العدد 4522 - الجمعة 23 يناير 2015م الموافق 02 ربيع الثاني 1436هـ

ليس أمام السلطة والمعارضة إلا الحوار

سعيد محمد saeed.mohd [at] alwasatnews.com

لا يمكن إطلاقاً التسليم بأن الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد، منذ الرابع عشر من فبراير/ شباط 2011 وقبله بسنوات، ستكون قيد الحل بالعصا السحرية أو بالعصا الشديدة أو بالقبضة الحديدية!

ومخطئ من يصدق الترهات التي تنتشر مثل النار في الهشيم عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبعض الحسابات والمواقع الإلكترونية التي تتراقص فرحاً بمحاكمة الأمين العام لجمعية الوفاق الشيخ علي سلمان، أو بسجن رئيس شورى الوفاق السيدجميل كاظم، والحكم بالسجن 6 أشهر على الحقوقي نبيل رجب لتضاف إلى القائمة.

ولا أظن أبداً أنه ليس من بين شخصيات ورجالات البحرين من طرح ما يمكن أن يمثل حلولاً لتبريد الأجواء والعمل بروح وطنية مخلصة - حتى بين الأطراف المتنافرة - لإبعاد الوطن وشعبه من فصول الآلام. ودون شك، لا أحد أيضاً يدعي أنه لا يشعر بالقلق من جراء التحولات الخطيرة التي يشهدها أكثر من قطر عربي، مع توقعات الأشد والأسوأ، في حين أن أزمة البحرين، مهما اختلفت تقييماتها، إلا أن بالإمكان إحداث تفاهم ومد الجسور بين السلطة والمعارضة.

أشرت في مقال سابق إلى محور «العدالة والمساواة بين البحرينيين دون تمييز»، الذي تحدث عنه الأمين العام لجمعية الوفاق الشيخ علي سلمان لصحيفة «القبس» الكويتية يوم الأحد (23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014)، ومن بين ما تناوله الحديث الصحافي أن «أبواب المعارضة دائماً مفتوحة لإيجاد حل توافقي مع الحكومة ينقلها من حالة الاستفراد التي تعيشها في الوقت الحالي من خلال تحكم طرف واحد في إدارة شئون البلد وتهميش بقية الشعب»، وأن القوى المعارضة ستبقى منفتحة على أية محاولات حقيقية لإيجاد توافق سياسي مع الحكومة.

آنذاك، وفي اليوم ذاته وفي الصحيفة ذاتها، تحدثت وزيرة شئون الإعلام والمتحدث الرسمي باسم الحكومة (السابقة) سميرة رجب في حديث قصير أيضاً، عن أن «أبواب الحوار مستمرة مع المعارضة ومازالت مفتوحة، وأن الجهود كانت متواصلة على مدى أربع سنوات، بهدف الوصول إلى تصالحات مع المعارضة. وإذا كان هناك حوار، فليكن توافقياً، وأن نتفق ونتوافق على مطالبنا معاً». وبين التصريحين والموقفين والظرفين المختلفين زمنياً بوقت قصير، تغلق الأبواب كلها وتوصد بأقفال لا يعلم مدى شدتها وقوتها ونتائجها إلا الله سبحانه وتعالى.

في العادة، يتداول المهتمون بالشأن السياسي، في كل مكان في العالم، وفي كل دولة تواجه أزمةً واضطراباً سياسياً... يتداولون ويتباحثون في أسس نجاح حوار ينهي تلك الأزمة ويعيد الأمور إلى نصابها باتفاق بين سلطة ومعارضة، لكي تتعافى الدولة وتبدأ مرحلة جديدة من العمل السياسي. لكن أن يكون التداول والتباحث في محور التعقيد والتأزيم، فهذا ما يمكن أن يوصف بأنه مؤشرات مسبقة لبقاء الأمور على ما هي عليه، بل ولربما تعقدت الأزمة وتشعبت وتضاعفت تبعاتها الخطيرة، وتلك حالة توجب على السلطة أولاً، وعلى الموالاة والمعارضة وعلى المجتمع المدني وعلى الشخصيات الفاعلة، أن يكون لها مسار جديد يضع مصلحة الوطن أولاً. فلا الشحن الطائفي ينفع، ولا كيل الاتهامات والتشكيك في الولاء والانتماء ينفع، ولا إشعال الصدام المجتمعي ينفع، وسيكون الكل خاسراً لا محالة.

والمتابع للفريقين، قد يؤمن بأن ما هو متاح من حرية للتعبير وإبداء وجهات النظر وحق كل مواطن في أن يطرح مرئيات فردية أو جماعية تجاه القضايا المهمة في الساحة فتح المجال لهذا الطرح، لكنه - شئنا أم أبينا - لا يمكن أن يخرج عن إطاره الطائفي، بقصد أو من دون قصد، في جعل العمل السياسي والخطاب الديني، ينحرف إلى اتجاه تعبير كلا الفريقين عن القلق والخوف وربما الترقب، ما قد يكون لأحدهما من شأن ومكاسب وغلبة على الفريق الآخر، وهذا كله لا يمكن أن يخدم المصلحة الوطنية بأي حال من الأحوال، بل هو على رغم محدودية مريديه ومثيريه، يظهر وكأنه حال من الصدام العنيف في المجتمع بين مجموعات تنتمي إلى الطائفتين... تتقاسم ذات الشعور بأن طائفتها مهددة ولابد من العمل على إنقاذ ما يمكن إنقاذه.

حتى اللحظة، لا يمكن لأي طرف أن يقدم قراءة واضحة لما ستكون عليه أوضاع بلادنا على المدى القريب على الأقل، لكن الكل في حالة ترقب وقلق! لكن بالتأكيد، لن نتمكن جميعاً من الوصول إلى بر الأمن لإنهاء الأزمة السياسية، في الوقت الذي يرى فيه بعض «المتفائلين دائماً» أن الأيام القليلة المقبلة ستشهد انفراجاً مفاجئاً، فيما يرى «المتشائمون دائماً» أن الأزمة طويلة العمر، أما بين المنزلتين، فهناك رأي يصر على أن السلطة والمعارضة يجب أن تتوصلا إلى صيغة قادرة على إنهاء الأزمة.

وسأعيد تكرار ما طرحته دائماً: ليس أمام السلطة والمعارضة إلا منهج الحوار على أن يكون حقيقياً ليكون قادراً على إخراج البلد من أزمتها، فلسنا في مرحلة تحتاج إلى خطاب الفتنة والطائفية والتشفي... ولا نحتاج إطلاقاً لاستمرار تهريج المتاجرين بالوطن.

إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"

العدد 4522 - الجمعة 23 يناير 2015م الموافق 02 ربيع الثاني 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 20 | 1:53 م

      رسالة إلى الأخ الكاتب سعيد محمد

      احترمك يا استاذ سعيد، فأنا أعرفك منذ سنين واحترم فيك الثبات على المبدأ ووطنيتك الصادقة حتى انا هاجمت كثيرًا في السنوات الماضية حينما كنت تطالب بالحذر من أعمال العنف التي تجري في القرى والتي يقوم بها مجهولون للإضرار بالحركة والمطلبية والنتيجة أن حركة 14 فبراير جاءت سلمية مائة بالمئة رغم اتهامات السلطة . لكن بالنسبة للحوار، اعتقد السلطة لو أرادت أو لو هي تملك القرار لفعلت الشيء الكثير فالمعارضة ذكية ووطنية وتخطط صحيح.. قرار حكومة البحرين من الخارج وليس قرار المعارضة.

    • زائر 17 | 6:13 ص

      الى

      الى جميع التجار ورجال الاعمال والمستثمرين فى البلد تحركوا مع السلطة وحلو قضية البلد ترى البلد سايرة الى الاسوى واتركوا عنكم امريكا وحلفائها هم لايريدوون منكم سوى مصالحهم واتبعوا شرع الله لحل قضية البحرين الى تعبتون وانتم ساكتوون عن الظلم كفاكم الشعب الطيب مايستاهل والله ياخد الحق

    • زائر 16 | 4:57 ص

      اي حوار مع المعارضة ؟

      لمذا تهربون من الحقيقة جميع جمعياة المعارضة اسقطها الشعب في انتخبات التشريعية ولا اهميه الآن لها

    • زائر 19 زائر 16 | 1:50 م

      أخي زائر 16 .. سؤال

      اسألك: هل مشاركة شعب أو غالبية أو أقلية من الشعب في انتخابات تشريعية في بلادهم يعني أن المعارضة سقطت؟ أصلًا الديمقراطية الحقيقية أن تكون هناك معارضة.. سواء أسقطتها انتخابات حسب زعمك أم لا ؟ تحتاج للكثير لكي تعرف أن كلمة (سنصوت من أجل البحرين) كلام هراء في هراء.. فمن قال لكم أن النائب البرلماني والبلدي يشتغل بلاش حتى نقول من أجل البحرين؟ وكيف تقول من أجل البحرين وعشر سنوات لم يقدم البرلمان ولا نتفة شغلة في صالح الوطن والمواطن؟ لكن أعذرك.. فلطالما أن مستفيد من المكرمات فلا يهمك مستقبل الأجيال.

    • زائر 13 | 2:06 ص

      شعب عجيب 4 سنوات ما توقف

      كل انواع القمع استخدموها ولكن ذلك لم يجعل الشعب يشعر بالإحباط او التنازل ، ما هذا الشعب العظيم انه شعب البحرين الذي قال وصدق

    • زائر 12 | 1:51 ص

      وهم يقولون لك ما نبي نحاوركم

      عندهم دعم خليجي ودعم امريكي وبريطاني منقطع النظير فكيف تريدهم ان يحاوروا شعبهم؟ لديهم طرقهم في الحوار

    • زائر 11 | 1:34 ص

      لا تتكلم عن الحوار حتى لا يحبسونك

      ترى الكلام عن الحوار اصبحت تهمة سوف يسجنون من يتحدث عنها وهذا انا قلت وبتشوفون اذا ما حبسوا كل اللي يتكلمون عن الحوار .

    • زائر 9 | 1:19 ص

      كيف يحاوروننا وهم لا يعترفون بنا كشعب له حقوق؟

      عن ماذا تتكلم؟ عن حوار ومتى اعترفوا اننا شعب لنا حقوق حتى يحاورننا؟

    • زائر 5 | 11:30 م

      فالنكن واقعيين

      هناك بعض من اطراف النظام يرغب بالحوار والمصالحة الوطنية ويقابله طرف آخر اكثر قوة ونفوذاً ويرغب بسحق كل من يعارضه ، ومن جهة اخرى هناك معارضة سلمية واطرافها يرغبون بانهاء الازمة عن طريق الحوار الوطني الشامل وان يكون الشعب مصدر السلطات وفي نفس الوقت هناك فئة من المعارضة لا ترغب بالحوار بل تريد اجبار الحكم على الخضوع لمطالبها ذات السقف العالي ، حل الازمة يحتاج لقوة من المعارضة والسلطة للجلوس على طاولة الحوار وقبل الحوار يجب تهيئة الاجواء لضمان نجاح الحوار.

اقرأ ايضاً