العدد 4465 - الخميس 27 نوفمبر 2014م الموافق 04 صفر 1436هـ

مجلس تعاون في خدمة أمته العربية

علي محمد فخرو comments [at] alwasatnews.com

مفكر بحريني

آن الأوان أن تدرك أنظمة الحكم في دول مجلس التعاون الخليجي أن هذا المجلس، بأهدافه وأحلامه وقراراته المصيرية وإمكانياته المادية والمعنوية الكبيرة، ليس مسئوليتها وحدها. لقد أصبح ابناً غالياً في أفئدة وعقول شعوب دول المجلس أيضاً.

من هنا فان أية مواقف كبرى تتخذ باسمه، والتي قد تعرّض مسيرته أو وجوده للخطر، يجب أن تأخذ في الحسبان مشاعر وتوجُّهات وحسابات تلك الشعوب. ذلك أن هذه الشعوب تعتبر رابطة العروبة الموحِّدة، تاريخاً وثقافة ومصيراً ومصالح، وعلى كل المستويات، مكمّلةً ومعزِّزةً لكل تطلُّعاتها وممارساتها الوطنية.

مناسبة التذكير بهذه البديهية هو بعض المواقف أو بعض القرارات التي أخذتها، أو قد تتخذها، بعض دول المجلس، والتي من الممكن أن تؤدّي إلى انهيار مجلس التعاون أو إضعافه أو حرف مسيرته. وينطبق الأمر نفسه على المواقف والقرارات التي اتخذت أو سوف تتخذ، والتي قد تؤدّى إلى إضعاف صراع هذه الأمة مع الوجود الصهيوني الاستيطاني، أو تمزيق لحمة المجتمعات العربية بزجّها في صراعات طائفية أو مناطقية عبثية. إن مثل هذه القرارات والمواقف لا يمكن تبريرها بشمّاعة السيادة الوطنية، ولا هي تتماشى مع التزامات العروبة والمصالح القومية العربية العليا التي يجب أن تعطى أولوية متقدمة في قائمة الأولويات.

مثل هكذا مواقف وقرارات مفصلية في حياة شعوب مجلس التعاون، وبالتالي شعوب الأمة العربية جمعاء، لابدّ أن تصدر عن إرادة مجتمعية مشتركة، ما يعني أنه آن الأوان لقادة مجلس التعاون التفكير في الوسائل التنظيمية والسياسية التي ستمكّنهم من معرفة صادقة بتوجهات أكثرية أفراد شعوب المجلس تجاه القضايا الوطنية والقومية الكبرى، وذلك قبل اتخاذ قرارات بشأنها أو مواقف تجاهها.

ما عاد صالحاً ولا مقبولاً أن تتعامل دول المجلس، مجتمعةً أو منفردةً، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، مع العدو الصهيوني الذي لا يترك رذيلة سياسية وأمنية إلا ويمارسها يومياً ضد شعب فلسطين العربي في الداخل والخارج، أو تتعامل مع الدول الاستعمارية التي تعمل ليل نهار على تمزيق الأمة العربية ومنعها من التوحد والنهوض، أو تتعامل مع القوى التكفيرية الإرهابية التي تعيث في أرض العرب فساداً وتدميراً لبنيتها الاجتماعية وتهدّد بإقامة أنظمة حكم بربرية بدائية في هذا القطر العربي أو ذاك، أو تتعامل مع إملاءات بعض المؤسسات الدولية السياسية والاقتصادية التي سيؤدّي الأخذ بها إلى الإضرار بملايين الفقراء العرب أو الإضعاف الشديد لالتزامات الدولة العربية تجاه شعبها.

نقول إنه ما عاد صالحاً ولا مقبولاً أن تتم تلك التعاملات دون أن تكون لشعوب دول المجلس كلمةٌ بشأن تلك التعاملات. ونستطيع أن نعطي عشرات الأمثلة على مواقف وقرارات ما كان لشعوب دول المجلس أن توافق على الأخذ بها لو أن آراءها ومشاعرها جرى التفتيش عنها.

نقول ذلك لأن شعوب دول المجلس بدأت تضيق بالخلافات غير المسوّغة التي تعشعش داخل المجلس وتكبر وتهدّد مستقبله، ولا عادت هذه الشعوب تطيق رؤية بلدانها وهي تغوص في أوحال الأوضاع الكارثية التي يعيشها الوطن العربي حالياً، وإن بنسبٍ مختلفة، وإن بقصد أو بغير قصد.

شعوب هذه المنطقة تريد أن تساهم دول المجلس، أنظمتها السياسية وقوى ومجتمعاتها المدنية، في حلّ قضايا الأمة العربية من خلال تبنّي سياسات أخوية موضوعية معقولة تساعد على إخراج الأمة العربية من الجحيم الذي تعيشه الآن.

شعوب دول المجلس تريد أن ترى ثرواتها البترولية الهائلة في خدمة مسئولياتها والتزاماتها القومية.

في دول العالم الديمقراطية تعرف أنظمة الحكم توجُّهات ومشاعر شعوبها إما من خلال برلمانات منتخبة تمثل جموع الناس، أو من خلال استفتاءات دورية، أو من خلال الإجابات على أسئلة تطرح على عيّنات تمثّل جميع شرائح المجتمعات. إضافةً إلى ذلك، تلعب وسائل الإعلام الحكومية وغير الحكومية أدواراً مهمة في إجراء نقاشات واسعة لمعرفة توجُّهات المواطنين. أما عندنا في دول المجلس، فإن أغلب تلك الوسائل لمعرفة رأي المواطنين غير متواجدة، أو غير مستعملة، أو غير موثوق بنتائجها.

في اعتقادي أن الأمانة العامة لمجلس التعاون يجب أن تدعو مجموعةً من ممثّلي مؤسسات المجتمع المدني في دول المجلس، لوضع تصوّرات عملية تُقدّم لقادة دول المجلس لإقرارها، وذلك لحلّ إشكالية التعرُّف على توجهات ومشاعر شعوب دول المجلس تجاه ما يؤخذ من قرارات كبرى باسمها ولكن دون إشراك حقيقي حقوقي لها.

نقول لمسئولي دول المجلس: احذروا من اتساع الهوَّة بين أفكاركم ومشاعركم وبين أفكار ومشاعر شعوبكم.

إقرأ أيضا لـ "علي محمد فخرو"

العدد 4465 - الخميس 27 نوفمبر 2014م الموافق 04 صفر 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 4:31 ص

      لا تتأمل خيرا من مجلس لا يأبه بمطالب شعوب الخليج

      لم يبتهج شعوب دول الخليج بهذا المجلس يجعلهم يتعلقون به ويدافعون عنه كما حدث ويحدث في الاتحاد الأوروبي ، قرارا الآتحاد الإوروبي تتخذ بعد دراسة متأنية ودقيقة وفيها مصلحة لشعوبهم لذلك نرى تلك الشعوب تدافع عن هذا الاتحاد ، قارن الوضع مع مجلس التعاون لدول الخليج ترى الشعوب غير مكترثة به ولا بقراراته ولا يهمها متى يجتمعون ومتى ينتهون وما يصدر من قرارات لأنها في النهاية ليست في صالح المواطن ولا تمس حياته ومستقبل أولاده. ...قرارات دول المجلس في واد والمواطنين الخليجيين في واد آخر. لذلك لا تتأمل خيرا.

    • زائر 4 | 12:53 ص

      هوَّة كبيرة وعميقة

      الهوَّة كبيرة وعميقة بين أفكار ومشاعر الشعوب وبين أفكار ومشاعر الحكام في الخليج، بل أن هذه الأنظمة ماضية في مشروعها السلطوي غير المعترف بحق هذه الشعوب إلا القليل

    • زائر 3 | 12:50 ص

      المجلس بعيد كل البعد عن المواطنين ولا يخدم سوى الانظمة

      لماذا لا يوجد لهذا المجلس أي مكانة لدى المواطنين؟ ببساطة لأنه لا علاقة له بهم ، وكل مواطني الخليج يعرفون ان هذا المجلس يختص بالأنظمة فقط وفقط لذلك هو على مدى اكثر من ثلاثة عقود لم يقدم شيئا يذكر لمواطني المجلس

    • زائر 2 | 12:48 ص

      احمد

      مجلس التعاون يجتمع داءما للتامر علي شعوبه فقط واخرها انتربول الخليج

    • زائر 1 | 10:21 م

      استاذي

      استاذي معذره. كأنك لاتعلم ان حكام المجلس بالاخص عن باقي الحكام يعتبرون ان الدوله لهم والشعوب لهم وكل شئ لهم وعلى كيفهم ولااعتبار لشعوبهم. والسبب ولاة الامر الذي لايجب الخروج عن طاعتهم ولو كانو ظالمين ..

اقرأ ايضاً