في إحدى الحلقات التلفزيونية المذاعة على الهواء مباشرة من إحدى القنوات الرياضية العربية، تعرض مقدم البرنامج بالنقد الشخصي إلى رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم الشيخ سلمان بن إبراهيم ووصفه بالضعف في إدارة الاتحاد القاري. وقال بأنه ليس بقوة من قبله القطري محمد بن همام... من دون ذكر المبررات والأسباب التي جعلت من الشيخ سلمان ضعيفاً في نظره. رغم النجاحات الكبيرة التي حققها في السنوات الأخيرة على المستوى القاري والدولي.

هذا المذيع تناقض في حديثه بعد ذلك حينما قال... بأن اتحاد الكرة في بلده ضعيف أمام «قوة» رئيس الاتحاد الآسيوي لأنه لا يستطيع أن يتخذ أي موقف مادام رئيس اتحاد بلده عضواً في اللجنة التنفيذية للاتحاد الآسيوي التي يترأسها رئيس هذا الاتحاد!

ولكن ما أثار حفيظتي وجعلني أشعر بأنني أمام مذيع يمتلئ تعصباً، حينما طالب أن تكون جميع قرارات لجان الاتحاد الآسيوي في قبضة رئيس الاتحاد وألا تخرج عن طوعه ويكون هو الآمر الناهي في اتخاذ جميع القرارات حتى يكون رئيساً قوياً قادراً على إدارة الاتحاد!

فهل يعقل هذا الكلام؟ وهل يجوز أن يصدر من رجل محسوب على الإعلام الرياضي العربي. وهو لا يعلم كيف تدار الاتحادات الرياضية في جميع دول العالم المتحضر... وكيف تصدر القرارات عن اللجان المتخصصة بما فيها القرار الذي اتخذ بحق فريقه الذي يعشقه ويتعصب له وفتح النار بسببه على رئيس الاتحاد الآسيوي... فذلك القرار صادر عن لجنة من اللجان الفنية التابعة للاتحاد القاري وبناء على تقرير حكم المباراة... وهي ليست من اختصاصات رئاسة اتحاد الكرة ولا يجوز منطقياً أن يتدخل فيها... وهذه المعلومة يعرفها رجل الشارع البسيط فما بالك بمقدم برنامج رياضي مشهور قضى في حقل الإعلام الرياضي عشرات السنين الطويلة.

لذلك أوجه لمقدم هذا البرنامج نصيحة لوجه الله - لا أريد منها جزاء ولا شكوراً - عسى أن يستفيد منها، حينما يتعرض مستقبلاً لأي قضية رياضية. حتى لا يسقط كما فعل في هذه الحلقة... فمبادئ النقد الرياضي واضحة ومعروفة ومتوافرة في كتب فنون النقد الرياضي وعليه أن يستسقي منها من أحد المكتبات الرياضية... فالناقد الرياضي لا يبني انتقاده على العاطفة أو التعصب الأعمى. بل مقارعة الحقيقة بالعمل الخاطئ والرجوع إلى القانون والأنظمة واللوائح حينما يريد أن يفصل بينهما. وليس كما فعل هو حينما أغفل حقيقة القرار الصادر ضد فريقه. وترك العنان لعاطفته وتعصبه الأعمى في إطلاق الحكم وتوجيه الاتهام كما يشاء...

وما يحزّ في النفس أن مثل هذه الاتهامات العشوائية أصبحت - اليوم - موضة سائدة في أوساط إعلامية كثيرة. وبسبب تناقضها وعدم قانونيتها ومحدوديتها الفكرية ساهمت في تدني مستويات الرياضة ونتائج المنتخبات الكروية... وبعد أن كانت صاحبة اليد الطولى على القارة. والأكثر حضوراً في نهائيات كأس العالم لكرة القدم باتت اليوم تكتفي بالمنافسة القوية والنتائج المشرفة!

لذلك أقول للزميل العزيز مقدم هذا البرنامج، بأن رئيس الاتحاد الآسيوي ابن البحرين الشيخ سلمان بن إبراهيم ليس بحاجة إلى شهادة من إنسان متعصب كدليل على قوته أو ضعفه. لأنه ولله الحمد نال ثقة جميع دول أكبر قارات العالم التي أعادت انتخابه بالتزكية... كما أوكل له «الفيفا» قيادة أبرز اللجان التي تحدد مصير قضايا كروية شائكة كان آخرها لجنة تحديد موعد إقامة بطولة كأس العالم 2022 الذي يتعارض توقيته مع روزنامة مسابقات اتحادات قارة أوروبا... فمثل هذه الأمور الكروية العالمية والقارية الكبيرة لا تأتي اعتباطاً أو نتيجة ضربة حظ أو بسبب ضعف كما يقول... ولا بسبب أصوات اتحاداتنا العربية أيضاً. ولكن جاءت نتيجة إجماع دول القارة الذي وجدت في حكمته وحنكته أهلاً لإدارة أكبر الاتحادات القارية...

وما يؤسف له - أيضاً - أن يكون هذا التهجم صادراً عن مقدم في برنامج يبث عن قناة رياضية عربية شقيقة كان الأجدر به أن يراعي الحقيقة أولاً وأخيراً. وأنا على يقين بأنه يعرفها جيداً ولكنه تعمد تجاهلها بسبب تعصبه الأعمى. وبسبب رغبته في استعراض عضلاته في ذلك البرنامج بشكل فظ وبعيد عن الكياسة الأدبية وأخلاقيات المهنة.