العدد 4561 - الثلثاء 03 مارس 2015م الموافق 12 جمادى الأولى 1436هـ

ثقافة لوم الضحية

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

أحدث فيلم وثائقي لهيئة الإذاعة البريطانية أمس ضجّة بعد بثّ تعليقات لمتهم في جريمة اغتصاب بمدينة نيودلهي الهندية (مع أربعة آخرين)، في نهاية العام 2012، وتسبَّب الاغتصاب الجماعي بوفاة الفتاة (23 عاماً) متأثرة بجراحها عقب الجريمة. المتهم قال إنه كان على تلك الفتاة أن تصمت وتقبل باغتصابها. وعقب على رأيه بالقول إن الضحية لو كانت محترمة لما تجوَّلت خارج منزلها بعد التاسعة مساءً، وإن الاغتصاب هو نوعٌ من التأديب لهذا النوع من الفتيات.

وبحسب ما نقلته «سي.إن.إن»، فإنَّ مخرجة الفيلم الوثائقي قالت إن المغتصب تحدَّث لمدة 16 ساعة، و «استنكر مقاومة الضحية عندما تعرَّضت للاغتصاب، وإنها لو قبلت بالاغتصاب فإنه وأصحابه كانوا سيقومون بإنزالها من الحافلة بعد الانتهاء منها».

من المستغرب أن الهند أصبحت أكثر البلدان التي تعاني من حالات الاغتصاب، وتليها بعد ذلك دول شرقية أخرى من المفترض أن شعوبها تتصف بالتديُّن والمحافظة السلوكية. ومن الواضح أن أحد أسباب ذلك هو انتشار «ثقافة لوم الضحية»، وبالتالي القبول بجرائم مثل الاغتصاب، وغيره. هذه الثقافة عندما تنتشر في أي مجتمع فإنها تفسح المجال لحدوث مثل هذا النوع من الجرائم، في حين تتسم تصرفات الآخرين تجاهها بالسلبية وعدم التعاطف مع الضحايا، وتطبيع العقل والعاطفة لكي يقبلا بمثل هذه الأمور.

«ثقافة لوم الضحية» لا تختصُّ بجرائم الاغتصاب فقط، فمثل هذه الثقافة قد تُستخدم لتبرير العنصرية أو المظالم التي تقع على نوع معيَّن من الناس، إذ يمكن أن يبرر البعض لأنفسهم التعامل مع آخرين بصورة غير حسنة، معتبراً أن السبب في ذلك لا يعود إليه، وإنما يعود إلى طبيعة الطرف الآخر، الذي جلب على نفسه الأذى، وهو يستحق ما يُفعل به، وأنه يسبب البلاء لنفسه بنفسه.

هذه الثقافة تتضمن أيضاً أن ينظر شخصٌ ما إلى آخر بصورة تُقلل من إنسانية ذلك الآخر... بمعنى إفراغ الضحية من محتواها الإنساني، من خلال ترديد صور نمطية وتكرار مغالطات تهدف إلى تبرير القيام بأعمال غير إنسانية ضد الآخر. إن إفساح المجال لإلقاء اللوم على الضحية تنتج عنه مآسٍ كثيرة لا تتوقف فقط عند تبرير الاغتصاب، كما يشرح الفيلم الوثائقي المذكور أعلاه، وإنما يؤدي أيضاً إلى ضياع البوصلة الأخلاقية ومن ثم تبرير كل أنواع الأعمال غير الإنسانية.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 4561 - الثلثاء 03 مارس 2015م الموافق 12 جمادى الأولى 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 21 | 12:08 م

      الدول الكبرى تستخدم ثقافة لوم الضحيه وهم الشعوب لتبرير تدخلاتها في المنطقة .... ام محمود

      ثقافة لوم الضحية لا تختصُّ بجرائم الاغتصاب فقط هذه الثقافة تستخدمها الدول الكبرى ضد الشعوب الضعيفة و الحكومات لتبرير مؤامراتها و جرائمها التي لا توصف و نرى اللاعبون الآن و من صنعوا الارهاب كيف يلومون العراق لأنها تخاذلت في موضوع دخول داعش و احتلاله لأكبر المدن و استيلائه على النفط و التخريب و التفجير و زرع الالغام ثقافة اللوم هي التي أضاعت الحقوق حيث في لحظات يتحول المجرم الحقيقي و الجاني الى ضحيه و يتم تبرأته ووضع المجني عليه في السجن و اختلاق التهم ضده
      هناك دولا و أحزابا اتهمت بسبب ملف سوريا

    • زائر 22 زائر 21 | 3:23 م

      هذة الدنيا

      علموا انهم ليسو على الصراط المستقيم. فالدنيا جنة الكافر

    • زائر 20 | 11:52 ص

      عملية الاسقاط Projection في علم النفس لتبرير الأفعال المحرمه و هي من الحيل و الخدع الدفاعية......... ام محمود

      الإسقاط هي حيلة دفاعية يستخدمها المجرمون ينسب فيها الفرد عيوبه و رغباتة المحرمة و العدوانية أو الجنسية للناس حتى يبرء نفسه و يبعد الشبهات عنها فالكاذب يتهم معظم الناس بالكذب ويقول عالم النفس سيجموند فرويد مؤسس التحليل النفسي يشير الاسقاط اولا إلى حيلة لا شعورية من حيل دفاع الانا بمقتضاها ينسب الشخص إلى غيره ميولاً وافكاراً مستمدة من خبرته الذاتية يرفض الاعتراف بها لما تسببه من الم وما تثيره من مشاعر الذنب فالاسقاط بهذه المثابة وسيلة للكبت اي اسلوب لاستبعاد العناصر النفسية المؤلمة عن حيز الشعور

    • زائر 19 | 11:42 ص

      ضياع البوصلة الأخلاقية في زماننا تسببت ب مآسي انسانية لا تنسى .قطع الطريق و الخطف و الافساد في الارض من أكبر الجرائم .... ام محمود

      في زماننا في السنوات الاربع الماضية ارتكبت أفظع جرائم الاغتصاب خلال الثورات العربية و بعدها بعد اجتياح الموصل و خطف النساء و اغتصابهن و قتلهن و افلات المجرمين من العقاب في الاسلام عقوبة المغتصب تتساوى مع الزاني أي الرجم للمحصن و الجلد مائة مره لغير المحصن أما اذا كان هناك خطف للضحية و تهديدها بالسلاح فانه يعتبر محارب لله و يحكم عليه بالقتل وفي نار جهنم له عذاب عظيم كما جاء في الآية الكريمة ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم)

    • زائر 18 | 5:15 ص

      لن أعلق على موضوعك

      لأن القراء قالوا الكفاية ولكن أود أن اقدم تحية تقدير واعتزاز لصحيفة الوسط وكل العاملين فيها بقيادتك المتميزة وذلك على انتشارها الواسع فالكل اصبح يتابعها ويمكنك التأكد من خلال ردود الذين يمكن ان نسميهم الاتجاه المعاكس وهذا دليل نجاح ومصداقية وشعبية صحيفة الوسط والى الامام والمزيد من التقدم

    • زائر 16 | 2:37 ص

      نحن شعب البحرين لا نحتاج لنذهب بعيدا فحالنا هو موضوعك

      قالت امهاتنا في امثالها (انا الممشوق دفّي وانا المحكي عليّ) والمعنى شعب البحرين ممنوع من ابسط حقوقه وعندما طالب بها اصبح ارهابيا وفق المنظور البريطاني . وانا اذكر البريطاني لأنه المؤسس لظلمنا وهو المشارك فيه

    • زائر 14 | 1:41 ص

      نعم هو حال الظلمة لا يظلمون حتى يوجدون المبرّر لظلمهم

      لا يظلم ظالم الا بعد أن يوجد لنفسه المبرّر ويوجد من يصفق له ويثني على ظلمه في القرآن الذي هو دستورنا الكثير من الشواهد على ذلك واكثرها تكرار قضية فرعون الذي يردّد مقالة (ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم الا سبيل الرشاد)

    • زائر 13 | 12:08 ص

      بس كله ضحيه ومظلوميه

      سبحان الله والله دم الحسين علق في رقاب من يحسون بالمظلوميه والضحيه والندم والحزن ليوم الدين

    • زائر 12 | 12:02 ص

      مثلهم مثل إبليس

      هذه الفئة من الناس مثلهم مثل إبليس حين قال مخاطبا الله تعالى (( لأقعدت لهم صراطك المستقيم ولأغوينهم أجمعين)) فهناك أناس سخرت كل طاقاتها للتضليل من خلال إعلام كاذب .

    • زائر 11 | 11:48 م

      م. منير النجار

      الدولة الشرقية المتدينة و التي ارتفعت معدلات الأغتصاب فيها والمشار إليها في المقال هي موريتانيا

    • زائر 10 | 11:34 م

      كلام الجاني مقزز جدا ولكن لو اسقطنا هذا على واقعنا

      فعندما تتحدث عن انتهاكات لا انسانية تعرضت لها يقولون لك انك ش وتستحق انت خائن وعميل ووو ومع الاسف كل العالم بات يصدق الا من رحم الله والسبب هو الاعلام كذلك حادثة الهند لو كان الاعلام ينصف المراة ويجعلها سلعة لتفريغ الغرائز لماتجرا هذا الوحش البشري على هذا الكلام

    • زائر 8 | 10:53 م

      المجتمع هو المسئول و القوانين الضعيفة .. المملكة السعودية تعجبني لأنها تعدم المغتصب فورا..... ام محمود

      المنتجة: بالنسبة لي مازالت الحقيقة غير واضحة تماما، وربما شنقهم سيطمس مشكلة حقيقية، وهي أن هؤلاء الرجال ليسوا هم المرض بل هم أعراض مرض في المجتمع.
      جعلتني مقابلتي لسينغ وأربعة آخرين من المغتصبين أشعر كما لو أن روحي انغمست في بقعة من القار، ولا يوجد في العالم مادة منظفة بإمكانها إزالة هذه الوصمة التي لا تمحى.
      أحد الرجال الذين أجريت معهم مقابلة خاصة هو غاوراف الذي اغتصب فتاة تبلغ من العمر خمس سنوات. قضيت ثلاث ساعات أصور هذه المقابلة وهو يسرد لي تفاصيل صريحة لما فعله وكيف كتم صراخها بيده الكبيرة

    • زائر 15 زائر 8 | 1:42 ص

      الحتنكور

      ألف شكر ام محمود على هذه المعلومات المفيدة و شكر آخر على إثراء المقالات بهذه المعلومات . وشكرا

    • زائر 6 | 10:50 م

      الاغتصاب من الجرائم المروعة التي تذهل الناس بتعديهم على الحرمات... ام محمود

      سينغ أصابه الذهول بسبب الحكم عليه بالاعدام وقال "الفتاة المحتشمة لا تتجول في الشوارع في التاسعة ليلا. الفتاة مسؤولة عن وقوع حوادث الاغتصاب أكثر من الشاب
      وأضاف أعمال المنزل هي مهام الفتيات، وليس التجول في صالات الديسكو والحانات ليلا لممارسة أفعال خاطئة، وارتداء ملابس غير مناسب 20 في المئة تقريبا من الفتيات هن الصالحات
      ويعتقد أن الناس "لهم الحق في أن يعلموهن درسا"، وقال إن السيدات عليهن أن يتقبلن ذلك دون شكوى"
      تعليقي: ما هذا الكلام هل الفتاة حقا مسئولة عن تصرفها الغلط و خروجها مع رجل

    • زائر 5 | 10:43 م

      الاغتصاب كنوع من التأديب مرفوض المنتجة كانت مصدومة من المقابلة التي استمرت ل 16 ساعة .... ام محمود

      تقول ليسلي أودوين منتجة الافلام السينمائية بعد حوارها مع سينغ سائق الحافلة الذي شارك في اغتصاب الفتاة الهندية إن التفاصيل المروعة لحادثة الاغتصاب جعلتني أتوقع وحوشا يعانون من اضطرابات عقلية، لكن الحقيقة كانت أسوء من ذلك. كانوا رجالا عاديين يبدون أسوياء.
      ووصف سائق الحافلة، موكيش سينغ، لي كافة تفاصيل ما حدث خلال الحادثة وبعدها. وبينما قالت النيابة إن الرجال تناوبوا على قيادة الحافلة، وجميعهم شاركوا في اغتصاب الفتاة، قال سينغ إنه ظل يقود الحافلة طوال الوقت.
      في 16 من ديسمبر/كانون الأول 2012، ذهب

    • زائر 4 | 10:38 م

      الوحوش البشرية عقابها الاعدام الفوري اما العقاب الاخروي فهو عذاب نار جهنم .....ام محمود

      تفاجأت بطرحك لموضوع المقال الجريء و هو الاغتصاب و تبريره من اناس هم حثاله المجتمع و هناك خلل في العقوبات الهندية لأن من قام بجريمة الاغتصاب الجماعي الوحشي ضد الطالبة ذات ال 23 ربيعا كان المفروض اعدامه في نفس اللحظة هذا التسيب جعل من الهند الاولى في الاغتصاب و الجرائم التي تعاقب المرأة و الفتاة الصغيرة باغتصابها أمام سكان القرية كنوع من اذلالها و تحطيمها نفسيا و جسديا الله يلعنهم على هالاخلاق المذمومه في الاسلام
      هناك أجنبيات و سائحات تعرضن ل الاغتصاب باناس مثلوا دور المرشد السياحي و هناك عصابات

    • زائر 3 | 10:20 م

      مهما كانت الجريمة

      انتقاص إنسانية البشر وتحقيرهم لا يمكن ان يكون هو العقاب ، في الدول التي تحترم الانسانية حقيقة ، الحبس او السجن او أيا كانت العقوبة يكون غرضها لردع وتأديب الجاني و ان انتقاص انسانيته ولو بكلمة لا يدخل في العقاب اذ انه جريمة في حد ذاتها

    • زائر 2 | 9:53 م

      مقال رائع

      شكرا دكتور ، اختصرت وفسرت ما يقوم به البعض من سلوكيات مشينة وتصرفات لا أخلاقية اتجاه أخوانهم في الوطن بلومهم المستمر عندما رفعوا أصواتهم طالبين رفع الظلم والتمييز ومحاربتهم في أرزاقهم ودراستهم .

    • زائر 1 | 9:45 م

      ثقافة الظلم و الاستبداد

      هذه طبيعة الظالم و المستبد. لا بد ان يبرر اعماله.

اقرأ ايضاً