العدد 4685 - الأحد 05 يوليو 2015م الموافق 18 رمضان 1436هـ

من «النفط» إلى «الإرهاب»

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

لعقود طويلة، تميزت منطقتنا بأنها تستحوذ على نسبة عالية من تصدير النفط لكل أنحاء العالم، ولها الصوت الأكبر في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، وكل السياسات في العالم تأخذ بعين الاعتبار أن نحو 17 مليون برميل من النفط يوميّاً، وهو ما يمثل 30 في المئة من مجموع النفط المنقول عبر البحر، يمرّ عبر مضيق هرمز الضيق جدّاً، وبذلك فهو يتحكم بعجلة العالم الصناعي التي تحتاج إلى هذا الوقود بكميات متدفقة باستمرار. ولذا فإن أي تأثير على سعر النفط، أو على كميات تدفقه، يؤثر مباشرة على موازنات الدول وعلى أسعار وقود المركبات، وعلى تكلفة نقل المواد الغذائية، والسفر جوّاً، وعلى صناعات البلاستيك وجميع المنتجات المشتقة من النفط، وعلى أمور كثيرة أخرى.

تأثيرنا على العالم كان ولا زال أكبر من حجمنا بكثير، بسبب وجود النفط فيما بيننا. العالم يغض الطرف عن الكثير مما يحصل في بلداننا على أساس أننا استثناء من التاريخ، وأن ما ينطبق على باقي البشر لا ينطبق علينا، وأن هناك أهم سبب لعدم الالتفات إلى هذا الأمر أو ذاك (وهو تمركز بلداننا على آبار النفط).

مع كل ذلك، فنحن كنا ولازلنا، أكثر الدول التي تستهلك ما ينتجه الآخرون، وذلك بسبب توفر المال من النفط (وليس من قدراتنا الإنتاجية). على أن هذا الوضع قد يتغير، إذ بدأنا ننتج الإرهاب، وهناك من يصف بلداننا حاليّاً بأنها «دول مصدرة للإرهاب». بمعنى آخر فإن ماركة «النفط» التي عرفنا بها منذ زمن طويل تنافسها ماركة «الإرهاب»، التي أصبحت ملازمة لأخبار منطقتنا بصورة وثيقة ومباشرة. وعليه فإن بلداننا التي كانت ملطخة بلون النفط، أصبحت الآن ملطخة بلون الدم، وبصورة بشعة جدّاً.

إن لدينا ديناً عظيماً، وهو الإسلام، الذي ارتفعت حضارته عالياً، ولكن مع الأسف فإن هناك من اختطف هذا الدين الرحيم وحوَّله إلى نهج متوحش ينشر العنف بلا رحمة في كل مكان. هذا النهج يحتقر التاريخ وآثار الأمم الغابرة والحاضرة، ويعبث بكل ما أنجزه الإنسان، ويربط بلداننا بماركة الإرهاب عبر أوسع دعاية تشويهية تعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي.

لقد تحولت بلداننا - بسبب هذه الحركات المتشددة والأفكار الكارهة للآخر - إلى دول منتجة ومصدرة لكل أنواع الإرهاب. إن هذه هي المأساة الكبرى التي نعيشها حاليّاً، إذ وبدلاً من أن نلتحق بتطور الدول المتقدمة التي استخدمت النفط من أجل مزيد من التقدم لها وللعالم، مثل النرويج، فإن بلداننا قد تلحق ببلدان الخراب والدمار بسبب العبث والجهل والإهمال والبعد عن الرشد السياسي.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 4685 - الأحد 05 يوليو 2015م الموافق 18 رمضان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 11 | 6:49 ص

      نعم

      لو تركنا المستعمرون لحالنا لكانت الأحوال اليوم في بلداننا مستقره . ولكن تدخلهم بشكل سافر في شؤننا بكل ما أوتو من قوه عن طريق وكلاؤهم اللذين ربّعوهم على رؤسنا لخدمة مصالحهم وربيبتهم اسرائيل هذه الغده السرطانيه الخبيثه اللتي بسببها عشنا ونعيش الفوضي الهدّامه وغياب الوعي الشعبي بسبب الإعلام المسيطر عليه والمطبل لأجندتهم ومحاولة شعوبنا لتغيير المعادله أثمرت هذا الوضع المتهاوي اللذي نعيشه.والحل هو في وعينا والإعتماد على انفسنا في تغيير وضعنا .

    • زائر 10 | 5:27 ص

      المفروض ان تصبح بلاد الخليج جنان = ثروات كلها ذهبت في الحروب

      على هذا الثراء الفاحش لدول الخليج لا نرى الا بنى متهالكة تسقط لزخات بسيطة من الأمطار.
      لكن للاسف الاستحواذ على السلطة جعل الحكومات تتلاعب بمقدّرات الشعوب وتزج بها في محارق الحروب

    • زائر 9 | 4:05 ص

      إلا رهاب لا علاقة لهوا بالنفط أو الدول

      هو ممتد من أفغانستان إلى أفريقيا ومن كل القوميات حاليا وداعش المجرمة خليط ومنبوذ من الكل إلا المعتوهين وكلهم محاربون هو يعيش على الصراع الديني والطائفي الوحدة الوطنية هي العدو اللدود له

    • زائر 5 | 11:47 م

      بلاء السياسين

      كل هذا بسبب افتقار السياسيين للحكمة

    • زائر 4 | 11:27 م

      الابتعاد عن الذكاء السياسي ... ام محمود

      ذكرت في تعليق مسبق ان الدول العربية لم تتخلص من الاستعمار بشكل جذري.
      المستعمرون من امريكا و بريطانيا و فرنسا هم الذين يتحكمون في الانظمة بشكل مباشر و هم الذين يخططون المؤامرات و الحروب و القتل و الدمار حتى انحراف الشباب بسبب ما يبث من دعارة و انحلال اخلاقي و تدمير للتفكير الصحيح و القضاء على معالم الدين الإسلامي الان نحن على مفترق طرق من حرق الاوطان بالطائفية و الفتن و تفجير الناس و اسقاط الزعامات هناك خوف من ان يمتد الارهاب للدولة و يتحكم فيها سقوط اعداد كبيرة من الضحايا هذا شيء أكيد

    • زائر 3 | 11:25 م

      في الصميم

      أحسنت يا دكتور وبوركت تلك الأنامل والقلم الجميلين في توصيف حالنا وما آل وضعنا من السيء إلى الأسوى بسبب الغرور وقلب الحقائق وشراء الذمم وشراء شركات العلاقات في تلميع الحذاء قبل وصف الدواء ! فمتى نصحوا متى نعي ,, وتعييها أذون واعية! وليس بغريب عليك يا دكتور فوالدك رحم الله كان هذا خطه وهذا الليث من ذاك الأسد.. فسلام عليك يا أبو البلاغة والرحمة والعطف والأنسانية "الأمام علي ع

    • زائر 2 | 11:06 م

      تعزيز الارهاب و الإرهابيين و بعد ذلك الاعلان عن محاربة داعش ... ام محمود

      العرب يعيشون التناقض كله و الاخطاء الجسيمة و حقد الماضي و استطاع الغرب خداعهم اين هو النفط العراقي و النفط الليبي و النفط الخليجي لقد تم سرقته و استبداله بالإرهاب الاسود و استيراد وحوش الغابات و تدريبهم للفتك والقتل و الاغتصاب
      وبعد ان احسوا بالخطر رصدوا الجوائز و الملايين للقبض على المجرمين لا فائدة الان بعد ان تمدد التنظيم في دولنا
      من الاخطاءايضا ما قام به الجيش العراقي من توزيع منشورات بالطائرات تخبر اهالي الموصل ان الفرج والنصرقريب وعليهم الاستماع لاذاعة خاصة و مافعله داعش هو العقاب الجماعي

    • زائر 1 | 10:08 م

      كمحاولة‏ ‏إنعاش‏ ‏الجثة‏ ‏،.‏ ‏

      الإرهاب‏ ‏نتاج‏ ‏مدرسة‏ ‏فكرية‏ ‏نحتت‏ ‏افكارها‏ ‏البائسة‏ ‏في‏ ‏عقول‏ ‏ناشئتها‏ ‏حتى‏ ‏وصل‏ ‏الحال‏ ‏لماهو‏ ‏عليه‏ ‏اليوم‏ ‏
      التغيير‏ ‏شبه‏ ‏مستحيل‏ ‏و‏ ‏إن‏ ‏لم‏ ‏يكن‏ ‏مستحيلا‏،‏ ‏لأن‏ ‏الإرهاب‏ الذي‏ ‏هو‏ ‏بذرة‏ ‏خبيثة‏ ‏مخبئ‏ ‏بنفوس‏ ‏فئات‏ ‏كبيرة‏ ‏من‏ ‏تلاميذ‏ ‏هذه‏ ‏المدرسة‏ ‏إن‏ ‏لم‏ ‏يثمر‏ ‏اليوم‏ ‏فحتما‏ ‏غدا‏ ‏او‏ ‏بعده‏!‏‏ ‏
      اجتثاث‏ ‏الورم‏ ‏يبدأ‏ ‏بتهئية‏ ‏النفوس‏ ‏للعلاج‏ ‏و‏ ‏من‏ ‏دون‏ ‏ذلك‏ ‏فالورم‏ ‏يستشري‏ ‏لسائر‏ ‏الجسد.

اقرأ ايضاً