العدد 4565 - السبت 07 مارس 2015م الموافق 16 جمادى الأولى 1436هـ

بحرينيات في اليوم العالمي للمرأة يحذرن من انحسار العمل الأهلي...ويشكون إقصاء وتهميش الجمعيات النسائية

أكدن أن العلاقة مع الحكومة يشوبها الحذر وعدم الثقة

ناشطات بحرينيات يشكون القيود الرسمية المفروضة على النشاط النسائي الأهلي في البحرين - تصوير : محمد المخرق
ناشطات بحرينيات يشكون القيود الرسمية المفروضة على النشاط النسائي الأهلي في البحرين - تصوير : محمد المخرق

حذرت ناشطات بحرينيات من انحسار العمل الأهلي في البحرين، بما في ذلك النشاط الأهلي النسائي، بسبب القيود الرسمية المفروضة على الجمعيات الأهلية، واشتكين في الوقت نفسه مما وصفنه بـ «الإقصاء والتهميش» الذي تعاني منه الجمعيات النسائية في البحرين.

جاء ذلك في المنتدى الذي استضافته «الوسط» بالتزامن مع يوم المرأة العالمي، الذي يصادف الثامن من مارس/ آذار من كل عام.

شارك في المنتدى كل من: رئيسة الاتحاد النسائي زينب الناجم، أمين سر الاتحاد فاطمة أبو إدريس، رئيسة جمعية نهضة فتاة البحرين نادية المسقطي، عضو جمعية المرأة البحرينية رئيسة قطاع المرأة في جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي إيمان شويطر، الكاتبة والباحثة منى فضل.

وفيما يأتي أبرز النقاشات التي دارت في المنتدى:

ما الذي تحقق على أرض الواقع من إعلان ومنهاج عمل بيجين +20 على صعيد محلي؟

- نادية المسقطي: محاور إعلان ومنهاج عمل بيجين، يمكن اعتبارها أرضية لاستراتيجية عمل في مجال عمل المرأة، وإذا أخذنا ما تحقق من إنجازات منذ العام 1995 حتى الفترة الحالية، فقد تحقق الكثير، ولكن بمقارنة ما تحقق مع الواقع سنرى أن هناك وقفات بحاجة إلى تقييم وإعادة نظر ولأن تتخذ بشأنها خطوات عملية وجريئة في قضايا محورية ومفصلية. وخصوصاً على صعيد العنف ضد المرأة والمساواة بين الجنسين والتمكين السياسي وحتى التمكين الاقتصادي.

وعلى سبيل المثال، فإنه في مجال العنف ضد المرأة، هناك تراخٍ في تنفيذ ما جاء في إعلان بيجين على هذا الصعيد، إذ لم يصدر حتى الآن أي قانون يجرم العنف ويفصل فيه، ومازال مشروع القانون الذي يجرم العنف ضد المرأة يراوح مكانه في البرلمان منذ العام 2007.

ولم تعد قضية العنف تقتصر على الفضاء الخاص وهو المنزل، وإنما باتت منتشرة حتى في الفضاء العام، وللأسف إننا نفتقر إلى قاعدة معلومات كافية وموحدة عن ظاهرة العنف.

وأيضاً لا زلنا نراوح مكاننا في مجال التمكين السياسي، إذ لا يتجاوز عدد النساء في مجلس النواب الـثلاث نساء بعد أن كان عددهن أربع نساء في الدورة الانتخابية السابقة، وكذلك فإن عدد عضوات مجلس الشورى تقلص من 11 إلى 9 عضوات فقط.

وهذا يشكل فجوة في الوظائف ذات الدخل المرتفع المحصورة على الجانب الذكوري، وفجوة بين التمثيل الذكوري والنسائي في المناصب القيادية، كما أن النسبة الأكبر من البطالة تمثلها النساء، اللواتي يشكلن 80 في المئة من العاطلين.

أما على المستويين الصحي والتعليم فهناك تقدم واضح، وإن كنا نرى ضرورة التركيز على جودة ونوعية التعليم، كما أن البطالة لا تتلاءم مع نسبة وجود النساء في المواقع التعليمية.

- فاطمة أبو إدريس: الواقع أن مؤسسات المجتمع المدني تفتقد إلى الدراسات الإحصائية العلمية الدقيقة التي تمكنها من دراسة حجم الفجوة الموجودة في تحقيق الأهداف.

ما الذي يعيق هذه المؤسسات عن القيام بهذه الدراسات؟

- أبو إدريس: مؤسسات المجتمع المدني بحاجة إلى التدريب ولإشراكها من قبل المؤسسات الرسمية في الحصول على المعلومات التي تمكنها من إجراء الدراسات العلمية الدقيقة، حتى تكون آراؤها وأفكارها مبنية على مصطلحات علمية دقيقة. لو تحدثنا عن جانب التمكين الاقتصادي للمرأة، فإننا بحاجة إلى مثل هذه الدراسات، لتشخيص واقع التمكين الاقتصادي المبني على منطلقات صحيحة وعلمية.

- زينب الناجم: صحيح أننا بحاجة إلى هذه الدراسات، وقد يتوفر الكادر البشري ويمكن حتى الاستعانة بخبراء، ولكن إعداد هذه الدراسات يتطلب إمكانات مادية، والتي تعتبر أبرز العراقيل التي عانى منها الاتحاد النسائي، بعد وضع قيود رسمية على التمويل الذي يأتي من الخارج، وبالتالي لم يعد أمام الاتحاد وغيره من الجمعيات إلا العمل في إطار الخيارات المتاحة.

ولو أخذنا ظاهرة العنف ضد المرأة على سبيل المثال، فإن هناك الكثير من مكاتب الإرشاد الأسري، بالإضافة إلى المجلس الأعلى للمرأة، ولكننا حين كنا نعد تقرير الظل بشأن اتفاقية وقف كافة أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، واجهتنا مشكلة في التأكد من عدم تكرار الحالات التي راجعت هذه الجهات، وذلك بسبب افتقارنا لشبكة معلوماتية تربط كل هذه الجهات.

بالنسبة لعملية تمكين المرأة، فهناك الكثير من الآليات واللجان الرسمية التي تعمل في هذا الإطار، بالإضافة إلى قرار مجلس الوزراء بإنشاء وحدات تكافؤ الفرص، ولكن هل هذه الوحدات تحقق فعلاً تكافؤ الفرص؟ هل حدت فعلاً من التمييز؟ وهل المرأة البحرينية قادرة فعلاً على الوصول لمراكز صنع القرار؟

ما يؤسف له أن هذه الخطوات الإيجابية، كان في مقابلها تقليص عدد عضوات مجلس الشورى، والواقع أننا صدمنا حين لم تصل نسبة النساء في مجلس الشورى حتى إلى الربع، والأمر نفسه ينطبق على تشكيلة الحكومة، التي كانت تمثل فيها ثلاث وزيرات تقلصن إلى وزيرة واحدة في التشكيلة الأخيرة.

وباعتقادي أن هذا التراجع لا يمثلنا ولا يمثل المجتمع البحريني، ونشعر أننا نتراجع عما كنا عليه وهو أمر يؤلمنا.

لدينا أيضاً مشكلات على صعيد التمكين الاقتصادي، وأشير في هذا المجال إلى مشكلة الموظفات بعقود مؤقتة، فكيف يمكن لخريجات جامعيات، بعضهن حائزات على درجة الماجستير، أمضين سنوات في وظيفة معينة بعقود مؤقتة؟ إن ذلك يؤثر عليهن وعلى نفسياتهن وأسرهن، ولا يحل مشكلاتهن بشكل جذري. وكل ذلك يصطدم بتمكين المرأة ولا يحقق لا أهداف الألفية ولا منهاج عمل بيجين +20. وكل هذه مؤشرات على أرض الواقع تقول أن وضع المرأة بحاجة إلى تطوير.

- منى فضل: أؤكد على مسألة عدم وجود دراسات وبحوث استطلاعية أو تحليلية تقارب ما يطرح من معلومات وبيانات وإحصائيات من قبل الجهات الرسمية أو تقيس ظواهر معينة موجودة في المجتمع، وهذا راجع لغياب مراكز البحوث والدراسات، وأعتقد أن ذلك له علاقة بالواقع السياسي، وأيضاً ما تعانيه مؤسسات المجتمع المدني.

والمشكلة أن الجمعيات غارقة في توصيف الظواهر وفي تنفيذ بعض البرامج ولكنها غير قادرة على اتخاذ خطوات إجرائية عملية فيما يتعلق بإيجاد مثل هذه الوحدات البحثية، على الأقل وحدات تتعلق بدراسة الظواهر، كإنشاء مراكز رصد أسري. لابد أن تضع المؤسسات ضمن استراتيجيتها وحدات لقياس ظاهرة العنف الواقع على المرأة، وهذا غياب لجانب مهم من عمل المؤسسات.

ولا شك أن عملية تكرار رقم البيان الإحصائي للظاهرة يعطي مؤشر غير حقيقي حين يضاعف تسجيل الظاهرة، وهذا الأمر يحتاج إلى متخصصين في هذا المجال، ولكني أعتقد أنه ليست هناك جدية من قبل الجمعيات النسائية تركز على مسألة البحث الإحصائي الذي يرصد ظواهر خاصة بطريقة علمية.

وأنا أختلف مع الناجم في عدم إمكان إجراء عملية الرصد والبحث من دون دعم حكومي، صحيح أن العملية تحتاج إلى تمويل ودعم، وأرى أن التمويل موجود في المؤسسات ولكن المشكلة في توجيه هذا التمويل.

- أبو إدريس: تدريب الكادر البشري مسئولية الجهات الرسمية، جمعية نهضة فتاة البحرين مثلاً، لديها تجربة في البحوث والدراسات، ولكنها واجهت تعثرات في الجانب الإحصائي والبحثي، ولو تبنت الجهات الرسمية هذا الأمر لكان الوضع أفضل.

- فضل: ...ولكنك تتحدثين عن مؤسسات لها باع طويل وتتعاطى مع قضايا حقوقية شائكة للمرأة، والآليات قد تكون موجودة، لكن قد تفتقد للجانب العلمي، لأسباب قد تعود لنواقص في هذه المؤسسات، الجانب الآخر المتعلق بقياس ما أنجز، نفتقد وطنياً وجود مؤشرات تقيس الظواهر، كالفقر مثلاً...

- إيمان شويطر: نحن نواجه مشكلة عزوف العضوات اللواتي يمثلن الكادر البشري، وعدم تمكننا من جذب عناصر جديدة، ناهيك عن عدم قدرتنا على تكوين صف ثانٍ، فجميعنا نمثل جيلاً واحداً، ولكننا لا نستطيع الحصول على شابات يرفدن عملنا. أثناء تقديمنا لتقرير الظل بشأن اتفاقية (سيداو)، واجهتنا مشكلات عدم الحصول على المعلومات والتعتيم عليها، إذ تدعي الدولة عدم وجود معنفات في حين أن المحاكم ومكاتب الاستقبال والحالات الواقعية التي تأتينا تثبت العكس.

وحاول الاتحاد تقديم مشروع مرصد حقوقي لجمع البيانات المتعلقة بالمرأة، ولكون العمل تطوعي ومشاغل العضوات الخاصة واليومية، امتنعن عن الالتزام بالقيام بهذه المهام، وبعض العضوات يطلبن مقابل عملهن، فمن أين نأتي بالإمكانيات المادية في ظل القيود الرسمية المفروضة على التبرعات؟

- المسقطي: الجانب الإحصائي في دول الشرق الأوسط والدول العربية يشكل هاجساً، لأن الدول نفسها ليست لديها إحصائيات محدثة أو تلبي النوع الاجتماعي. باعتقادي أن كل ذلك يشكل تحدٍ للجمعيات، ورصد أي ظاهرة يقيد عملية الرصد.

نحن بحاجة لمؤشرات وطنية وإلى كادر متخصص وتمويل وتعاون رسمي وأهلي.

- فضل: ...نحن لا نفتقر للبيانات الإحصائية، سوق العمل مثلاً تحدث بياناتها كل ستة أشهر، ولكننا نفتقد البحث عنها بصورة علمية ونقدية، والبحرين أكثر دولة خليجية منظمة في إحصائياتها...

- المسقطي: حين طلبنا من جهة رسمية سحب عينة للنساء المعيلات العاملات، تبين أن المعلومة غير محدثة وفيها أخطاء في العناوين...

- عباس: ...لا أقصد المسائل التخصصية وإنما مسألة عامة...ليست لدينا نظرة نقدية في هذه الإحصائيات.

أبو إدريس: لو أرادت الجمعيات دراسة ظاهرة الفقر، كيف يمكن لها الحصول على المعلومات الدقيقة العلمية؟ الوزارات الرسمية تخرج بإحصائيات رسمية متضاربة. ولكننا نحتاج لجهات إحصائية دقيقة نبني عليها التحليل، حتى نقول أن البحرين حققت قفزة نوعية أو لا في تنفيذ منهاج عمل بيجين+20.

كيف تقيمون التعاطي الرسمي مع الجمعيات النسائية؟

- أبو إدريس: تطور العمل التطوعي يتطلب تعاون الجهات الرسمية، مثلاً، قبل أسبوع شاركت في مؤتمر كان جميع الحضور فيه ممثلين عن جمعيات أهلية مدعومة من دولهم ويستلمون رواتب نظير عملهم، عدا ممثلي البحرين.

وهذا يدفعنا للتساؤل: لماذا لا يتم دعم القائمين على العمل التطوعي النسائي أسوة بالنقابات؟

هل هذا يعني أنكن تطالبن بتطبيق نظام التفرغ للعمل النسائي التطوعي؟

- أبو إدريس: ولم لا؟ لماذا لا يتم تفريغ القائمين على الاتحاد النسائي الذي يشرف على 12 جمعية نسائية مثلما يتم تفريغ النقابيين؟

هل طرحتم فكرة التفرغ للعمل النسائي على الجهات الرسمية المعنية؟

- الناجم: الإدارة السابقة للاتحاد طرحت فكرة أن يتم تفريغ رئيسة وأمينة سر الاتحاد، باعتبار أن عملهن مشابه لعمل القائمين على الاتحادات النوعية، ولكن لا يمكن تطبيق ذلك ما دام القانون يتعامل مع الاتحاد كجمعية.

- فضل: في بداية الألفية طُرحت فكرة التشاركية وكانت هناك لقاءات واجتماعات بهذا الشأن، ولكن على مستوى الواقع نجد هذا الجانب في حالة انحسار وانكماش، وأجده وضع غير طبيعي أن المشروعات والبرامج التي من المفترض أن تنفذها مؤسسات المجتمع المدني، كانت هناك جهات رسمية تأخذ هذه المشروعات منها.

حتى مشروع تمكين المرأة الذي تتبناه جهات تابعة للأمم المتحدة، تتولاه جهات رسمية أحياناً، وهو ما حصل في انتخابات 2006، وهذا يغيب دور الجمعيات النسائية.

هل ترون أنه تغييب متعمد؟

- أبو إدريس: تغييب شبه متعمد...

- المسقطي: طبيعة العلاقة بين الجمعيات والحكومة يشوبها نوع من الحذر والتوجس وعدم الثقة، فدائماً ينظر للجمعيات كولد مشاكس، وبحاجة إلى أن يُضبط أو يُقنن دوره، وأكبر مثال على ذلك قانون الجمعيات الأهلية، والذي من المفترض به أن يعطي مساحة من الحريات وينظم العمل بشكل سلس، إلا أننا نعاني من الكثير من البيروقراطية في التعامل مع الجهات الرسمية، والقانون يقود هذه العلاقة إلى مزيد من التعقيد.

هل تعتقدن أن هذه القيود تفاقمت بعد الأحداث التي شهدتها البلاد في العام 2011؟

- المسقطي: نعم، وخصوصاً على صعيد استضافة شخصيات أو الحصول على دعم من الخارج، وغيرها من الأمور المقيدة.

ووفق ما تردد، فإن وزارة التنمية الاجتماعية سحبت مشروع قانون الجمعيات المطروح، ونأمل على الأقل أن يستشرف القانون الجديد آراء الجمعيات، وأن يتم التعامل معنا كشركاء في هذه العملية.

ولكن وزارة التنمية أكدت في وقت سابق أنها أشركت الجمعيات في إعداد مشروع القانون المشار إليه...

- المسقطي: حاولنا الإطلاع على مسودة المشروع ولكننا لم نجد أي تجاوب من قبل الوزارة.

- الناجم: مشروع القانون يحوي قيود أكثر من تلك التي فرضها قانون الجمعيات الصادر في العام 1989، بل أننا كنا نتمنى لو تم الإبقاء على القانون السابق، وهناك جمعيات قدمت ملاحظاتها لمجلس النواب، ولا نعلم ما إذا تم الأخذ بالملاحظات أو لا.

- فضل: للأسف أنه لا يوجد حرص رسمي على إشراك الجمعيات...

- الناجم: لا يوجد وعي بدور الجمعيات الأهلية، والتعاون الرسمي معنا يأتي بإطار حدود ضيقة.

- فضل: هناك نظرة فوقية تجاه العمل المدني، وخصوصاً بعد ما حدث في العام 2011، إذ أصبح هناك تحجيم وإقصاء وتهميش لبعض الجمعيات.

- شويطر: هناك تقليل من دور الجمعيات لعدم الوعي بأهميته، وعلى هذا الأساس الشراكة غير موجودة. المجلس الأعلى للمرأة حين يعد لتنظيم مؤتمر، وعلى الرغم من اللجنة المشتركة بينه والاتحاد، يلجأ له بعد الانتهاء من وضع تصوراته.

- أبو إدريس: نحتاج لتقنين العلاقة بين الجمعيات والجهات الرسمية، وذلك يأتي من خلال قانون الجمعيات الذي يجب أن يتناسب مع طموحاتنا. نحن مجتمع ناهض، كشعب نحن متقدمون تطوعياً، ولكن قوانيننا تحد منا وتركعنا، والقيود المفروضة على مبالغ بسيطة لدعم الجمعيات مالياً، يعبر عن عدم الثقة في الجمعيات الأهلية، على الرغم من وضوح هدفها بتمويل المشروعات الاجتماعية وعدم توجيهها إلى تمويل الإرهاب.

لذلك أرى أهمية أن تعيد وزارة التنمية النظر في مشروع قانون الجمعيات، لأنه يحد ويقلل من النشاط التطوعي في البلد.

بعيداً عن الجمعيات النسائية، هل ترون أن القوانين المحلية تنصف المرأة البحرينية؟

- المسقطي: لو أردنا أن نرصد ما تحقق من إعلان بيجين، سنتوقف عند التشريعات المحلية التي تحتاج إلى تطوير، أهمها غياب الشق الثاني من قانون الأحوال الشخصية، وعدم السماح للمرأة البحرينية بمنح جنسيتها لأبنائها، إضافة إلى غياب القوانين التي تجرم العنف ضد المرأة، واستمرار العمل بموجب المادة «353» من قانون العقوبات والتي تسمح بتزويج المغتَصبة من مغتصِبها، وكذلك استمرار التحفظات الكثيرة على اتفاقية (سيداو) والتي تخلي الاتفاقية من مضمونها.

بالإضافة إلى النظرة المجتمعية النمطية أو السلبية للمرأة، فمثلاً، فوجئنا أثناء مناقشة مجلس الشورى لمشروع العنف ضد المرأة، طرح البعض لفكرة أن من حق الزوج أن يؤدب زوجته، وهذه مشكلة في النظرة المجتمعية السلبية للمرأة.

كما أن «الكوتا» في الجانبين السياسي والاقتصادي لا بد أن تأخذ مأخذ جدي للمساهمة في تغيير إيجابي تجاه مفاهيم المرأة.

شويطر: هناك الكثير من مواد اتفاقية (سيداو) التي لم يتم التحفظ عليها، لم يتم مواءمتها على جميع المستويات مع القوانين المحلية، عدا جوانب محدودة تمثلت في إنشاء اللجنة الوطنية لإدماج احتياجات المرأة.

- الناجم: اللجنة مهمة بأهدافها والآليات التي وضعت لتحقيقها جميلة، ولكن المعيار هو لو تحقق ما وجد في الورق على أرض الواقع.

- فضل: بعض مما تتحقق قد يكون استجابة لضغوطات باتجاه تنفيذ التزامات دولية، ومن ضمنها دمج احتياجات النوع الاجتماعي، ولكن إلى أي مدى تم دمج النوع الاجتماعي في موازنة الدولة؟

لا بد من النظر في موازنة الدولة والمساحات التي فيها لصالح تمكين المرأة ودعمها ومساندتها ومستوى تمكينها، ولكن لقياس كل ذلك، نحتاج لرقابة مؤسسات المجتمع المدني، وبيانات وتفاصيل أكثر، وهذه العملية تراكمية وتحتاج إلى آليات يجب ألا تقتصر فقط على الجانب الرسمي، وإنما آليات تترجم التشاركية التي تُطرح كشعار مختل...

هل هذا يعني أنكم ترون أن شعار التشاركية صوري؟

- فضل: أعتقد أن الشعار إعلامي وإعلاني ولا يمت للواقع بصلة، يستحضر لدواعي إعلامية لأنه يشكل جزءاً من منظومة حقوق المرأة.

- شويطر: الشراكة المجتمعية مطروحة ولكنها لا تُفعل.

كيف تصفون علاقتكن كجمعيات نسائية مع المجلس الأعلى للمرأة؟

- الناجم: العلاقة جيدة في إطار الاتفاقية المشتركة بيننا كاتحاد وبين المجلس الأعلى، والتي تم تجديدها في العام 2014 ضمن محاور الاتحاد والمجلس.

هناك عمل مشترك بين الجانبين، ولكن ذلك لا يواكب مستوى طموحنا، ونأمل أن تكون هناك شراكة حقيقية أفضل مما هي عليه. هناك برامج وفعاليات مشتركة، ولكنها لا تمثل توازن بين المجلس كجهة رسمية والاتحاد كجهة أهلية، والمفترض أننا جهتان موازيتان، ونأمل أن يتحقق مثل هذا التوازن في العمل المشترك بين الجانبين.

- شويطر: المجلس له جهود في منح الجنسية لأبناء البحرينية، وإن كانت لا تلبي الطموح، لأننا مازلنا بحاجة إلى قانون ينظم هذه العملية.

البعض يرى أن تمثيل الجمعيات النسائية مازال يقتصر على النخبة، فما تعليقكم على ذلك؟

- أبو إدريس: الجمعيات النسائية غير قادرة على استقطاب عناصر شابة أو بسيطة، والمشكلة تكمن في ضعف ثقافة العمل التطوعي، وقسوة الحياة الاقتصادية، وسيادة الأفكار المتشددة.

- شويطر: التفكير بالنمط الاستهلاكي يجعل العمل التطوعي في ذيل قائمة الأولويات.

- الناجم: كيف يمكن استقطاب النساء إلى جمعية معينة إذا لم يكن لدى المرأة إيمان بأن هذه الجمعية تمثلها؟

في جيلنا انضممنا للجمعيات النسائية لأن ثقافة العمل التطوعي كانت سائدة، والدراسة في الخارج أكسبتنا أهمية خدمة المجتمع.

وفي الجمعيات النسائية شكلنا لجان شبابية ولكن الشابات لا يقبلن على هذه اللجان.

ألا ترون أن عدم إقبال الشابات على الجمعيات النسائية يعود لسيطرة ذات الوجوه النسائية على الجمعيات منذ سنوات؟

- الناجم: محاولاتنا لإدماج الشابات قديمة، وحتى في مرحلتي الثمانينيات والتسعينيات، ولكن الواضح أن الجيل الحالي ليست لديه قناعة في الانضمام لهذه الجمعيات، والبعض أسس تشكيلات شبابية خاصة به.

- أبو إدريس: ربما يؤخذ على برامج الجمعيات أنها غير موجهة للشباب، ونحن بحاجة للنقد الذاتي للنفس، ونحتاج لأن يكون هناك عصف ذهني في الجمعيات لأسباب عزوف الشابات عن العمل النسائي.

- فضل: هناك مشكلة في تحول المزاج العام في المجتمع إلى مزاج ديني، والذي خلق مؤسساته التي استقطبت قطاع كبير من المجتمع، وبالتالي مناقشة موضوعات مثل قانون الأحوال الشخصية مع هذه الجماعات المستقطبة من المؤسسة الدينية، يحد من استقطابها في المطالبة بإصدار القانون، وهذا الأمر سائد ليس على مستوى البحرين فقط، وإنما حتى على مستوى الوطن العربي. هذه التيارات وما يمثلها من جمعيات نسائية ظلت تطالب الدول بألا ترفع تحفظاتها على (سيداو)، وفي البحرين البعض طالب بالانسحاب من الاتفاقية أو بوضع «سيداو إسلامي».

من جانب آخر، هناك فجوة كبيرة بين الجيل السابق والحالي، وربما طبيعة مجتمعاتنا وسيادة الثقافة الاستهلاكية وطموحات الشباب تختلف عن الطموحات السائدة وطرق التعبير عنها.

ولكن لو أخذنا جمعيتي الوفاق ووعد، إحداهما إسلامية والأخرى ليبرالية، فإن الشباب يأخذ حيزاً مهماً في هاتين الجمعيتين، وربما هذا لا يتفق مع فكرة أن الشباب يعزف عن العمل التطوعي...

- فضل: المؤسسات التي يوجد فيها اختلاط وحراك سياسي لديها قدرة على الانتشار في المجتمع وعلى تحديث نفسها والتواصل مع المجتمع ومشكلاته بشكل أكبر.

ولكن الجمعيات النسائية بشكل عام شبه منغلقة بسبب طبيعة تكوينها، كما أن خطاب الجمعيات النسائية ظل على ما هو عليه في جوهره، ولم تستطع إلى حد الآن أن تنهض بمحتوى خطابها، عدا في الملفات أو القضايا التي تتحرك فيها منذ أعوام، مثل قضايا الأحوال الشخصية والعنف ومنح الجنسية لأبناء البحرينية، ولكن ظل الخطاب جامداً وغير مواكب حتى للحركات النسائية الأخرى في بعض الأقطار العربية. على سبيل المثال، المرأة التونسية دخلت في لجان مؤسسة للدستور وتضع القوانين، وفي مصر أيضاً، أثبتت المرأة دورها، ولكن وضعنا مازال مراوحاً في مكانه، وغير قادر على جذب العنصر الشبابي بشكل كبير بغض النظر عن المحاولات الجادة من قبل بعض المؤسسات.

- المسقطي: هناك تراجع في الإقبال على المؤسسات الأهلية بشكل عام، ربما الإقبال على الجمعيات السياسية متفاوت بين بعض الجمعيات وأخرى. وعمل مؤسسات المجتمع المدني في 2000 كان يشهد انتعاشاً وزخماً، وكنا في كل يوم نسمع عن إنشاء جمعية جديدة، بينما نشعر اليوم أن الجمعيات الموجودة خاوية من الأعضاء وغير مفعلة وتصارع لتستمر في عملها.

وهذا الأمر مرتبط بوضع المجتمع بشكل عام، قد اتفق مع فكرة سيطرة المزاج الديني، ولكن باعتقادي أن هذا الهاجس موجود لدى كل المؤسسات بلا استثناء، والوضع السياسي وحالة الإحباط السائدة في الأوساط الشبابية قد لا تشجعه على المشاركة في المؤسسات التطوعية.

كيف ترون مستقبل الجمعيات النسائية في ظل عزوف الشابات عن الانضمام إليها؟

- الناجم: يجب أن تكون لدينا نظرة لاستمرارية العمل المؤسساتي في ظل حالة الإحباط ونقص الإمكانيات وكبر سن الشخصيات الموجودة في هذه الجمعيات وعدم وجود من يحل محلها، ولكننا مازلنا بحاجة لقوانين مرنة وثقة بعمل هذه المؤسسات وعدم تقييد عملها، وإذا ظل الوضع كما هو عليه، سينحسر عمل الجمعيات، وهي سيرورة تاريخية للجمعيات ستنهي نفسها، حتى مؤسسي الجمعيات على مدى عقود، أصابهم الإحباط والتعب، وبتنا لا نرى حتى الوجوه التي اعتدنا عليها في الجمعيات.

- أبو إدريس: الوضع السياسي منذ العام 2011 أثر كثيراً على العمل النسائي وبسلبية كبيرة جداً، وبدأ الناس يفكرون في حياتهم اليومية ويندفعون إلى الجانب السياسي، في حين أن الجمعيات الاجتماعية والمؤسسات الأهلية بدأ الانحسار عنها، وأؤكد مرة أخرى على أن الوضع الاقتصادي للشباب وساعات العمل الطويلة، تحول دون انخراطهم في العمل التطوعي.

- فضل: كل هذا الحديث، يثبت أن هذه المؤسسات لم تستطع مواكبة العصر...

- شويطر: الأزمة السياسية في 2011 وما أفرزتها من مشكلات انعكست حتى على مسألة عضوية الجمعيات، بل إن بعض الجمعيات السياسية شهدت انشقاقات، بسبب التأثير الطائفي وانقسام المجتمع الذي خلفته الأزمة.

- أبو إدريس: هذا صحيح، فالتقسيم الطائفي والخوف السائد مما سيحدث في الغد، لم يدع مجالاً للآخرين للانخراط في الجمعيات الأهلية، وباتوا يعايشون الهم الاقتصادي والسياسي، وأصبحت أصابع الاتهام توجه إلى الجمعيات النسائية في عدم ملامستها لمجريات الأحداث المتعلقة بالمرأة البحرينية، ولكن واقع الأمر أن الجمعيات النسائية تحدها القوانين في عدم التدخل في الشأن السياسي.

- الناجم: لا يمكن القول أن الجمعيات أو الاتحاد لم يقدما شيئاً أو أنهما يمثلان النخبة فقط، وإنما الجمعيات، وكذلك الاتحاد في هذه الفترة القصيرة من عمره، قدموا الكثير من الأمور التي تصب في صالح المرأة، ومنذ الثمانينيات والسبعينيات حاولنا الوصول للنساء، ولكننا واجهنا الثقافة المجتمعية والفكر الديني المسيطر في بعض المناطق أثناء دعواتنا لإصدار الشق الثاني من قانون الأحوال الشخصية، وسُدت الأبواب في وجوهنا.

- المسقطي: طبيعة عمل المؤسسات النسائية في ملفات تستغرق أوقاتاً طويلة، جعل آثارها ونتاج عملها يأخذ فترات طويلة، ولا يعني عدم تلمس هذه النتائج السريعة، أن هذه المؤسسات راكدة لا تعمل وإنما تأخذ وقتاً للوصول إلى نتيجة. حين يكون بإمكان المؤسسات النسائية أن تعد تقريراً دولياً ويعتمد في المحافل الدولية ويرصد الكثير من الجوانب الحقوقية للمرأة، هذا بحد ذاته إنجاز، وهذا يعني أن هذه المؤسسات قادرة على التعبير عن هموم وقضايا المرأة.

- فضل: الجمعيات النسائية بسبب القيود والقوانين وطبيعة تكوينها، تحاول أن تفرق بينها وبين الواقع السياسي، وهذا يوقعها في مطبات حين تحاول حماية نفسها، إذ تبتعد كثيراً عن الواقع السياسي ولذلك لا تستطيع ملامسة بعض المشكلات.

- شويطر: قانون الجمعيات هو ما يحد عمل الجمعيات النسائية إذ يحظر عليها الاشتغال بالسياسة.

- المسقطي: الجمعيات النسائية في حدود الإمكانات المتاحة تحاول أن تلامس قضايا الشارع البحريني.

- فضل: الاتحاد النسائي تبنى جزءاً من ملف المفصولات عن العمل في فترة السلامة الوطنية، بينما بقية الجمعيات لم تفتح فمها...

- المسقطي: لا يمكن فصل الاتحاد عن الجمعيات النسائية المنضوية تحته...

- فضل: أنا هنا لا ألوم الجمعيات، وإنما أشخص الظاهرة في إطار القيود الموجودة في هذه المؤسسات.

- أبو إدريس: القوانين لا تسمح بالحديث عن السياسة، وإنما تقول أنها منظمات اجتماعية ليس لها علاقة بالشأن السياسي، والحقيقة أننا دائماً ما نلام من الشارع بعدم الحديث عما يحدث للمرأة بحقيقته، ولكننا مقيدون بقانون، وإلا نعرض هذه المؤسسات للغلق. وحتى تقرير الظل بشأن اتفاقية (سيداو) الذي استند في الأساس إلى قانون اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، عرضنا للهجوم الشديد عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

- الناجم: أود أن أختم هنا بأننا نطمح من لجنة المرأة والطفل في مجلس النواب، بأن تأخذ في الاعتبار الملفات العالقة الخاصة بالمرأة وأن تقوم بطرحها والتعجيل فيها، كقانون العنف ضد المرأة، والشق الثاني من قانون الأحوال الشخصية، ومنح المرأة البحرينية الجنسية لأبنائها، وأن يكون التعاون مفتوح بيننا وبينها.

- شويطر: نتمنى أن يتم تحريك جميع الملفات والقوانين التي تخدم المرأة وقضاياها والتي ما زالت عالقة في أدراج البرلمان منذ أعوام، كما نتمنى أن يُعتمد يوم الثامن من مارس/ آذار من كل عام، عطلة رسمية تحتفل فيها وفي إنجازاتها، وأن تتفق جميع الجمعيات النسائية على احتفال موحد به، تحشد فيه كل الجهود والإمكانات، وأن يصل صداه إلى كل نساء البحرين.

العدد 4565 - السبت 07 مارس 2015م الموافق 16 جمادى الأولى 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 4:24 م

      في يوم المرأة

      نتذكر البحرينيات المعتقلات ونسال الله التعجيل باطلاق سراحهن واصلاح اليلد

    • زائر 1 | 8:24 ص

      في يومنا

      التعسف ، الاهمال ،اصبحت المراء تعيش حياه علقم ، اصبحت تعيش بعدم راحه واستقرار عفيه يوم

اقرأ ايضاً