العدد 4424 - الجمعة 17 أكتوبر 2014م الموافق 23 ذي الحجة 1435هـ

المراقبة الفاعلة للانتخابات

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

طورت المنظمات الدولية وكذلك برنامج الديمقراطية في الأمم المتحدة معايير دولية لكي تكون المراقبة لأية انتخابات يتوجب معرفة المنظمة المراقبة والمراقبين بالإطار والمعطيات والبيئة التي تجري في ظلها. ففيما يخص الإطار الذي تجري فيه الانتخابات يتوجب مراجعة الدستور، والقوانين المتعلقة بمجمل العملية الانتخابية ومن ذلك إجراءات التسجيل والقيد ومراجعة لوائح الناخبين والمرشحين والطعن، وضوابط الانتخابات من انفاق وتشكيل قوائم والدعاية الانتخابية وغيرها وكذلك النظام الانتخابي حيث هناك ما يزيد على 60 نظاما انتخابيا من الفردي حتى القوائم وما بينهما وكذلك نظام الدوائر الانتخابية الفردية، أو المحافظة أو البلد بأكمله وخليط ما بينهم. وبالطبع الجهة المناط بها التسيير والإشراف على العملية الانتخابية، “الداخلية” أو “العدل”، أو الهيئة الوطنية، أو القضاء وغير ذلك ويشمل ذلك دور المراقبين سواء من مراقبي الأحزاب أو المرشحين أو المنظمات الأهلية محلية أو إقليمية أو دولية.

أما المعطيات التي تجرى في ظلها الانتخابات فتشمل الأوضاع المحلية والإقليمية والدولية، وتشمل القوى والشخصيات المتنافسة من أحزاب ومنظمات وتكتلات وتحالفات ومكانة الانتخابات في العملية السياسية وأهميتها، ودور الدولة ما بين محايد أو منحاز أو قسري وما بينهم، والبنية السياسية وطبيعة النظام السياسي وبنية وتركيبة المجتمع القومية، والدينية، والمذهبية، والاثنية، ومدى تأثير عوامل متضاربة مثل العصبية القبلية والعشائرية والمناطقية مقابل اللحمة الوطنية والسياسية والايديولوجية، وغياب أو وجود الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع.

أما البيئة التي تجرى في ظلها الانتخابات فتشمل عوامل عديدة متداخلة، وتفاعلات قوى عديدة، ومن ذلك الاستقرار أو الاضطراب، السلم الأهلي أو الاشتباكات، الوحدة الوطنية أو الانقسامات بمختلف أشكالها القومية والدينية والمذهبية والقبلية، وغيرها، وأجواء الاطمئنان للعملية الانتخابية أو الريبة منها، أو الوثوق بحيادية الدولة، أو التوجس من انحيازها، وشفافية العملية الانتخابية أو غموضها، ونزاهتها أو انحيازها.

إن غالبية العوامل المؤكدة لانتخابات حرة ونزيهة وذات مصداقية وشفافية وعدالة، متوافرة في البلدان الديمقراطية الراسخة، ولذلك ورغم حدة المنافسة، بحيث يظن المراقب غير العارف، أنه يشهد معركة أو حربا، إلا أنه ما ان تظهر النتائج، إلا ويعود الهدوء ويقر الخاسر سواء كان تحالفا أو حزبا أو فردا بخسارته، ويهنئ التحالف أو الحزب أو النائب الفائز.

وبالمقابل يشكر الفائز خصمه ويؤكد مكانته في البرلمان القادم وفي العملية السياسية برمتها. وفي بعض البلدان مثل المملكة المتحدة فإن هناك حكومة تحكم وحكومة ظل، ترصد الحكومة، وتستعد للحكم متى ما فازت في الانتخابات. ومن أهم نتائج أية انتخابات نزيهة وعادلة عندما تتكرر أن يترتب عليها تداول للسلطة، فيخرج الخاسر من الحكم، ويستلم الفائز الحكم.

لكن الوضع في العديد من بلدان العالم الملكية والجمهورية على السواء، بما في ذلك تلك التي تدعي ملكية دستورية ديمقراطية أو جمهورية دستور ديمقراطية، هو اعتوار المعطيات والأوضاع والبنية التي تجرى في ظلها الانتخابات، والتي تتميز بسيطرة وتدخلات الدولة، وهندستها المسبقة، لتؤدي إلى نتيجة معروفة سلفا، بل ويشوب الانتخابات الإكراه والتزوير والتدليس، وهي تستهدف إضفاء شكلية ديمقراطية على النظام لضمان استمرارية النظام واستمرار سيطرة النخب الحاكمة، وعادة ما تكون لإرضاء الأسياد. وهنا يتوجب التنويه الى أنه وفي عدد من الحالات والبلدان فإن المعارضة ترى لا جدوى للعملية الانتخابية، وأنها تستهدف إضفاء الشرعية على نظام غير ديمقراطي ولذلك ترتئى مقاطعتها، وهذا حدث في عدد من البلدان ومنها اليونان وتايلند، وتونس ومصر وغيرها. وهو حق مشروع للمعارضة أحزابا أو أفرادا، وكما أنه من حق الدولة والمؤيدين للمشاركة الدعوة بمختلف الوسائل السلمية والمشروعة للمشاركة، فإن من حق الداعين للمقاطعة أحزابا وأفرادا، الدعوة لذلك بالوسائل السلمية والمشروعة، مع إتاحة الفرص المتساوية للمؤيدين والمعارضين في وسائط الإعلام الرسمية، وموضوعية الإعلام الخاص في تغطية العملية الانتخابية، ومواقف المشاركين والمقاطعين.

إن من أخطر عوامل انحطاط العملية السياسية والنظام السياسي هو وصف المشاركين بالوطنية ووصم المقاطعين بالخيانة أو العمالة، فالولاء للوطن يتجاوز الموقف من النظام السياسي أو عملية سياسية مثل الانتخابات.

لسنا في عالم مثالي، ولكن هناك معايير الحد الأدنى التي تتضمنها وثائق الأمم المتحدة مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والمدونات والمعايير التي وضعها برنامج الأمم المتحدة للديمقراطية، وكذلك المعايير التي وضعتها تكتلات دولية مثل منظمة الأمن والتعاون الأوروبي ومنظمات دولية مثل منظمة (IDEA) في ستوكهولم، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي والشبكة العربية لديمقراطية الانتخابات.

ما يثير كل ذلك وغيره هو الانتخابات النيابية المرتقبة في مملكة البحرين في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014 والاستقطاب الحالي ما بين المشاركة والمقاطعة، والمواقف الصدامية في السياسة والإعلام حول ذلك، بحيث يتطلب حوارا هادئا ما بين الأطراف السياسية المتنافسة، وكذلك مع اللجنة العليا للإشراف على سلامة الانتخابات، بحيث نخرج منها بأقل الخسائر على الوحدة الوطنية والوطن، وهو ما يتطلب مقالا آخر.

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 4424 - الجمعة 17 أكتوبر 2014م الموافق 23 ذي الحجة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 1:13 ص

      ليس لدينا علاقة بهذه المسرحية

      الانتخابات مسرحية يضحك بها على العالم والادهى ان دول الديمقراطية تصفق لمثل هذه المسرحيات فهل يقبلوا بمثل هذه الانتخابات في بلادهم؟

    • زائر 2 | 12:40 ص

      بوركت كلام واضح لبشر ليعرفون سوى تخوين الأشراف

      كلام واضح وصريح يتطلب التدقيق من بشر لا يفهمون سوى لغة التخوين ليتم قراءة النصوص الدستورية العالمية وقبلها الوطنية

    • زائر 1 | 11:18 م

      استفتاء عن رضا الشعب

      الانتخابات ربما احدى الادوات لقياس الرضا عند الشعب بطريقة غير مباشرة

اقرأ ايضاً