العدد 4570 - الخميس 12 مارس 2015م الموافق 21 جمادى الأولى 1436هـ

مفهوم السيادة يتساقط بالتقادم

غانم النجار ghanim.alnajjar [at] alwasatnews.com

كاتب كويتي

طحنت حرب الثلاثين سنة أوروبا لسنوات طويلة حتى منتصف القرن السابع عشر، دون نتيجةٍ تلوح في الأفق، وبعد أن شعر المتحاربون بالإنهاك واللاجدوى قرروا الجلوس للتفاوض.

كان المتحاربون يمثلون القوة الضاربة حينذاك، وهم الإمبراطورية الرومانية المقدسة، وإسبانيا، وفرنسا، والسويد، وهولندا. ويبدو أنهم أدركوا أن الحرب هي أسوأ ما اخترعه البشر. أطلق على تلك المفاوضات المتناثرة اسم معاهدات أو «سلام ويستفاليا»، وتم إبرام ذلك الاتفاق سنة 1648.

تلك المفاوضات أنجبت ما نعرفه اليوم باسم «الدولة القومية»، أو «الوطنية» لا فرق، وبالتالي فإن مفهوم الدولة التي نعيش في كنفها اليوم هو مفهوم مستورد بالكامل، وصارت شيئاً فشيئاً أساس القانون الدولي الذي نعرفه اليوم، وهي التي حددت معالم ومواصفات الدولة الحديثة التي ننتمي إليها اليوم، دولة ذات «سيادة» لا يسمح بالتدخل في شئونها من جيرانها أو غير جيرانها، تحتكر القوة المادية وتبسط هيمنتها على مفاصل الأمن، لديها شعب ولها حدود جغرافية.

ذاك كان زمن، واليوم نحن في زمن التحوّلات، فالسيادة المطلقة بمفهومها القديم أصبحت في حكم المنتهية، والتدخل في الشئون الداخلية للدول أصبح مقبولاً ومطبقاً على أوسع نطاق. بل إن التدخلات العسكرية وما سمي لاحقاً بالتدخل الإنساني صارت جزءاً من العلاقات الدولية. وصارت الدول وبحكم المتغيرات الدولية تسعى بذاتها إلى التوقيع والمصادقة على اتفاقيات دولية تنتقص من سيادتها وتسمح بالتدخل في شئونها الداخلية، لكنها ولأسباب سياسية مختلفة، تعلن شيئاً مخالفاً، ولا بأس في ذلك، حيث إن الواقع شيء آخر.

ويتضح أن المجالات التي فقدت فيها الدول سيادتها طواعية، تتفاوت بالدرجة وبالاتساع، وهي قد تشمل مواضيع مثل الرياضة الدولية، والعمالة والتجارة والطيران المدني والطاقة النووية وبالطبع حقوق الإنسان وغيرها كثير. ويبدو أن معالم المنظومات الدولية في تلك المجالات المختلفة آخذة في الازدياد لا الانكماش على حساب السيادة التقليدية للدولة، والتي لم تعد موجودةً كما كانت في السابق، ولن يغير في الأمر كثيراً إن كانت الدولة تعلن خلاف ذلك، فالتعهدات قد أعطيت والاتفاقيات قد أبرمت.

إقرأ أيضا لـ "غانم النجار"

العدد 4570 - الخميس 12 مارس 2015م الموافق 21 جمادى الأولى 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً