ما أن يتّصل بنا أحد الأخوة حول مشكلة ما إلاّ ويناشد رئيس الوزراء، وما أن نكتب في موضوع ساخن جدّاً يمس مشكلات الناس وحياتهم المعيشية، حتى يبادر الكثير من المعلّقين بمناشدة رئيس الوزراء، وما أن يلتقي معنا أحدهم في موضوع شائك، حتى يذكر اسم رئيس الوزراء ويناشده، والجميع يقول لنا نناشد رئيس الوزراء!

ليس هناك مشكلة في مناشدة رئيس الوزراء الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، فهو دائماً يحل المعضلات الصغيرة والكبيرة، وهو لا يعد إلاّ ويفي بوعده، ولكن أليس هناك خلل عندما يناشد الجميع رئيس الوزراء، في وزارات الدولة التي لديها وزراء؟ أين الوزراء في حل مشكلات موظّفيهم ومشكلات المواطنين؟ أليس هناك تدرّج لحل المشكلة؟ أم أنّ الأبواب مُغلقة أمام المواطن حتى يتواصل مع من يستطيع إيصال صوته إلى سمو رئيس الوزراء! ألم يوجّه سمو رئيس الوزراء الوزراء للالتفات إلى مشكلات المواطنين؟

نعتقد أنّ الخلل موجود لدى الوزارات والوزراء في حل المشكلات، فالتعامل مع المشكلة لا يتم وفق الأطر الصحيحة، وبالتّالي يتوجّه المواطن إلى من هو أعلى من الوزير، وقد يصل وقد لا يصل صوته، ولكن تبقى مناشدة رئيس الوزراء هي المحور الرئيسي لكل مشكلة.

ماذا لو قام الوزراء بعملهم على أكمل وجه من دون غلق الأبواب في وجوه المواطنين؟ وماذا لو أنّ الوزير أخذ مشكلات النّاس وهمومهم على محمل الجد؟ سنجد بأنّ المشكلات البسيطة لن تتفاقم حتى تصل إلى المناشدة، وسنجد بأنّ الوزير يؤدّي دوره على أكمل وجه من دون انتقاد أو توجيه أصابع الاتّهام له، ولنا في تعليقات النّاس واتّصالاتهم أسوة حسنة.

الوزير هو رجلُ الدَّولة الذي يختاره رئيسُ الوزراء، للمشاركة في إِدارة شئون الدَّولة مختصاً بجانب منها، كوزير العدل، ووزير المالية، ووزير التربية والتعليم، ووزير الصحّة، ووزير الإسكان، ولكننا نجد بعض الوزراء يبتعدون عن إدارة شئون الدولة ويلتفتون إلى إدارة الفعاليات، حتّى أنّ البعض أطلق عليهم مسمّى الـ(Show time)، وهذا ما لا نقبله على الوزراء، فإدارة شئون وزاراتهم، وتحقيق العدالة التي يطمح إليها الجميع، وإعادة التوازن داخل إدارات الوزارات، هي من أهم مهام الوزير.

نضيف إلى ذلك بأنّ الوزير لم يصل إلى منصبه إلاّ بسبب ثقة القيادة فيه، وهو منصب فيه من الهم الكثير، وليس منصباً يتقلّده الفرد ليزيد من حصيلة الجوائز، فالجوائز تأتي عندما تعمل الوزارة بالأصول الصحيحة، لا ضرر ولا ضرار، مساواة وعدالة ووضع اجتماعي صحيح ومعاملات تُنجز في الوقت نفسه.

إليكم مثلاً في إنجاز المعاملات، لماذا إدارة الهجرة والجوازات تنجز المعاملات في وقت سريع جدّاً، بينما معاملات في وزارات أخرى تأخذ أياماً وأشهراً وسنوات؟ وعلى رغم بعض الانتقادات على هذه الإدارة، إلاّ أنّ سرعة الإنجاز والالتفات إلى المواطن واضحة وضوح الشمس!

نرجو من بعض الوزراء الاهتمام بمشكلات وزاراتهم، فالأمانة المعطاة لهم عظيمة وليست بسيطة، وقد قال المولى (عزّ وجل) في كتابه: «إنّا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض فأبين أن يحملنها وأشفقن منها، وحملها الإنسان انّه كان ظلوماً جهولاً» (الأحزاب، الآية 72)، فمن لا يستطيع القيام بواجبات الوزارة فليترك المهمة لغيره، رغم علمنا أنّ ترك العمل صعب، ذلك أنّ السلطة والوجاهة غريزة في الطبع البشري، ولا يتخلّى عنها البشر إن أضحت في أيديهم.