العدد 4444 - الخميس 06 نوفمبر 2014م الموافق 13 محرم 1436هـ

وقوف الزمن أمام باب العرب

علي محمد فخرو comments [at] alwasatnews.com

مفكر بحريني

ليس ما سنذكره جلداً للذات أو انضماماً لجوقات الناحبين اليائسين، لكنه إبرازٌ لمثل من أمثلة فواجع الحياة السياسية العربية الرسمية على المستوى القومي.

في أكتوبر/ تشرين الأول من العام 2001، أصدر وزراء العرب المسئولون عن شئون التنمية والتخطيط والبيئة، إعلاناً مشتركاً لرفعه إلى مؤتمر قمة عالمي للتنمية المستدامة، كتعبير عن وجهة نظر العرب بشأن موضوع التنمية المستدامة.

بعد المقدمات والتشخيص والينبغيات، أكّد الوزراء أن تحقيق التنمية المستدامة في الوطن العربي تتطلب أن تكون صيغ العمل العربي المشترك في صورة اثني عشر بنداً من أهداف كبرى، سيعمل العرب على تحقيقها. فلنمعن النظر في أهم البنود وما جرى لها بعد مرور ثلاث عشرة سنة.

كان البند الأهم يتعلق بالحد من الفقر ورفع مستوى التعليم وإيجاد فرص العمل وحلّ مشكلة الديون وتعزيز التكافل الاجتماعي. اليوم، وبعد مرور السنوات، تركزت الثروة العربية في أيدي أقلية صغيرة، بينما زادت نسبة الفقراء لتشمل ثلث الأمة، وتقلصت الطبقة الوسطى إلى مشارف الفضيحة. وكحصيلةٍ لذلك زادت نسبة المهاجرين العرب إلى أوروبا وغيرها من بلدان اليسر، بحيث أصبحت ضعف نسبة المهاجرين الهنود الذين كانوا يضرب المثل بهجرتهم الكثيفة.

أما مستوى التعليم، فالكلّ يتحدّث عن تراجعه في جميع أجزاء الوطن العربي، وعن مصائب خصخصته، وعن ارتفاع نسبة الأمية، خصوصاً بين أطفال بلدان الكوارث الوطنية، كما في العراق وسورية وليبيا واليمن والسودان.

أما ديون أغلبية أقطار الوطن العربي فقد تضاعفت، بينما ازدادت نسب البطالة إلى مستويات كارثية لتصل إلى ستين في المئة عند البعض، وأما التكافل الاجتماعي فقد تكفلت الدولة العربية المتخلية عن التزاماتها الاجتماعية، بسبب ضغوط مؤسسات العولمة الرأسمالية الدولية، لتضعفه شيئاً فشيئاً، خصوصاً على حساب الفقراء والمهمشين.

في بند آخر يتعلق بالتنمية البشرية، وعد الوزراء بالاهتمام بصحة الإنسان ورعاية الطفولة والأمومة وتطوير مناهج التربية ومراكز البحوث العلمية والتقنية. اليوم نقف أمام فواجع تنكس الرؤوس: ملايين الأطفال والأمهات العرب يعيشون في مخيمات بدائية كلاجئين، بلا رعاية صحية وبلا تعليم، أو أنهم يهيمون على وجوههم في بلدان الغربة يستجدون ويتوسلون. أما مراكز البحث فيكفي أن نذكر أن بلداً كالصيِن، كانت وراء الكثير من بلدان العرب، تصرف الآن خمسةً وثلاثين ضعفاً مما يصرفه العرب على البحث والتطوير، ولا نحتاج إلى مزيد من المقارنات. وكيف ستوجد موارد للبحث في بلدان تصرف على شراء الأسلحة ضعف المعدل العالمي، ثم لتستعملها ضدّ مواطنيها العزل، وليس ضد أعدائها.

في بند ثالث يتحدّث الوزراء عن استقطاب الاستثمارات الأجنبية من أجل التنمية. هل نحتاج للحديث عن التراجعات في الاستثمارات الأجنبية وعن عبثيات تصدير الفوائض المالية العربية إلى خارج الوطن العربي؟ وهكذا تنتعش باريس ولندن وتذبل تونس والقاهرة؟

في بندٍ آخر يتحدّث الوزراء عن تشجيع التجارة البينية العربية. اليوم، كما كانت منذ أربعين سنة، تراوح تلك التجارة ما بين 8 و1 %، لكأن هذه النسبة قد أصبحت لعنة أخرى في حياة العرب.

أما الحديث عن تيسير انتقال الأفراد ورؤوس الأموال بين أقطار الوطن العربي، فقد أصبح نكتة سمجة عند معابر الحدود بين الأقطار العربية. طوابير من العرب ينتظرون الساعات ويجيبون عن مئات الأسئلة ليحصلوا على رخص الدخول، تقابلهم طوابير من الأجانب غير العرب يحصلون على رخص الدخول في دقائق أو يتمتعون بالاستثناءات التي تغدقها أرض العرب على ساكني بلدان ما وراء البحار والمحيطات.

الغريب أن الوزراء لم يشيروا ولو بكلمة عابرة إلى تطوير الحياة السياسية أو الثقافية أو الفكرية أو الإعلامية من أجل إغناء التنمية البشرية المستدامة التي وعدوا بالدفع نحوها.

محاولة مقارنة مقدار التطابق بين ما تقوله وتعد بتطبيقه الحكومات العربية على المستوى القومي وبين ما يحدث في الواقع بعد مرور بضع سنين، يظهر حجم المهازل والفواجع والسقوط في مسيرة هذه الأمة الحضارية، لكأن الزمن يقف حائراً متردداً عند باب هذا الوطن وهذه الأمة، وقوانين التقدم نحو المستقبل تجمد.

أمام مثل هذه المشاهد، هل يجوز أن يتساءل البعض عن حاجة هذه الأمة إلى حراكات شبابية كبرى تجري تغييرات جذرية؟

إقرأ أيضا لـ "علي محمد فخرو"

العدد 4444 - الخميس 06 نوفمبر 2014م الموافق 13 محرم 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 3:53 ص

      العلم نور

      هذا المقال علمي ويشخص حال العرب بفنونه وجنونه الغير متناهي عند العرب عندما يتفننون في صياغة البيانات الختامية في مؤتمراتهم وهم يسبغوا عليها تلك العبارات الرنانة والطنانة وهم يعدوا مواطنينهم بالجزايا والعطايا في مستقبل زاهر ينعموا به هم واولادهم من بعدهم.واذا بهذه الوعود تتحول الى سم قاتل يلفهُ الجنون المستطير القابع في عبوات الغازات السامة التي لا ترحم كبيرا او صغيرهذه حقيقة الانظمة العربية التي لا تعرف غير الكرسي موطأ تسكن اليه من لوثة مطالب الشعوب بحقوقهم.فاجعة ان لا ترى من يعلق على هذا المقال

اقرأ ايضاً