العدد 4444 - الخميس 06 نوفمبر 2014م الموافق 13 محرم 1436هـ

عودة إلى عاشوراء... في الفكر الاجتماعي

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

القيمة الفكرية والتربوية والأخلاقية والإجتماعية والإنسانية، تمثل محاور رئيسة في الأنشطة الدعوية والتوعوية والميدانية التي شهدها الحراك المجتمعي في عاشوراء. وتجسد ذلك في المحطات المهمة التي شهدناها في مختلف مواقع أنشطة عاشوراء في باربار التي استوقفتنا وجعلتنا نتمعن في بعدها الاجتماعي والإنساني والحضاري، كمقوم مهم في بناء المنظومة القيمية والأخلاقية للمجتمع.

خطيب المنبر الحسيني في حسينية جدنا المرحوم «سيد فاخر الوداعي»، الملا عباس الجزيري كرّس خطبه طوال أيام عاشوراء للتركيز على القضايا الفكرية والروحية والتربوية لمبادئ الإمام الحسين (ع) وأهميتها في بناء السلوك الأخلاقي للنشء، وضمن معالجته للموقف البطولي لمسلم بن عقيل (ع) كأساس للوعي بالقضية والثبات، بيّن ضرورة توفر عناصر القوى المتمثلة في القضية العادلة والإيمان بعدالتها، لتعزيز قيم الولاء للفرد والمجتمع.

وضمن مناقشته للبعد الروحي لقضية الحسين ومبادئ رسالته التاريخية والإنسانية، عالج جدلية العلاقة بين مبادئ العدالة والحق الإنساني في الحياة الكريمة وربطها بمعطيات المتغير في الظروف الإنسانية في الواقع المعاش، واستعرض مواقف المفكرين العالميين من مبادئ الإمام الحسين (ع) كمدرسة للإنسانية، واستشهد بموقف المهاتما غاندي، واعتزازه بمواقف الحسين الذي قال: «تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فأنتصر». مشيراً في سياق ذلك إلى أن المنظومة القيمية ومبادئ العدالة الانسانية التي نادى وضحى من أجلها الحسين قيمة مهمة في التاريخ الإنساني، وهي في حاجة إلى قراءة متمعنة، وهي محط إهتمام من قبل العديد من المفكرين العالميين.

وبالاتساق مع ذلك يمكننا التأكيد أيضاً على المكانة البارزة لقضية الحسين في اهتمامات الكتاب والمثقفين والشعراء، على سبيل المثال في ديوان الشاعر قاسم حداد «خروج رأس الحسين من المدن الخائنة»، ويجري تسليط الضوء على ذلك العمل الأدبي في صحيفة «الوسط» (العدد 185، الإثنين 10 مارس 2003) حيث يشير المحرر الثقافي في الصحيفة إلى أن الشاعر «تحدّث عن الحسين وراح يرسم ملامح الثورة وأزمتها في واقعنا العربي في القصيدة التي تحمل عنوان (خروج رأس الحسين من المدن الخائنة). الشعارات التوعوية بما تتضمنه من قيم ومفاهيم تشكل منظومة رسائلها التوجيهية منهجاً مكملاً للخطب الدعوية والتوعوية.

وتصادفنا هذه الشعارات في مختلف زوايا المآتم والحسينيات، حيث يحرص القائمون عليها تتويجها بالشعارات ذات الدلالات الفكرية لعاشوراء، ومن أبرزها الشعار الذي يشير إلى أنه «بمقدار ما يكون التعاطي مع ذكرى عاشوراء واعياً وناضجاً وأصيلاً، تكون الصياغة لأجيال الأمة واعية وناضجة وأصيلة»، وهو شعار يحث على تبين جوهر المعاني الإنسانية والقيمة الحضارية لمبادئ عاشوراء.

ثقافة التواصل الاجتماعي قيمة إنسانية عزّز وجودها مراسم عاشوراء، وهذه القيمة الحضارية ليست وليدة اليوم بل تدخل ضمن المسار التاريخي لمراسم عاشوراء وكانت الساحات والأزقة في المنامة وكرباباد والديه ثرية بالمشاهد التاريخية التي تغص في التاسع والعاشر والحادي عشر من محرم بأبناء البحرين من مختلف الطوائف والفئات الاجتماعية الذين يزحفون زرافات زرافات من مناطق ومدن وقرى البحرين المختلفة للمشاركة في هذا الحدث الإنساني. وتلك الظاهرة أكدت حضورها في المشاهد التي عشنا وقائعها في باربار حيث توافد أبناء القرية من مختلف المناطق لإحياء مناسبة عاشوراء، مجسّدين ملحمة إنسانية لثقافة التواصل الاجتماعي.

البيئة وقضايا النظافة العامة لها حضورها أيضاً في البرامج التوعوية التي تبنتها المآتم في مختلف مناطق البحرين، وذلك تقليد سنوي يجري تطويره بشكل متواتر ضمن أنشطة عاشوراء. ويمكن تلمس نتائجه الإيجابية في تغيير السلوك الفردي والاجتماعي في التعاطي مع مفهوم النظافة العامة والحرص على الالتزام برمي المخلفات في المواقع المخصصة لها أثناء الأنشطة المختلفة لإحياء عاشوراء، وذلك ما لمسناه من ظاهر مشاركة أشبال كشافة الإمام المنتظر في جمع علب الماء الفارغة، وما يعزّز ذلك المنجز مشهد الرجل المسن وهو يجمع العلب الفارغة من أمام مسيرة عاشوراء.

مبادرات المآتم لتفعل برامج التوعية البيئية في عاشوراء حدث ذو دلالة، ومن تلك المبادرات التي يمكن الإشارة إليها، مبادرة مأتم الشويخ في باربار حيث دشن بالتعاون مع بلدية المنطقة الشمالية شعار «عاشوراء نرتقي: عاشوراء بيئة نظيفة»، حيث حرص القائمون على هذا المشروع الحضاري وضع خطة توعوية لتنمية الوعي البيئي للمجتمع، تستمر حتى نهاية صفر. وفي إطار السعي للوقوف على حقيقة المشروع وأبعاده ومعرفة أثره الايجابي في بناء السلوك الاجتماعي للاهتمام بالحفاظ على النظافة العامة عملنا على الالتقاء مع القائمين على المشروع الذين بينوا لنا بأنه على الرغم من المصاعب التي واجهت المشروع، أمكن توفير حاويات القمامة وذلك يسر من عملية نشر ثقافة الاهتمام بالنظافة العامة، والتمكن من تحقيق نتائج إيجابية يمكن ملاحظتها بشكل ملموس في ممارسات الأفراد خلال مراسم إحياء عاشوراء، وأن ظاهرة النظافة في المواقع الرئيسة صارت أفضل، والثقافة البيئية تشهد تحولاً ملموساً في مواقف الأفراد ومفاهيم المجتمع.

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 4444 - الخميس 06 نوفمبر 2014م الموافق 13 محرم 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 3:00 ص

      صباحكم عشق حسيني...

      ظ¤: لاحظنا أن كل أصناف الناس مشاركه أطفال و عجزه ونساء ونعلم أن هنا وضع أمني صعب وانفجارات، ومع هذا الناس تزيد باطمئنان تام و لا يفكرون بأي حدث قد يحصل؟ ما السر؟
      ظ¥: أي تجمع يحصل عادة له سبب معين أو شيء مقابل أو دعوة لذلك، ولكن هنا شخص توفي من ظ،ظ¤ظ ظ  سنة والناس يأتون اليه بهذا العدد وبلا دعوه أو مقابل ما السر ؟
      الجواب في خطبة السيدة زينب عليها السلام في مجلس ابن زياد في عام ظ¦ظ، للهجره
      فوالله لن تمحو ذكرنا....

    • زائر 5 | 2:58 ص

      صباحكم عشق حسيني...

      ظ¢: نعلم أن التجار عادة تنتظر هكذا مناسبات لتفتح محال و تسترزق منها ولكن هنا الكل أغلق محاله ورزقه و فتحوا مطاعم مجانيه يوزعون طعام وشراب ونوم وخدمات شامله بلا مقابل ، من أين تأتي هذه الميزانيه الهائلة التي لا تقدر عليها أكبر وأغنى الدول لإطعام وخدمة هذا العدد المليوني من الناس؟
      ظ£: كشفنا وضع مدينة كربلاء والنجف وجدنا أن المصارف الصحية والمرافق ليست مجهزة لهذا العدد الكبير فيجب أن يحصل على الأقل طوفان في المصارف الصحية و المياه، ولكن لم يحصل هذا فكيف تمّ التصرف بهم؟
      (تابع)

    • زائر 4 | 2:54 ص

      صباحكم عشق حسيني...

      *جاء وفد ألماني في عام 2013 لإجراء تعداد لعدد زوار الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء بمناسبة الأربعين
      وبعد إنجاز مهمته حيث وقتها كان عدد الزوار في فترة الأربعين ناهز عشرين مليون زائر وخلال عشرة أيام
      إجتمع الوفد مع مسؤولي الروضه الحسينيه وطلب إجابه عن الأسئلة التأليه
      ظ،: الشعب العراقي معروف بطبعه قاسي وعصبي وبهذا التجمع المليوني نحن راقبنا جيداً لم نجد أحد تشاجر مع الآخر أو عصب بل العكس أخلاقهم زايدة عن كل الاوقات
      ما السر بهذا؟??؟؟؟؟
      (تابع)

    • زائر 1 | 2:47 ص

      كشافة المنتظر

      شكرًا لكشافة المنتظر على حمل هذه المسؤلية و هي بادره لان يكون سلوك جميل في الإحتفالات و المناسبات الدينية و الإجتماعية و شكراً للكاتب لتسليطه الضو على مثل هذه السلوكيات

اقرأ ايضاً