العدد 4776 - الأحد 04 أكتوبر 2015م الموافق 20 ذي الحجة 1436هـ

البلدوزر الروسي

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من الواضح حالة الإرباك الشديد التي تعم الساحة الدولية خلال هذه الفترة، جرّاء القرار الروسي بانتزاع زمام المبادرة للتدخل في سورية عسكرياً.

الأميركان ابتدعوا أسلوب «الصدمة والترويع» في تدخلاتهم العسكرية في العقدين الأخيرين، حيث توّجوا سياستهم الخارجية بعمليتي غزو مكلفتين لأفغانستان والعراق، تحت غطاء «محاربة الإرهاب». واليوم يباغتهم الروس باستخدام طريقة هجومية مقاربة لسياستهم، وتحت المسمى نفسه: «محاربة الإرهاب»، وقد أظهرت عملياتهم العسكرية حتى الآن، ترويعاً للحركات التي استهدفتها.

الروس استغلوا بذكاء، فترة الضعف الأميركي وإعلانهم الصامت الانسحاب من المنطقة، كما استغلوا تناقضات السياسة الأميركية وانعدام مصداقيتها إلى حد بعيد. هذه المصداقية التي باتت وسائل الإعلام والصحافة الأميركية تتشكّك فيها باستمرار. بل إن تصريحات بعض القادة الأميركيين أنفسهم، سياسيين أو عسكريين، باتت محل تندر وتهكم، وآخرها ما صرّح به جنرال أميركي قبل أسبوع، من أن من بين 3000 عنصر من «المعارضة السورية» ممن تم تدريبهم، التحق أغلبهم بتنظيم «داعش»، بينما سلم الباقون أسلحتهم وذخائرهم إلى تنظيم النصرة، الفرع السوري لتنظيم «القاعدة» الذي تعتبره واشنطن رسمياً تنظيماً إرهابياً. وقد ذهل أعضاء لجنة القوات المسلحة بالكونغرس حين سمعوا أحد الجنرالات يعترف أمامهم، بأنه لم يبق من الجماعات العسكرية التي دربتهم بلاده غير خمسة أشخاص مازالوا يقاتلون تحت اللواء الأميركي!

وبحسب الادعاءات الأميركية، فإن تكلفة تدريب عنصر واحد تصل إلى مليون دولار (مع الأخذ في الاعتبار أن الأرقام والمعلومات التي يسرّبها الأميركيون مبالغ فيها لدوافع الاستعراض أو التخويف أو الابتزاز).

على هذا الأساس، بنت روسيا موقفها الجديد، بعد أربع سنوات من الاقتتال الداخلي والتدخلات الغربية والإقليمية في سورية، وبعد عامٍ كاملٍ من إعلان واشنطن الحرب رسمياً على تنظيم «داعش» الذي أعلن دولته على مساحة واسعةٍ من الأرض السورية والعراقية. وهي حربٌ ذات طابع استعراضي فارغ، لم يكن لها نتيجةٌ على الأرض، لسبب جوهري، وهو أن «داعش»، هذا التنظيم السري الغامض، أكبر كتيبة من المقاتلين «المتطوعين» تخدم الأهداف الاستراتيجية الأميركية في المنطقة، من نشر الفوضى الخلاقة وتفكيك الدول وتمزيق شعوبها طائفياً. ولم يكن صدفةً بروز «داعش» مع استكمال الانسحاب الأميركي عسكرياً، وإعلان رغبتها ترك شئون المنطقة لأهلها، دون أن تتورط في مزيد من الاقتتال بينهم، أو تضحّي بجندي أو دولار واحد في حروبهم الطائفية.

السياسة الروسية التي اعتمدت الهجوم، بنت على كل هذه العوامل، وفي اليوم الأول للحرب، ابتدأت باستهداف مجموعة متنوعة من التنظيمات العسكرية التي تقاتل النظام السوري. وقد وضعتْ كل هذه التنظيمات على مسطرةٍ واحدة، دون تمييز أو تفريق، ما أثار موجة من الاستنكار والتنديد الإعلامي من قبل داعمي هذه التنظيمات ورعاتها، وخصوصاً الغربيين، لإدراكهم بأن هذه العمليات ستغيّر قواعد اللعبة تماماً، وربما تضع نهاية للأزمة على غير ما يريدون وبأسرع مما كانوا يتوقعون.

الروس أعلنوا بوضوح أن ما يجري في سورية من فوضى، يهدّد أمنهم القومي، ولذلك بادروا بشن هذه الحرب الاستباقية، مستخدمين أسلوب «الصدمة والترويع»، للقضاء على الإرهاب في أوكاره قبل أن يتمدّد إليهم.

دخول الدب الروسي الساحة السورية، وبهذا الحجم من الغضب والتصميم والاندفاع، تفسّره عدة عوامل، أولها استرجاع وضع الدولة الكبرى وهيبتها التي فقدتها أيام بوريس يلتسين، وآخرها اقتراب الغرب من حدودها، واللعب في حديقتها الخلفية (أوكرانيا)، ودعمه المعلن للتمرد على سياستها. وقد تجمعت كل تلك العوامل ليهبّ الروس من إغفاءتهم الطويلة ويمتشقوا السلاح ويعلنوا حربهم المقدّسة على الإرهاب.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4776 - الأحد 04 أكتوبر 2015م الموافق 20 ذي الحجة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 33 | 3:32 م

      الاٍرهاب

      مع الأسف الاسلام ضاع من الشعوب اللي تدعي بأنها مسلمه يوم نري مسلمين يأيدون الأمريكيين في ضرب المسلمين ويوم نري مسلمين يأيدون الروس في ضرب مسلمين

    • زائر 29 | 8:59 ص

      احم احم

      اللهم انصرفلادمير بوتن واباما اللهم سدد خطاهم واهزم اعدائهم اللهم اجعل قرار الحرب في حساناتهم واخذل اسلام من هب ودب على شكل الغراب ابو بكر البغدادي وبن لادن ومن هب ودب

    • زائر 28 | 8:47 ص

      الا رهاب

      النظام السوري والنظام الايراني والنظام والنظام العراقي كلهم صنف واحد فقط اللي يزيد عايهم الروس كلهم ارهابيين درجة اولى

    • زائر 34 زائر 28 | 4:42 م

      ها انت قلتها نظام وليست عصابات

      داعش الارهابيه ومن يدافع عنهم.

    • زائر 27 | 8:29 ص

      اذا حمار الحزب الجمهوري وفيل الحزب الديمقراطي الامريكين استطاعا

      الانتصار في افغانستان والعراق سيستطبع الدب الروسي الانتصار في سوريا.. لم تنهي الضربات الجوية اي حرب في التاريخ الحديث (ما عدي ضرب اليابان بالقنابل الذرية) ولذلك لن تجرأ روسيا في الدخول في حرب برية امام محاربون عقديون بعتبرون الموت غاية وليست وسيلة..علي أصدقاء روسيا نصحها بالخروج من سوريا قبل فوات الاوان والا مصيرها كمصير الاتحاد السوفيتي من القرن الماضي

    • زائر 25 | 5:43 ص

      سيد لا تستعجل

      لانه الجيش الحر يسن اسنانة نصيحة لا يسقط طيار روسي في يدهم

    • زائر 18 | 3:33 ص

      america

      امريكا بدأت بجعل علماء الدين في السعوديه يصدرون فتاوى توجب الجهاد وذلك لمواجهة الدب الروسي

    • زائر 16 | 3:13 ص

      يا امة ضحكت من جهلها الامم

      مع ما فعلته امريكا والغرب بنا مازال البعض يراهن عليها رغم فقد شعبها لثقتها في وسائل اعلامهم فسياستها المتناقضه لم تبق لها صديق فهي في مكان تضعم الشرعيه وفي مكان آخر ضد الشرعيه وفي آخر تدعم داعش وفي آخر ضدداعش وهي مع من يطالبون بالديمقراطيه وفي اخر ضد من يطالبون بها اليست هذه سياسة امريكا .

    • زائر 14 | 2:44 ص

      الدب الروسي في الطليعة

      روسيا دولة ذكية وداهية جدًا وستسحق الدواعش ..

    • زائر 13 | 2:27 ص

      ماهو قادم ليس بأسوأ مما هو قائم

      فعلا روسيا استغلت كل نقاط الضعف اللتي لحقت بامريكا وحلفائها واحتراق جميع اوراقها وسيا ستها المعتمده على الفوضى الهدامه وباغتتها بالهجوم عليها وهي في حال احتضار لتقضي عليها وترثها مباشره قبل ان يتقاسمها كل من هب ودب ويصبح العالم في فوضى متواصله .

    • زائر 12 | 2:17 ص

      التدخل الروسي

      جاء ليعري الامريكي الكاذب المخادع ان من انشا هذا اكيان الداعشي والذي يراسه عميل السي اي ايه في سجن بوكا ... ابوبكر البغدادي هم الامريكان
      كل الماهترات والكذب بقصف داعش لا يمت للحقيقه بصله لان راينا كيف دمر الامريكان بغداد وجيش صدام خلال ايام وهم خلال سنه لم يقتلوا طفطوف من داعش ولم يدمروا اي سلاح لداعش بل في ظل القصف اخذ داعش بالتمدد وقد شاهد العراقيون كيف ان الطائرات الامريكيه تلقي بالمساعدات اللوجستيه لداعش

    • زائر 11 | 2:01 ص

      ورقة ابتزاز أمريكية ضد الشعوب العربية !!!

      أمريكا وقوات التحالف أعلنوا عن 50 الف من العمليات العسكرية الجوية وقصف مواقع الإرهابيين في خلال عام واحد ولو نتج عن كل طلعة جوية قتل ارهابي واحد لكانت حصيلة القصف الجوي ما لا يقل عن 50 الف من الإرهابيين ولكان ذلك نهاية التنظيم الإرهابي الداعشي ولكن ما يعلنون عنه ارقام هزيلة تكشف عن عدم جديتهم في محاربة داعش نكاية بالنظام السوري والذي فضحهم وآثار غيظهم تدخل القوات الجوية الروسية في الصراع الدائر

    • زائر 9 | 1:38 ص

      هي سياسة مصالح تتبع ونفوذ

      يعني خصوصا بعد اعلان روسيه والصين تعدد الاقطاب حتى بدأت ملامح تحديد خارطه توضح حدودها في الشرق الاوسط الا وهي قاعدتها في سوريا وطبعا مثلما امريكا تحاول اجتذاب دول لجانبها فروسيا تحاول ضم دول لجانبها ومنها العراق فهي تريد اخذ موقع فيها وهي سياسة تطبيق على ارض الواقع في نفوذها في المنطقه ,,,, فهم لا يهمهم سني او شيعي او مسيحي او غيرها من ديانات ,, العرب طبعا نيام ويتقاتلون مع بعضهم

    • زائر 8 | 1:01 ص

      يا سيدنا هذه حرب بين جيش نظامي

      وافراد غير نظاميين والادهي اصحاب عقيدة الموت والاستشهاد هو غايتهم. اذا المعركة الجوية ستحسم المعركة اذا علينا الانتظار طويلا

    • زائر 7 | 12:48 ص

      ابناء الفاتح قادمون

      نحن ابناء الفاتح مستعدون للزحف على بطوننا من البحرين لسوريا في سبيل التصدي للجبروت الروسي وتمريغ انف الدب الروسي في التراب كما فعلنا في الايراني عندما حررنا دوار مجلس التعاون من الاحتلال بدون طلقة سلاح واحدة رغم التسليح والتدريب الذي حظي به الارهابيين من امريكا وروسيا وايران والعراق

    • زائر 15 زائر 7 | 2:45 ص

      مضحك

      الظاهر اللي تستعمله حشيش مغشوش

    • زائر 20 زائر 7 | 3:51 ص

      الى 7 و15

      الظاهر يا خوك. نوع فاخر

    • زائر 21 زائر 7 | 4:12 ص

      هلا هلا

      صل على النبي وخلك مكانك خوك . ترى صعبة تترقع هالمرة :)

    • زائر 32 زائر 7 | 12:38 م

      هههههههههههههههه باين انه ياهل الي يتكلم

      وما أكثرهم

    • زائر 5 | 12:45 ص

      نهاية الأرهاب

      جاءت نهاية الأرهاب والفكر التكفيري. محور المقاومة في صعود

    • زائر 4 | 12:28 ص

      صباح الخير

      من الحكمة أن لا تسارع في تحليلاتك الفضفاضه أفغان العرب والإرهاب الذي صنعته امريكا والعرب لضرب الاتحاد السوفيتي الاسبق وطردهم من أفغانستان الآن على أرض سوريا المقاومة البلدوزر الروسي سيطحن الإرهاب بكل فصائله لماذا تسمع كثير من الهرج والمرج من البلدان العربية والأوروبية عن حقوق البشر والحجر عندما تقصف طائراتهم 'تتدمر كل شي لا تسمع انينهم أو خشيتهم على البشر ولكن عندما أحرق الرؤس أوكار الإرهاب تعالت الصيحات الخوف على إسرائيل

    • زائر 3 | 12:09 ص

      لا تعايش

      لا تعايش بين (دب)روسي وبين (حمار )ديمقراطي أمريكي! ! ولا أحد يستمع لنعيق الغربان بأن على الروس أن يعودوا ادراجهم ، كأنه حلال على الطائرات الحربيه الأمريكيه والفرنسية والبريطانية والاستراليه والاماراتيه والتركية ووو أن تحلق بالاجواء السوريه وتفعل ما تشاء و (حرام ) على الطائرات الروسيه التي اتت بطلب من الحكومه السوريه .

    • زائر 2 | 11:26 م

      الوضع بين افغان استان وسوريا مختلف

      المسلحون الذين في سوريا كلهم ارهابيين الجيش الهر اكلوا الاكباد وبقروا البطون والدواعش والفجرة قطعوا الرؤس وكلهم تعاملوا مع اسرائيل فمختلف الجهاد في افغان استان والارهاب في سوريا .

    • زائر 1 | 10:27 م

      سيد

      سيد تذكر أفغانستان جعلوهم لاينامون الليل من الرعب فكيف بسوريا اكيد ليعودو بدون راس

اقرأ ايضاً