العدد 4509 - السبت 10 يناير 2015م الموافق 19 ربيع الاول 1436هـ

وثيقة بريطانية: إذا دخلت بريطانيا في حرب فالبحرين كذلك

حسن سعيد Hasan.saeed [at] alwasatnews.com

ذكرت برقية صادرة عن وزارة الخارجية البريطانية خلال الحرب العالمية الثانية، أن «البحرين دولة مستقلة تتمتع بالحماية البريطانية، وهي بالتالي في حربٍ حال دخول بريطانيا في حرب».

جاء ذكر هذه الوثيقة الصادرة في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 1940 في مقال كتبه مارك هوبز، تحت عنوان «الحرب العالمية الثانية تطرق أبواب البحرين». وقد استقى هوبز معلوماته من الوثائق البريطانية المنشورة مؤخراً في موقع www.qdl.qa بالتعاون مع المكتبة البريطانية، ونشر المقال في الموقع نفسه.

جاء هذا التصريح في أعقاب هجوم الطائرات الإيطالية وقصفها لمحطة نفط البحرين في شهر أكتوبر/ تشرين الأول 1940. فقد ذكرت صحيفة «برلنتجتون ديلي تايمز» في عددها الصادر في 21 أكتوبر 1940، أن طائرات إيطالية قصفت محطة نفط البحرين خلال الحرب العالمية الثانية. وحسب الصحيفة، فإن هذه العملية قد جرت على أمل أن تؤدي إلى «زيادة المشاعر المناهضة لبريطانيا في الهند». وكانت إيطاليا في الحرب العالمية الثانية قد انضمت إلى دول المحور إلى جانب ألمانيا، في حين كانت بريطانيا في جانب دول الحلفاء.

يذكر هوبز أن الحرب العالمية الثانية، وعلى رغم أنها قد انطلقت من أوروبا، إلا أنها سرعان ما توسعت لتصل إلى أفريقيا وآسيا ومنطقة الشرق الأوسط، وامتدت لتصل الخليج العربي بسبب النفط. في 19 أكتوبر 1940 «شنت ثلاث قاذفات قنابل إيطالية غارة طموحة ولكنها لم تكن فعالة، على مصافي النفط في البحرين والمملكة العربية السعودية. انطلقت هذه القاذفات من قاعدتها في جُزر رودس على بعد أكثر من 4000 كيلومتر في البحر المتوسط، لتقذف ما يقرب من ثمانين قنبلة صغيرة على البحرين، وخمسين على الظهران في البر. وفشلت جميعها تقريباً في تحقيق أهدافها».

ويضيف هوبز: «رغم ضآلة الضرر بسببها، ولدت الغارة الكثير من الذعر بين سكان البحرين. وانتشرت إشاعة في الأسواق تقول أن البريطانيين شنوا الغارة لجر الولايات المتحدة إلى حربها ضد قوى المحور. كما انتشرت التكهنات عمّا إذا كان التهديد الأكبر قد يأتى من اليابان في الشرق، أو من ألمانيا في الشمال والغرب. وفي أعقاب الغارة، أبلغ المسئولون البريطانيون عن قيام الأسر الأميركية المغتربة في الجزر بالإخلاء في عجالة، بينما المغتربون الإنجليز كانوا أكثر ثباتاً. ورغم ذلك، بدأت الترتيبات لتحسين الدفاعات الجوية للجزر في المحرق».

لقد توسّع الوجود البريطاني في البحرين في تلك الفترة، ويذكر هوبز أنه «خلال الحرب، قام المسئولون بأعمالٍ لتحسين مرافق سلاح الجو الملكي في البحرين. واستحوذت الحكومة البريطانية على المزيد من الأراضي لبناء مهبط أطول لاستيعاب القاذفات، وخصّصت مرافق سكنية وطبية لأسطول يتكون من خمسمئة فرد من سلاح الجو الملكي، وجنّدت فيلق القوات المخصصة لحماية القاعدة».

اللافت أنه بعد عام ونصف تقريباً من قصف الطائرات الإيطالية للبحرين، صدر تصريح بحريني يفيد بدخول البحرين في منطقة عمليات الحرب العالمية الثانية. فعلى رغم أن القصف قد تم في 19 أكتوبر 1940، جاء في المقال أنه «في 16 أبريل/ نيسان 1942، نشرت الصحيفة الصادرة باسم «البحرين» تصريحاً حول دخول الجُزر في الوقت الحالي ضمن «منطقة العمليات» في الحرب العالمية الثانية. ونصحت سكان بلدات الجزر الرئيسية بالنزوح إلى الشواطئ وإرسال النساء والأطفال بعيداً قبل بدء الصيف. وفي المنامة، قام المواطنون بإزالة أسطح الأسواق الكثيفة سريعة الاشتعال تحسباً لأية ضربة جوية».

يختم مارك هوبز مقاله بالقول: «لم تحدث أية غارات أخرى على البحرين، ولم تصبح منطقة الخليج أبداً منطقة الحرب كما كان يخشى المسئولون البريطانيون. ولكن هذه الحادثة سلّطت الضوء على إمكانية تعرض مستودعات النفط الخليجية للهجوم، والتي كانت من المصادر الكبرى للوقود لقوى الحلفاء».

تطرح حادثة قصف البحرين في الحرب العالمية الثانية التي شاركت فيها بريطانيا بعض الإثارات حول طبيعة العلاقة التي كانت قائمة بين البحرين وبريطانيا في فترة ما قبل الاستقلال. فإذا كان الوجود البريطاني في الخليج بشكل عام وفي البحرين على وجه الخصوص هو لحماية هذه المنطقة، فإن هذا الوجود البريطاني نفسه كان سبباً رئيساً لتعرّض البحرين لهذا القصف. فالحماية البريطانية للبحرين، من وجهة النظر البريطانية، كانت تعني الوجود والنفوذ البريطاني المراد استهدافه من قبل خصوم بريطانيا ومن وجهة نظر هؤلاء الخصوم. من جهة أخرى، يبدو تصريح الخارجية البريطانية مستغرباً بعض الشئ. فكما جاء في البرقية فإن البحرين «في حرب حال دخول بريطانيا في حرب»، مع أن مقتضى الحماية أن يكون الأمر معكوساً، أي أن الحماية البريطانية تعني أن البحرين حين تواجه اعتداءً خارجياً، فإن بريطانيا ستكون إلى جانبها، أما التصريح فمعناه عكس ذلك تماماً.

ربما يمكن تفسير هذه العلاقة من خلال المعاهدات والاتفاقيات التي وثّقت العلاقة بين البلدين، بالإضافة إلى ظروف وأجواء الحرب. وتبدو بريطانيا في تلك الفترة في أشد حالات حاجتها للإحساس بنفوذها في البحرين لما يمثله الخليج بعمومه من موقع استراتيجي، ولكون مستودعات النفط الخليجية «من المصادر الكبرى للوقود لقوى الحلفاء» حسبما جاء في المقال.

وعلى رغم عدم نجاح القصف الإيطالي في ضرب حقول النفط، إلا أن المحاولة في حد ذاتها كانت تعني نية الاستهداف لهذه الحقول في أي وقت يتاح ذلك. على إثر ذلك «استحوذت الحكومة البريطانية على المزيد من الأراضي لبناء مهبط أطول لاستيعاب القاذفات، وخصصت مرافق سكنية وطبية لأسطول يتكون من خمسمئة فرد من سلاح الجو الملكي، وجندت فيلق القوات المخصصة لحماية القاعدة». إيطاليا تقصف البحرين، وبريطانيا، نتيجةً لذلك، يتسع نفوذها واستحواذها على أراضي البحرين.

كانت الحرب العالمية الثانية صراعاً بين دول كبرى ومصالح كبرى، أما أهل البحرين فكانوا في حالة ذعر كما يذكر المقال.

إقرأ أيضا لـ "حسن سعيد"

العدد 4509 - السبت 10 يناير 2015م الموافق 19 ربيع الاول 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً