العدد 4472 - الخميس 04 ديسمبر 2014م الموافق 11 صفر 1436هـ

ثقافة النقد... الطاقة السلبية نموذجاً

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

النقد ثقافة تتجسد باتجاهات ومناهج مختلفة في مكونها ومقاصدها، ويحدد ميزان نوعها باتجاه الإيجاب أو السلب المستوى التعليمي والمعرفي والمكون النفسي والصفات السلوكية والبناء القيمي للفرد ونوع مكونه الثقافي والأخلاقي.

الطاقة الإيجابية والسلبية مؤشر رئيس في صناعة نوع وطبيعة النقد من جوانبه الايجابية أو السلبية، وتُبنى الطاقة الإيجابية والسلبية للإنسان بفعل عوامل متداخلة في تأثيرها على بنية شخصية الفرد وتكوينه الفكري وبنائه السلوكي، وذلك يحدد منهج واتجاه الفرد في معالجته وفهمه للقضايا المجتمعية والفردية وطبيعة ومنهج سلوكه في تشخيصه للأفراد والمجتمع، وما يؤدي ذلك من أثر مباشر في تحديد منهج التوجه الفردي في تشخيصه وتوصيفه لمحددات الرؤى والأحكام في معالجاته النقدية للقضايا المجتمعية.

الطاقة السلبية ظاهرة مرضية ونتيجة سلبية لانفصال الفرد عن واقعه الاجتماعي والانكفاء على الذات والعيش بشكل منعزل عن المحيط الاجتماعي، وينتج ذلك بسبب الأخطاء الشخصية في إدارة واقعه الحياتي والذي يؤدي إلى الحالة السلبية في الفشل الشخصي والعائلي والإجتماعي للفرد، وعدم قدرته على إدارة تصرفاته وتحكيم سلوكه في إدارة علاقاته بمحيطه الإجتماعي. وتتسبب تلك الحالة في إنتاج شخصية انطوائية وعدوانية وحاقدة على كل ما يحيط بها، وتكون متناقضة في تصرفاتها، وتشكل الغيرة والحسد جوهراً رئيساً في تقييمها للمنجز الشخصي والابداعي للآخر، وتكره الخير لغيرها. ويعكس ذلك الواقع أثره السلبي في تكوين نظراتها الشخصية غير الموزونة في تقييمها للآخرين والتي تكون في غالبها متناقضة وغير مؤسسة، وبالتالي تفتقد للموضوعية والحكمة والصواب.

الشخصية الانطوائية منتج لمؤثرات الطاقة السلبية وليس بالضرورة أن تحدث تلك النتيجة خارج الوجود الاجتماعي للفرد، بل يمكن أن تجد هكذا حالة ضمن الواقع المعيشي للفرد في المنظومة المجتمعية. وعلى الرغم من أن هكذا نوعاً من الأشخاص يتواجدون ضمن المنظومة المجتمعية إلا أنهم يعيشون ضمن عالمهم المتناقض والمختلف خارج الوجود الاجتماعي، ويمارسون أنشطتهم المختلفة في طبيعتها وقيمها بخلاف ما هو سائد من أعراف وقيم للسلوك الاجتماعي. لذلك بمجرد ظفر هكذا نوع من الأفراد بخيوط قضية خلافية ضمن معضلات الحراك المجتمعي تجدهم يسطرون الحكايات والمواقف المفتعلة والتقييم غير الموزون لطبيعة الأشخاص ومواقفهم ومرئياتهم وما يطرحونه من مخرجات للمعضلات الاجتماعية. وبالاتساق مع ذلك النهج تسعى تلك الشخصيات إلى صبّ جام غضبها وتوجيه النقد الموتور وغير البناء للأفراد بناءً على حقائق ليس لها وجود في ما يجري تشخيصه من مواقف للمشكلة الخلافية.

البناء الفكري الرشيد يؤسس لبناء شخصية فكرية إيجابية نافعة وموزونة في رؤاها ومعالجاتها، يمكن أن تسهم في بناء حركة نقدية نوعية مؤسسة وإيجابية في فهمها ومعالجاتها للقضايا المجتمعية. وعلى النقيض من ذلك يتسبب البناء الفكري غير الرشيد في إيجاد فئة سلبية تعيش على فتات الفكر والمعارف الإنسانية وقشور الرؤى، وتفتقد إلى الثقافة المعرفية الرصينة وتتبنى نهج الصنمية الفكرية والمناهج الصدامية المغلوطة والهدامة في معالجاتها النقدية للقضايا المجتمعية وتقييمها للإبداعات الفردية لتأكيد وجودها الاجتماعي الذي يشبه فقاعة الصابون في المياه الآسنة. ويمكن أن نجد هكذا عينات في واقعنا المعاش وضمن محيطنا الاجتماعي والتي يشكل وجودها معضلة لمسار العمل المجتمعي الموجّه والإيجابي في مقاصده، نتيجة مسلكها الفوضوي وعدوانية مواقفها وممارستها. ويتسبب وجودها في التأثير السلبي على مسار العمل المؤسس للحراك الاجتماعي ويفضي نهجها في معالجة قضايا الاختلاف وطرح مرئياتها في معضلات الشأن الوطني والعام وبالأخص تلك التي يجري تناولها في صفحات الرأي ومواقع التواصل الاجتماعي وحلقات الحوار الثقافي والاجتماعي، إلى حرف المسار وتشتيت انتباه المتلقي وإرباك القارئ في فهم حقائق المعضلة الاجتماعية التي يجري معالجتها.

تبيان حقائق ما جرى توصيفه لواقع مؤثرات الطاقة السلبية على بناء نوع وطبيعة الفرد لا يحتاج إلى كثيرٍ من الجهد، فالحراك الانتخابي أفرز مواقف غير موزونة تصدرتها مواقف الفئة غير العاقلة في معالجاتها لقضايا الاختلاف في الرأي، لتدفع به إلى خانة الخلاف، وعلى هامش ما استمعنا إليه ضمن الحوار الاجتماعي في العديد من مواقع اللقاءات والتواصل الاجتماعي من مسوغات التخوين والتشكيك في الالتزام الديني لمواقف الأفراد، إلى جانب التعليقات غير العاقلة وغير الموزونة لمعالجات كتاب الرأي لقضايا الحراك الانتخابي والتي تميّزت بالتشكيك والطعن في نزاهة ومصداقية مقاصد مرئيات عدد من الكتاب يمكن الجزم بالقول بصحة ما أكّده إلينا عددٌ من القراء بما تعانيه هذه الفئة من انفصام في الشخصية والتذبذب وعدم الدراية وسداد الرؤية وهشاشة بنية المواقف فيما جرى معالجته.

نظام التمثيل النسبي للقطاعات المهنية الذي جرى اقتراحه في مقالنا «وقفة للتأمل في الحراك الانتخابي»، وأكدنا على أهمية اعتماده في النظام الانتخابي للبرلمان لتمكين الجمعيات النسائية والعمالية والبيئية من المشاركة في العمل البرلماني، من القضايا التي أثارت جدلاً غير واعٍ للبعد الاستراتجي للرؤية في الارتقاء بالعمل البرلماني في معالجة قضية صار لها حضورها الاستراتيجي في المشاريع العالمية للتنمية المستدامة وفي العمل البرلماني لدول الديمقراطيات العريقة.

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 4472 - الخميس 04 ديسمبر 2014م الموافق 11 صفر 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً