م

      لمن نستقي الأضحية من الهنود

      الأضحية عادة أسلامية تهدف ألى زرع قيمة البذل في سبيل الله في نفسية الطفل ، فبعد أهتمام الطفل بالأضحية و زرعها وصولا ألى يوم العيد يقوم الطفل بتزيينها و من ثم رميها في البحر فبهاذا يتعلم قيمة التخلي عن ما يحب في سبيل أذا ما أقتضى منه الدين ذالك . و لا أرى في مجتمعنا الأسلامي الأصيل عادة أستقاها الناس من ديانات أخرى مثل الهندوسية كي تكون الأضحية أحدى هاذه العادات ، و أما التشابه في الكيفية من تقديم الأضاحي فوارد في الكثير من الديانات .

    • زائر 2 | 8:59 ص

      شلخ تعش

      هذى عادة فارسية قديمة وليس لآبائنا علاقة بها لكن ما دامت تمارس لدى جماعة غير مغضوب عليها فهي تراث وثقافة وحتى من أصول الدين الحق

    • زائر 1 | 8:45 ص

      حيه بيه على درب لحنينيه. .على درب لحنينيه.

      حيه بيه على درب لحنينيه تراث رفاعي أصيل اهديناه إلى المنطقه ويرددونها كما علمناهم وينكرون أصلها الرفاعي وينسبونها إلى الهند والسند. حيه بيه على درب لحنينيه.

اقرأ ايضاً