العدد 4765 - الأربعاء 23 سبتمبر 2015م الموافق 09 ذي الحجة 1436هـ

رفع الدعم عن اللحوم بين المواطن ومجلس النواب!

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

في هذه الأيَّام كثُر الحديث بين مختلف فئات المجتمع، في المجالس الاجتماعية والمنتديات الاقتصادية والسياسية عن رفع الدعم عن اللحوم الحمراء والبيضاء، وتوجيهه إلى المواطنين مباشرة في حساباتهم المصرفية، وغالبية الآراء تميل إلى أصل الفكرة، بأن يكون الدعم خاصّاً للمواطنين البحرينيين، والبعض يميلون إلى فكرة إصدار لكل مواطن بطاقة تموينية، يسمح له من خلالها الحصول على الدعم اللازم في المواد المدعومة كاللحم والدجاج والطحين والكهرباء والماء والبترول ومشتقاته، ونجد أن هناك شبه إجماع بين مختلف الفئات الاجتماعية على أن الدعم المادي المعلن والذي كان نصيب الأسرة، لا يتناسب مع احتياجات الأسر من اللحم.

لا شك بعد رفع الدعم عن اللحم والدجاج سيتبعه مباشرة رفع أسعار الوجبات التي يدخل في مكوناتها اللحم أو الدجاج التي تقدمها المطاعم إلى الناس، فلو حسبنا الكلفة المتوقعة لوجبة عشاء واحدة لخمسة أفراد، بالتأكيد لن تقل عن 5 دنانير، يعني لو حصلت على سبيل المثال الأسرة على دعم يقدر بأقل من 20 ديناراً، لن يكفيها المبلغ لأكثر من أربع وجبات غداء أو عشاء، وهناك من يعتقد أن رفع الدعم عن اللحوم الحمراء والبيضاء فيه إيجابية كبيرة، حيث سيوجد الرفع تنافساً بين تجار اللحوم في السوق، في الجودة والأسعار والوفرة، ويرى البعض أن هذا الأمر قد يحدث انخفاضًا في أسعارها أكثر من الوقت الحاضر، ورأي آخر يقول خلاف الاعتقاد السالف الذكر تماماً، حيث يرون أن رفع الدعم يعطي لمستوردي اللحوم بنوعيها (الحمراء والبيضاء) التحكم في الأسعار والفرصة لرفعها أكثر من أي وقت.

فإذا سلمنا بأن الدعم الذي سيدفع إلى المواطن لا يتناسب مع الأسعار المطروحة في السوق، بالتأكيد ستحدث أزمة اقتصادية خانقة له، من المؤكد أن موضوع رفع دعم الحكومة للحوم الحمراء والدجاج لم يكن مفاجئا لمجلس النواب، المواطن يتذكر جيدًا بعد موافقة مجلس النواب على برنامج الحكومة دخل في نقاشات مطولة مع وزارة المالية في تفاصيل موازنة 2015 ـ 2016، التي انتهت برفض المجلس طلب رفع الدين العام إلى 7 مليارات دينار، وعدم السماح للحكومة الاقتراض، وقد حذرت الحكومة المجلس النيابي من تداعيات رفض طلبها على المواطن، ومن ضمن التداعيات التي حذرت منها إجبارها على رفع الدعم عن المحروقات واللحوم الحمراء والدجاج والطحين والكهرباء والماء، ووقف علاوة الغلاء وعلاوة المعيشة للمتقاعدين والمساعدات لذوي الاحتياجات الخاصة وغيرها، بالإضافة إلى تعليق أو إلغاء الكثير من المشروعات الخدمية الكبيرة، وقالت إن برنامج الحكومة يعتمد في تنفيذه على الاقتراض، ومن دونه لا تستطيع الحكومة الإيفاء بتنفيذه بنسبة كبيرة.

بهذه التحذيرات وضعت الحكومة المجلس النيابي بين خيارين لا ثالث لهما، إما أن يقبل برفع الدين العام إلى 7 مليارات، وهذا يعني أنه قد وافق بصورة مباشرة على اقتراض الحكومة، وأنه بذلك قد يدخل مستقبل اقتصاد البلد إلى مرحلة غير مأمونة المخاطر، لا يمكن الرجوع عنها أو تخطيها بسهولة إلا بحدوث معجزة اقتصادية استثنائية، وإما أن يستمر في رفضه طلب رفع الدين العام، وتقوم الحكومة مضطرة بالذهاب إلى تقليل الإنفاق والتقشف في المصروفات، الذي إن نفذته سينعكس سلباً على المواطن بصورة مباشرة، ويعني ذلك أن أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية وغيرها ستلتهب بصورة جنونية تفوق كل التوقعات، وأن المواطن سيكون في وضع اقتصادي خانق أشد من وضعه الحالي بعشرات المرات، ولن يكون له سبيل في ذلك الوقت إلا أن يربط على بطنه حجر المجاعة. الحكومة بالتأكيد وضعت في خطتها المالية رفع الدين العام إلى 7 مليارات دينار، والاقتراض لتنفيذ برنامجها الخدمي للسنتين المقبلتين، إن كان هناك من مشكلة في الفهم، فيتحملها المجلس النيابي.

فالمطَّلع على أبجديات علم الاقتصاد وعلى حال البلد الاقتصادي ومصادره، يكون له واضحا أن المشروعات الخدمية الضخمة التي وضعتها الحكومة في برنامجها الذي قدمته إلى المجلس النيابي ووافق عليه بعناوينه الكبيرة، لا يمكن تنفيذها إلا بالذهاب إلى الاقتراض الذي بموجبه يرفع الدين العام إلى المستوى الذي طلبته وزارة المالية، لا شك أن الأيام المقبلة ستكون محرجة جدًّا لأعضاء المجلس النيابي، الذين أعطوا لناخبيهم وعودا خيالية يستحيل تحقيقها في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه البلاد، وأهمها تحسين أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية والخدمية وزيادة رواتبهم وغيرها من الوعود الخيالية، كل المؤشرات الواقعية كانت تشير إلى أن المجلس سيوافق على الأمرين اللذين رفضهما سابقًا وتفاخر برفضه لهما، ونقصد رفع الدين العام إلى 7 مليارات دينار والاقتراض، والدليل ما صرح به أحد أعضاء لجنة الشئون المالية والاقتصادية بمجلس النواب للصحافة المحلية قبل موافقة المجلس عليه، إذ أكّد أنه يساند الاستمرار في الاقتراض للموازنة المقبلة.

ألا يتطلب في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها البلاد ذهاب جميع الأطراف السياسية إلى تفاوض لحل الأزمة السياسية حلاًّ توافقيًّا، يساهم بصورة مباشرة في استقرار البلد اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا، كل المواطنين في وطننا الحبيب يتمنون الخير الوفير لوطنهم، ويزعجهم كثيرا تراجع الوضع الاقتصادي في بلادهم إلى هذا الحد.

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 4765 - الأربعاء 23 سبتمبر 2015م الموافق 09 ذي الحجة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 1:06 ص

      الكاسر

      البرلمان مجرد مشروع تتفاخر به الحكومة
      في المحافل الدولية
      وأعضائه لا حول ولا قوة جميع القرارات باستثناء بعض القرارات العادية يستطيعون البث فيها اما القرارات الحكومية فالحكومة هي التي تمررها برضي النواب

    • زائر 1 | 10:30 م

      المهزلة

      المهزلة أن النواب وافقوا على رفع الدين العام وفي نفس الوقت على رفع الدعم عن اللحوم!!
      يعني عاطين الحكومة ميزانية كأن ما فيه أزمة وبعد ظلم المواطنين بتعويض أقل بكثير من الدعم السابق.

اقرأ ايضاً