العدد 4570 - الخميس 12 مارس 2015م الموافق 21 جمادى الأولى 1436هـ

المسئولية في العمل المدني البيئي

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

المسئولية مؤشر ذو دلالة ومعنى جوهري في استراتيجية العمل المدني بمختلف وظائفه وأهدافه، وعلى الرغم من التراجع في بعض محطاته إلا أن مؤشرات فعله تؤكد قيمته في إنجاز الأهداف الاجتماعية ومسيرة التطور الحضاري للشعوب. والمجتمع المدني صار في عالمنا المعاصر القوة المتفاعلة والفاعلة في التغيير الاجتماعي والتقدم الحضاري للأمم، وهو أيضاً يمارس دوره المتصاعد في الحراك البيئي الوطني والدولي، وبرزت في هذا السياق منظمات وجماعات تركت أثرها الفعلي في إنجاز أهداف التنمية المستدامة على المستوى الوطني والدولي.

المجتمع الدولي أخذاً في الاعتبار النشاط المتصاعد لمنظمات المجتمع المدني في إنجاز أهداف التنمية المستدامة، خصها بجل اهتمامه في المواثيق الدولية المعنية بالتنمية المستدامة، وذلك ما جرى التأكيد عليه في وثيقة مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة – 2012 (ريو+20) حيث يشير المبدأ (44) إلى أن المجتمع الدولي «يسلّم بدور ا???تمع المدني وأهمية تمكين كافة أفراد ا???تمع المدني من المشاركة الفعلية في التنمية المستدامة». ويعترف بأن تحسين مشاركة ا???تمع المدني يتوقف، في جملة أمور، على تعزيز فرص الحصول على المعلومات، وبناء قدرة ا???تمع المدني، وكذلك تهيئة بيئة تمكينية.

ويؤكد في المبدأ (50) على «أهمية المشاركة النشطة للشباب في عمليات صنع القرار، وذلك نظراً لأن ما نتناوله من قضايا له تأثير عميق على الأجيال الحالية والقادمة، وأن مساهمة الأطفال والشباب أمر حيوي لتحقيق التنمية المستدامة». ويسلّم أيضاً بضرورة تعزيز حوار الأجيال والتضامن فيما بينها عن طريق أخذ آرائها بعين الاعتبار.

وفي السياق ذاته، يشير المبدأ (53) إلى أن المجتمع الدولي «يلاحظ الإسهامات القيمة التي يمكن للمنظمات غير الحكومية أن تقدّمها، وتلك التي تقدّمها بالفعل، لتعزيز التنمية المستدامة من خلال خبراتها وتجاربها وقدراتها الراسخة والمتنوعة، وخصوصاً في مجالات التحليل وتبادل المعلومات والمعارف وتعزيز الحوار ودعم تنفيذ تدابير التنمية المستدامة».

التجارب التاريخية في نشاط المجتمع المدني تشير إلى حقائق مهمة عن مساهمة عناصره المختلفة في طبيعة مدركاتها ومفاهيمها ووعيها للمسئوليات والالتزامات التي تقتضيها قيم ومبادئ العمل المدني. فهناك العناصر التي مارست أدواراً سلبية في النشاط المدني، وتتمثل في العناصر التي تسعي لتولي مهام العمل الإداري للوجاهة دون السعي في ممارسة الدور الإيجابي المطلوب لتحقيق الانجاز في مسار العمل المدني. ويتسق ذلك مع النهج السلبي في العمل المدني، المبادرات التي يتبناها الأفراد في إنشاء الهياكل التنظيمية الوهمية في جوهر عملها، والتي تمثل في طبيعة نشاطها منبراً للبهرجة الإعلامية وشخصنة العمل المدني.

ووجود تلك الظاهرة السلبية ليس لها حدود مكاني، وتسبّبت في ما هو حاصل من تراجع في العمل المدني العام. بيد أن خارطة العمل المدني تشير إلى الممارسات المسئولة في إنجاز الأهداف الجوهرية للعمل المدني العام.

جوالة نادي المالكية تعد من منظمات المجتمع المدني في بلادنا البحرين، والتي تنشط في المجالات المختلفة للعمل المدني العام. وقدرت أنشطتها في العام 2014 بما يقارب 200 نشاط متعدّد الأوجه، وتمارس دورها بمسئولية عالية في إعداد وتنفيذ الخطط المتنوعة والموجهة في أهدافها في المجال البيئي، وتساهم بجهودها في دعم خطط العمل الموجهة لإنجاز أهداف التنمية المستدامة.

ويبرز ذلك التوجه في أنشطة الغوص وتنظيف قاع البحر في المواقع الاستراتيجية لمعالم نظام البيئة البحرية، وحملات تنظيف السواحل، وتنظيم المهرجانات والندوات التي تهتم بتنمية الوعي وبناء القدرات البيئية.

ويشكل التعاون مع جمعية البحرين للبيئة في تنظيم ندوة المسئولية الاجتماعية والعمل الإنساني مساء الاثنين (9 مارس/ آذار 2015) التي قدّمنا في سياقها محاضرة حول الرقابة الاجتماعية في منظومة التطوع البيئي، تمثل أحد الأنشطة الحديثة للجوالة، والتي تدلّل على متواليات أنشطتها، وتقدّم مؤشراً مهماً على حرص الجوالة على الالتزام بتنفيذ البرامج التي تدعم المشروع الوطني البيئي وتبرز مكانة بلادنا في النشاط الدولي لإنجاز أهداف التنمية المستدامة.

الرقابة الاجتماعية مطلب استراتيجي لدعم جهود الإدارة البيئية، وتنظيم الجوالة للندوة وتسليط الضوء على أهداف الرقابة الاجتماعية في التطوع البيئي يُقصد منه توجيه رسالة إلى من يهمه الأمر، بضرورة الاهتمام بدراسة فوائد هذه الآلية للارتقاء بفاعلية الرقابة البيئية.

وتشكل الرقابة الاجتماعية ركيزةً محوريةً في استراتيجية عمل الجوالة، حيث تعمل وبالتعاون مع جمعية البحرين للبيئة في متابعة واقع الحالة البيئية خصوصاً في الحالات الاستثنائية عندما تتعرض بعض المواقع البيئية المهمة في المناطق البحرية والساحلية إلى تلوث غير مرئي، أو بروز ظاهرة نفوق الأسماك غير المعروفة أسبابها، فإن الفريق المختص يتوجه إلى موقع الحدث ويقيّم الحالة باستخدام الطرق العلمية الحديثة، ويعد تقريراً علمياً موثقاً بالدلائل والبيانات العلمية بالتعاون مع السلطة البيئية المختصة.

الحوار في الندوة بيّن حقائق المصاعب التي تواجهها الجوالة في دعم الجهود الوطنية للبيئة، وفي تأكيد دورها الوطني في إنجاز المشاريع الاجتماعية والبيئية المهمة التي تدخل ضمن منظومة المشاريع الاستراتيجية الموجهة لإنجاز أهداف التنمية المستدامة. وما استمعنا إليه من حقائق بشأن ما تواجهه الجوالة من مصاعب تعرقل القيام بواجبها الوطني رسالة في حاجة إلى قراءتها باهتمام.

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 4570 - الخميس 12 مارس 2015م الموافق 21 جمادى الأولى 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً