العدد 4458 - الخميس 20 نوفمبر 2014م الموافق 27 محرم 1436هـ

وقفة للتأمل في الحراك الانتخابي

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

الحراك الانتخابي يحط رحاله غداً في عالم مجهول وتهدأ الحملات الانتخابية في انتظار ما تفرزه مواقف الناخبين من نتائج. والمتابع للحملات الانتخابية بمختلف اتجاهاتها وتوجهات شعاراتها يدرك حجم المفارقات في المواقف والمرئيات بشأن تقييم المشاركة في الانتخابات. وعلى الرغم من تباين المواقف بشأن العملية الانتخابية ينبغي أن ندرك حقيقة الخيط الايجابي الذي يربط آراء الفريقين في الإقرار بأن ذلك جانب صحي وتجسيد للقيم الديمقراطية والحقوق الدستورية الذي يؤكد على ثوابت احترام الرأي والرأي الآخر.

المفارقة الأخرى التي تشكل ظاهرة غير مسبوقة في الحراك الانتخابي منذ بدء العملية الديمقراطية في البحرين، الكم الكبير من المترشحين والخليط غير المتساوي وغير المتجانس في مستوياته المعرفية والتعليمية والثقافية وتجاربه وقدراته. وأثار ذلك المشهد تساؤلات ومخاوف المجتمع من مدى جدية المترشحين في الإيفاء بوعودهم وخدمة المواطن، وأفرزت الحوارات التي شهدناها مدى الوعي الذي يتميز به مجتمعنا البحريني في تشخيص الواقع وتحديد رؤيته من نوعية المترشح وجديته وصدق نواياه.

الحوار الاجتماعي برلمان موسع ويمثل مؤشراً مهماً في تقييم المشهد الانتخابي، وعلى الرغم من الاختلاف في المرئيات ينبغي الإقرار بحقيقة أن ذلك الحوار يمكن أن نستنتج منه مخرجات عملية يجري الاستفادة منها في تشخيص الواقع وتصنيف نوعية الفئات المترشحة للظفر بعضوية البرلمان. وما هو ملفت أن جميع من استمعنا إلى آرائهم يتفقون على تحديد ثلاث فئات لنوعية المترشحين، وتشير إلى فئة المترشحين الذين يشكل الهم المالي وتحقيق المكانة الاجتماعي والظفر بالامتيازات التي تقرها القواعد الدستورية هدفهم الرئيس. وهذه الفئة من المترشحين لا يتميزون بكفاءة تعليمية أو معرفية ناهيك عن الخبرة المهنية في إضافة المفيد للعمل البرلماني. والمترشحون الذين لا تتعدى قدراتهم وكفاءتهم حدود العلاقات العامة وإدارة المناشط الاجتماعية، وفئة المترشحين المعروفين بكفائتهم التخصصية والمهنية وبتاريخهم وخبراتهم في العمل الوطني والاجتماعي والنقابي، وذلك النوع يمثلون قلة في المشهد الانتخابي.

وبالتوافق مع ما جرى من توصيف لحقائق الحوار الاجتماعي، يمكن مقاربة ذلك بما نشرته «الوسط» (الثلثاء 18 نوفمبر 2014)، من رؤى لعدد من المترشحين ومنهم الكاتب جميل المحاري الذي قال «من الواضح أن النواب لن يستطيعوا عمل الكثير في ظل مجلس نيابي مكبل ومنقوص الصلاحيات، ولكن مع ذلك هناك العديد من الأدوات البرلمانية التي يمكن استغلالها لخدمة تطلعات المواطِنين في محاربة الفساد وتطبيق العدالة الاجتماعية وعدم التمييز، وغيرها من القضايا الأساسية». وأشار إلى أنه «من أهم المحاور التي طرحتُها في برنامجي الانتخابي هي صيانة الحريات العامة والخاصة والتوزيع العادل للدوائر الانتخابية وتعزيز المواطنة ومحاربة التمييز والتجنيس بالإضافة إلى المساهمة في إعادة اللحمة الوطنية. صحيحٌ أن هذه المحاور قد لا نستطيع تحقيقها، ولكن تبقى هي القضايا الأساسية التي يطمحُ الجميع إلى تحقيقها وعدم إغفالها أو تجاوزها».

المناظرة في مركز الجزيرة الثقافي سلط الضوء أيضاً على جانب مهم من الظروف المحيطة بالمشهد الانتخابي، ويمكن تبين ذلك في كلمة مدير المناظرة أحمد ملك حيث قال إن «البحرين تمر بأزمة سياسية واقتصادية، وتقييم التجربة الديمقراطية ضعيف لدى بعض المواطنين حيث كان الشعب يطمح لأكثر من ذلك، خاصة مع تقليص صلاحيات المجلس حيث لا يخدم ذلك مصالح المواطنين وترك أثراً سلبياً على الأداء».

والمشاركون في المناظرة طرحوا مرئيات تدلل على القدرة المهنية في دعم العمل البرلماني وذلك ما يمكن تبينه في مرئيات المستشار النقابي محمد المرباطي ضمن إجابته على السؤال بشأن المال السياسي ودوره في إيصال واختيار النائب، حيث أجاب بأن «فساد المجتمع هو فساد للدولة، والسلطة التشريعية هي أهم مؤسسة في الدولة وفسادها يفقد المواطن حقوقه، أما انتشار الرشوة فيشير إلى أزمة دينية واجتماعية وقانونية وقد أصبحت ظاهرة لابد أن يواجهها الجميع».

وفي سياق إجابته عن أسباب ضعف أداء النواب ومدى كفاءتهم في المجلس النيابي، بيّن أن «أية دولة من مصلحتها وجود سلطة تشريعية قوية، وهو ما فشل فيه البرلمان السابق، كما أن المجتمع يعاني من عدم الهوية الوطنية الجامعة، وتغلب عليه الهوية الطائفية، ونحن نرى أن قوة المجتمع هي في توحده والتفافه حول الهوية الوطنية الجامعة».

القراءة المتمعنة للمرئيات الاجتماعية والكفاءات المتميزة للقلة من المترشحين تشير إلى ضرورة العمل الوطني للارتقاء بالعمل البرلماني، فبالإضافة إلى اتخاذ إجراءات جذرية لتصحيح واقع المشهد السياسي في بلادنا، يتطلب الأمر أيضاً دراسة إمكانية اعتماد اشتراطات تحدّد نوعية المترشح وكفاءته العلمية والتعليمية والمعرفية، إلى جانب المتطلبات الإجرائية التي تحكم عملية الترشح في الانتخابات والاستفادة في ذلك من خبرات دول الديمقراطيات العريقة. ولإثراء العمل البرلماني من الطبيعي أن يجري العمل في اعتماد نظام التمثيل النسبي للقطاعات المهنية، لتمكين الجمعيات النسائية والعمالية والبيئية من المشاركة في العمل البرلماني.

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 4458 - الخميس 20 نوفمبر 2014م الموافق 27 محرم 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 4:02 ص

      مقال موضوعي

      ليس في المقال ترويج للمشاركة ولا تحريض على المقاطعة فيجب تناول ماو رد من نقاط بموضوعية بعيدا عن الهجوم على الشخصي.

    • زائر 5 | 2:09 ص

      مرضى النفوس

      غريب ما طرحه المعلقون الذين هم من صنف واحد اذا لايكون شخص واحد وذلك يدلل على النفوس المريضة التي لم تكتفي بزعاقها عبر موقع معروف وشتمها للاشخاص جاءت لتستخدم هذا المنبر الاعلامي للهجوم على انسان صاحب شأن وليس في حاجة البحث عن الوجاهة
      السيد تحدثنا معه مساء أمس وأكدنا عدم رضانا من تصرفات مرضى النفوس تجاهه وقابل حديثنا بالضحكة وعدم الاكتراث بذلك وقال لا تشغلو حالكم باحاديث غير مفيدة وقال أنا لا أهتم بما يقوله من لا يدرك ابجديات العلاقة مع الناس ومجتمعنا في حاجة همة العقلاء لذلك ترفعوا على هكذا خطاب.

    • زائر 10 زائر 5 | 5:41 ص

      زائر6

      وانت نفس الاشخاص ههه العب غيرها

    • زائر 4 | 11:18 م

      7

      كأني اقرأ درس في التاريخ

    • زائر 3 | 10:55 م

      عجبني التمثيل النسبي

      لتمثيل الجمعيات النقابية والنسائية لكن مع اضافة البيئة اهم شي ليحضي المحضوض لدخول البرلمان. لاسترجاع المنهوبة اراضيهم واو حلوة النسبية ياريت تصير بس مابسونها يخافون النقابات العمالية لكن سيد خوش دعاية لبرلمان

    • زائر 7 زائر 3 | 2:26 ص

      لماذا لاتريد أن يكون هناك اهتمام بمجال البيئة

      نصيحتي لك إذهب وتمعن جيداً في الدستور الأوربي والدول المتقدمة ستلاحظ أن ما تفضل به الكاتب الوداعي في قمة النضج السياسي فهو يحافظ على الوطن والمواطن بينما انت تجهل ما تقول

    • زائر 2 | 9:50 م

      حلم

      حلم الوجاهه يجعلك تنسى حلم الواقع المر ممكن الحكومة الحكم سيان يعطونهم بعض الانجازات وتبقى القلة هي المسيطرة على كل شيء في هذا البلد وما هذا المجلس سوى ديكور لتلميع صورة الوضع ونقول قطار التغيير بدء من اصغر بلد وسيشمل جميع الدول ذات الحكم الالهي المطلق وحاليا لا يضحك المحاري على نفسه فاإنجازه مقدما صفر على الشمال ونقول مقاطعة هي شعارنا

    • زائر 6 زائر 2 | 2:24 ص

      لماذا تحقد على البحرين وشعبها الوداعي شريف

      أين الديمقراطية التي ننادي بها
      شخصية دولية بيئية مثل دكتور شبر إبراهيم الوداعي لايختلف إثنان عن وطنيته وإخلاصه في المجال البيئي ومن باب التوضيح للجميع فإن الوداعي لدية وعي سياسي عقلاني بل بات من الشخصيات المعروفة في هذا المجال وبالامكان البحث عنه من خلال المؤتمرات والندوات واللقاءات الدولية في مجال البيئة للعلم الدكتور شبر أحد الشخصيات التي تعتمد عليها الجمعيات السياسية وهو انسان حكيم.
      أنصح مريضي النفوس و الحاقدين على مملكة البحرين وشعبها عدم التطفل مع كبار القوم

    • زائر 1 | 9:18 م

      كلام ليس له معنى

      انت تعرف قبل غيرك ان المنتخبين مولوا بالمال فدخل المتسلق والمنافق

اقرأ ايضاً