العدد 4509 - السبت 10 يناير 2015م الموافق 19 ربيع الاول 1436هـ

أرواحٌ بلا ثمن وشجن لأوطاننا في أزماتها

سهيلة آل صفر suhyla.alsafar [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

امتلأتُ شجناً وحُباً وشعرت بأن عواطفي انتزعتني مُرغمة لتهيم في وقع الكلام الرقيق والعذب بعد مشاهدة لقاءٍ للفنانة الرائعة ماجدة الرومي، والتي بالرغم من هدوئها كانت بركاناً يفيضُ من الأحاسيس النابضة، وتمَكنَت من لمس شغاف قلبي لرقتها وأحاسيسها الجارفة.

وهذه بعض المقتطفات من لقائها، كان كلامها دافئاً حنوناً لحبها واعتزازها بعروبتها ووطنيتها والمسار الصعب الذي اضطرت للعيش فيه أيام الحرب اللبنانية الطائفية التي تواصلت لأكثر من عشرين عاماً. ولازالت بعض تُرهاتها ولازال لبنان يُعاني انقطاع الماء والكهرباء والبؤس في البُنية التحتية، ومن دون رئيس. تلك الحرب التي دمرت كل شيء وأخَّرت البشر وخَسرت من خلالها أجمل أيام حياتها وإبداعها، تقول: «حيث نبكي ليلاً ونندب حظنا ونستفيق صباحاً للكفاح والتعامل مع يومٍ آخر من المآسي»، وبالرغم من ذلك لم تعرف اليأس ولم تترك لبنان أو تهاجر كما فعل الآخرون. وكانت تتواصل بآمالها في الحُلم والإبداع بالرغم من الظروف القاسية من الانفجارات والأوجاع.

وتنتقد بمرارةٍ المآسي في عالمنا العربي والنزاعات في الحروب الداخلية الطاحنة ولا تتمنى أن يعيشوا مرارتها في ما عانته ولبنان، خاصةً بعد ثورات الربيع العربي والشقاق وقتل أبناء الوطن الواحد بعضهم البعض. ونتساءل كيف تحول العرب إلى مُجرمين من الطراز الأول، من تونس وليبيا إلى العراق والقتل المجاني للأطفال والأرواح التي بلا ثمن في سورية واليمن، وتفجيرات الشوارع لأبرياء لا دخل لهم في الحروب، واستشهاد غبي. وأضيف كيف أضحوا يبيعون أوطانهم للمؤامرات ولحفنةٍ من الدولارات ومن الفوضى العارمة وغزو الميليشيات المتوحشة أراضينا واستغلال الدين والطائفية لتفتيتها إلى دويلاتٍ متطرفة، وإِضعافها ليفوق ضَعفنا وتواكلنا، أم أنه زمن تطبيق ألعاب البلاي ستيشن في حُروبٍ طاحنة للمقاولين والسماسِرة للعب بأرواح البشر الآمنين لسرقة أحلامنا وآمالنا، ولما لم تُبذل بعض من تلك الانقلابات لقتل العدو الإسرائيلي وتحرير أرض فلسطين (بدل ما نشتغل ببعضنا) كيف نُغَيَّب ونسمح بكل ذلك؟.

وتواصل عن حبها لمصر أُم العرب جميعاً، وأنها جزءٌ من كيانها وهويتها العربية «لن تكفيني الكلمات مهما ضغطتها للتعبير عن ذلك الحب، إنني لبنانية الهوية، ولكنني جزءٌ لا يتجزأ من الأمة العربية لقد تقدمت بإهداء صوتي إلى مصر هديةً وريعه للمجهود الحربي الوطني».

وإن ما يحدث في مصر العمود الفقري لكل العرب يمس شرايين العالم العربي وأي انزلاق لها من الصراعات الداخلية سيكون له الخطر الأكبر والسقوط للعرب، وعلينا مساندتها لإيقاف ذلك الصراع بأي ثمن، وأنها بنضالها وتضحياتها سجلت الانتصار العظيم والشرف للعرب باختراق خط بارليف وعبور قناة السويس وتحرير سيناء من العدو.

ولنا أن نتصور أنه يصعب تحديد ما قدمته مصر إضافةً لحضارتها العظيمة وأهراماتها من إبداعاتٍ لا تُحصى للعالم العربي إلى السينما العربية والأغاني والألحان، من خلال أم كلثوم وعبدالحليم ويوسف شاهين وعبدالوهاب وليلى مراد وسيد درويش والموجي وبليغ حمدي وغيرهم كثيرون ونجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل فخرنا، ولها الفضل في شهرة معظم فناني العرب من نجيب الريحاني، صباح، وفريد، وأسمهان ووردة... الخ. ولها الفضل في نشر الثقافة والفنون والعلوم مع الرواد الأوائل من خلال قدومهم للعمل في الدول العربية والخليج لتعليم الأجيال وكأطباء في مستشفياتنا كما علمونا مجاناً في جامعاتهم بكرمهم وطيبتهم والتي تستحق كل الوفاء والإجلال والحب والوقوف إلى جانبها ومساندتها. حفظ الله مصر وأهلها وحفظ أمتنا العربية وأمنها.

إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"

العدد 4509 - السبت 10 يناير 2015م الموافق 19 ربيع الاول 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 6:57 ص

      تستاهل مصر كل لحب

      مقال جميل واسلوبه سلس يثير الشجون

    • زائر 2 | 3:34 ص

      الله يحمي مصر والامة العربية

      ياليت يعربف العرب مدى اهمية مصر بالنسبة لنا وللعالم كما ذكرت دكتوره العمود الفقري لنا جميعاً لاتبخلوا عليها فقد اعطتنا الكثير علنا نرجع لها بعضاً مما اعطته لنا شكراً على هذا الوصف الجميل حفظك الله وحفظ مصر من اي مكروه

    • زائر 1 | 3:30 ص

      مصر الحرة

      كلام رائع وجميل لبلاد الحب والنيل والاحلام ودونها لما كان فنٌ عربي ولا سينما والاام كلثوم وعبد الوهاب حفظ الله مصر العرومه من ازماتها واعدائها

اقرأ ايضاً