العدد 4612 - الخميس 23 أبريل 2015م الموافق 04 رجب 1436هـ

سلوكيات قيادية غير مستساغة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

علماء الإدارة يطرحون نماذج غير فعّالة وغير ناجحة في قيادة المؤسَّسات، وذلك من خلال تقصّي السلوكيات غير المستساغة للقيادات التنفيذية. وقد حدَّد هؤلاء العلماء ، من بينهم كيتس دي فرايس Kets de Vries، مجموعة من السلوكيَّات غير المستساغة لدى بعض القادة، والتي تسهم في توتُّر مرتفع بين العاملين داخل مؤسساتهم، ومنها:

- القائد الدرامي Dramatic Leader: وهو الذي يسعى باستمرار إلى لفت الانتباه إليه، وهو شخص متعطش للإثارة والنشاط، والحفز الذاتي. هذا القائد لديه اعتقاد بأن له استحقاقات (على الآخرين) ويجب أن يحصل عليها، ويميل عادة نحو التطرف في سلوكه.

- القائد المشكك Suspicious Leader: وهو شخصٌ يقظٌ جدّاً، ويحرص على مراقبة العاملين لديه باستمرار؛ خشية وقوع مخاطر أو تهديدات شخصيَّة، وهو دائماً على استعداد لمواجهة أيّ نقد شخصي، أو انتقادات للمؤسَّسة التي يديرها، ويشكك في دوافع الآرين باستمرار. ولدى هذا القائد حساسيَّةٌ مفرطةٌ، كما أَنَّه يتَّسم بانعدام الثقة، ويسعى إلى السيطرة الكاملة على ما يجري داخل مؤسَّسته، وتراه منخرطاً في تحليل الأوضاع واتخاذ القرارات لوحده، وبشكل مفرط.

- القائد المنعزل Detached Leader: وهو شخصٌ منعزلٌ عن حاضر المؤسّسة وعن مستقبلها، وهو قليل التفاعل مع أعضاء المؤسَّسة، ويتواصل مع العالم الخارجي بأدنى حدّ ممكن. وفي كثير من الأحيان ترى قراراته متذبذبة وغير متناسقة.

- القائد الكئيب Depressive Leader: وهو شخصٌ يعاني من عدم احترام الذات، ومثل هذا القائد يجهل احتياجات المرؤوسين والزبائن والمورّدين، وعادة يفتقر إلى الطاقة والحركيَّة، ويتسامح مع رداءة الأداء ولا يجتذب المرؤوسين.

- القائد القهري Compulsive Leader: وهو شخصٌ يسعى إلى السيطرة على المؤسَّسة من أَعلى إلى أَسفل، ويصرًّ على أَنَّ الجميع يجب أن يمارس عمله بحسب قواعد صارمة وصادرة من الأعلى. هذا القائد عنيد، وعادة يعاني من التحجُّر الفكري، ولديه هاجس تحقيق الكمال، والسيطرة على التفاصيل، ويتبع العمل الروتيني الخانق لطاقات الآخرين.

- القائد النرجسي Narcissistic Leader: هذه التسمية تعود إلى الأسطورة اليونانية القديمة حول «نرجس» Narcissus الشاب الذي وقع في حبّ ظله وانعكاس صورته. وفي حين أَنَّ الكثير من القادة لديهم بعضٌ من صفات الأَنانيَّة، لكن إذا زادت هذه الأنانية عن حدّها كثيراً، وأَصبح الشخص «نرجسيّاً» بالكامل، ووصل إلى أعلى الهرم، فإنَّه يحيط نفسه بأشخاص يعكسون له صورته، ويقدّسون ظلَّه، ويردّدون على مسامعه ما يحب سماعه، وبالتالي يحجبونه عن الواقع، ولا يستطيع - بسبب ذلك - توقُّع الخطر أو الخروج منه.

ويقول علماء الإدارة إنَّ هذا النوع من القائد لديه نزعات تدميريَّة تؤدّي إلى فشل المؤسَّسات، بغض النظر عن مدى قوَّة وتنظيم تلك المؤسسات. وعليه فإن المؤسَّسات التي تفسح المجال لقائد نرجسي، فإنَّها تؤسّس أيضاً لضعفها وضمورها، وربما انهيارها.

النرجسيَّةُ هي نوعٌ من الاضطراب يصيب الأشخاص الذين يعتقدون أَنَّ لهم مكانة خاصّة جدّاً، وأنهم يستحقُّون معاملة خاصَّة، وذلك لإشباع أنانيّتهم. مثل هذا القائد لا يتعاطف مع ما يدور حوله، وقد يصل الأمر به إلى استغلال الآخرين بشراسة، بسبب اشتعال نار الحسد في قلبه، وربما يدفعه الغرور المفرط إلى اعتماد سياسة الانتقام من الآخرين مهما كلف الثمن.

- القائد المعجب برأيه Prima Donna: يشير علماء آخرون إلى نوعٍ من القادة غير المستساغين، مثل الشخص المغرور والمعجب جدّاً برأيه، وهو قائد غير معقول، ويدّعي معرفته بكل القضايا، ولديه رأي في كل موضوع، صغير أو كبير، ويقوّض جهود الآخرين، ويطلب منهم الاستماع والانصياع لرأيه؛ لأنه الأفضل دائماً.

جميع السلوكيات غير المستساغة المذكورة أعلاه، تؤدي إلى انتشار مظاهر غير محبّذة لدى الأَشخاص الذين يبتلون بها. مثلاً، ستجد أَنَّ مثل هؤلاء الأَشخاص يعجزون عن تنظيم المفاصل المحوريّة في عمل المؤسَّسة، وتسمع من بعضهم أَنَّهم «مشغولون جدّاً بصورة مستمرَّة»، ولذلك فإنَّهم غير قادرين على تغيير الخطط، أو إعطاء الاهتمام لأية طوارئ في مسار العمل.

كما تجد انعدام الرغبة لديهم في تقديم الخدمات المتواضعة، وتراهم غير مستعدّين للقيام بأي نوع من الأعمال التي يطلبونها من الآخرين.

كما تراهم يتحدَّثون دائماً بأن المعاشات والتعويضات التي يحصلون عليها أقل من شهاداتهم وجوائزهم التي يحملونها. تراهم أيضاً يخافون من منافسة مرؤوسيهم لهم.

كثير من هؤلاء أيضاً لا يستطيعون تلبية متطلَّبات حالات الطوارئ، أَو وضع خطط من أجل توجيه المرؤوسين في الحالات الصعبة أو غير الاعتياديّة. كما تزداد الأنانيَّة لديهم، وتراهم يدّعون أنهم أنجزوا ما يقوم به مرؤوسوهم.

بعض هؤلاء الأشخاص مبتلون بالعصبيَّة التي تدمّر قدرتهم وقدرة من معهم، ولا تمكّنهم من تحمّل الصعاب، بل وتدمّر حيويّة كل الذين يحيطون بهم.

الأسوأ من كل ذلك، هو أن عدداً غير قليل منهم ينقصهم الولاء لمجتمعهم، أو لمؤسَّستهم، أو لرؤسائهم، أو لزملائهم، أو لمرؤوسيهم. بعضهم يعتمد على زرع الخوف في قلوب الآخرين كوسيلة أساسيَّة لتسيير أَعمالهم، وغالبيَّتهم يركز على تمجيد أسمائهم ومسمَّيات المناصب التي يتولونها، وتراهم يغلقون أبوابهم أمام من يعمل معهم.

وقد يكون أصحاب هذه السلوكيَّات غير المستساغة ضائعين، وليس لديهم هدف واضح المعالم في الحياة، فتراهم يسوّفون الأعمال دائماً، أو ترى أن ليس لديهم صبر، أو أنهم ليسوا جيدين في تشطيب الأعمال، أو تراهم مهووسين بالخرافات والأحكام المسبّقة، أو أنَّهم يمارسون التضليل المتعمَّد أثناء قيامهم بأعمالهم.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 4612 - الخميس 23 أبريل 2015م الموافق 04 رجب 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 12:21 ص

      سلوكيات قيادية مطلوبة ..منها تحمل المسئولية و الرؤية و الخطط الواضحة الخبرة المهنية و الذكاء العاطفي و سرعة الانجاز و الجودة والقدرة على التطور ومواكبة التغيير ...... ام محمود

      هناك مجموعة من السلوكيات و المواصفات و المميزات مطلوبة في القائد الناجح منها القدرة على الاتصال و التواصل بطريقة ممتازة بين أفراد المؤسسة و عدم التكبر و الغرور-القدرة على تنمية الدافعية للعمل و الابداع و تشكيل القدرات لدى الموظفين- التحفيز المتواصل بالمكافآت و الحوافز التشجيعية حتى لو كانت بسيطة شهادات و هدية بسيطة وعدم تفضيل ناس على ناس - العدل و المساواة- الصدق و الشجاعة و الاخلاق- اظهار أعلى درجات التفاؤل و الثقة بالنفس و التحلي بالصبر- القدرة على الاستماع ل الآخرين- العمل كفريق متكامل متعاون

    • زائر 6 | 6:15 ص

      القائد المناسب

      لقد ذكرت يا دكتور أنواع من صفات بعض القادة الذين في النهايه هم ليسوا أهلا للقيادة ولكن حبذا لو ذكرت صفات القائد الإيجابية
      وشكرا.

    • زائر 5 | 4:53 ص

      بالفعل دكتور

      اقليمية التكتل الحزبي

      بطبيعة الحال وهذه مشكلة الوضع الاقليمي الذي نمت عنه تحول في المجتمع الديمقراطي.. الذي تجسد من الطفرة الديمقراطية. الطفرة الذي نمت عنها اتفاقيات فيثاغورث الاقليمي.. مجمتع اخر نمت عنه تكتل الاحزاب الموالية للطفرة الشيوعية .. نعم وفي البحرين بالذات .. ماهي الا تحولات ارقت المجتمع بسبب سياسات لم تكن مدولة من الاحزاب

    • زائر 4 | 3:01 ص

      ماذا عن القيادات الطائفية التي اغرقة المنطقة بالتحارب والكراهية 1000

      وقسمت الأمة العربية والإسلامية ليس فقط في البلد الواحد بل في المنطقة كلها هل نستمر بتجميلها أو الواجب تعريتها ووءد الفتنة

    • زائر 3 | 2:41 ص

      موضوع شيق جدا

      موضوع يحكي مسميات لواقع رؤساء الاعمال ... ما نحس به على مدى يومي في بلدنا على مستويات عدة... اتمنى ان يكون الموضوع واحد من عدة حلقات

    • زائر 2 | 2:05 ص

      مقال

      مقال اكثر من رائع والطرف الاخر هو الموظف الاكثر اهميه لان الكفه للموظف فإذا وجد اكثر شخص يطابق المدير من الناحيه الايجابيه في سلوكياته فلا مشكله في المؤسسه وأما العكس فسينتشر الخراب والامراض النفسيه بين الموظفين ، اللهم ابعدنا عن السلبين مدراء وموظفين

    • زائر 1 | 12:34 ص

      يادكتور ضارب أطنابه فيهم

      وهذا ينطبق التي أكل عليها الدهر وشرب.

اقرأ ايضاً