العدد 4558 - السبت 28 فبراير 2015م الموافق 09 جمادى الأولى 1436هـ

تفكيك الإرهاب فكريّاً

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

الأعمال البشعة والصادمة للبشريّة في هذه الفترة يقوم بها مسلمون يعتقدون أَنَّهم، ومن خلال عمليَّات الذبح والقتل والتخريب والتدمير، يخدمون الدين الإسلامي، وينالون رضا الله، ويدخلون الجنَّة عندما يفقدون حياتهم أَثناء قيامهم بهذه الأَعمال. وحاليّاً، فإنَّ الجهود تنصبُّ على تفكيك الإرهاب من خلال الجهود العسكرية، (ومثال ذلك التحالف الدولي ضد تنظيم داعش)، أَو من خلال إطلاق اليد للجهات الأَمنيَّة.

غير أَنَّ هذا النهج قد يؤدي إلى احتواء بعض المخاطر هنا وهناك، لكنَّ التهديد الأَكبر ليس في الجانب الإجرائي، وإنَّما في الجانب الفكري. فما نشهده حاليّاً إنَّما هو نتيجة أفكار مستلهمَة من تفسيرات للدين، وللسياسة القائمة على أَساس فهم دينيّ محدد. كما أَنَّ ما نشهده من تطرُّف، جاء أَيضاً نتيجة تسيُّد القبضات الأَمنيَّة على مدى عقود طويلة، وبالتالي، فإنَّ المعالجات الحاليَّة قاصرة.

المسلمون ليسوا هم أَوَّل من يواجهون مثل هذا التحدّي، فجميع الأُمم واجهوا تحدّيات مماثلة، والتغلب على تلك التحدّيات احتاج إلى جهود فكريَّة نوعيَّة، مصحوبة، بالتأكيد، بجهود أُخرى. وحاليّاً لدينا تنظيم يطلق على نفسه مسمَّى «الدولة الإسلاميَّة»، وهو ربما يشبه (من ناحية التسمية) الكيان المسيحي الأُوروبي، الذي كان يطلق على نفسه «الامبراطوريَّة الرُّومانيَّة المقدَّسة». فمؤسسو ذلك الكيان أَرادوا إعادة مجد المسيحيّين، وكذلك إعادة مجد الدولة الرُّومانيَّة القديمة، وبالتالي اخترعوا ذلك المسمَّى من أَجل الحصول على الشرعيَّة الدينيَّة.

صحيح أَنَّ تلك الدولة سقطت على يد نابليون في العام 1806م، لكنَّ الأَصح، أَنَّها سقطت فكريّاً قبل ذلك، على يد فلاسفة، مثل فولتير (المتوفى في العام 1778م)، وهو الذي قال بعد تفكيكه المفاهيم التي كان يدَّعيها ذلك الكيان - ما فحواه - إنَّ هناك ثلاث حقائق عن الامبراطوريَّة الرُّومانيَّة المقدَّسة، وهي أَنَّها ليست امبراطوريَّة، وليست رومانيَّة، وليست مقدَّسة.

فولتير (وغيره من المفكرين والفلاسفة)، قاموا بمواجهة تلك الأَفكار البالية، لكنَّهم أَيضاً رفضوا أَن يكون البديل هو العودة إلى الدكتاتوريَّة، ونظروا إلى بديل قابل للبقاء، يتمثَّل في الديمقراطيَّة، واحترام إرادة الناس وحقوقهم... وهذه هي الأَفكار التي حسمت الموقف في نهاية المطاف.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 4558 - السبت 28 فبراير 2015م الموافق 09 جمادى الأولى 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 14 | 10:44 م

      تشبيه بليغ دكتور ...فناء البشرية من خلال المعارك القادمة ........ ام محمود

      لقد بحثت في ويكيبيديا عن الدولة الرومانية المقدسة و أيضا عن دولة داعش و كلاهما لهما راية و شعار و مجازر و نوايا شريرة و أطماع و اغتصابات و تدمير للدول التي يدخلونها و انهيار الدولة الرومانية فيما بعد كان مدويا كذلك سيحدث الامر نفسه لداعش و لكن ليس الآن انما بعد معارك استراتيجية سيقودها منقذ البشرية ل الانتقام من جميع المجرمين و الظالمين و هناك أيضا تنظيم ارهابي في افريقيا يتمثل في بوكوحرام و أيضا هناك دول ارهابية دعمت و صنعت الارهاب القاتل و المدمر اذن المستقبل مازال دمويا و مخيفا و مرعبا

    • زائر 11 | 2:04 ص

      الفكر

      الفكر .
      ...........هو مغذي هذه الجماعات

    • زائر 13 زائر 11 | 1:45 م

      الاخوان

      الاخوان المسلمون كانوا موجودين منذ الخمسينات وهم أساس البلا

    • زائر 10 | 1:12 ص

      من الذي يفكّك الارهاب؟

      هل هي بريطانيا ام امريكا ام دول البترول العربية امر تركيا؟
      كل هذه الدول هي من أنشأت داعش وهي التي تدعمها الى ما لا نهاية وحربها على داعش هي فقط لذرّ الرماد في العيون ولسرقة اموال البترول...

    • زائر 9 | 1:11 ص

      كيف نفكك الموروث التاريخي المكفر للآخر بالديمقراطية 0855

      الموروث التاريخي للمذاهب الإسلامية المكفرة لأهم رموز المذاهب الأخرى هو من يجب محوه من الكتب المعتمدة لكل مذهب حتى لايتعلم منها الاتباع ويرددوها وتصبح سبب قوي للكرة والتحارب فالدين الإسلامي إكتمل بحجة الله سبحانه وتعالى في الأرض القرآن الكريم والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أكمل الرسالة من غير أي نقصان

    • زائر 6 | 12:07 ص

      لمادا غض الطرف و اللعب على الجوانب

      الكل يعرف منبع الارهاب و كيف كيفت السياسه دين مشوه يقتل البشريه بدم بارد لدا يجب ان يجفف فكر الارهاب في منبعه الدي استغل اموال النفط و غيرها من خيرات المسلمين بمساعده الصهاينه و الغرب لنشر هدا الفكر المسخ

    • زائر 5 | 11:22 م

      التطرّف الفكري

      لم يكن هناك اي نوع من انواع التطرّف الفكري في العالم العربي قبل العام تسعة و سبعين

    • زائر 4 | 10:41 م

      مقال جميل جداً

      هي ّ ليست ( دولة اسلامية ) كما يدعون

    • زائر 3 | 10:16 م

      اصبت كبد الحقيقة

      نعم دكتور فقد اصبت عين الحقيقة المطلوب فعلا هو ان نفتش عن الفكر المعوج والنظريات الهدامة التي اوصلتنا الى هذه الهمجية فهناك موروث خطير حدا وصل الينا ولازال يدرس لابنائنا الذين يتعرضون لغسيل مخ ، لابد من الوصول لهذا الموروث الخطير وابعاده عن الحياة لانه يدمر الحياة بكل من عليها ومافيها .. باختصار انه الفكر الاموي .

    • زائر 2 | 10:08 م

      تعديل .... وصلنا فيديو لاستاذ جامعي سعودي سلفي معتدل هذا منطقه

      على احدى القتنوات جرت مناظرة بين مفكر سعودي شيعي و مفكر سعودي سلفي موصوف بالاعتدال قالها بصراحة لا حقوق للشيعة في الوطن الا اذا تحولوا لسلفيين . ما الاختلاف بين هذا السلفي الموصوف بالاععتدل و داعش ؟ هذا تفكير ليس حصري على هذا الدكتور بل هو الاعم في تفكير المجتمع الديني الخليج المهيمن وهم مقتنعون به

    • زائر 12 زائر 2 | 11:36 ص

      وماذا يحدث في ايران

      ردعلى زائر 2 م د
      \n\\n هذا عن المناظره وماذا عن مايحدث لسنه في أيران لا (مساجد لامناصب لا
      \n\\n مدارس بالعربيه لاكرامه وياويل اي سني يتكلم عن الحكومه شنق بالكرينات
      \n\\n عينك عينك لامحاكمات ولا أستئناف ولا صحافه تكتب عنهم وعن معاناتهم
      \n\\n وتهاجم الحكومه بأن الذين يقتلون رجال ألأمن بالمولوتوف وحرقهم أحياء في القرى البحرينيه.............وكتب عنهم الوسط أنهم أطفال مدارس وأصحاب
      \n\\nمطالب وهم أرهابين ...................... مثل ماحدث ف2011 وكل شيء مسجل ضد الوفاق ...................

اقرأ ايضاً