العدد 459 - الإثنين 08 ديسمبر 2003م الموافق 13 شوال 1424هـ

«الحويجة» قضاء صغير أربك أهله قوات الاحتلال

مهدي السعيد comments [at] alwasatnews.com

على مدى الأسابيع القليلة الماضية، تحول قضاء «الحويجة» التابع لمحافظة كركوك إلى نقطة جذب تحدثت عنه معظم وسائل الإعلام الغربية، حينما تعرضت قوافل قوات الاحتلال في هذه المنطقة إلى ضربات متتالية كلفت هذه القوات عشرات القتلى والجرحى في صفوفهم، الأمر الذي كان فيه رد هذه القوات عنيفا جدا، إذ تعرض أهالي «الحويجة» إلى مداهمات واعتقالات وتفتيش مازال مستمرا إلى الآن.

قضاء «الحويجة» يقع في الزاوية الشمالية الغربية من محافظة كركوك، وقد تشكل بصورته الإدارية الحالية العام 1962، وضُمّت إليه عدة نواحي هي: ناحية المركز، ناحية الزاب، ناحية الرياض، وناحية العباسية.

وعُمر منطقة «الحويجة» يمتد إلى مئات القرون، وهو من المناطق الأولى التي نزحت إليها القبائل العربية الأصيلة من شبه جزيرة العرب، وبالذات من نجد والحجاز، فهو الآن معقل لهذه القبائل التي مازالت تحتفظ بتقاليدها القديمة، ويشكل سكانه العرب أكثرية ساحقة في مقابل الأكراد والتركمان، في وقت تحاول فيه القيادات الكردية اعتبار القضاء جزءا من حدود كردستان العراق، على أساس أن هذا القضاء وغيره من الأقضية والنواحي المجاورة ينتمي إلى المنطقة الكردية وليس العربية، وان القبائل العربية الموجودة فيه حاليا إنما تم توطينها منذ العام 1936 حينما شقت الحكومة العراقية قناة من الزاب الأسفل باتجاه يمتد غرب محافظة كركوك لإرواء 220 ألف دونم مربع، وهو ما سمي بـ «مشروع الحويجة» الزراعي، إذ قامت الحكومة آنذاك بإسكان آلاف العوائل العربية.

بيد أن التاريخ المدون لهذا القضاء وكذلك لمحافظة كركوك يؤكد أن العشائر العربية الموجودة حاليا في «الحويجة» يمتد تاريخها إلى أكثر من 600 سنة من الآن، وهي عشائر شمر التي تتفرع من عشائر أخرى مثل «الفداعنة» و«الأسلم» وأيضا هناك عشائر «الظفير» التي نزحت من نجد ومنهم «البومفرج» و«الحليحل» و«الكراعنة»، و«الخشافنة» و«آل بوعامر»، وعشائر عنزة ومنهم «البوشاوس» وعشائر الجوالة وعشائر جميلة وقبائل العبيد القحطانية و«القرغول» وقبائل «الجحيش» الزبيدية و«الليهبات» الزبيدية أيضا و«الجبور» وكذلك قبائل «حرب» ومنها عشيرة «أبوضمرة» وقبائل «البوحمدان» العدنانية وقبائل «تميم» و«الصميدع» وعشيرة خفاجة النجدية، وغيرها.

كل أفراد هذه العشائر يعيشون منذ مئات السنين في هذه المنطقة، والآن وبعد التطورات الأخيرة المرتبطة بالاحتلال الأميركي، وجد هؤلاء أنفسهم تحت ظروف جديدة، منها الضغط القومي الذي يهددهم من قبل الأكراد المتحالفين مع القوات المحتلة، وكذلك عودة مئات وربما آلاف الجنود والضباط الذين خدموا في صفوف الجيش العراقي المنحل إلى منطقتهم وهم في عداد العاطلين عن العمل، الأمر الذي فجّر في نفوسهم ميلا إلى المقاومة. لذلك، فإن طبيعة المقاومة الموجودة في «الحويجة» إنما تكتسب شكل الدفاع عن النفس وليس الدفاع عن النظام المخلوع كما تحاول تصويره بعض وسائل الإعلام الغربية. ويبدو أن قوة الضربات التي وجهها أهالي «الحويجة» إلى القوات الأميركية قد أربكت خططهم، لأنها تتسم بالدقة الفنية المتميزة، الأمر الذي يعني أن عناصرها المنفذة هم من أفراد الجيش العراقي المنحل، وهؤلاء يشكلون نسبة كبيرة بين أهالي «الحويجة» التي اعتمدت في اقتصادها على الزراعة والجيش، فهي منطقة فلاحية - عسكرية، إذ يخدم الفلاحون في الأرض، بينما يخدم الكثيرون من أبنائهم في الجيش قبل حَلّه، ومن مرتبات الجيش تأسس نوع من الازدهار الاقتصادي إبان النظام السابق، ولكن بعد سقوط هذا النظام أصبح نصف الأهالي عاطلا عن العمل في وقت شهدت فيه الزراعة في هذه المنطقة وكذلك في المناطق الأخرى انهيارا وتراجعا كبيرا بفعل الأوضاع الراهنة

العدد 459 - الإثنين 08 ديسمبر 2003م الموافق 13 شوال 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً