العدد 4707 - الإثنين 27 يوليو 2015م الموافق 11 شوال 1436هـ

لماذا يدافع البؤساء عن #مجزرة_البعثات؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

حين ترجمت رواية (Les Miserables) لفيكتور هوجو، إلى العربية قبل سبعين عاماً، اعترض البعض على ترجمة عنوانها إلى «البؤساء»، لاشتقاقها من البأس والقوة، واقترحوا عنواناً أصح: «البائسين»، للدلالة على الفقر والبؤس.

الرواية صدرت لها عدة ترجمات، وعُرضت على خشبات المسارح في بلدان كثيرة، وتحوّلت إلى أفلام آخرها تم إنتاجه قبل عامين، ولكنها احتفظت باسمها ومكانتها في الأدب العالمي. وهذه الرواية الكلاسيكية تتحدّث عن الظلم الاجتماعي في فرنسا في النصف الأول من القرن التاسع عشر، وعن الخير والشر، والعدالة والحب والأخلاق. وقد كتب هوجو في مقدمتها: «العادات والقوانين في فرنسا، تخلق ظرفاً اجتماعياً هو نوع من الجحيم البشري، وكتابة مثل هذا الكتاب ستكون ضرورية دائماً».

ما يدعوك لتذكّر هذه الرواية، أنه بعد أكثر من 150 عاماً من صدورها، تقرأ كتاباتٍ غريبةً جداً، تدافع عن بعض السياسات التي «تخلق ظرفاً اجتماعياً هو نوعٌ من الجحيم البشري». ومن أوضح مصاديقها السياسات الخاطئة لوزارة التربية والتعليم، التي تسبب الكثير من المشاكل والخلافات والمعاناة. وفي مقدمتها عملية التمييز في توزيع البعثات الدراسية، بحيث يتم حرمان مئات الطلبة المتفوقين من فرصهم بالدراسة الجامعية، لأنهم -ببساطةٍ واختصار- من فئةٍ اجتماعيةٍ معينة لا غير. ويتم اختلاق مبرّرات لا تنطلي على أطفال صغار، لتمرير هذه السياسات والممارسات الخاطئة.

يمكن أن «نفهم» وجود مجموعة حزبية انعزالية، تتحكم في مفاصل وزارة التربية وتنفّذ أجنداتها الحزبية المغلقة، من سنخ تلك الجماعات التي تم إسقاطها في مصر بعد عام واحد فقط من تسلطها. وهناك من يرى إنها جماعةٌ تم تمكينها من رقبة الوزارة لتخدم أهدافاً مشتركة. وفي الحالين يكون هناك ضحايا كثر جراء تنفيذ هذه السياسات.

نفهم هذا الواقع وننتقده، وندعو إلى تصحيحه علانيةً، ولكن كيف تفهم وجود من يدافع عنه؟ كيف تفهم من يكتب في الصحافة دفاعاً عن التمييز في توزيع البعثات واحتكار المناصب والحرمان من الترقيات؟ وتعجب كيف تطوّرت هذه النزعة الطائفية المريضة إلى حالة من حالات العنصرية؟

اكتب وعبّر عن رأيك بالقدر المتاح من الحرية، ولكن لا تدافع عن سياساتٍ خاطئةٍ تقوم على التمييز بين المواطنين وفق الهوية، فهذا أمرٌ لا يصدّق ولا يُطاق. فمتى كانت محاربة المتفوقين من أبناء الوطن وحرمانهم من فرص دراستهم الجامعية أمراً وطنياً يستحق الدفاع عنه؟

ثم كيف تكتب مدافعاً عن سياسة تعتبر مخالفةً فجّةً لمواد القانون والدستور، التي تنصّ على مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص بين كافة المواطنين، باعتبارها دعامات للمجتمع تكفلها الدولة.

إنها شكلٌ من أشكال العصبية الجاهلية، في الوقت الخطأ، والزمن الخطأ. ربما كانت مقبولةً في القرون الوسطى، ولكنها لم تعد كذلك في القرن الحادي والعشرين!

إن الأمور والسياسات المعوجة لا تستقيم، في بلدٍ يفخر بحق، بتاريخه التعليمي المتقدم، فطوال سبعين عاماً، لم تتصاعد موجة اعتراضات على سياسات وزارة التربية والتعليم كما هي الآن، بعدما زاد الماء على الطحين. ولم يتميّز عقدٌ من العقود السابقة بما تميّز به العقد الأخير من تمييز صارخ في مجال التعليم، أثار الكثير من الامتعاض والانتقادات، عبّر من خلاله البحرينيون عن غضبهم واعتراضاتهم من خلال وسم مجزرة_البعثات، الذي أوردته إذاعة عالمية كالـ «بي بي سي» باعتباره أحد أعلى الهاشتاقات انتشاراً.

إنه لأمرٌ مخجلٌ أن يتصدّى حَمَلَةُ أقلامٍ لمحاربة دعوات احترام القانون والدستور، وتطبيق مبادئ المساواة والعدل وتكافؤ الفرص. وهو ما سيوثّقه التاريخ عن هذه المرحلة العابرة من تاريخ التعليم في البحرين، بما تمثله من شذوذٍ فكري، وخروجٍ عن المنطق والمسار الوطني، ودفاعٍ بائسٍ عن جريرة التمييز.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4707 - الإثنين 27 يوليو 2015م الموافق 11 شوال 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 26 | 8:13 ص

      نحن أمة تافهة

      بلا دين ولا عدالة.....أمة جاهلة تضحك عليها الأمم....انتظروا نفاذ النفط لتصبحوا خدما لغيركم ممن أجئ به ليحل محله

    • زائر 25 | 7:34 ص

      انها

      انها الغيرة طلابنا وطالباتنا من المتميزين بالنجاح لايريدونهم ان ينجحوا وكونوا مستقبلهم لانهم ... الحين قامو اطرشون البعثات الى طالبات عرب من الجدد لانهم يحمون البلد ولايحبون الفلوس ولاشى هم فقط عبيد الدينار ههههههههههههههه سجل يلتاريخ مصائب ... فى هاده البلد المشتكى لله

    • زائر 24 | 6:21 ص

      مشكلتنا نحن البؤساء

      المشكلة كلها في كل مانقول يا حكومة في فساد يطلع ليك المفسدين يطالبون الحكومة بالتستر عن فسادهم بالعقاب الجماعي. يا حكومة هؤلاء سيغرقون البلد. ترى المنافقين ما يشبعون فلوس.

    • زائر 23 | 6:09 ص

      هولاء يدافعون لان اكثر هولاء لو حصل اصلاح حقيقي لرجل كل واحد من هولاء الى وظيفته السابقة

      هولاء فاشلون في الدراسة وفي الحياة لهذا هم يدافعون ويجلبون الاجانب من اصقاع الارض لتهميش المواطنيين الاصليين

    • زائر 22 | 5:00 ص

      ذوقوا نتائج اعمالكم

      لكل من ساهم في الظلم من أي طائفة سيرتد عليكم بإذن الله تعالى
      سيسلط عليكم الطبيب الفاشل يعالجكم ويدمر صحتكم والمهندس الفاشل يخرب بيوتكم. ....إعلموا آنذاك سوء عملكم
      قوانين الله لا تخطئ

    • زائر 19 | 4:27 ص

      واضح

      إنها العبوديه يا سيدي .حب الذات .الأنانيه. كره الآخر.الحقد. الضغينه المرض النفسي الحسد ما شئت من هذه المسميات وثق يا سيدي أن اصحاب هذه الصفات هم أناس غير سعداء وبدأوبإحراق انفسهم قبل غيرهم من خلال تصرفاتهم الحمقاء .

    • زائر 18 | 4:26 ص

      الان زمن الاسود

      لانه زمن ابوالديب وجليلة السلمان انتهى

    • زائر 15 | 3:18 ص

      الي يدافعون

      الي يدافعون عن توزيع البعثات هم طائفيين وحت في التوضيف بعد طائفية من قبل لاتصيرحت اللأزمة

    • زائر 14 | 3:03 ص

      البندريون يريدون ذلك فقط لأبنائهم فالبلد صايرة اغتنام غنايم

      التقرير المثير اشار الى ذلك من سنوات وموجود التقرير ولله الحمد حتى لايقولون الشيعة يدعون المظلومية شكرا لمن كتب التقرير

    • زائر 13 | 3:01 ص

      في الدول الغربية يحدث زلزال اذا حدث تمييز ويقدمون للمحاكمة

      ويوصفون بالعنصرية ويتخدون معهم اغلظ العقوبات لانها جريمة بحق الانسانية

    • زائر 12 | 2:05 ص

      اذا كان لديهم البؤساء فنحن لدينا الجحيم البشري

      ( ومن يعمل مثقال ذرة خير يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره)

    • زائر 11 | 1:54 ص

      بائسين

      هؤلاء فعلا بؤساء وبالاحرى بائسين في فكرهم مواقفهم واخلاقهم.فهل هناك شخص حر شريف يقبل التمييز وظلم الاخرين؟

    • زائر 10 | 1:50 ص

      الديرة بكبرها معفوسة ومعكوسة والاوادم صاروا نفسيات وجهل .

      الله يستر من الي جاي يا ولد الحلال , والي اعرفه ان التعليم أهم شيء للنهوض من جديد هذا اذا تبقى من الوقت شيئا , اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وألعن أعدائهم يارب .

    • زائر 9 | 1:44 ص

      مفارقة

      حسين تخرج ب 99.8 %
      خالد تخرج ب 59 %
      تمر الأيام
      خالد يعمل في وزارة براتب مغر
      أين حسين
      يركب خالد سيارته الفارهة ويذهب لمطعم الوجبات السريعة ليستلم طعامه
      يخرج إليه حسين ليسلمه الطلب
      وحسين الآن يعد رسالة الدكتوراه بتفوق وجد
      واما خالد فهو عضو في احد أندية تخسيس الجسم

    • زائر 7 | 12:46 ص

      بل هي مجزرة لمستقبل البحرين

      كيف سيكون المستقبل في البحرين .. هل الحمقى من سيكون الدكتور والمعلم والمتفوق يكون نجارا وحرفيا ..

    • زائر 16 زائر 7 | 3:49 ص

      إذا فقد

      إذا فقد الإنسان السيطره على عقله يصبح أحمقا . ويؤدي ذلك الى حرق نفسه بنفسه وهذا هو حالنا تماماً والله يستر من الجاي إذا لم تغلب لغة العقل ويبعًد الحمقى.

    • زائر 6 | 12:18 ص

      وتعجب كيف تطورت هذه النزعة الطائفية المريضة إلى حالة من حالات العنصرية

      لماذا العجب ياسيد الطائفية أخطر أنواع العنصرية بل هي الكره والتكفير بعينه وأخطر أنواع الحروب حتى بين نفس الشعب وهذا واضح كشمس في منطقتنا فلا نجزئ أحد أسبابها بل يجب اقتلاع الطائفية بالوحدة الوطنية والشراكة المجتمعية وبالأخص في العمل السياسي هذا بالضبط مايعاني منه الوطن

    • زائر 5 | 12:17 ص

      رحم الله والديك ....

      كفيت ووفيت يا أ.قاسم ،ماقصرت والي عليك سويته
      رحم الله والديك ، اي عاقل مواطن يقرأ هذا المقال وغيرها من المقالات في الوسط طبعا والتغريدات ، ماذا يستنتج ؟ هل كل هؤلاء على خطأ ، أليس في كلامهم ومطالبهم شئ من الصحة والحق . الايستدعي ان نسمع لهم ونجلس معهم على طاولة الحوار والتحاول من اجل مصلحة الوطن والمواطن .

    • زائر 4 | 11:09 م

      لينا

      سياسة بلد اقصائي لمكون
      وليست سياسة وزارة

    • زائر 3 | 10:52 م

      الكاسر

      يريدون خيرات البلد لهم ولطائفتهم فقط
      نفوس عفنة مريضة لا يكمن إصلاحها ولا
      تغيرها لانها تربت على ذالك

    • زائر 2 | 10:40 م

      فقدان الإنسانية

      بالفعل في السابق كانوا يغطون جريمة التمييز بتكذيب وجودها
      #مجزرة_البعثات لأنها واضحة جدا وبأرقام لا يمكن نكرانها أفقدتهم صوابهم فأثبتوها وبرروها
      منطقهم اليوم وبصمت من كل مسئولي الدولة: نعم نميز ضدكم انتقاماً لحركتكم المعارضة في البلد

    • زائر 1 | 10:12 م

      شبهة حدوث جريمة التمييز كيف تتعامل معها الدول المتقدمة

      تلدول المتقدمة التي يصان فيها حق الانسان على ارضها كونه انسان لا تتسامح البتة بحدوث جريمة التمييز العنصري او الديني و يفتح تحقيق و يحول مرتكب الجريمة للقضاء . اتذكر قبل سنوات ضبط مواطن بريطاني وهو يبصق امام محجبة ففسر انه عمل عنصري فحكم بحكم قاس وهنا ينعت الشيعة البحارنة بابشع النعوت ووصل لتسميتهم بالنغول ولا يتحرك للمحاسبة المعني ويمارس معهم ابشع ممارسات التمييز العنصري الطائفي آخرها مجزرة البعثات ففبدل التصدي يدافع عن الجريمة .

اقرأ ايضاً