العدد 4442 - الثلثاء 04 نوفمبر 2014م الموافق 11 محرم 1436هـ

ضمانات الانتخابات النزيهة في تونس

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

وضع وفد الشبكة العربية لديمقراطية الانتخابات بمشاركة وفد الكواكبي للتحولات الديمقراطية لمراقبة الانتخابات التونسية خطة الإلمام بالتشريعات التي تنظم العملية الانتخابية والإحاطة بالبيئة التي تجرى في ظلها الانتخابات والقوى المتنافسة في هذه الانتخابات. لذلك وقبل سفر الوفد إلى تونس جرت مراجعة الدستور التونسي 2014 والقوانين والآليات المنظمة للانتخابات. كما جرى ترتيب برنامج عمل للوفد يتيح له الاجتماع مع الأطراف والمؤسسات والأحزاب المعنية بالعملية الانتخابية، قبل الانطلاق يوم الانتخابات في 26 اكتوبر/ تشرين الاول 2014 إلى مختلف الولايات، ومراقبة الانتخابات ميدانيا في العشرات من مراكز الاقتراع وهكذا شملت الاجتماعات اجتماعا مع الهيئة العليا للإشراف على الانتخابات في مقرها وبحضور رئيسها شقيق صرصار، وهي هيئة منتخبة من قبل المجلس التأسيسي من مستقلين لا ينتمون لأي من الأحزاب ويمثلون القطاعات المجتمعية كالنقابات والمحامين وقطاع الأعمال والأكاديميين، من 9 أشخاص بينهم امرأتان وإناطة مسئولية محددة لكل منهم.

وقد شرح أعضاء الهيئة بالتفصيل النظام الانتخابي وسلطات الهيئة الواسع واستقلاليتها وتوافق وثقة المجتمع السياسي فيها، وآليات إجراء الانتخابات وضمان نزاهتها وشفافيتها ومصداقيتها، وخصوصاً أنها جندت الآلاف من المتطوعين لتسيير الانتخابات بعد عرض ترشيح أي منهم في دائرته لتلقي أية اعتراضات، وقد تحصل العاملون منهم في القطاع العام والقطاع الخاص على إجازة براتب لثلاثة أشهر، ومكافأتهم رمزيا (120 دينارا تونسيا)، إضافة إلى المتطوعين من طلبة الجامعات والعاطلين عن العمل وهؤلاء مسئولون عن تسيير الانتخابات في تونس البلاد والمهجر.

أما العملية اللوجستية، فقد أنيطت بالجيش في حين تولت الحماية لمراكز الاقتراع قوات مختلطة من الجيش والداخلية والأمن الوطني في تونس البلاد وقد لمسنا فعلا من خلال مراقبتنا للانتخابات سلاسة في تعامل مختلف الأجهزة المناطة اليها العملية الانتخابية وتفانيا منهم وثقة بهم. من ضمن صلاحيات الهيئة الإشراف على تسجيل الناخبين، وتوزيعهم على مراكز الاقتراع وقبول ترشح المترشحين الذين يجب أن ينتظموا في قوائم حزبية أو ائتلافية أو مستقلة في الدوائر المنتمين إليها في تونس البلاد والمهجر، وبالطبع الإشراف على تسيير العملية الانتخابية في جميع مراحلها بدءا بتوفير التجهيزات وأماكن الاقتراع والاقتراع ذاته ثم فرز أوراق الاقتراع، واعتماد النتائج وإعلانها رسميا ومواكبة الانتخابات بإعلام الرأي العام خطوة بخطوة. كما تتضمن صلاحياتها إبطال قيد الناخبين ورفض مترشحين غير مؤهلين وإبطال نتيجة انتخابات ما وإبطال قوائم ونتيجتها في حالات المخالفات الجسيمة وتلقي الطعون والبت فيها.

بعدها التقينا ديوان المحاسبة الوطني برئاسة فضيلة قرقوري، حيث شرحت لنا مسئولية الديوان الإدارية والقضائية في رصد الإنفاق الانتخابي للمترشحين وكتلهم، حيث يتوجب على كل كتلة أن تفتح حسابا بنكيا، بتصرف إشراف الديوان، على كشوف الدخل والإنفاق، بحيث يحتفظ المسئول المالي للكتلة بوصولات الاستلام والصرف. كما يتضمن القانون إعطاء الديوان 25 في المئة على دفعتين من مجموع إنفاق الكتلة تدفع الأولى مع بدء الحملة الانتخابية والثانية بعد إعلان نتائج الانتخابات فإذا لم تحرز الكتلة 3 في المئة من أصوات الدائرة فيتوجب عليها أن ترد ما أخذته من المال العام وكذلك الأمر بالنسبة لمترشحي الرئاسة الـ27، حيث نسبة المدفوع من الديوان 20 في المئة من مجموع النفقات بالطريقة والشروط ذاتهما. وذكرت قرقوري أنه قد تم اعتماد 60 مليون دينار من المال العام لتمويل حملات المترشحين للانتخابات التشريعية والرئاسية. وهذا إبداع تونسي آخر لضبط وشفافية الإنفاق الانتخابي، وتحمل الدولة جزءا منه.

وبالنسبة للأحزاب فقد التقى الوفد عددا من الأحزاب في مقراتهم ومنهم حزب النهضة وحزب نداء تونس وآفاق تونس وناقش معهم برامجهم وملاحظاتهم على البنية السياسية الوطنية والإقليمية التي تجرى في ظلها الانتخابات والضوابط الدستورية والقانونية والمؤسسات المناط بها الإشراف وإجراء العملية الانتخابية ورغم بعض التباين إلا أن الجميع أبدوا حرصهم على انتخابات تنافسية شريفة وشفافة وذات صدقية، وثقتهم بالهيئة الوطنية للانتخابات وديوان المحاسبة والقضاء وترحيبهم بالرقابة الوطنية والأجنبية، وتصميمهم على هزيمة الإرهاب والسلم الأهلي، من خلال المشاركة الكثيفة في الاقتراع وتقبل نتائجه.

أما المجموعة الثالثة التي التقيناها فكانت مجموعات المراقبة الوطنية التونسية ومنهم (مراقبون) والتي تأسست في 2011 وراقبت انتخابات 2011 وستراقب انتخابات 2014 بـ4000 مراقب في جميع الدوائر في تونس البلاد وبعض دوائر المهجر. كذلك التقينا بمنظمة (عتيد) والتي هي تحالف لعدد من الجمعيات والنقابات الأهلية ولديها 130 مراقبا، وشبكة نساء من أجل الديمقراطية.

وبحسب المعلومات المستقاة من رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات شفيق صرصار فإن هناك 20 ألف مراقب من المجتمع المدني وما يقارب 60 ألف مراقب للأحزاب والكتل الانتخابية سيراقبون ما يقارب 5 ألف مركز اقتراع.

وضعت الهيئة العليا للانتخابات ضوابط على الحملة الانتخابية حيث حصرت إشهار المترشحين في أماكن محددة لكل مركز انتخاب وعادة ما يكون البلدية. وكذلك سمحت بإقامة المهرجانات الانتخابية بإخطار، وظهور المترشحين وممثلي الأحزاب والكتل في المحطات الفضائية الرسمية والخاصة، مع التنبيه على المحطات بتكافؤ الفرص ولكن دون قسر ومنعت أي نوع من اليافطات أو الملصقات خارج مقرات الأحزاب والكتل والإعلانات المدفوعة في جميع وسائط الإعلام. وفي حين اعتبر البعض ذلك عدلا إلا أن البعض اعتبره ظلما في مساواة أحزاب كبرى بأحزاب أو كتل هامشية. كما يتفق الكثيرون على أن هذه الإجراءات أفقدت الحملة الانتخابية حرارتها وحيويتها واثارت نقاشات تساعد الجمهور في الاختيار وبالنسبة للنظام الانتخابي القائم على تنافس قوائم ضمن الدائرة (الولاية) الانتخابية فقد ترتب عليه تضخم القوائم الى 1320 قائمة بمعدل 50 قائمة للدائرة (الولاية) الواحدة بما مجموعه 33 منها 27 دائرة في تونس البلاد و6 دوائر في المهجر بحيث يستعصي على الناخب غير المنتمي لحزب معين ومسبق الخيار، أن يختار من بين عشرات اللوائح وكثير منها مجهول.

ويرى الكثيرون أنه يتوجب بعد استكمال مؤسسات الجمهورية الثانية من برلمان ورئاسة، أن يعاد النظر في الهيئة الوطنية للانتخابات من حيث التركيبة والصلاحيات والجهاز المناط به العملية الانتخابية برمتها كذلك الأمر بالعملية الانتخابية بما في ذلك اعتماد الهيئة الوطنية واستبعاد عملية التسجيل، وخيار اعتبار تونس البلاد والاغتراب دائرة واحدة تنافس فيها لوائح وطنية، أو الإبقاء على نظام الدائرة (الولاية) ولكن مع ضرورة أن ينخفض عدد اللوائح المتنافسة إلى مستوى معقول. كما يتوجب النظر في نظام الحملة الانتخابية والتمويل والإنفاق وغير ذلك وبغض النظر عن كل الملاحظات التي سيقت بشأن العملية الانتخابية التشريعية فإنها من أفضل التجارب العربية، ومقاربة للتجربة المغربية، وبالطبع فإن ذلك لا يستبعد طموح التونسيين لتطوير نظامهم السياسي والحزبي والانتخابي. وعلينا رصد العملية الانتخابية الرئاسية لاختيار رئيس لتونس من بين 27 مترشحا غالبيتهم من قادة الأحزاب ومن بينهم مترشحان مستقلان وذلك في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014 لتكتمل صورة الانتخابات التونسية.

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 4442 - الثلثاء 04 نوفمبر 2014م الموافق 11 محرم 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً