العدد 4647 - الخميس 28 مايو 2015م الموافق 10 شعبان 1436هـ

الدوافع البشرية نحو العمل

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير


تسعى نظريات الدافعية Motivation إلى التعرف على الدوافع البشرية نحو العمل، وهناك شبه اتفاق بين المهتمين بالسلوك البشري على أن الإنسان «غرضي السلوك». وبعبارة أخرى فإنه ما من سلوك يصدر عن الفرد إلا ويكمن وراءه دافع، والدافع هو ما يدفع الشخص إلى التصرف بطريقة معينة. فعندما يقوم شخص ما بأكل الطعام، فإن الدافع لذلك هو «الحاجة لمنع الجوع»، أو عندما يحرص تلميذ على تنفيذ واجباته المدرسية، فإنه يسعى إلى الحصول على تقدير جيد من أستاذه.

الدوافع قد تنتج عن رغبة «ذاتية» حتى مع عدم وجود مكافأة أو غرامة، وقد تنتج عن عوامل «خارجية» يأتي معها الثواب والعقاب. الدوافع الذاتية تشكل عنصراً حاسماً في التنمية المتطورة، سواء كان ذلك في المجالات المعرفية أو الاجتماعية أو المادية، لأن الإنسان المندفع ذاتياً ينخرط في إتقان مهماته ويحسن مهاراته عن طيب خاطر، وهو ما يعبّر عنه أحياناً بـ «الرضا الوظيفي».

أما الدوافع «الخارجية» فهي تلك التي تأتي من تأثير خارجي، فتحفز الفرد على المثابرة، أو الامتناع عن القيام بعمل ما، وذلك عبر مكافأة السلوك المرغوب فيه، والتهديد بالعقاب عندما ينخفض السلوك عن المستوى المطلوب. كما أن المنافسة هي دافع خارجي أيضاً لأنها تشجع على تطوير الأداء من أجل تحقيق الفوز على الآخرين أو موازاتهم.

في المحصلة، فإن «الدافعية» توضح مدى رغبة الفرد في القيام بعمل يحقق من ورائه حاجة أو هدفاً مرغوباً. ويمكن قياس مدى توفر الدافعية لدى شخص أو جماعة من خلال ملاحظة سلوكها الخارجي، ومن لديه دافع أكبر سيبذل جهداً أكبر من غيره. كما يمكن التعرف على حاجات أو أهداف كل فرد، ومن خلال ذلك يمكن فهم سلوكه الذي يسعى من خلاله إلى تحقيق حاجاته أو أهدافه.

هناك عدد غر قليل من النظريات حول الدافعية، ومن تلك النظريات يمكن الإشارة إلى ما يعرف بـ «نظرية X»، و «نظرية Y» اللتيين طرحهما عالم الإدارة دوغلاس ماكريجور في العام 1960، و«نظرية Z» التي طرحها عالم الإدارة وليام أوتشي في العام 1981.

«نظرية X» تفترض أن العاملين كسالى بطبيعتهم ويكرهون العمل، ونتيجة لهذا الطرح، فإن القيادة الفعالة في المؤسسات تحتاج إلى الإشراف عن كثب على العاملين وأن تضع نظماً شاملة للسيطرة على سير العمل وتوجيه العاملين باستمرار، وهناك حاجة إلى هيكلية هرمية صارمة للتحكم في مسيرة العمل. ووفق هذه النظرية، فإن العاملين قليلو الطموح، وسيتجنبون تحمل المسئولية كلما كان ذلك في وسعهم.

«نظرية Y» تفترض أن العاملين طموحون، ولديهم دوافع ذاتية لممارسة ضبط النفس، وأنهم يتمتعون بالقدرة على إيجاد الحلول للمشكلات، وأنه بالنظر إلى الظروف المناسبة، فإن معظم الناس يريدون القيام بعمل جيد، وأن الرضا الوظيفي يمثل أقوى دافع للعمل.

«نظرية Z» تفترض أنه بالإمكان الحصول على أفضل ما لدى العاملين من أداء من خلال «العامل الثقافي» والذي يتطلب زيادة ولاء العاملين لمؤسستهم، وإشراكهم في عملية اتخاذ القرار كلما كان ذلك ممكناً، مع التركيز على رفاهية العاملين، سواء داخل العمل أو خارجه، وأن كل ذلك يؤدي لإنتاجية عالية، وارتفاع في المعنويات.

ومن النظريات الأخرى المؤثرة جداً في بحوث الدافعية، نظرية ماسلو بشأن «التسلسل الهرمي للاحتياجات»، والتي طرحها في 1954. نظرية ماسلو ترى أن الفرد يتدرج في احتياجاته من الأسفل إلى الأعلى على خمس مستويات متصاعدة، وكلما أشبع احتياجات مستوى انتقل الى الأعلى، وإذا انخفض الإشباع في مستوى معين فإن الفرد ينخفض أيضاً إلى المستوى الأسفل. والمستويات الخمسة من الاحتياجات، هي:

- الاحتياجات الفسيولوجية: يتحرك الفرد في البداية من أجل تلبية متطلباته المادية لبقائه على الحياة، ويسعى إلى الحصول على الهواء والماء والغذاء والملبس والمأوى والجنس الغريزي.

- احتياجات السلامة: بعد إشباع الاحتياجات الفسيولوجية، فإن الفرد يسعى إلى الحصول على الأمن والسلامة التي قد تشمل الأمن الشخصي، الضمان المالي، الصحة والرفاه، التأمين ضد الحوادث والمرض وآثارهما السلبية، إلخ.

- احتياجات الحب والانتماء: بعد تلبية الاحتياجات أعلاه، فإن الفرد ينتقل الى المستوى الثالث من الاحتياجات التي تنطوي على مشاعر الانتماء والحب والصداقة والألفة والقبول بين المجموعات والنوادي والجماعات الدينية، والمنظمات المهنية، والفرق الرياضية، والشركاء الحميمين، والمرشدين، والزملاء، والمقربين، إلخ.

- احتياجات الاحترام: بعد تحقيق المستويات أعلاه، ينتقل الفرد الى تلبية احتياجاته للاحترام، وذلك لأن جميع البشر لديهم حاجة إلى الشعور بالاحترام؛ وهذا يشمل الحاجة إلى احترام الذات، واحترام الآخرين وتقييمهم له، وثقتهم بكفاءته ورزانته ورشده، إلخ.

- احتياجات تحقيق الذات: المستوى الأعلى من الاحتياجات هو «تحقيق الذات»، وهو المستوى الذي يصله الفرد بعد إشباع احتياجات المستويات المذكورة أعلاه، وتراه في هذه المرحلة من حياته ينطلق لإنجاز أحلامه وليصبح المرء الذي كان يأمل دائماً أن يكون عليه من حيث الأداء وطريقة الحياة.

 

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 4647 - الخميس 28 مايو 2015م الموافق 10 شعبان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 8:44 ص

      كأني قرأت هذا الموضوع بصيغ وعبارات

      مختلفة سابفا الاعادة والتكرار قد يكونان مطلوبين لتركيز الموضوع ولبيان اهميته تشكر استاذنا

    • زائر 6 | 3:52 ص

      مقال رائع وحرية تحقيق الأهداف والمنافسة الشريفة في العمل والحياة

      يجب أن تكون متاحة للجميع بالتساوي هذه أهداف الدول الديمقراطية لاكن الوصول إلى الكمال والعدل كله يبقى مستحيل فطبيعة البشر الأنانية ولهذا وجدة المراقبة المستمرة وفي الخير اللجوء إلى القضاء المهم الوصول إلى الأهداف ليس على حساب الغير والأهم أبعاد الايدلوجيات عن المفاضلة في الحياة والترقي وعن العمل السياسي وتبقى حرية شخصية لاتفاق أي دين أو مذهب

    • زائر 7 زائر 6 | 5:36 ص

      نعم الدوافع البشرية متاحة للجميع

      بس يجب أبعاد المؤثرات الايدلوجيات وبالأخص الدينية والمذهبية وتبقى حرية شخصية للأفراد لا يجب الاستعانة بها في المكاسب الدنيوية وبالأخص السياسية

    • زائر 5 | 1:23 ص

      عبد علي البصري

      هل الافتراس دافع فطري : كما قال الشاعر : الظلم من شيم النفوس فإن ترى ذو عفه فلعله لا يظلم ,وهل الحسد دافع فطري أم وسوسه شيطانيه , كما حكى القرآن الكريم عن ابليس وأدم وقابيل وهابيل , وهل الغيره دافع فطري كما هو الحاصل بين الناس أم هو شيطاني . كما حكي من قصه يوسف واخوته . وبين ساره وهاجر . فليس الطعام والسكن و الامان و ووو دوافع هذه دوافع ايضا .

    • زائر 4 | 1:15 ص

      عبد علي البصري

      وهناك نظرتين متضادتين للانسان في وجوده , النظريه الدنيويه فقط والنظريه المشتركه دنيا ودين . الانسان المجرد تحكمه في وجوده الشهوات والغرائز وعلىها يتحرك , وشتان بين من هو انسان مجرد من العقل (( القانون)) و هو أضل من الحيوان ( أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم) والفرق كما اعتقد واضح بين الانسان وبين القرده .

    • زائر 3 | 1:03 ص

      عبد علي البصري

      وكذلك الصحه و الامان لقول الامام علي عليه السلام : نعمتان مجهولتان الصحه والامان , كذلك قال لا بد للناس من امام حق أو باطل ليستريج مؤمن ويستراح من فاجر ,. موطن الشاهد هو احتياج الانسان للامان وهناك مفاضله بين هذه المتطلبات النفسيه و الوجوديه للانسان . وأكثر القوانين السماويه و الوضعيه مصبوبه لتنظيم هذه المتطلبات النفسيه و السلوكيه الفطريه للانسان . ........ تكمله

    • زائر 2 | 12:55 ص

      عبد علي البصري

      قال الله تعالى لابينا آدم على نبينا وعليه افضل السلام عندما اراد ان ينزله الى الارض , قال له وأن لك فيها أن لا تجوع ولا تعرى , أول متطلب فسيلوجي وسكيولوجي هو الطعام و اللباس والوطن ((الجنه التي خلق فيها آدم)) و التزاوج وحب الانجاب للابناء والاحفاد . وهذا ما أمنه الله للعباد في الدنيا من لدن آدم وإلى يومنا هذا و المخالف لهخذه شاذ . وليس هذا فقط وإنما هناك....... تكمله .....

    • زائر 1 | 12:47 ص

      شكرا جزيلا

      مقال رائع جدا .... شكرا جزيلا دكتور منصور

اقرأ ايضاً