دائماً يقولون لنا بأنّ الرزق عند الله، وهو الذي يهب ويعطي ويعلم ونحن لا نعلم، أليس كذلك؟ أوتذكرون قصّة الشاب راشد الذي أًصيب بالسرطان وكتبنا عنه الأسبوع السابق، هو نفسه لديه قصّة أحب مشاركتكم فيها عن الرزق.

بعد أن تمّ تشخيص مرضه في أحد المستشفيات البحرينية الخّاصة، توجهنا إلى وزارة الصحّة لمعرفة إن كان يستطيع الشاب السفر إلى الخارج لمواصلة العلاج، ولكن اللجنة اجتمعت وأقرّت بأنّ هناك علاجاً له في البحرين، وفي هذه الأثناء كان هناك من يحاول إدخاله أفضل المستشفيات على مستوى الشرق الأوسط والموجود في الرياض، ولكن بسبب مرضه الحاد نصح الطبيب بالبدء في العلاج وعدم التأخير.

توجّه راشد إلى شركة التأمين التي يتعامل معها، وبالطبع وجدت له مستشفى خاصاً في دبي «دار الحي»، فتوجّه فوراً بمعيّة زوجته إلى هذا المستشفى، ولكن أعلمه الأخوة في المستشفى بأنّهم لا يعالجون هذا النوع من السرطان، وأخبروه بالتوجّه إلى المستشفى الأمريكي في دبي، وفعلاً توجّه مع زوجته وشنطهم إلى المستشفى الأميركي، ويالغرابة القدر! الطبيب المشرف على هذا النوع من السرطانات غير موجود، ولن يرجع إلاّ بعد شهر، فنصحوه بالذهاب إلى مستشفى دبي، وبالطبع كانت صدمة الشاب ما بعدها صدمة، فهو سافر من أجل العلاج في مستشفى، ويتم تحويله من مستشفى إلى آخر، وفي النهاية يستقر في مستشفى دبي، لماذا؟

إنّه الرزق يا أخوتي، فرزق هذا الشاب في دبي وليس في البحرين حالياً، وعلاجه سيكون عند إخواننا الإماراتيين، والله فوق سابع سماء مقدّر الأرزاق والحافظ والرحيم، أراده أن يكون في هذا المستشفى بالذات، فلقد أُغلقت الأبواب جميعها، ولم تستطع الواسطات نقل راشد إلى أفضل المستشفيات العالمية، ولكنّ الله يعلم بأنّ هذا المستشفى هو المستشفى الذي سُيحقّق الحلم.

في اتصال هاتفي مع والدته، كان راشد ضعيفاً ومُحبطاً ممّا حدث له، وأخبرها بأنّ الفقير لا حيلة له إلاّ القبول، ولكن بعد رؤية الممرّضين الذين تجاوبوا معه وحاولوا طمأنته بأنّه في بيته الثاني، وأنّه على الرأس وفي داخل العين، ارتاح وتوكّل على الله، وهو اليوم مُطمئنٌ بأنّه في أيدٍ أمينة.

نصف العلاج اجتازه راشد، وهو قبول رزق الله، وثمّ نصف العلاج على الطبيب المشرف على حالته، ونعلم بأنّ الله الحافظ الرزّاق، وأنّ ما أوصله في تلك الرحلة الغريبة من مستشفى إلى آخر، إلاّ حتى يضعه بين يد من يستطيع مساعدته فعلاً.

إلى الواسطة التي حاولت مساعدة راشد وغير راشد، نشكره من القلب، ونعلم بأنّه يعمل في الخفاء من أجل الآخرين، وقبلة على رأسه لمحاولته المساعدة، وإلى كل من يسعى في الخير نقول له سعيك لن ينساه الله لك حتى ولو نسيته.

أهل الإمارات الأخيار وأهل دبي الأحباب، نشكركم على استقبال ابن البحرين، ونعلم بأنّكم أهل والأخوة الذين كنتم ومازلتم تناصروننا، ولن تقصّروا مع راشد ولا مع أحد من أهل البحرين، وليكن ما تقومون به في ميزان حسناتكم، التي هي أعظم عند الله تعالى.

وإلى سمو الشيخ محمّد بن راشد آل مكتوم، نقول له أنت نعم الأخ ونعم السند ونعم النصير، يوم أن تخلّى البعض عن الضعفاء لم تتخلّ أنتَ عنهم، ونجدك في النوائب قوياً قبل الأفراح، فشكراً ألف شكر على ما تقوم به من أجل شعبك وأهلك وأهل الخليج كافّة.