العدد 4612 - الخميس 23 أبريل 2015م الموافق 04 رجب 1436هـ

الخطط التنموية في معادلة السلوك البشري والتنمية المستدامة

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

التخطيط التنموي بمختلف منهجيات واتجاهات أهدافه كمؤشر رئيس في معادلة السلوك البشري والتنمية المستدامة في المجالات الاقتصادية والزراعية والاجتماعية والحضرية والصناعية، ينبغي أن يأخذ في الاعتبار المعايير العلمية المرتكزة على مقاييس المنهج الحديث في التخطيط، والمؤكّد عليها في القواعد القانونية للاتفاقيات الدولية في الشأن البيئي والمبادئ والالتزامات المحددة في وثائق القمم العالمية للبيئة والتنمية، المكوّن الرئيس لخارطة الطريق للمشروع الدولي البيئي، والتي تؤكد على أن حماية البيئة والتنمية الاجتماعية والتنمية الاقتصادية هي الأركان الرئيسة للتنمية المستدامة. وعدم الأخذ بالمعايير والمقاييس السليمة في نهج التخطيط التنموي، من الطبيعي أن يؤدي إلى حدوث الآثار السلبية التي يمكن أن تكون بعيدة الأثر الخطيرة على حياة الإنسان والبيئة.

الارتباط الفعلي للتخطيط التنموي في تأكيد المؤشرات الضرورية لإنجاز أهداف التنمية المستدامة، يؤكد ضرورة أن تؤخذ في الاعتبار، الخصوصية الإجتماعية والبيئية في تنفيذ المشاريع الحضرية والصناعية، بيد أنه على الرغم من توفر القواعد القانونية والالتزامات الدولية التعاقدية والتوافقية ومنظومة القوانين والأسس الوطنية المعتمدة في الشأن البيئي، يجري تجاوز ما هو محدد من معايير وتسقط من حسابات المخططين للمشاريع أهداف التنمية المستدامة، ويبرز ذلك جلياً في مشاريع التخطيط الحضري والصناعي، وخطط استثمار الموارد وفي تنفيذ المشاريع الزراعية.

ويتسبب التخطيط الحضري والصناعي غير المرتكز على معايير التخطيط السليم، في تداخل المناطق السكنية بالمواقع الصناعية، وتلويث المحيط البيئي للإنسان، ما يترك آثاره الخطيرة على الأمن الصحي للمجتمعات المحلية. كما أن عدم مراعاة المعايير البيئية في تنفيذ المشاريع نتيجة اجتثاث مساحات واسعة من الغابات وتجريف المواقع ذات الأهمية الزراعية وردم المواقع البيئية الحيوية في المناطق البحرية والساحلية، يؤدي إلى تدهور المعالم الرئيسة لنظم البيئات الطبيعية، وخسارة كبيرة في التنوع الحيوي والموارد الحيوية لحياة ومعيشة المجتمعات المحلية، وتدني مستوى المحاصيل الزراعية ذات الأهمية الاقتصادية والمعيشية للسكان. ويتداخل ذلك مع الآثار السلبية للخطط الزراعية غير الرشيدة، التي ليس لها مردود اقتصادي وتتسبّب في استنزاف الموارد المائية وتصحر وتملح التربة.

المشروع الدولي البيئي تَبنى منظومةً من المحدّدات والالتزامات القانونية للحدّ من الآثار السلبية للخطط التنموية، ذلك ما يجري تأكيده في مبادئ المؤتمرات البيئية العالمية. ويُعزز ذلك النهج مبادئ ميثاق مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة البشرية في استوكهولم (1972)، حيث يشير المبدأ (13) إلى أنه «بغية زيادة ترشيد إدارة الموارد وبالتالي النهوض بالبيئة، ينبغي للدول أن تعتمد نهجاً متكاملاً ومنسقاً لتخطيطها الإنمائي بحيث تضمن التوافق بين التنمية والحاجة إلى حماية وتحسين البيئة البشرية لصالح مواطنيها».

ويؤكد المبدأ (14) على أنه «يشكل التخطيط الرشيد أداة أساسية للتوفيق بين متطلبات التنمية والحاجة إلى حماية البيئة وتحسينها». وفي السياق ذاته يشدد المبدأ (15) على أنه «يجب في تخطيط المستوطنات البشرية والمدن، السعي إلى تفادي الآثار الضارة بالبيئة وإلى تحقيق أقصى فوائد اجتماعية واقتصادية وبيئية للجميع».

وتعضيداً لذلك التوجه حرص المجتمع الدولي على تضمين إعلان ريو بشأن البيئة والتنمية (1992) بالمبادئ المؤكدة لذلك النهج، ويجري التأكيد في المبدأ (3) على أنه «يجب إعمال الحق في التنمية على نحو يكفل الوفاء بشكل منصف بالاحتياجات الإنمائية والبيئية للأجيال الحالية والمقبلة». كما أن المبدأ (4) يبيّن أنه «من أجل تحقيق تنمية مستدامة، يجب أن تكون حماية البيئة جزءًا لا يتجزأ من عملية التنمية ولا يمكن النظر فيها بمعزل عنها». وبالاتساق مع ذلك النهج يجري التأكيد في المبدأ (2) في وثيقة مؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة (حوهانسبرغ 2002) على أن المجتمع الدولي يجدد التزامه «بتحقيق التنمية المستدامة ويشدد في المبدأ (3) على أن الدول تتحمل «مسئولية مشتركة عن تعزيز وتدعيم الأركان الثلاثة المترابطة المتمثلة في حماية البيئة والتنمية الاجتماعية والتنمية الاقتصادية، على المستويات المحلية والوطنية والإقليمية والعالمية».

القناعة الدولية بضرورة الالتزام بمبادئ التنمية المستدامة في الخطط التنموية، أكّدت موقعها المتميز في وثيقة مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة (ريو+20) وتصدرت المحور الأول للوثيقة «رؤيتنا المشتركة»، حيث يؤكد المجتمع الدولي في المبدأ (1) بالقول «نحن، رؤساء الدول والحكومات والممثلين الرفيعي المستوى، ا???تمعون في ريو دي جانيرو، بالبرازيل، في الفترة من 20 إلى 22 يونيو/ حزيران 2012، بمشاركة كاملة من هيئات ا???تمع المدني، نجدد التزامنا بالتنمية المستدامة وبتشجيع بناء مستقبل مستدام اقتصادياً واجتماعياً وبيئياً لصالح كوكبنا ولصالح الأجيال الحالية والمقبلة». وتعضيدا لذلك النهج يجري التأكيد في المبدأ (3) بالقول «ثمَّ نُقَرّ بالحاجة إلى مواصلة تعميم مراعاة التنمية المستدامة في المستويات كافة من خلال تحقيق التكامل بين الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والإقرار بالصلات المتبادلة بينها، وصولاً إلى تحقيق التنمية المستدامة بأبعادها جميعاً».

ويستدرك المجتمع الدولي أهمية التخطيط التنموي السليم حيث يشدّد في المبدأ (136) بالقول: «ونؤكد على أهمية زيادة عدد المناطق الحضرية الكبرى والمدن والبلدات التي تنفذ سياسات في مجال التخطيط الحضري وتصميم المدن بطرق مستدامة كي تستوعب بفعالية النمو السكاني الذي يُتوقع أن تشهده في العقود القادمة».

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 4612 - الخميس 23 أبريل 2015م الموافق 04 رجب 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً