العدد 4604 - الأربعاء 15 أبريل 2015م الموافق 25 جمادى الآخرة 1436هـ

من لا حُلم له لا حياة له

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

قالتها باستحياء: «من لا حُلم له لا حياة له»، وابتسمت وهي تبوح لي بحلمها في أن تصبح رئيس تحرير صحيفة ناجحة جداً، وخصوصاً أنها تعتقد بأن هذا ممكن مادام يمكن لأي فقير في الدول الديمقراطية أن يصبح رئيس دولة.

ولأنني لا أؤمن بالمستحيل؛ لأن الله حين يريد شيئاً يقول له «كن فيكون»، ولأن العقل البشري يستطيع فعل المعجزات حين يعمل بشكل صحيح، لم أناقشها في حلمها ولم أضحك كما توقّعت حين أخبرتني بـ «سرها» الذي لم تبح به لأحد؛ خشية السخرية منها، بل شجعتها قائلة: «جميل جداً، حينها أودّ أن تتذكريني وتخصّصي لي صفحة في هذه الصحيفة تعنى بشئون ذوي الإعاقة أشرف على تحريرها».

كانت هذه إحدى طالبات الإعلام والعلاقات العامة في الجامعة، وقد صعقت حين سمعت ردي، وكأنها توقعت أن أقول لها يجب أن تدعي الأحلام جانباً وتفكّري بعقلك، كما يقول لها غيري حين تتحدث عن أحلامها الأخرى، وخصوصاً أن الإعلام المحلي «مقيد» كما قالت، ولا يوجد به فرص تتناسب وتوجهاتها الفكرية والثقافية.

هذه الطالبة آثرت أن تقفز على الواقع الحالي، بكل ما به من عقبات حقيقية قد لا تقبل فكرتها، وخصوصاً أننا لم نرَ في إعلامنا قط رئيس تحرير امرأة، ومازالت النظرة قاصرة عن المرأة في هذا المجال باعتبار أن الرجل يرى أنها يجب ألا تتأخر بعد العاشرة مساءً أو أكثر بقليل، ومهنة رئيس التحرير تتطلب السهر في الصحيفة بشكل يومي.

أعجبني في فتاتنا هذه إصرارها، وأعجبني أنها آثرت الاحتفاظ بحلمها كي لا تسمع ما قد يجعلها تتخاذل عن تحقيقه، بل استمرت في التفوّق في دراستها وبدأت في نشر بعض المواضيع في الصحف المحلية وأنشأت لها مدونة وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي كي تبدأ رحلة الصحافة منذ الآن، وهي مازالت في السنة الثانية في الجامعة.

إن الأحلام لا تنتظر منا أن نتخلى عنها، ومادمنا نستطيع أن نحافظ على اشتعالها كشمعة نخشى عليها الريح أو الماء كي لا تنطفئ، ستستمر في إنارة دروبنا ومساعدتنا على تحقيق النجاحات المتواصلة، وسترى طريقها نحو التحول من كونها مجرد حلمٍ في الوجدان إلى واقعٍ معاشٍ في الحقيقة، وهذا ما يحتاج منا إلى كثير من الجهد، وإلى «الصمم» أحياناً حين يتعلق الأمر بالأصوات التي تحاول إخماد نشاطنا وقتل أحلامنا، وهي كثيرة جداً في المجتمع تتنوع أهدافها بتنوّع نفوس أصحابها؛ إذ لا يسعى لقتل أحلامنا الأعداء فقط، بل حتى أقرب الناس إلينا ممن يحبوننا بالفعل قد يكونون سبباً في قتلها حين يجدونها لا تتناسب مع مقاس واقعنا ولا تتناسب مع واقعنا الحالي، متناسين أننا نحن من يصنع المستقبل ونحن من يستطيع تغيير الواقع حين نصر على تغييره ونسعى لذلك بكل ما أوتينا من علم وجهد وعقل وطاقة وعزيمة وإصرار.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 4604 - الأربعاء 15 أبريل 2015م الموافق 25 جمادى الآخرة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 1:19 ص

      ثق بنفسك

      إذا غامرت في شرف مروم، * فلا تقنع بما دون النجوم
      فطعم الموت في أمر حقير كطعم الموت في أمر عظيم

اقرأ ايضاً